أي بلاء أصاب العرب في هذا الجار الطامع النكد!!/ محمد فاروق الإمام

إن المرء ليحار في كيفية التعامل مع جار السوء الطامع النكد الذي لا تهتز له جارحة إنسانية تجاه ما يجري لجاره وما يتعرض له من قتل وتدمير وتهجير منظم على يد سفاح لا يرتوي من دماء شعبه ولا يشبع من نهش لحمه.
هذا الجار الذي يدعي إعانة المظلومين في مواجهة الاستكبار العالمي المفترض، والذي يلبس ثوب الإسلام ويدعي نصرة المسلمين المقهورين في كل مكان من العالم، ويدلس على شعوب المنطقة بأنه حامي بيضة الإسلام والمنافح عن مقدسات المسلمين وراعي المقاومة التي تريد تحرير أراضي المسلمين.
هذا الجار الشؤم المصاب بعمى الألوان؛ والذي يعتقد أن تحرير القدس والجولان يمر عبر بيروت ودمشق وبغداد والمنامة والكويت والجزر العربية، وأنه لن يتحقق هذا التحرير إلا بعد ضم سورية والبحرين والكويت والعراق إلى ممتلكاته ليتمكن بعد ذلك من تحرير فلسطين والجولان ومزارع شبعا، والمضحك المبكي أن هذا الجار الشؤم قد تمكن من اللعب في عقول بعض النخب وأقنعهم أن هذا الطريق وحده هو الذي يؤدي إلى القدس والجولان وشبعا!!
هذا الجار الطامع النكد لم تكن مخططاته أحلام يقظة بل هي وقائع يعلنها وينفذها سواء عن طريقه أو عن طريق يده الطويلة التي بنت مخالب وأنياب في المنطقة العربية منذ أن وطئت أقدام خميني مطار طهران قبل ثلاثة وثلاثين سنة، مبشراً بثورة في مواجهة الاستكبار العالمي والوقوف إلى جانب المظلومين والمقهورين والمحرومين، وتصدير الثورة التي يتبناها إلى دول الجوار والمنطقة العربية، والحديث يطول فيما إذا تحدثنا عن التفاصيل التي ليس هذا مجالها في هذا المقال.
الجار الطامع النكد إيران سارعت ومن الأيام الأولى لإعلان الثورة في سورية إلى الوقوف إلى جانب النظام الديكتاتوري الباغي الذي سام السوريين لنحو نصف قرن سوء العذاب، فقدم له كل أشكال الدعم بلا حدود، من سلاح وعتاد وخبرة وتدريب ومقاتلين عبر جسور جوية وبحرية وأرضية لم تتوقف ولا تزال، دعماً له للتغول في سفك دماء السوريين وتدمير مدنهم وبلداتهم وقراهم وتخريب البنية التحتية من طرق وجسور ومياه وكهرباء واتصالات، وكان الدعم يأخذ مستويات عالية كلما تمكن الثوار من التقدم نحو دمشق وتضييق الخناق على النظام.
لم تهضم معدة هذا الجار الطامع النكد ما يحققه الثوار من انتصارات وما تلحقه من هزائم بعصابات الأسد، فأعلن صراحة أنه لن يسمح بسقوط الأسد أو هزيمته، معتبراً سقوط النظام سقوط لطهران وهزيمة بشار هزيمة لخامنئي.
ففي تصريحات غريبة عجيبة أطلقها أحد رموز هذا الجار النكد الطامع، المعمم مهدي طائب، المسؤول عن مكافحة الحرب الناعمة الموجهة ضد إيران، أماط اللثام فيها عن نوايا إيران الشريرة، حيث يقول: "لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران.. ولكن لو خسرنا إقليم خوزستان الأهواز سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسوريا".
