حسناً أيّها العصر لقد هزمتني/ أسعد البصري

(( حسناً أيها العصر
لقد هزمتني
ولكنني لا أجد في كل هذا الشرق
مكاناً مرتفعاً
أنصبُ عليه رايه استسلامي ))
محمد الماغوط

الماغوط كان غاضباً ، و غضبه وطنياً ، لماذا سجنوه و ضربوه و أهانوه ، وهو أشعر من الفرنسي جاك بريفيه .. تصوري في بداية هذه القصيدة يقول على وجهي أمتار من الصفعات .. وفي مقابلة معه يقول أخاف من طرق الباب ، أشعر وكأنهم جاءوا ليأخذوني ... تذكري روايته الأرجوحة .. عذاب و جهل و قسوة . إنسان عربي يومي نتعرف عليه لأول مرة في الوعي . المجد للماغوط وماذا عساها تكون سوريا بلا الماغوط و نزار و أدونيس و بدوي الجبل ؟؟ .
أخاف زيارة وطني / العراق ، ولم أراجع سفارة العراق بعد الإحتلال ، أخاف من خوفي لكي لا يقال بأنني طائفي لكن الحقيقة هناك من يرانا بالألوان ، وهناك واقع طائفي على صعيد السلطة . قتلوا مئات العلماء والأطباء و رجال الدين و قتلوا البراءة والشعراء . مَنْ هم ؟ لا أعرف . العراق و سوريا يا إلهي جمجمة العرب تتدحرج وما هو دورنا ؟؟ أرى أن نعود لقراءة الكبار مطلع القرن الماضي . لا أستطيع دخول بلادي .. وربما غداً لا تستطيع أنت دخول بلادك . الوجع الأكبر أن الشعب يطالبنا بتفسير ، لأننا ندعي المصداقية ... هذه مسؤولية كبيرة ·
لكي تصرخ صراخي
تحتاج فماً كفمي
هذا الفم لم يولد معي
بل وجدته مرمياً في خراب البصرة
ما الذي أحاول إثباته ؟؟
إن المحيط الثقافي العراقي بعد الإحتلال مشبوه و ملوث
فلا جدوى من كونك أعظم صرصور في البالوعة
لهذا أحاول إيجاد حل ما أو طريق يفلت إليه الوعي الحر ... كيف ؟
إذا كانت الثقافة تحتاج بيئة و وسطاً ثقافياً
الحل الوحيد المتوفر هو الفرار
كريات الدم البيض نفسها تستسلم في النهاية
وتفسح الطريق للبكتيريا والميكروبات تشق طريقها ....لا جدوى !
أردت أن أكون عربيا عراقيا دون أن أختار بينهما
هذه المسألة البديهية لم تعد كذلك في وقت صعب كهذا
(( أبي من أسرة المحراث لا من سادة نجبِ
وجدي كان فلاحا بلا حسبٍ ولا نسبِ
يعلمني شموخ النفس قبل قراءة الكتبِ )) / محمود درويش
هل عرفتم الآن لماذا أزن كلام سعدي يوسف بالذهب ؟
ولماذا أزن كلام جمعة اللامي بالألماس ؟
لأن هؤلاء بقية الماضين ، وآخر الباقين
من الرجال الصادقين المبدعين
وليس مكبات النفايات ثقافة الإحتلال
ما الذي جعل من المتنبي الممثل الأكبر للروح القومي ؟؟
ليس قصائده بل الروح التي تسكن تلك القصائد
روح كبيرة مغتربة عنيفة لا ترتكب الكتابة بعيدا عن محنة العيش
هذا التوحد العنيف بين دقات قلب الشاعر و دقات قلب اللغة
خلق لنا هذا الروح المطلق الذي يعيد صقل وخلق الكبرياء العربي
يورانيوم نادر يمكن تخصيبه في النفوس وإعادة خلق الحرية من جديد
لقد انفجرت اللغة العربية مرتين
الأولى على يد نبي حقيقي
والثانية على يد نبيّ مزيّف / تاب
الشعوب المقهورة المنهوبة الجريحة تحتاج أناشيد قومية
الكتابة العراقية اليوم مسؤولية كبيرة
تحتاج إلى عقل سليم و ضمير سليم و إلى غضب
ما دام هناك نرجسية فردية سخيفة
وما دام هناك شياطين تتكسب من الإنحطاط الثقافي
ستكون ولادة الأديب الوطني عسيرة جداً
ربما ينفعك السياب لتقول : آه
لكن المتنبي ينفعك حين يُحاط بك وتريد أن تصرخ
سعدي يوسف الذي لم تستطع أمريكا احتلاله
رغم أنها احتلتْ بلاده صرخ واستشهد بأبيه / أبينا جميعاً
العربي القرمطي أبي الطيّب المتنبي
احذر قبل أن تكتب .... ماذا تكتب ؟

CONVERSATION

0 comments: