ثلاث عمليات في وقت واحد لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) انتهت كدعاية إعلامية للتنظيم دون أن يكون لها تأثير ملحوظ على واقع الدول المعنية بها، باستثناء سقوط العشرات من الضحايا الأبرياء.
تفجير مسجد للشيعة في الكويت وهجوم احد أفراد التنظيم على السياح الأجانب في تونس منح السلطات الكويتية والتونسية فرصة الاستنفار وملاحقة ما تبقى من أفراد التنظيم. أما اقتحام مصنع للغاز في مدينة "سان كانتا فالأفيية" فقد منح الحكومة الفرنسية ذريعة جديدة للتجاوز على الديمقراطية وتضيق الخناق على المسلمين فيها.
في خضم اللعبة الدعائية لتنظيم الدولة ومحاولات عولمة مشروعه بزعزعة الأمن الداخلي للدول، لا يجد سنة العراق، المتهمين بكونهم بيئة حاضنة للتنظيم، مفرا من إستراتيجية جديدة تضمن لهم التكافؤ النسبي مع القوى المتناحرة على أرضهم. إستراتيجية تحميهم من الإبادة تحت وطأة المشروع الإيرني الطائفي وتحفظ حقوقهم من الضياع والتشتت في سلبيات المشروع التكفيري.
لا بد من خيار الأقاليم لإخماد الحقد الطائفي الذي تعول علية إيران للسيطرة على المناطق السنية وفتح بواباتها أمام مشروع ولاية الفقيه وعبوره إلى الوطن العربي، ولا مفر من شر التقسيم ليفقد تنظيم داعش الأرض التي يقف عليها كمنطلق لمشروعه التكفيري في المنطقة.
ليس هناك واقع دموي مشؤوم يدعو يستوجب التقسيم أكثر من الواقع العراقي الذي تُباد طوائفه بين شهوة الولي الفقيه للسلطة وتنظيمات إرهابية كشجرة زقوم نبتت وأثمرت في دوائر المخابرات. التقسيم واقع على الأرض ترفض حكومة الأحزاب التابعة لإيران الاعتراف به رسميا والعمل بمقتضياته الدستورية والقانونية أسوة بإقليم كردستان. ما هي دلالات شرط الكفيل الذي فرضته قيادة عمليات بغداد على النازحين من الأنبار إلى بغداد سوى أن التقسيم واقع حال الدولة العراقية؟ كيف تُفٓسر عبارة " الطيار سيد من جماعتنا" التي صدرت من محافظ بغداد لتبرير حادثة سقوط قنبلة من طائرة سوخوي حربية على احد الأحياء السكنية في بغداد؟ ليس هذا فحسب وإنما تثير برلمانية معروفة بولائها لقائد الحرب الطائفية في العراق نوري المالكي ضجة إعلامية تطلب فيها من القائد العام للقوات المسلحة تشكيل لجنة تحقيقية تضم خبراء من خارج وزارة الدفاع، على اعتبار أن وزارة الدفاع تابعة للمكون السني، للتحقيق في حادثة قصف حي سكني شيعي بسبب خلل فني معربة عن مخاوفها من أن يكون سلاح الطيران مخترق من قبل تنظيم داعش. إذا كان قصد السيد محافظ بغداد بمفردة " جماعتنا" الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها، وإذا قصدت السيدة النائبة بمفردة " داعش" الطائفة السنية، ولا أظنه غير ذلك، ألا يعني بأن البلد خاضع حكوميا لحالة التقسيم الطائفي؟
رفض الحكومة العراقية الاعتراف بالتقسيم والإعلان عن الإقليم السني رسميا يفرض على الجهات التي تطرح نفسها في المحافل السياسية كممثل للعراقيين السنة أن تنفق وتعمل على انبثاق الإقليم ذاتياً دون الحاجة إلى موافقة الحكومة للاعتراف به.
الحكومة التي تغض الطرف عن الدماء الشيعة التي تُسفك على يد تنظيم داعش بمسميات جهادية مقدسة خدمة للمشروع الإيراني لا تمتلك حق تكبيل السنة وتركهم ضحية إما للبراميل المتفجرة أو نصل سكاكين الدواعش. إذا كانت الحكومة ترفض تسليح السنة وتفضل تسليح داعش بأسلحة الجيش المنسحب من مناطقهم وأمريكا تماطل في تسليحهم وتفضل تسليح الحكومة، لماذا لا ينأى السنة بأنفسهم عن هذه الحكومة، يسلحوا أنفسهم ويدافعوا عن بيوتهم بعد أن صار المشروع الوطني بسبب الفوضى الدموية لإيران والدواعش في المنطقة مثل حلم ابليس بالجنة.
0 comments:
إرسال تعليق