...... الحصاد الفلسطيني لعام2010،هو حصاد عام أكثر سوءاً من العام السابق على كل الصعد والمستويات،فالاحتلال يزداد تغولاً وتوحشاً والعنصرية أصبحت سمة عامة في المجتمع الإسرائيلي ولم تعد ظاهرة معزولة أو نخبوية،حتى أن الكنيست الإسرائيلي أصبحت الوكر والدفيئة التي يمارس ويشرع من خلالها قادة الدولة الإسرائيلية القوانين العنصرية بحق شعبنا الفلسطيني،بهدف طردة وترحيله من وعن أرضه،ولم يعد يخفي قادة إسرائيل سياستهم في الأسرلة والتهويد والتطهير العرقي،فوزير خارجيتهم العنصري والمتطرف "ليبرمان" في إطار عصرنة التطهير العرقي"تبادل السكان" يدعو لطرد أكثر من نصف سكان الداخل الفلسطيني إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وأكثر من ذلك فحاخاماتهم أكثروا من فتاويهم وشعوذاتهم التي تحض وتحرض على طرد الفلسطينيين وترحيلهم وعدم تأجيرهم البيوت،وهناك من دعا منهم وشرع قتل الأطفال الفلسطينيين.
وفي استعراض سريع لحصاد هذا العام في القدس،نجد أن الحرب على سكانها العرب الفلسطينيين أخذت أبعاداً شمولية،حيث إزدادت عدد البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة،كما وازداد عدد البيوت والعقارات المستولى عليها،والاستيطان تضاعف وتوالد بشكل غير مسبوق،والبيوت المهدومة أيضا تضاعفت عن السنوات السابقة،وكذلك حال المؤسسات الفلسطينية المقدسية،من لم يطالها الإغلاق بأوامر الاحتلال العسكرية،اضطرت بسبب القيود والعراقيل الإسرائيلية على عملها وخدماتها وموظفيها لكي تهجر المدينة إلى خارج حدود القدس،كذلك شرعت المزيد من القوانين العنصرية الهادفة الى أسرلة وتهويد المدينة،حيث القيود المشددة على البناء،وقانون الولاء والذي بموجبه واستنادا له طرد ورحل النائب المقدسي أبو طير الى خارج مدينة القدس،وما زال منذ ستة شهور يعتصم في مقر الصليب الأحمر في القدس النائبان احمد عطون ومحمد طوطح ووزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة على خلفية هذا القانون الذي يريد من المحتل أن يعلن ولاءه لدولة الاحتلال،كذلك تم إقرار قانون الاستفتاء،والذي يجعل من الانسحاب من القدس شبه مستحيل،فهذا القانون يفترض بعد إقراره في الكنيست بأغلبية واحد وستين صوتاً،أن يعرض قرار الانسحاب من القدس على الجمهور الإسرائيلي لرفضه أو إقراره،وكذلك يخطط لإقرار قانون آخر وهو ليس الاكتفاء بأن تكون القدس على حد زعمهم عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ،بل عاصمة لكل يهود العالم أجمع.
أما إذا عرجت نحو الداخل الفلسطيني،فالوضع إن لم يكن شبيهاً بالقدس فهو على نحو أكثر سوء،فالكتل البرلمانية الإسرائيلية ومن مختلف ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي تتسابق على تقديم مشاريع قوانين مغرقة في العنصرية،كلها تستهدف الوجود العربي الفلسطيني هناك،والإستهداف يطال كل مناحي وتعبيرات هذا الوجود من أرض وهوية وثقافة وتراث وذاكرة ووعي،حيث جرى إقرار قانون عزمي بشارة،وسنت وشرعت من قبل العديد من القوانين بهدف كي وعي شعبنا وتقزيم أمانية وطموحاته وكذلك الحد من تطور الوعي السياسي والثقافي لشعبنا هناك ومنع تبلوره كأقلية قومية،فكان هناك قانون منع إحياء النكبة وقانون منع التحريض وقانون فرض مواضيع إسرائيلية على المنهاج التعليمي في الوسط العربي وقانون الولاء لدولة الاحتلال،وليس هذا فحسب بل كانت عمليات إرهاب وبلطجة وزعرنة بحق القادة السياسيين والمجتمعيين في الداخل الفلسطيني،والجميع شاهد عملية الزعرنة والبلطجة بحق النائبة الزعبي والتي وصلت الحد المس بها جسدياً على خلفية مشاركتها وفضحها للأكاذيب الإسرائيلية المتعلقة باقتحام السفينة التركية مرمرة وقتل ستة من ركابها،وهذه السفينة كانت ضمن أسطول الحرية الذي شاركت فيه النائبة الزعبي من أجل فك الحصار عن أهلنا وشعبنا في القطاع المحاصر،وقد تم تجريد النائبة الزعبي جزء من حقوقها البرلمانية على تلك الخلفية،ولم يقتصر الأمر على النائبة الزعبي،بل في إطار سياسة الحد من دور وتأثير القيادات السياسية والمجتمعية جرى اعتقال ومحاكمة الدكتور عمر سعيد والشيخ رائد صلاح واعتقال السيد أمير مخول وغيرهم العشرات.