طائب ذهب بعيداً في تصريحاته فقد قال: "إن سورية هي المحافظة الـ35، وتعد محافظة استراتيجية بالنسبة لنا. فإذا هاجمنا العدو بغية احتلال سوريا أو خوزستان، فالأولى بنا أن نحتفظ بسوريا".
ولمن لا يعرف فإن خوزستان هي منطقة الأهواز العربية التي احتلتها إيران بالخديعة والغدر بعد أن يئست من احتلالها عن طريق جيوشها، وباختصار فإن بريطانيا دفعت إمبراطور إيران الأسبق أحمد شاه القاجاري عام 1916 لاجتياح إمارة الأهواز "عربستان"، فتقدمت القوات الإيرانية نحو الإمارة، إلا أنه بعد شهرين من المقاومة اضطرت للتقهقر وتم توقيع معاهدة عدم اعتداء بين ايران وإمارة الأهواز. وهنا أدرك شاه إيران أنه لابد من اللجوء الى الخديعة لتحقيق مأربه. ففي عام 1925 طلب من حاكم الإمارة الشيخ خزعل السماح لوفد برئاسة الجنرال رضا بهلوي (الذي استولى على السلطة فيما بعد وأصبح شاه ايران) بزيارته، وبالفعل قدم الوفد على ظهر طراد إنجليزي وعند انتهاء الزيارة دعا بهلوي الشيخ خزعل لزيارة الطراد وتفقده، فلبى الدعوة وهناك اعتقل وأرسل الى ايران. وأعلن الشاه أن الشيخ خزعل اعترف بدخول القوات الايرانية للإمارة. وما لبث أن تم احتلال المحمرة وعبدان وسائر أرجاء الإمارة. وقتل الشيخ خزعل غيلة وغدراً في طهران هو وأخيه مزعل . وفي الأهواز العربية نحو 90% من النفط الإيراني.
ولم يكتف هذا الجار الطامع النكد بكل ما أقدم عليه وما عمل له وما صرح به بل أوعز إلى صنيعته حسن نصر اللات في لبنان ليفتعل احتكاكاً بالثوار لإشغالهم عن المهمة الرئيسية التي ثاروا من أجلها، وهي إسقاط نظام بشار الأسد بكل رموزه وأركانه، ففعل العميل الرخيص ما أمرته به طهران فحرك عدداً من أفراد عصاباته باتجاه الأراضي السورية ليحتلوا عدداً من القرى السورية ويهجروا سكان بعضها ممن لا ينتمون إلى طائفتهم، وهذا دفع الجيش الحر إلى الاشتباك مع هذه الحفنة من المرتزقة وقتل عدداً منهم، والاستعداد لإخراجهم من هذه القرى نهائياً، وفي الوقت ذاته وجه قائد الجيش الحر اللواء سليم إدريس إنذاراً لحزب اللات بضرورة سحب مجموعاته المسلحة من القرى السورية المحتلة خلال 48 ساعة وإلا فإن الجيش الحر سيضطر إلى التعامل معهم على أنهم مرتزقة، وأنه لن يوفر أي نوع ممن السلاح في مواجهتهم والرد - مضطراً - على مصادر النيران داخل الأراضي اللبنانية، على عكس تمنياته بعدم وقوع مثل هذه المواجهة التي لا تخدم الثوار ولا حزب اللات.
أخيراً فإنني أعتقد أن هذا الجار الطامع النكد سيظل سابراً بغيه وضلاله في تأييد السفاح بشار الأسد حتى النهاية، ولكن الأمل في كف يد حزب اللات ووقفه عند حده بمبادرة من الدولة اللبنانية، التي يكفيها ما احتملت من حرب أهلية مدمرة لنحو 15 سنة، وأن على عقلاء لبنان ان يسارعوا إلى الوقوف في وجه نصر اللات الذي يدفعهم إلى حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، إرضاء للجار الطامع النكد، وتنفيذاً لأجندته التوسعية وتجسيداً لأحلامه الخرافية، على حساب أمن واستقرار المنطقة ودولها وشعوبها. 

CONVERSATION

0 comments: