وحدتي ؛ لا يشفيها الحبُّ . الحبيبُ يَمْرَضُ معي . رأسي يَضْرِبُ بالجدار . أنا حقيقةٌ فاشلة ، بحاجةٍ إلى أكاذيب ناجحة . العائلة ، الدّين ، الأذان ، العيد ، العجائز الطيّبات ، والشوارع الشرقية . الحقيقة لا تنجحُ ، الأكاذيب هي الحياة . عرّافٌ ؛ جاء من زمن غابر . هل كنتُ مدفوناً تحت معبد بابليّ ، مع نبيذٍ و كنوزٍ وخوابٍ فارغة . لماذا لا تخرج عرافتي ، إلا حين تتمزّق أيامي ، ويعوي جسدي ؟ . ربما العينُ لا ترى جيدا ، إلا بموت الحواس الأخرى . لهذا الحكمة نور ، لا طعم لها ، ولا رائحة . أمشي وتتبعني صقور اللغة ، ترمقني ذئاب الوادي ، كيف عرفوا أنني مهزومٌ ، وأنه لا مخلّص ؟ . رمحي فروسية انتحار ، و لحمي لذيذ . كيف يحملني أحدٌ الى قريتي ، عبر هذا الوادي ، و أنا لم أمُتْ بعد ؟ . المرأة التي أبحث عنها ، لا تستطيع أن تراني . لأن كلامي دخانٌ أسودُ ، أعمى قلبها . لقد كنتُ ، فيما مضى ، أبحثُ عن امرأة تركضُ أمامي ، ثم صرتُ أبحثُ عن امرأة تنامُ معي ، وها أنا اليوم ، أبحثُ عن امرأة تدفنني . مَنْ يقطعْ هذه المسافة كلها ، عليه أن يصمت . لأنَّ لغته شاسعة ، ولن يصدِّقَهُ أحدٌ . أتعثّرُ ، أحياناً ، بأشياء ليست لي . تسقطُ ، وتنكسرُ . فيظنُّ الناسُ ، كما كانت جدتي تظنُّ ، بأن يدي مسمومة ويكرهونني . لَم أنافس الناسَ على السعادة . فلماذا ينافسونني على كلماتي ؟ . وهل فخرُ الرجل بالكلام ، إلا هزيمةُ عمرٍ بأكمله ؟ . الرصاصاتُ التي أخْطَأَتْ قلوبَكُمُ ، أصابَتْ قلبي . وإذا كنتُ قديماً أحياناً ، فإنّ هذه رماحاً و سيوفاً . أقفُ بين يديكِ يا (خديجة) لأن البرد قارص ، و أنا أرتعشُ . الغيومُ كلُّها دخَلَتْ في فمي . وسمعتُ صوتاً يقول أمطر ، أمطرْ . لو كان بإمكاني أن أشرح ، و أُفصّل لما بَلَغَتْ حالتي حدوداً كهذه . لو كان بإمكاني أن أشرب النبيذ ، دون أن ترتعش يدي . لَقُلْتُ شيئاً واضحاً . ولو أَنَّ ما بي ، له دواء ، لَصَرَخْتُ ، و طلبت المساعدة . كِتْمانيْ ؛ ليس مكراً . وسرِّيْ ؛ ليس مكيدةً بأحَد، بل مكيدةٌ بنفْسيْ . قنوطٌ من رحمةِ اللُّغة . غروري ؛ يأسٌ مني . فلو قُلْتُمْ كما أقول ، لكانَتْ بُشرى و براءً . لكنَّكُم لا تقولون . كأنني المجذوم الوحيد في قريتِكُمْ . أعينوني على يدي ، لأشربَ . على قدمي ، لأخطوَ . و على لُقْمَتيْ ، لأبتلعَ . والله إنَّ ما بيْ ؛ ما هو بأرض ، وما هو بسماء . وأخشى أَنْ أبوحَ أكثرَ ، فيُفْتَتَنَ الناسُ من بعدي .
لا أَرْضى عنّيْ ، حتى أرِدَ الموتَ . ولا أَدْعو لِنَفْسِيْ ، بِغَيْرِ الكِتْمانِ . ولا أُفْصِحُ عن الماء الذي في فمي ، حتى يهرم الضوءُ .
....................................................
اللوحة التشكيلية للفنان المبدع فخري رطروط
0 comments:
إرسال تعليق