وفـي المـوت أيضـاً!/ عـادل عطيـة


انها لمأساة إنسانية، ان نفرّق بين الناس حتى في مماتهم، على اساس: دينهم، ولونهم، وجنسهم، وجنسيتهم!
سقطة مهينة، وقعت فيها كبريات الصحف المصرية، وهي تصف بعنجهية، الضحية المسيحي بـ "المتوفي".. بينما تصف في الحدث نفسه، الضحية المسلم بـ "الشهيد"!
أي صحفي هذا، الذي يستغل سلطته الرابعة، فيركل بقدم المتعصب شركائه في الوطن، ويحمل العصا فوق القلوب المتألمة، ويطعم بالملعقة كل تمييز مقيت لأفواه العاقّين الذين لا يؤمنون إلا بالمحبة، وإلا بالتسامح الديني!
أي صحفي هذا، الذي لا يفصل الذاتي عن المهني، ويحمل انانيته، ويستغل ادوات رسالته في حشر الناس في زوايا ضيقة، ويحاربهم في شيء يؤمنون به، عن صورة يقينية، يرسمونها في خيالهم، وينامون!
أي صحفي هذا، الذي لايعرف معنى الشهادة، ومضمونها، وتطبيقاتها في الحياة والناس!
الشهادة، لغوياً، تعني: الخبر القاطع، الذي يشهد به من عاينه.
والشهادة،عقائدياً، تعني في المسيحية: كل من يثبت على ايمانه، وتمسكه بعقيدته حتى الموت.
وفي الاسلام، تتخذ حكمين:
الشهيد في الدنيا والآخرة، وهو من مات في المعركة مقبلاً غير مدبر؛ لإعلاء كلمة الله.
وشهيد في الدنيا، وهو من مات في المعركة مقبلاً وغير مدبر، ولم تكن في نيته إعلاء كلمة الله.
وفي حادثة كحادثة نجع حمادي، كان على الصحفي أن يدرك أن الشرطي المسلم، قتل بالخطأ؛ لكونه متواجداً ـ بالصدفة ـ ضمن مجموعة مسيحية. وان الشباب المسيحي الذين اغتيلوا غدراً، لم يُخيّروا بين انكار مسيحيتهم، أو الموت في سبيلها.
ومع ذلك، كان على الصحفي وصفهم جميعاً بالشهداء، ولو تطييباً لخواطر أهلهم وعائلاتهم، وهو هنا لن يكون كاتباً زوراً، باعتبار أن الذين يقتلون على الهوية الدينية، هم ماتوا شهداء على ما آلت إليه البشرية من تعصب، وخسة، ونذالة!
وفي أقل تقدير، باعتبارهم، انهم سقطوا على الشاهدة أي الأرض!
أتمنى على المؤسسات الصحفية، التكفير عن اخطاء الاداء السلبي لصحفييها، بتثقيفهم، وتدريبهم على الحيادية، والحس الإنساني النبيل.
ومعاقبة الذين يصرّون على أن لا يعرفوا، أن الصحفي ضمير شائع، وقد يدركه الخلل الشائع في الضمائر، فإذا مرض ضميره، وتركه هكذا يستشري في نفسه، وعلى الورق؛ فانه يعيث بقلمه فساداً وإفساداً في القلوب والمشاعر!

CONVERSATION

0 comments: