إنهم يُحرجون الرئيس/ رأفت محمد السيد

أتعجب كل العجب من القرارات غير المدروسة التى تصدر من ساسة مصر الحاليين بالحكومة ، فرجل السياسة يتميز عن غيره بأنه لايصدر قرارا إلا إذا دَرس جيدا كل النتائج التى قد تترتب عليه ، وردرود الأفعال المتوقعة من إصدار هذا القرار والإجراءات المطلوبة لمواجهة ردود الأفعال ثم يختار القرارالأكثر حكمة والأقل مرودا على الناس وهو مايعكس الفرق بين رجل السياسة الذى يسُوس أى يقود بوعى وروية لأنه يخاطب عقولا تحمل أفكارا بوعيه وحنكته .

وأسرد على سبيل المثال لاالحصر بعض الأزمات التى ساقتها لنا الحكومة الحالية لعدم إدراكها تبعات قرارتها وأولها  الدعاء الذى فجره الشيخ محمد جبريل في مسجد عمرو بن العاص في صلاة القيام ليلة القدر والذى صنعوا منه أزمة ذاعت وانتشرت فى كل انحاء مصر والبلاد العربية ، وكان يمكن أن ينتهى الأمر عند الحضور ببضعة ألاف لصلاة التراويح فقط  ، ثم يتم التفكير بمنطقية وعقلانية فى الإجراءات التى يمكن إتخاذها مع الشيخ بعيدا عن الدعاء ؟! وهم محترفون فى مثل هذه الأمور ، لكنهم لايدركون أنهم يشعلون نار الفتنة من جديد ، ويحرجون رئيس الدولة الذى قد يشار إليه بالبنان من البعض بأنه يوافق على مثل هذه الإجراءات مع انه قد يكون بريئا منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ( والله أعلى واعلم ) بالنوايا ، لكنهم وأقصد أصحاب تلك القرارات غير المدروسة يذكرونى بقصة الدبة التى أرادت أن تدافع عن صاحبها أثناء نومه  من ذبابة وقفت على جبهته ، فالقت عليها بحجر فأردت صاحبها قتيلا ، حتى أنهم أعطوا الفرصة للقيل والقال وصنعوا بعدم إدراكهم  بطلا لم يدع البطولة وهو الشيخ جبريل دون أن يشعروا هم يظنون بتصرفاتهم بأنهم الأكثر حبا للرئيس والأكثر دفاعا عنه، وهم لايعلمون أنهم أكثر من يسيئون إليه ، ويسببون له حرجا بمثل قرارتهم العجولة. 

وفى نفس السياق يفتعلون ازمة أخرى بدون لازمة !! وهى  أزمة لاعب كرة القدم لفريق وادي دجلة والزمالك سابقا أحمد الميرغني، الذي انتقد رئيس الجمهورية فى أحد أحاديثة ، لاأحد قادر على ان يغلق الافواه ياسادة ، ولااحد فوق النقد مهما بلغت قوته وسلطته ،والميرغني شاب يملاه الحماس ، وقد يكون اكثر وطنيه ممن ضيعوا مستقبله لمجرد أنه عبر بعفوية عن رأيه، مع العلم بأنه قد لا يكون مدركا لكل تفاصيل المشهد السياسي المعقد، أو يكون مغررا به مثلا ، لذا يأتى دور رجال السياسة فى توضيح الامر لشاب صغير ولإثبات أن حرية التعبير عن الرأى امر مشروع أقره الدستور ، وليس كلام  مكتوب على ورق وبين حالة محمد جبريل الذي استغل وجوده على منبر واحد من بين أهم مساجد مصر كي يحوله إلى وسيلة في معركة الإخوان ضد الحكومة وغالبية المجتمع. 

والأزمة الثالثة التى لايعلم أحد عقباها إلا الله مباراة فى كرة القدم ، مباراة عادية بين قطبى الكرة المصرية الأهلى والزمالك صنعوا منها ازمة بقرار غير مدروس فى حسن إختيار المكان الذى تلعب على أرضه بلعبها على أرض الجونة بالغردقة وإعطاء الفرصة للخلاف وعودة الألتراس للمشهد مرة اخرى ، فنحن مازلنا نترحم على شهداء مذبحة بور سعيد الذين لم تجف دمائهم حتى هذه اللحظة ولم يتم لهم القصاص حتى الان ، هل يريدون مذبحة جديدة لمجرد مباراة عادية ، وهل يعجز الامن المصرى عن تأمين مباراة بدون جمهور فى استاذ مثل برج العرب مثلا ولانعطى الفرصة لاحد أن ينال من إستقرار وأمن مصر فى ظل هذه الظروف الصعبة التى نعيشها الان !!!

لقد صارالانطباع السائد بين الناس بسبب التسرع فى إصدار القرارات غير المدروسة مثل منع الشيخ محمد جبريل من الخطابة  بأن الدولة تحاسب الناس على نواياها، بل وجعلت البعض يسأل: ولماذا تغضب الحكومة عندما يتم الدعاء على الظالمين؟! وأرى من وجهة نظرى المتواضعة أن الحكومة قد أخطأت خطأ جسيما في هذه القضية، فقد كان أمامها أكثر من  طريقة لمنعه من اعتلاء المنبر من الأساس ! ولكن هم طبقوا المثل الذى يقول ( ماشافهمش وهم بيدعوا فالحكومة تطوعت بالإعلان للناس ) - كما أن الشاب الذى فسخ فريق دجلة عقده لتعبيره عن رايه وأعتقد ان هذا الامر لم يصدر من إدارة النادى بمحض إرادتهم فضلا عن أن اللاعب لن يرى النجيلة الخضراء فى أى نادى اخر خشية البطش بهم وبهذا يكون مستقبل الولد قد ضاع لمجرد التعبير عن رايه !

مصر فى حاجة إلى حكماء ياسادة فى هذه المرحلة الحرجة التى لم نعد نعرف فيها من على حق ومن على باطل ولكن كل مااخشاه ان تاتى تصرفات المسئولين بالحكومة بأثر عكسى على الشارع المصرى ، فالذى يعمل ويكد وله هدف سامى نبيل لايخشى من دعاء أحد عليه إلا إذا كان يرى أنه هو المقصود وانه ظالم بالفعل أو قاتل ، الظلم والقتل عقابهما عند الله فاتركوا لله الحكم فى الاخرة مادامت الحقيقة قد ضاعت فى الدنيا بفعل فاعل ؟ حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم

CONVERSATION

0 comments: