المواطن اللبناني لن يغفر لمن يضيع فرصة خلاص الوطن المتاحة حاليا من المجتمع الدولي
خزيٌ وعارٌ على الحكام والسياسيين اللبنانيين المُمْسكين بقراري السلطة والسياسة في وطننا الأم لبنان، فهؤلاء بأكثريتهم الساحقة مارقين ووصوليين يُضيعون الفرص الدولية والإقليمية والشعبية الواحدة تلو الأخرى الهادفة إلى الانعتاق من نير الاحتلالات السورية والإيرانية والأصولية والميليشياوية. فكلما سنحت فرصة يعهرونها بمكر ودهاء وعن سابق تصور وتصميم يفشلونها بتغليبهم مصالحهم الذاتية والمنافع والنفوذ على الشأن الوطني.
إن واقع وطن الساحة، وتجارة المقاومة، ونفاق التحرير، ودجل الممانعة، وعاهتي الذمية والتقية هم علقم مر وسموم قاتلة وأمراض سرطانية خبيثة مفروضة على الوطن والمواطنين بقوة السلاح والإرهاب والبلطجة والمال. فمن يسير وراء سياسي أو مسؤول أو زعيم أعمى البصر والبصيرة وميت الضمير ومخدر الوجدان يقع معه في الحفرة، كما أن المواطن "النعجة" الساكت على حقوقه والصامت كأبو الهول والمُتزلِم لسياسي منافق نهايته في المسلخ حيث يذبح ويعرض لحمه للبيع في دكاكين القصابين.
إن البدء في مواجهة الواقع المرير بصدق وتفان وشفافية يقتضي أولاً احترام الذات، وثانياً الخروج من ثقافة التبعية، وثالثاً التجرد من وباء الأنانية والتمسك حتى الشهادة بقضية الوطن وبكرامة وحقوق إنسانه. إن واجب تثبيت وتحصين وحماية أسس دولة القانون والحقوق والمؤسسات الحرة والسيدة والمستقلة هو الهدف المطلوب السعي لتحقيقه.
دولة كلِّ اللبنانيين العصرية بشرائحهم المتنوعة اثنياً ودينياً وحضارياً توخَّينا قيامها، دولة طالما سعى الأحرار والأشراف والمناضلون من أهلنا لبلوغها منذ سنين طويلة عانوا خلالها بصبر وإيمان ورجاء جور وكفر وفجور وإجرام زمن الاحتلال السوري الأعجف برموزه وأدواته من طرواديين وملجميين.
لقد قدم الآلاف من شهدائنا الأبرار أنفسهم قرابين لتبقَ الجباه عالية والكرامات مُصونة والرايات خفاقة، فماذا نقول لهم ونحن نرى حالة الحكام والسياسيين التراجعية والجبن؟ واللافت أنه بعد خروج سورية العسكري القسري من لبنان بنتيجة زخم ثورة الأرز عادت وبِقوَّة التقية ومعها لغة التكاذب والدجل إلى التداول ولم يعد المواطن اللبناني الحر السيادي قادراً على فهم اتجاه بوصلة حكامه والسياسيين.
ففي حين ينادي هؤلاء وعلى مدار الساعة بضرورة نهوض الدولة وبسط سلطتها الذاتية والقانون، نراهم يقبلون راضين أو صاغرين، لا فرق، باستمرار سلطة وتسلط "حزب الله" وببقاء المخيمات الفلسطينية وسلاحها بؤرا أمنية وقنابل موقوتة بيد سورية البعث وإيران الملالي وغيرهما من القوى الإقليمية والأصولية التي تعودت جعل "لبنان الساحة" مسرحاً لصراعاتها وحروبها العبثية.
قادة ورجال سياسة ومسؤولون مسخ يطالبون باحترام القرارات الدولية وبتنفيذ بنود "اتفاق الطائف"، لكنهم في الوقت عينه ينتقون ويستنسبون ما هو على مقياس نفوذهم والمصالح, والأدهى ربطهم الهرطقي مصير ما هو لبناني صرف من القرارات وخصوصاً الـ 1559 والـ 1701 بتلك غير اللبنانية. فهُم، وهنا العجب يصرُّون أولاً على تنفيذ القرار 194 لجهة عودة الفلسطينيين إلى بلادهم ومعه كل القرارات منذ تأسست عصبة الأمم ومن بعدها جمعية الأمم المتحدة بما فيها تلك المتعلقة ببلاد الماو ماو وغابات الأمازون ومجاهل أفريقيا!
يريدون إنهاء أزمات القارات الخمس ورمي إسرائيل في البحر قبل القبول بقرارات محقة وعادلة تؤمن استعادة سيادة واستقلال لبنان وتحريره من الغرباء ومن أسلحتهم وهرطقاتهم!
أما تغني القادة ب "اتفاق الطائف" وبمحاسنه فيكشف زيف لبنانيتهم والانتماء لأن هذا الاتفاق ورغم علله الكثيرة صنف كل المسلحين تحت خانة الميليشيات التي يتوجب تجريدها من السلاح، كما أنه طالب بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل والالتزام باتفاقية الهدنة وبسط سلطة الدولة على كامل ترابها بواسطة قواها الذاتية. فأين هم من بنود هذا الاتفاق؟
يتكلمون عن حوار داخلي وهمي مع "حزب الله"، فيما هذا الحزب يرفضه ويتهم كل من يقترب من سلاحه بالخيانة والعمالة. حوار يهدف كما يبشرون تسهيل أمر تنفيذ القرارات الدولية التي في مقدمها القرار 1701 توافقياً، بهدف تسليم سلاح "حزب الله" للدولة وتفكيك بنيته العسكرية والانخراط في العمل السياسي، فيما الحزب يعلن ليلاً ونهاراً وبلغة واضحة جداً أن سقف هذا الحوار بمفهومه النضالي محدد ب "كيفية حماية سلاحه" وليس بأي شيء آخر. فتارة يربط هذا الحزب مصير سلاحه بتحرير مزارع شبعا وطوراً بعودة القرى السبعة ودائماً بوجود إسرائيل، وحماية لبنان من أطماعها ومخططاتها ومحاربة أميركا والاستكبار العالمي، فيما قادة دول العرب كافة، بمن فيهم قادة المقاومة الفلسطينية قد صالحوا إسرائيل، وعقدوا اتفاقيات السلام معها أو منتظرين "بالصف" وبفارغ الصبر دورهم.
السؤال هو: إلى متى الدجل والتقية؟ فالحقيقة الفاضحة والناطحة تقول إن لا إمكانية ولو بسيطة لقيام دولة لبنانية مركزية واحدة موحدة في ظل بقاء دويلات ومربعات أمنية وبؤر خارجة عن نطاق سلطة الشرعية والدستور. كما أن مبدأ قيام الدولة الواحدة يناقضه كلياً ويلغيه وجود ميليشيات مسلحة لبنانية وسورية وفلسطينية وإيرانية تصادر دور الجيش وسلطة الدولة على الحدود وداخل الوطن وتتحكم بقرار الحرب والسلم مع دول الجوار. إنه دور مفترض أن يناط بالدولة وحدها وليس بفريق أو بشريحة واحدة.
حان الوقت لتحديد مواقف الجميع ومن دون استثناء من مبدأ قيام الدولة أو عدمه من دون "لف ودوران"، والدولة المنشودة هذه لا يمكن أن تقبل بشريك في سلطاتها السياسية والعسكرية والأمنية والمالية والقضائية وفي علاقاتها مع الدول الأخرى.
أما مهمة حماية لبنان من إسرائيل وغيرها من القوى والدول، فهي من واجبات الجيش والقوى الأمنية الشرعية اللبنانية وحدها, وكل ما عدا ذلك من ضجيج وتهديدات وحجج وذرائع ومبررات جهادية مبتكرة ومستوردة بهدف إبقاء وضعية "حزب الله" والمخيمات الفلسطينية الحالية الشاذة على حالها فهي خطايا مميتة بحق الكيان وتعدٍّ سافر على حقوق المواطن اللبناني، وانتهاك للدستور ولشرعة حقوق الإنسان، واستهتار بالقرارات الدولية كافة، واستخفاف بذكاء اللبنانيين والكرامات.
يتكلمون عن أمور كثيرة, فنراهم يناورون ويتكاذبون ويدجلون ويزايدون فيما هم يتجنبون بحربائية فاقعة التطرق للب القضية الأساسية التي هي السلاح غير الشرعي ومبدأ قيام الدولة.
يهتمون بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد، الدولة, ومن ثم الدولة. فهل من يسمع وينتفض فيشهد للحقيقة بجرأة وتجرد ليخْلَّص ويُخلِّص معه الوطن وأهله.
إن "حزب الله" يعرف ماذا يريد وهو واضح بطروحاته وأهدافه وارتباطاته الخارجية، كما بإصراره المحافظة على وضعيته العسكرية و"الجهادية" والسلطوية الحالية حتى تسنح له الظروف المؤاتية إسقاط النظام اللبناني بالقوة وتسلم الحكم وإعلان جمهورية أصولية على شاكلة جمهورية الملالي المفروضة بالقوة والإرهاب على الشعب الإيراني.
إن مسلسل خطابات السيد حسن نصر الله الأخيرة النارية والاستكبارية والوقحة والفجة لم تترك أي فسحة للتأويل أو الشك بما يضمر قادة حزبه وملالي إيران وبعث الشام وجماعات المرتزقة والصنوج والطبول المحليين! فهل قادة لبنان وسياسيوه يعرفون ماذا يريدون؟
إن المواطن اللبناني لن يغفر لمن يُضيع فرصة خلاص الوطن المتاحة حالياً من قبل المجتمع الدولي وحاله يقول: "مريم مريم تهتمين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد".
0 comments:
إرسال تعليق