المتكلمون الكرام،
الصديقات والاصدقاء،
أسعد الله مساءكم،
بعد هذا الكلام الرائع الذي سمعته اليوم، لن أتحدثَ عن الكتاب. فكل ما سأقوله سيبقى دون شهادة متحدثينا المبدعين. سأقفز فوق البروتوكول وأتكلم عن المتكلمين أنفسهم.
أبتدىء بالصديقة الرائعة شاديا جدعون حجّار. فهي تتقن فن العطاء الى أقصى الحدود. تدعم من تراه يستحق الدعم بغض النظر عن أي شيء آخر. لا أعرف مناسبة، وما أكثرها، اشتركت فيها شاديا إلا واوصلتها الى حدود الاحتراف المذهل. يكفيها نشاطها مؤخراً في ميراث في البال. الجسر الحضاري الذي تبنيه شاديا مع رفيقاتها الرائعات. تصوروا معي الف طالب وطالبة من خلفيات عربية يتحركون على المسرح. مولودون في استراليا ويتحاورون باللغة العربية، يغنون، يمثلون ويحيون تراثاً كاد يتخلى عنه الجميع. شاديا شخص في مؤسسة ومؤسسة في شخص.
الدكتورة نجمة حبيب: كنت اعرفها بالاسم والصوت والقدرة من خلال مقالات لها في الصحف المحلية ومن خلال مقابلات من اذاعة الاس بي اس حول الادب الاسترالي والتي كتبت عنه كتاباً بعنوان: من استراليا وجوه ادبية معاصرة. حضرت الدكتورة نجمة امسية كتابي الاول. بعد أيام كتبت مقالة من خمس صفحات نشرتها في مجلة الكلمة وفي ديوان العرب. كان نقدُها لكتابي اعمقَ نقد وأصدقَه. لم تجامل. قيَّمت بمهنية راقية مبدعة. أشارت الى ما اعتبرته ايجابيات كما أشارت الى ما اعتبرته سلبيات. وفي الحالتين كانت صادقة. اعتبرت نقدها وساماً أصيلاً لا زيف فيه. نجمة حبيب كاتبة وناقدة وباحثة اكاديمية ومحاضرة جامعية ومتواضعة الى اقصى حدود التواضع. وهي قبل كل هذا اديبة مبدعة...
الدكتور جميل الدويهي: جمعتني بجميل قرابات كثيرة منها قرابة المكان حيث جمعتنا الاقامة في شكا لسنوات جميلة طويلة. وقرابة الدم فهو صهر تنورين ايضا. جميل شاعر مبدع له قصائد رائعة وكتب ادبية متعددة. وصاحب موقع أفكار اغترابية الالكتروني الجديد. أصدر مؤخراً "في معبد الروح" وهو كتاب فكري حافل بالتأملات الفلسفية والمواقف المبدأية بشؤون الحياة المختلفة. قال فيه أحد أصدقائي، بعد أن سمعه يقدم امسية ثقافية، انه يمكنه ان يكون مقدم برامج من الدرجة الاولى في اكبر الفضائيات العربية لما يتمتع به من ادب وذوق ومعرفة ولياقة ولغة جميلة وثقاقة واسعة. جميل واحد من كثيرين لم يأخذ مكانه الذي يستحق في جاليتنا.
الدكتور بول طبر: رفيق العمر الاسترالي ورفيق العمر كلِّه. رفيق معظم المحطات التي توقف بها قطار الحياة. وقفة تقصر هنا، وتطول هناك. وسنبقى نتنقل، بين محطات الحياة، في قطار خياراتنا الديمقراطية، الوطنية العلمانية الواضحة رغم أنف كل الدواعش، وطالما بقي القطار قادراً على الحركة. رغم عمل بول في بيروت بعيداً عن الجالية إلا انّه يركِّز في ابحاثه وكتاباته الكثيرة على أوجاع هذه الجالية وعلى آلامها وآمالها. بول قيمة فكرية كبيرة تُضاف الى قيم كثيرة تذخر بها هذه الجالية المعطاء.
ومسك الختام صديقي منذ أكثر من ألف عام الدكتور رغيد النحّاس. تعرّفت الى رغيد من خلال مجلته الراقية كلمات والتي تبقى رغم توقفها ارقى مجلة صدرت بالعربية والانكليزية في استراليا وتنافس اعرق المجلات الادبية في العالم العربي. كانت معرفتي الشخصية به لا تتعدى المرحبا والسلام السريع في مناسبات قليلة معدودة. حضر رغيد امسية اطلاق كتابي الاول. بعد أيام تلقيت منه رسالة الكترونية يشيد بالكتاب ويختمها بقوله: تمنيت لو عرفتك منذ حضوري الى سيدني لكنا تشاركنا في مواقف كثيرة... وصدّقت ما كتب رغيد فأشركته في محطات كثيرة مرَّ بها كتابي هذا. أو بالاحرى أشركني هو ببعض محطات كتابي. لم يترك رغيد فاصلة أو شدة أو حركة إلا وأقعدها في مكانها. أهتم بكل التفاصيل الجمالية من الغلاف الى الغلاف. كان همه أن يخرج الكتاب بأجمل حلّة ممكنة وصدق رغيد... اضافة فهو مفكر انساني نادر وكاتب مبدع أصدر مؤخراً كتاب طل وشرر والذي لم يحظَ بتغطية اعلامية تناسب قيمته.
أيها الصديقات والاصدقاء، هذا لا يعني ان شاديا ونجمة وجميل وبول ورغيد، وأنا أيضاً، منزَّهين عن الاخطاء والسلبيات. لكنني تكلمت عن بعض ايجابياتهم اليوم لأصل الى الخلاصة التالية: لماذا لا يأخذ المبدع في جاليتنا المكان الذي يستحق؟ أين إعلام الجالية يسلط الضوء عليهم؟ أين مؤسسات الجالية الثقافية تهتم بالمبدعين الجديين بدل التلهي بالاستعراض والصور والمحسنات؟ أين الدعم والتشجيع لما يقومون به؟ والى متى سنبقى نغرِّد خارج السرب؟
شاديا ونجمة وجميل وبول ورغيد انتم من مبدعي هذه الجالية. شكراً لعطاءاتكم والى المزيد.
ايها الصديقات والاصدقاء انتم القيمة الكبرى لهذه الامسية و بدونكم لا قيمة لاية امسية. فشكراً لحضوركم.
جورج الهاشم 2015/07/06
0 comments:
إرسال تعليق