جماعة الإخوان "المتسلقون"/ رأفت محمد السيد

قد يثير عنوان المقال أذهان أغلب القراء إلى أن المقصود هنا جماعة بعينها يثار حولها الجدل والحديث عنها مع كل طلعة  شمس لاسيما بعد ثورة 25 يناير المجيدة التى حولتهم من جماعات محظورة  إلى جماعات محظوظة ، ولكن حديثى هنا ينصب على جماعات أخرى تسمى المتسلقون يعيشون معا كالإخوان ولكن أُخُوَّتهم قائمة على المصلحة فقط ، تراهم في كل مجال من مجالات الحياة ، وفي كل مكان وزمان ، جماعات ظهرت منذ فترة داخل مصرنا المحروسة ، تبدو فى ظاهرها مجموعة أو شلة أو جروب كما ينطقونه من المنتفعين تجمعهم سمات واحدة ، ومصالح مشتركة ، وعلاقات متشابكة ، وقد إستفحل ظهور هذه الجماعات بصورة فجه فى عهد النظام البائد السابق من خلال الصداقات المبنية على مصالح مع نجلى الرئيس السابق  جمال وعلاء ،  حتى إنتشرت هذه الجماعات بكثرة داخل المؤسسات والهيئات والشركات والجامعات والأندية والمصانع والبنوك وغيرها ، والغريب ان بعض هذه الجماعات الوافدة تتعامل مع الباقيين بمنطق الإستعلاء والكبرياء ، فما زال يرسخ فى اذهانهم حتى اليوم أنهم أولاد الباكوات  والباشوات والباقون مجرد عبيد أو حسالة أو حشرات      
إن حديثى هنا ليس بمنطق التعميم فلكل قاعدة شواذ ، فمن هؤلاء  من تربوا على الاصول والقيم وحسن معاملة االاخرين ولكن الأغلبية منهم لايهتمون حتى بابسط قواعد حسن التعامل وتحقيق العدل مع من جعلتهم الأقدار يتحكمون فى مصائرهم ، والأمر لايقف عند هذا الحد من هذه الجماعات المتشابكة ،فلك ان تتخيل أنه لو ولى أحدهم أمر مجموعة يديرها مثلا فلايهتم سوى بطلبات جماعته فقط وبمنتهى السرعة والحرص على تحقيق مايريد ، حتى ولو بموجب الإستثناء عن القواعد الموضوعة المقننة ، بينما الأخرون الخارجين عن الجماعة فيتم التعامل معهم من منطلق أنهم أولاد عبد الواحد الجناينى فى فيلم " رد قلبى " على الرغم من ان أولاد عبد الواحد كافحوا ووصلوا بجهدهم وعرقهم إلى اعلى المناصب والرتب بل وتميزوا وتفوقوا على كثير من أولاد البكوات والبشوات أنذاك ، فمازال المجتمع المصرى يتحدث عن جماعة الإخوان المسلمون بأنهم أصحاب مصالح شخصية وأنهم كاذبون وانهم وأنهم ... ويتحثون عن أخونة الدولة   وهم لايدركون أن اخونة الدولة موجودة وقائمة منذ ظهور اولاد مبارك ( لاسامحهم الله ) على الساحة .
 إن الدولة مليئه بجماعات أخطر من جماعات الإخوان المسلمون ، هى جماعات الإخوان المتسلقون ، الذين يريدون ان ياخذوا كل شئ لهم دون أن يهتموا حتى برعيتهم حتى ولو من منطلق الحديث لشريف " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "فأغلب هذه الجماعات من المتسلقين إعتادت على ذلك لأنهم لم يبلغوا مناصبهم ولاأماكنهم التى هم فيها إلا بالإستثناءات والوسائط والمحسوبية وأشياء من هذا القبيل ، فهم لا يستطيعون العيش في الحياة إلا متسلقين على أكتاف الآخرين يحصدون ما يزرعه غيرهم ، ويجنون ثمار ما تعب فيه الناس وبذلوا في سبيله العرق ، ويسرقون جهود الناس ونجاحاتهم. . إنهم كالنباتات المتسلقة لا تستطيع أن تشق طريقها إلى عنان السماء إلا اعتمادا على غيرها ، فهي ترتفع مع الأشجار العالية والنخيل الباسقة ، وتقصر مع الأشجار القصيرة وتعيش على الأرض إذا لم تجد ما ترتفع عليه..ولذلك يُسمى هؤلاء المتسلقين.. وما أدراك ما المتسلقون؟ إنهم أناس محترفون يظهرون في أماكن النجاح وأوقات الفوز
وبالحكايات تتضح الأفكار والشيء بالشيء يذكر وإذا بحث كل منا في حياته سيجد عشرات القصص للمتسلقين من حوله أذكر عندما كنت  طالبا  في الجامعة ، كنت طالبا من المجتهدين المتفوقين بفضل الله ، وكنت مشهورا بكتابة الشعر والمقالات بمجلة الكلية وكنت ثائرا فى الحق ، لاأخشى فيه لومة لائم ومازلت ، مادمت لااتجاوز حدود االلياقة والادب ، وأتذكرأننى قمت ذات يوم بتقديم شكوى فى دكتور مادة الرياضة المالية والتى كانت امتحاناتها لم يتبق عليها سوى بضعة أيام  ولم نر للمادة كتاب ولم نحصل على محاضرة واحدة فيها  فتوجهت إلى رئيس الجامعة ببنها وطلبت مقابلته مع مجموعة من الزملاء وبدأت التحدث إليه فى شأن المادة ، فأصدر قرارا سريعا بإلغائها عن هذا العام  وإخطار أستاذ المادة بذلك ، ورغم الفرحة الغامرة للطلبة أنذاك ، إلا اننى فوجئت باحد زملائى من نوعية المتسلقين قد ذهب لأستاذ المادة وأخبره عما دار مع رئيس الجامعة واخبره باننى كنت المتحدث وأنه حاول منعى ( رغم ان هذ لم يحدث ) فما كان منى إلا اننى توجهت مرة اخرى لرئيس الجامعة وطلبت منه أن يكون تصحيح ورقة إجابتى فى المادة الاخرى لهذا الأستاذ تحت المراقبة لاننى توقعت منه الغدر لأنه اخذ الموضوع  مسألة كرامة من وجهة نظره ،  وكانت المادة إسمها (التأمين )
ولأن ثقتى فى الله كبيرة ، كنت أردد دوما " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " ونجحت بتفوق فى هذه المادة  فقد كانت كل جريمتى وقتها أننى كنت "شاعر الكلية " فماذا كان يضيرهم شعرى مادام لايؤثرعلى جهدى وتفوقى ورسالتى فى الحياة التى أتصور انه بدون أن يكون للإنسان رسالة، فلن يكون له قيمة  فلتتعلم أخى كيف تكون عضوا نافعا حتى لو لم يرض عنك رؤسائك ، فرضاء الله هو الأهم ، فهؤلاء شغلتهم الدنيا وغرهم بالله الغرور – نسأل الله لهم الهداية وأن يكونوا منصفين فقط وأن يغلبوا المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية وأن يتذكروا أنهم ذات يوم قرب أو بعد فهو قادم سيقفون بين يدى الواحد القهار فماذا سيقولون فى هذا اليوم ، يوم لاينفع مال ولابنون إلا من اتى الله بقلب سليم – وأخر كلماتى ماقاله أحد السلف : ( ولدتك أمك يابن ادم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا : فاعمل لنفسك أن تكون غدا يوم موتك ضاحكا مسرورا) 

CONVERSATION

0 comments: