عونُ العليِّ القدير في تفنيدِ التُّهم الموجهةِ إلى الرئيسِ البشيرِ/ د. أحمد محمد المزعنن

ردًا على ما نُشِر اليوم الأحد 12 ديسمبر 2010م مجددًا من أن:{الجامعة العربية ترفض مساعدة "الجنائية" لاعتقال البشير.} نقوم بتفنيد التهم التي وجهتها تلك المحكمة الباطلة المنحازة .

أصل القضية

أصدرت محكمة الجنايات الدولية بلاهاي في هولندا مذكرة توقيف ضد الرئيس عمر حسن البشيربتاريخ الثامن من شهر ربيع الأول من العام الهجري 1430هـ الموافق للرابع من شهر مارس من العام الميلادي 2009م ،وقد نشرت الصحف ومصادر الأخبار نص المذكرة ، ونشرت بعض هذه المصادر بيانًا بأبرز التهم الموجهة إليه،ويفيد ذلك أن هناك تهمًا أخرى في القائمة التي أعدها المدّعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو،وبعيدًا عن الخوض فيما يتعلق بالعملية الحقوقية العدلية من كونها مشروعة أو غير ذلك،وتجنبًا للخوض في الدلالات السياسية والدينية،أو الدوافع الإنسانية والشخصية مما تناوله الكثير من المتخصصين والكتاب والمحللين والمعلقين،فإنني ـــ وبالله التوفيق ــــ أقدم نقضًا علميًا أصليًا لتلك التهم،وأرجو أن يسهم ما أكتبه في إقناع عقلاء البشر في كل الأوساط التي لها علاقة أو اهتمام بهذه القضية للتخلي عن هذه الخطوة الإجرائية التي سيكون لها عواقب خطيرة على مستوى العالم،واعتبار ذلك وثيقة رسمية لدفع تلك التهم عند من سيتصدى للدفاع عن الرئيس عمر حسن البشير،وكلمة حق وواجب ديني وقومي وإنساني نحو الرئيس البشير أيده الله،وخذل قاليه،ورد كيد أوكامبو ومن يحرك إلى نحورهم،وأبطل كيدهم،{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.(الأنفال30) }.

التهم الموجهة للرئيس البشير وتفنيدها ونقض أصولها

(مصدر التهم خبر منشور بجريدة الشرق الأوسط بتاريخ الأربعاء 8ربيع الأول 1430هـ الموافق 4مارس 2009م ، العدد 11054)

التهمة الأولى : تدبير حملة منظمة لارتكاب أعمال قتل أدت إلى مقتل 35ألف شخص بشكل مباشر في هجمات شنتها القوات المسلحة السودانية ومليشيا الجنجويد التي تدعمها حكومة الخرطوم ،وتعريض مليونين ونصف آخرين لحملة اغتصاب وتجويع وترهيب في مخيمات اللاجئين .

تفنيد التهمة:

ـ (مقتل 35 ألفة شخص) لا توجد قاعدة قانونية من أي نوع تجرم أي إنسان عينيًا مظنونَا على جريمة مجملة مظنونة،ولا توجد قاعدة توحد بين الجريمة المدنية والجريمة السياسية،وعبارة (حملة منظمة) هذه عبارة من العبارات الإعلامية العامة الدارجة التي تفتقر إلى أي أصل منطقي أو عقلاني أو إداري أو قانوني،وحتى مسألة دعم الحكومة للجنجويد هذه مسألة مظنونة تفتقر إلى الأدلة التفصيلية التي تعتمد لبناء قضية وتوجيه تهمة عادية،فما بالك بقضية يتهم فيها رئيس شرعي منتخب،وهي مما يستخدم للكيد وافتعال الخصومة.

ـ (الجنجويد) اسم مركب اعتباري مجمل أطلق على طرف معين من الشعب السوداني من الصعب حصر شخصيته حتى يتم إدراجه ضمن قضية قانونية تعتمد على القواعد القانونية المجردة؛بغية الوصول إلى حقيقة مجردة لا تحتمل النقض،ولا تكون نوعًا من التلفيق والكذب.

ـ (وتعريض مليونين ونصف آخرين لحملة اغتصاب وتجويع وترهيب) أي نوع من المحاكم تلك التي تستخدم أرقامًا من الصعب الإلمام بدقتها،أو التأكد من إحصائها وتحديد أعيانها،ثم تستخدمها في توجيه تهمٍ في قضية قانونية ذات طابع دوليٍّ أممي،على الرغم من أن هذه المحكمة لا تحوز على الاعتراف من جانب قطاع إنساني كبير،وهذا يفقدها المصداقية الحقيقية كمؤسسة شرعية.

(لحملة اغتصاب وتجويع وترهيب)هل يمكن حساب وتحديد حجم الجرم ،وتسمية الضحايا ،وقياس الجريمة ،وإلى معيار يقارن العمل الجنائي في حالة :الاغتصاب والتجويع والترهيب ؟وفي التهمة السادسة سوف تضاف أعمال جنائيةأخرى منها الاختطاف عند وصف أسلحة الرئيس البشير في تنفيذ الجنايات المزعومة .


التهمة الثانية :البشير مسؤول عن ذلك باعتباره رئيس البلاد والحاكم الفعلي وله سلطة مطلقة ورئيس الحزب الحاكم وقائد الجيش ،وهو في قمة السلطة وأخضع قوات الجنجويد لتعليماته ،وفي نفس الوقت يستخدمها لتبرأ من المسؤولية .

تفنيد التهمة:

ـ لا تترتب المسؤولية العينية على أي شخصية على أفعال جنائية عامة تكون الضحية فيها غير مشخصة ومعرفة تعريفًا ماديًا وقانونيًا محددًا تحديدًا تامًا .والأوصاف والوظائف الواردة للشخصية الاعتبارية للرئيس البشير في سياق التهمة الثانية لا تصلح أبدًا في أي شرع أو نظام أو قانون لبناء قضية أو توجيه تهمة من أي نوع ، لأنها من قبيل تحصيل الحاصل في وظائف رؤوساء الدول الذي يصلون إلى السلطة ، ويكتسبون شرعية من أي نوع ، وبأي وسيلة ،فهي مما تواطأ عليه البشر منذ بدء الخليقة ،فالوظائف التي ذكرتها مذكرة المدعي العام المذكور في سياق هذه التهمة الملفقة هي قطاعات من المسؤوليات الرسمية المداخلة في البناء العام للدولة المعروفة بالسودان ،شأنها شأن أي كيان سياسي أو إداري بشري،ويشترك فيها مئات بل آلاف الأفراد الأعيان ،إلا أن يكون الهدف محاكمة النظام الحاكم في دولة السودان بأكمله ، في سابقة لم تعهدها البشرية من قبل ، وويدخل في هذا النظام دخولاً أوليًا جميع القوى والتنظيمات التي تقع ضمن تعريف جمهورية السودان ومنها القوى المعارضة للنظام ،ثم مَنْ ذا الذي خوّل أوكامبو ومحكمته سلطة محاكمة قطاعات عامة متداخلة ،وتجسيدها في فرد ؟ وكيف يتسنى لمجموعة أفراد بل لعشرات ومئات الأفراد ذلك ؟ناهيك عن فرد واحد هو أوكامبو،فالعدالة الإلهية تجعل المسؤولية فردية ، وتتبنى العدالة الإنسانية في القانون الوضعي هذا المبدأ ،وإلا فعلينا أن نعتبر أن الحروب الأهلية والدينية في التاريخ الإنساني في كل عصوره جرائم ،وحينئذ يستوجب الأمرعلى أوكامبو أن يسوق الأحياء من أبناء وأحفاد الحكام الذين كانوا أطرافًا في هذه الحروب إلى قاعة محكمته ،ولن يكون أوكامبو حينئذ مجرد موظف إنسان يبحث عن الحقيقة ،بل عليه أن يفكر في توصيف جديد لوظيفته .


التهمة الثالثة : البشير دبر ونفذ خطة لتدمير جزء كبير من مجموعات ( الفور والمساليت والزغاوة)لأسباب إثنية نتيجة لاحتجاح بعض أعضاء هذه المجموعات الثلاث ،وهم من ذوي النفوذ في دارفور ،على تهميش الولاية ،وفي حين لم يتمكن البشير من هزيمة هذه الحركات المسلحة صار يهاجم الشعب وهو يتذرع بمكافحة التمرد .

تفنيد التهمة:

هذه وقائع أقرب إلى الأوهام منها إلى أدلة تتعلق بوقائع مادية ذات خصائص مادية محددة ومعرفة شرعًا أو عرفًا أو قانونًا، وتعتم في أصلها على على مركبات وعموميات ثقافية تفتقر إلى التعريف الإثني المختلط لطبيعة الشعب السوداني التذي تتداخل فيه الأعراق في سعي الدولة لبناء المجتمع المدني عبر المؤسسات المدنية ،ولا تصلح تلك المركبات اللفظية أو الثقافية لرفع قضية ،ولا تصمد كأدلة أصدر بموجبها أوكامبو مذكرة اعتقال رئيس دولة على رأس السلطة ، ويقوم بناء هذه العموميات والمركبا على الجانب الوجداني المصطنع الذي يقصد منه الإثارة وإشاعة الانقسام ،وتفتقر إلى الواقعية الإدراكية التي تتناول الوجود المادي ،ومع افتراض أنها وقعت ،فما الذي يجعل رئيس البلاد في الخرطوم ضابطًا للعواطف والانفعالات الشخصية والجمعية ؟ومن غير المعقول أن تكون هذه الجماعات لو افترضنا جدلاً وقوع (ما لفقه) أوكامبو ومن يُفترض فيهم تمثيل شرعية ذات أساس وطبيعة مادية ـ أن يكونوا قد تلقوا فعل ممثلي السلطة دون القيام برد الفعل ؟ مع أن الواقع يثبت بالدلة القوى أن هذه الجماعات كانت صانعة مسبقًا للفعل الجنائي،وليس فقط مجرد تلقي الفعل ،وعلى أوكامبو حينئذ أن يجري تحرياته ويقوم بعمليات جمع الأدلة لتهم جاهزة مسبقًا ،وقد تمتد هذه العملية إلى يوم القيامة في مثل تلك الحالات من المنطلق الذي اعتمده وهو منطلق الحالات المغلفة بالمشاعر والأحقاد والأحاسيس والأمراض الاجتماعية والنفسية ،والدوافع والغايات الانتقائية أو المصلحية للقيام بالسلوك المكون من الفعل ورد الفعل من كلا طرفي العلاقة الجنائية ، بحيث لا يمكن تحديد أيهما الجاني وأيهما الضحية :الدولة بمكوناتها أم الجهات المعارضة لها ؟وكلها عمليات يستحيل على أرض الواقع الوصول فيها إلى الحقيقة المجردة التي تبرر توجيه تهم على إنسان يمثل رئيس دولة تدل الشواهد على سهره الدائم على شعبه، وتعطي القرائن أقوى الدلة على استقامته ونبل مقاصده في حدود المعايير والقيم المرعية والمحترمة من البشر كافة .

والواقع يبطل هذه الفرية فيما يتعلق بجماعات الفور والمساليت والزغاوة فهم مواطنون يمارسون حقوقهم وواجباتهم ، ويتنقلون بحرية تامة في العاصمة وفي طول البلاد وعرضها دون حرج .


التهمة الرابعة:بأمر من البشير ،ولأكثر من خمس سنوات ،هاجمت مليشيا الجنجويد (عربية موالية للحكومة)القرى ودمرتها ،وتابعت الأشخاص الذين نجوا إلى الصحاري،وأخضع من تمكن من الوصول إلى مخيمات المشردين داخليًا للعيش في ظروف مدروسة ليكون مصيره هو التدمير .

تفنيد التهمة:

هذه التهم متضمنة في التهم التالية ،ونقضها يوجد في نفس التهم ،وأهم ما ينقضها التضارب الزمني الموجود بين هذه التهمة في عبارة (ولأكثر من خمس سنوات)ثم في التهمة السادسة في عبارة (التي وقعت بين عامي 2003م و2004م، وحتى نهاية 2005م)في التهمة الرابعة استخدم عبارة( لأكثر من ) وهذا تعبير رياضي يجعل المدة لا نهائية ، أما التهمة السادسة فيحصرها في ثلاث سنوات! فماذا نصدق ؟
ثم إن الذي صاغ التهمتين (الرابعة والسادسة) لم يذكر وقائع مؤرخة زمنيًا وموثقة بوسائل وطرق التوثيق المعتبرة قانونًا وشرعًا وعرفًا لا تقبل الشك ،وإلا اعتبرت غير ذات قيمة يأي معيار كان ،شأنها شأن بقية التهم التي قمنا بتفنيدها ،وإبطال احتمال قبولها.
التهمة الخامسة : تبين الأدلة أن البشير عبأ جهاز الدولة بأكمله ،بما في ذلك القوات المسلحة وجهاز الاستخبارات والدوائر الدبلوماسية والإعلامية والجهاز القضائي من أجل إجبار الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات المشردين داخليًا ،ومعظمهم من المجموعات المستهدفة ،على العيش في ظروف قاسية ،لتدميرهم جسديًا .


تفنيد التهمة:


يالها من تهم تلك التي صيغت بهذه الألفاظ : (عبأ جهاز الدولة بأكمله ،بما في ذلك القوات المسلحة وجهاز الاستخبارات والدوائر الدبلوماسية والإعلامية والجهاز القضائي) (ظروف قاسية ، مجموعات مستهدفة ، مخيمات المشردين ) التهمة هنا موجهة ليس إلى الرئيس البشير ،بل إلى الدولة والشعب السودانيْين بكل قواهما، بما في ذلك الجبهات المعارضة أو المعادية التي كانت تحارب الدولة ، هذه تهمة معرفية إعلامية الطبيعة ،سياسية الهدف ، غامضة الأهداف ، مثل قول من يقول (قال فلان، وأجابه علان ) كما هو مألوف في نشر الإشاعات المغرضة التي لا تستند إلى أصل مادي قانوني معتبر،وبالتالي فلا تستحق حتى مجرد التعليق عليها أو مناقشتها.
التهمة السادسة:الهجمات التي وقعت بدارفور كانت عرقية ،فلم تهاجم القرى العربية حتى وإن كانت قريبة من المدن أو القرى المستهدفة ،ومعظم تلك الهجمات جرت بين عامي 2003م ـ 2004م وحتى نهاية 2005م ،وهي الفترة التي كان يتولى فيها أحمد هارون وزير الشؤون الإنسانية مسؤولية الإشراف على شؤون دارفور.



تفنيد التهمة:

هذه عبارات تتضمن توثيقًا زمنيًا لأفعال وصفها أوكامبو بالعرقية ،وحدد لها الأفعال الجنائية الافتراضية التي وقعت بين عامي 2003م و2004م، وحتى نهاية 2005م ،لكي يبرر تجريم أحمد هارون الذي رفضت الحكومة السودانية تسليمه في وقت سابق عندما اصدر أوكامبو مذكرة توقيف بحقه، وهذا يجعل المر وكأنه انتقام كيدي شخصي موجه من أوكامبو إلى شخص الرئيس عمر حسن البشير متجاهلاً كل الاعتبارات القانونية الفاصلة بينه وبين اللرئيس البشير ، ثم إن ذكر المدة الزمنية دون تحديد وقائع موثقة زمنيًا يسقط صفتها القانونية على افتراض أنه وقعت في هذه المدة أفعال مما يوصف بأنه جنايات ، وهذا يحط من قيمتها كأدلة ، ويجعلها كان لم تكن .


التهمة السابعة: أسلحة البشير كانت التجويع والتخويف والاغتصاب،وهي أكثر الساليب بشاعة في الإبادة الجماعية.

تفنيد التهمة:

هل يمكن حساب أو تحديد حجم الجريمة أو تسمية الضحايا وقياس حجم الجرم في هذه الأوصاف العامة التي ألصقت بالرئيس البشير ،وعلى احتمال أن تكون قد ارتكبت من قِبَل أطراف معينة، فما علاقة الرئيس البشير بها؟أليس الأولى بالمساءلة الأفراد أو الجهات التي ارتكبت هذه الجرائم فعلاً، وإلى أي معيار نقيس الجنايات التي ترتكب في هذه الأفعال الموصوفة بأسلحة البشير.

أليس التجويع وصف نسبي ؟ فما يعتبر تجويعًا لفرد أو فئة ما ، قد يكون نعمة لفرد أو فئة أخرى؟ .

وكذلك الحال بالنسبة للتخويف ،كيف يمكن قياس هذا الانفعال الغرزي الطبيعي الذي يتلبس الإنسان في أبسط المواقف وأعقدها على حد سواء ،وليس له حدود إلا في ثقافة ونمط عيش الإنسان الفرد والجماعة؟وهو بالإضافة إلى ذلك يتنوع في الجنس البشري تنوعًا هائلاً في درجاته بحيث يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل حصر حالاته ،واعتباره سلاحًا ضد الخصم ،إذا جاز اعتبار ما نسب إلى الرئيس البشير أمرًا جائزًا ؟
فبأي معيار قيست هذه الأوصاف لكي يجرَّم بها رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة؟ويمارس وظيفته من خلال الطرق المشروعة التي جاءت به إلى موقع الرئاسة؟
أما الاغتصاب فأمر إثباته أصعب بمراحل ، وهو بالنسبة للمسلمين يتطلب أربعة شهود لإثباته أثناء الممارسة ،أو بالاعتراف أو اليمين ،وهل يمكن مجرد وجود تصور افتراضي بأن الرئيس البشير له علاقة بهذا السلوك الوضيع من قريب او بعيد ،بشكل مباشر أو غير مباشر ، ولا يمكن لأحد إيراد هذه الصفة على هذا الرجل إلا من باب الوضاعة والدونية الفكرية والخلقية ومن قبيل الإسقاط المرضي ، وادواء القلوب الغافلة ، أما الاغتصاب في حق غير المسلمين فإنه يختلف حسب نوع الثقافة السائدة للجماعة التي ينتمي إليها كلا الطرفين :الجاني والضحية أو الفاعل والمفعول فيه.
فكيف يُحاسب رئيس دولة هو فوق مستوى الشبهات بهذه الرذائل التي لايقبلها في حقه أحط الناس وأقلها شأنًا ؛لأنها تتعلق بالشرف والكرامة الإنسانية التي أمر الله بستر كل ما يقترف فيها من أفعال بحقها، ويكون تطبيق العقوبة في أضيق نطاق حفاظًا على أعراض الناس ولو بمجرد التلميح حتى عند الجماعات الإباحية أو اللادينية.
ووصف ذلك بأنها(أسلحة البشير) لا يخلو من قصد التشهير الذي يوقع صاحبه تحت طائلة التجريم والعقاب ، وفي دولة تواجه أشكالاً كثيرة من التمرد والخروج عن القانون الذي يحمي كيانات الدول يعتبر ذلك أيضًا إشكالية أساسية أخرى ، فأين اعتبارات الفعل لدى دولة يتهدد كيان أمنها؟ ويتعرض نسيجها الوطني والاجتماعي للتفكك؟ أليس الولى بمحكمة جنايات دولية أن تدافع عن بناء الدول ،وكرامة الإنسان الذي يديرها ،ويحرص على نشر العدالة في حدود الإمكان البشري،بدلاً من الجري وراء شطحات الخيال المريض، واصطناع وافتعال تهم من نسج الأحلام المريضة بدافع الثأر والانتقام؟
ولماذا الرئيس البشير تحديدًا الذي يمثل دور القيادة الشرعية المنتخبة؟هل المحاكمة للعنصر العربي وللنظام وممثليه في شخص الرئيس البشير؟ وبهذا تنتقل القضية من مجرد تهم على افعال موصفة ومحددة ومعرفة إلى عبارات تبريرية للغزو والتوسع ولكن بصيغة احتيالية جديدة انتقلت من سلوك المجرمين الأفراد ،الى سلوك جماعات الضغط الخفية والعلنية للدفع نحو إشاعة (الفوضى الخلاقة)التي قادتها أميركا وحلفاؤها في أفغانستان والعراق ، وتبحث لها عن ميدان جديد حيث تحتفظ أرضها بكنوز الثروات البكر التي يسيل لها لعاب الطامعين ،ويستخدمون ا لأمم المتحدة ومؤسساتها وأنظمتها كغطاء يستر أطماعهم وشهوتهم في التوسع والغزو؟

*****
وفي النهاية نود أن نسأل السيد أوكامبو هل أنت من أتباع الديانات السماوية؟أو أنك علماني لا ديني؟فإذا كنت تتبع دينًا سماويًا مما يدين به أهل الكتاب من اليهود والنصارى فحدد هل أنت يهوديًا أو مسيحيًا،وفي الحالتين فإنك لا حق لديك في توجيه أي تهمة أو حتى التطلع إلى مقام الرئيس البشير بأي شرع أو قانون معتبر ومحترم عند عقلاء البشر،سوى أن يكون قانون شريعة الغاب والقوة التي تلوح بها وتحميك،وتتطلع إليها لتكوين تحالف دولي يغزو السودان،ويحاول أن يقبض على الرئيس البشير،والله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل:{...وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.(النساء141)}والمسلمون مأمورون بنصر رئيس السودان وأهله بكل ما يتوفر لديهم من إمكانات مادية ومعنوية فالجهاد حينئذ يوكن فرض عين .

فالرئيس البشير مسلم مؤمن محميٌّ بالنص القرآني،وبالحديث النبوي الشريف الذي يمنع تسليم الإنسان المسلم،فما بالك برئيس دولة لها وزنها وأهميتها الدينية والدنيوية؟ولا شك أن سيادته يقدر حجم الأخطار التي يحتمل التعرض لها،وهو قائد عسكري سيقف في وجه أي محاولة للغزو الاستعماري،وسيفوز حينها بإحدى الحسنيين:النصر أو الشهادة،وفي الحالتين يكون هو الرابح،ومن موقعه كرئيس لدولة ذات موقع متميز وإمكانات هائلة،ومحاطة بالطامعين والحاقدين الظاهرين والخفيين الذين سيشتركون في الغزو تمامًا كما حدث في العراق،ولإدراكه ضعف الجانب العربي وتخاذله وضعف ردود أفعاله سعيًا للسلامة الشخصية أو القطرية أو حفاظًا على المصالح المشتركة مع الأجانب، كما حدث في غزة بين عامي 2009 و 2010 فليس أمامه إلا المقاومة والصمود وطلب المعونة من الله سبحانه.

هذا والله أعلم ،وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

(... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.)(يوسف 21)

CONVERSATION

0 comments: