بشرنا في الأسبوع الماضي أن لنا حكومة ورئيس للحكومة يهمه أمر العرب المواطنين في البلاد.وعليه عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بحثا حساسا وضيقا عن عرب إسرائيل مع أجهزة المخابرات والأمن الإسرائيلية وبعض أعضاء المجلس الوزاري المصغر. قلنا ربما لدراسة مد المجاري لبعض القرى العربية التي لم تحصل على ميزانيات كافية لمد خطوط المجاري، وربما لدراسة إضافة صفوف لبعض المدارس التي تضيق مساحة غرفها عن استيعاب الطلاب حسب معدل عدد الطلاب في الصف، الذي يزيد عند العرب بنسبة غير صغيرة عما هو في المدارس اليهودية. ولكن المحير هل يفهم قادة أجهزة الأمن في مشاكل الصرف الصحي عند العرب، وهل هم على اطلاع حول الخدمات في السلطات المحلية ومشكلة غرف الدراسة؟ أم أن اختصاصهم ينحصر في قمع أصوات الاحتجاج على التمييز الصارخ، أو تخطيط لعملية اغتيال مبحوح جديد؟
وسائل الإعلام قالت انه يدور الحديث عن بحث أول يجريه نتنياهو في محفل رفيع المستوى بهذا الشأن، بعد مرور نحو سنتين منذ تسلمه مهام منصبه. حقا محفل رفيع المستوى!!
ممثلو المخابرات أشاروا، أن تصعيد الجهود الحكومية لدمج عرب إسرائيل كفيل بأن يوقف ميول التطرف. رئيس المخابرات يوفال ديسكن وضباط كبار من المخابرات والشرطة استعرضوا في الجلسة الميول في أوساط عرب إسرائيل. ورفض مكتب رئيس الوزراء التطرق إلى تفاصيل البحث .
السؤال المحير لماذا لم يبحثوا، ليس ميول التطرف في أوساط العرب في إسرائيل، إنما حقائق التطرف العنصري التي وصلت ذروتها برسالة الحاخامات. حتى شجرة عيد الميلاد لم يتحملها رئيس بلدية الناصرة العليا في ساحة مدينة أكثر من 20% سكانها عرب، وآلاف اليهود الروس مسيحيين ويحتفلون بالميلاد، ولو جمعنا العرب والروس لشكلوا نسبة كبيرة مقلقة لاجتماع رئيس الحكومة وطاقمه الأمني. بالطبع هذا لا يقلقنا، نحن لسنا عنصريين ولا يمكن أن نكون. لا ضد اليهود ولا ضد الحاخامات. نحتقر العنصريين ؟ أجل!! ولكننا لن نلوث إنسانيتنا بالعنصرية.
هل يتوقعون أن يكون العرب في إسرائيل شوالا من الرمل ليتدرب عليه العنصريون؟
منذ تشكيل حكومة نتنياهو ، طرحت عدة مشاريع قوانين اعتبرت موجهة ضد عرب إسرائيل . مشروع القانون الأبرز هو تعديل قانون المواطنة الذي يستوجب من المواطنين الجدد أداء قسم الولاء لإسرائيل كـ "دولة يهودية وديمقراطية".ونحن قلنا إذا اضطررنا سنقسم كذبا!! وسنحصل على فتاوى تسمح لنا بالقسم كذبا دون أن نخسر ملكوت الله!!
لا شك أن هذه الصيغة الأمنية الصرف، لمثل هذا الاجتماع " لبحث موضوع عرب إسرائيل" 7التي تعتمد فقط على أجهزة الأمن القمعية، بتعاملها المعروف مع المواطنين العرب، يشير إلى أن العرب في إسرائيل ، كما يراهم رئيس الحكومة نتنياهو يشكلون قضية أمنية فقط لا غير. أي هناك تجاهل لكونهم مواطنين متساوي الحقوق، كما تنص مثلا وثيقة استقلال إسرائيل.
لا شك أن هناك خبراء يهود وعرب أكاديميين، ضليعين بقضايا العرب في إسرائيل، من حيث الغبن في الحقوق، والتمييز ضدهم في جميع مجالات الحياة، من مخصصات الأرض التمييزية بشكل لا يطاق، وميزانيات التطوير والتعليم وواقع البطالة والاستيعاب في الوظائف الحكومية، والكثير من المرافق الأخرى، وكانوا قد قدموا لرئيس حكومة إسرائيل الأسبق ايهود براك ( وزير الدفاع اليوم) "تقرير طوارئ" قدمته مجموعة من الأكاديميين اليهود والعرب، بعد انتفاضة أكتوبر 2000 حمل عنوان "بعد الأزمة- اتجاهات جديدة في سياسة الحكومة مع الأقلية العربية"، يطرح بشكل علمي مدروس مشاكل الأقلية العربية بتفصيل تاريخي سليم، ويطرح بالمقابل الحلول المبنية على دراسات ميدانية من أجل الخروج من هذا الوضع المأزوم الذي يدفع الجماهير العربية إلى الصدام مع السلطة، والى استمرار التوتر الذي حذر أيضا تقرير لجنة اور ، حول مقتل أل 13 شاب عربي ، من استمراره ومن خطر انتفاضة جديدة أكثر عنفا، إذا لم تجر الحكومة تعديلات عميقة على تعملها مع العرب في إسرائيل،يقوم على أساس حل المشاكل المتراكمة في المجتمع العربي.
ويجيء اجتماع نتنياهو ليبحث قضايا عرب إسرائيل مع أجهزة الأمن فقط، بإشارة واضحة إلى اتجاه التفكير الرسمي .
نبيل عودة – رئيس تحرير المساء www.almsaa.net
0 comments:
إرسال تعليق