والشيء الخطير جداً هو أن هناك شيء يدبر في الخفاء لشعبنا في الداخل الفلسطيني،حيث لأول مرة يعقد رئيس جهاز الموساد وكافة الأذرع الأمنية وقادة المؤسستين العسكرية والسياسية اجتماعا مغلقاً بخصوص وضع ومصير شعبنا هناك،والتسريبات الإعلامية عن ذلك الاجتماع تشير إلى نية حكومة الاحتلال طرد وإبعاد العشرات من القيادات السياسية والمجتمعية الفلسطينية،وكذلك العمل على بلورة خطة التبادل السكاني والجغرافي بحق شعبنا .
والحالة الفلسطينية في الضفة الغربية ليس بالأحسن حال حيث الاستيطان يتصاعد ويتكثف ويتواصل،والمستوطنين بدعم وتشريع ومصادقة المستويين السياسي والقضائي وحماية الجيش يشنون حربهم الشاملة على شعبنا،فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن يتعرض أهلنا الى هجمات المستوطنين والتي تصل حد العربدة والبلطجة،فلا يسلم منهم لا بشر ولا حجر ولا شجر،ففي موسم الزيتون الحالي آلاف أشجار الزيتون اقتلعت وحرقت،ناهيك عن سرقة أطنان من محاصيل الزيتون المقطوفة،والكثير من القرى الفلسطينية في شمال الضفة وجنوبها أقتحمها المستوطنون،وعاثوا فيها الفساد والخراب من تدمير للممتلكات إلى قطع الطرق وإغلاقها ومروراً بترويع السكان وإطلاق الرصاص عليهم حيث قتل وجريح العديد من الفلسطينيين العزل جراء ذلك تحت سمع وبصر قوات الجيش الإسرائيلي التي توفر لهم الحماية،وكذلك المناطق المصنفة على أنها (A ) جرى اقتحامها واعتقال ما يسمى بالمطلوبين منها،وكذلك العشرات من المنازل والمحال التجارية والورش جرى هدمها تحت ذريعة البناء غير المرخص أو القرب من الجدار العنصري.
أما حال القطاع المحاصر،فواضح أن حكومة الاحتلال وعلى ضوء ما تمر به من عزلة دولية وجمود في العملية التفاوضية تتجه نحو التصعيد العسكري حيث الغارات والهجمات على القطاع تتصاعد وتتكثف تحت ذريعة امتلاك فصائل المقاومة الفلسطينية لأسلحة ووسائل قتالية حديثة،بما فيها صواريخ تطال تل أبيب وغيرها من مدن العمق في دولة الكيان،وكذلك رغم الحديث والضجيج الإعلامي عن تخفيف الحصار المفروض على القطاع،فما زال شعبنا هناك يحرم من أبسط مقومات الحياة الإنسانية من غذاء ودواء وطاقة،حتى الحالات الإنسانية والمرضية لا يسمح لها بمغادرة القطاع،وتجري مساومتها بالتعامل مع الاحتلال مقابل العلاج ومنحها تصاريح الدخول والخروج،وأيضاً ما دمره الاحتلال من بيوت وممتلكات ومؤسسات ومدارس ومشافي لا يسمح بإعادة إعماره بسبب استمرار منع دخول مواد البناء إلى القطاع.
وحال شعبنا في الشتات ومخيمات اللجوء،لا يختلف عن حال باقي أبناء شعبنا في بقية مناطق الوطن،فمشردي مخيم نهر البارد في لبنان الذي دمره الجيش اللبناني أثناء ملاحقة عصابات جند الإسلام التي لجأت إليه،لم يعودوا إليه حيث عمليات الأعمار تسير ببطء شديد،ورغم تخفيف الشروط والقيود المفروضة على شعبنا هناك لم يجري أي تحسن يذكر على أوضاعهم وظروفهم المعيشية،وكذلك في العراق ما زالوا يطاردون ويقتلون على الهوية،ويجري حشرهم والزج بهم في مخيمات تفتقر إلى أدنى مقومات شروط الحياة الإنسانية،وحالهم في الأردن يؤشر إلى أن بعض الأطراف هناك معنية بإثارة النعرات وإشعال نار الفتنة على خلفية القطرية والمواطن وغير المواطن،وظهر ذلك جلياً في الأحداث المؤسفة التي رافقت فوز فريق الوحدات على الفيصلي.
وإذا ما أضفت إلى ذلك ما تشهده الساحة الفلسطينية من تكريس وشرعنة لظاهرتي الانقسام والانفصال السياسي والجغرافي والصراع على سلطة وهمية لا تمتلك من مقومات ومظاهر السيادة والصلاحيات أي شيء،فإنك تدرك بأن حصاد هذا العام فلسطينياً على درجة عالية من السوء والتراجع،ويؤشر الى أن استمرار ذلك من شأنه الإطاحة بالمشروع الوطني برمته وضياع كل منجزاته ومكتسباته وحقوقه الوطنية.
0 comments:
إرسال تعليق