أول مرة سمعت باسم كمال جنبلاط كان يوم اغتياله، كنت حينها صغير السن بما يكفي لأصاب بدهشة حول ما كان كمال جنبلاط يمثل من رمز وطني لفئة مختلطة من الشعب اللبناني.
في قريتي حيث ولدت وترعرعت بعيداً عن الطائفية في مجتمع أقل ما يقال فيه وأقل ما أذكره هو لهفة الجار على الجار وصوت مؤذن الجامع وأنا بطريقي الى الكنيسة أيام الأحاد .
دهشت عندما رأيت جميع سكان قريتي “مكسة” يبكون ويتألمون وزاد من دهشتي رؤية أهلي يلبسون اللون الأسود شأنهم شأن جيراننا الذين علمت فيما بعد أنهم من الطائفة “الدرزية” وغيرهم من “المسلمين” الذين كانت بيوتهم ملاصقة لبيتنا.
كان الجميع يعزّون بعضهم البعض كعائلة واحدة وكانت حيرتي تزداد بازدياد أصوات الموجودين هناك حينها حتى علمت فيما بعد أن الفقيد لم يكن أحد من أقرباء جيراننا ولا من أقربائنا انما كان زعيم وطني ومعلم كبير “كمال جنبلاط.”
كبرت ولم تغيب عن بالي تلك الذكرى ولطالما أردت معرفة من هو ذاك الزعيم الذي بكاه جميع سكان القرية ونعاه “الدرزي” و”المسيحي” و”السني” و”الشيعي” و”البدو” الذين كانوا من سكان الخيم التي كانت متواجدة على طول السهل الذي تنام على حافته قريتي “مكسة”.
عندما بدأت أفهم السياسة في لبنان وكأي لبناني أتعاطاها في مجتمعاتنا أردت أن أفهم ما لم أفهمه وأنا صغير عندما اغتالوا “كمال جنبلاط” وبدأت أبحث وأتحرى وأسأل وأقرأ عن “كمال جنبلاط”.
لم يكن الرجل رجلاً مرّ مرور الكرام على هذه الحياة هذا ما اكتشفته عندما تعمقت بدراستي عن المعلم “كمال جنبلاط”، حتى انني توصلت الى قناعة بأن اغتياله كان أحد أهم الأسباب لإفتعال حرب “الجبل” لأنها لم تكن لتحدث بوجود الزعيم الوطني لذلك تم اغتياله.
لم يكن “كمال جنبلاط” سياسياً و نائباً و وزيراً ورئيساً لحزب فحسب انما كان رجل دولة ومفكر وشاعر وفيلسوف ومتصوف وكانت هذه الصفات مجتمعة برجل واحد سميَّ بـ “المعلم” .
اليوم و في ذكرى ميلاد المعلم “كمال جنبلاط” أردت أن أستذكر طفولتي في يوم استشهاده لأتذكر أن سبب اهتمامي بمعرفة هذا الرجل كان زعامته ليس على طائفة انما على مجتمع أقله المجتمع الذي منه تعلمت الوطنية ولم أتعلم الطائفية.
تحية الى روح كمال جنبلاط
تحية الى مكسة وأهاليها الذين ما زالوا أهلي
-
رئيس حزب اللبنانيون الجدد
0 comments:
إرسال تعليق