الأقباط ومليونية جمعة الغضب/ مجدي نجيب وهبة


** فى مقالنا السابق بعنوان "بلال فضل ورغبة الإنتقام ومليونية التحرير" ، وكما توقعت أن تنطلق الهتافات المدوية بإعدام مبارك ثم المطالبة بتفعيل دور الشرطة وتأجيل الإنتخابات البرلمانية حتى تتمكن الأحزاب من تكوين أعضاء يؤمنون بأفكارهم ولم نسمع عن دور للأقباط فى هذا المحفل ومما يثير الدهشة أن يكتب أحد الأقباط أن تعداد الأقباط وصل إلى 50 ألف علما بأن مجموع المتواجدين بأكملهم فى ميدان التحرير لم يتعدوا المائة ألف وربما كان أقل بكثير وهو ما يؤكد رؤيتى أن الدولة تسير فى طريق الإخوان ولست أدرى ما مغزى الهتافات التى إنطلقت عقب هذه الوقفة لتعلن الإنتصار العظيم للأقباط وإنكسار الإخوان فما هو الإنتصار الذى تحقق ولا نعلمه ، هل تم فتح الكنائس .. هل تم إقرار قانون بناء دور العبادة الموحد .. هل تم تحجيم القنوات التليفزيونية التى تسئ للأقباط .. هل تم تفعيل القانون من أجل النيل من الذين أساءوا للأقباط والذى تعودناه من السلفيين .. هل تفاعل أحد من المجلس المؤقت للوزراء مع هذه المظاهرة .. هل حضر أحد مندوبين المجلس العسكرى للتحاور مع المتظاهرين لتلبية طلباتهم .. هل أفرج عن الأقباط المعتقلين والذى قبض عليهم ظلما بقصد تنازل المعتدى عليهم فى مقابل إطلاق سراحهم .. هل تم تعويض أسر الذين قتلوا أبنائهم .. هل تم تعويض أسر الذين سلبت أموالهم وحرقت منازلهم .. هل تم الإفراج عن المظلومين الذين قبض عليهم فى ماسبيرو وإمبابة والعمرانية وجميع الأحداث التى هجم فيها الأقباط هل تم القبض على مفجرى كنيسة القديسين بالأسكندرية ليلة رأس السنة "بل بالعكس تم حفظ التحقيق لعدم وجود متهم واحد".. والكثير .. والكثير .. والكثير .. ولا أريد أن أكون داعيا للإحباط للذين يندفعون وراء شعارات وهتافات لن تؤدى إلى حل أى مشكلة ولكنى أتكلم بموضوعية على أرض الواقع .. أقيمت المظاهرة ولم تسفر إلا عن طلب واحد هو ضرورة محاكمة مبارك وهنا أقول ماذا يعنينا فى أن يعدم مبارك أو لم يعدم .. هل إعدام الرئيس السابق تجعل الصدور تهنأ وتدار عجلة الإنتاج وترتفع أسهم الدولة وتسدد ديوننا .. إن ما تم من تظاهرات 27 مايو هو نفس السيناريو الذى تم فى العراق .. صراخ وفوضى وغوغاء ثم محاكمات تم بثها مباشرة عبر وسائل الإعلام لإعدام صدام وكل وزرائه العاملين معه ولم تتغير العراق بل إنهارت دولة بأكملها ومازال يسقط يوميا مئات الضحايا فالدولة تعيش على بركان من الفوضى والدمار والخراب وهو نفس مطالب الذين تظاهروا 27 مايو .. هل هذا ما يسعى إليه الشعب المصرى وأقباط مصر أن تكون المظاهرات هى محاكمة رؤوس النظام السابق هى أولى المطالب .. أم تنطلق المظاهرات والإعتصامات للمطالبة بالمواطنة والحرية وفتح الكنائس المغلقة .. ماذا إستفدنا منذ إندلاع ثورة 25 يناير حتى نظل نصرخ بنفس المطالب السابقة منذ 40 عاما ومازلنا نصرخ بها دون أدنى إستجابة من أحد بل أن الأمور زادت سوء وهدمت الكنائس وحرقت البعض وأصبح مسلسل خطف البنات يوميا والشارع يشتعل بالطائفية ولم يعد أمام الإعلام المصرى والصحف المصرية وجميع الكتاب وجميع القنوات الفضائية إلا الكذب والتضليل وتأليف القصص للطعن فى الأقباط هذا بالإضافة إلى الإستضافة اليومية على جميع الفضائيات لجميع رموز الإرهاب والقتلة الذين أفرج عنهم مؤخرا لتلميع الإخوان والسلفيين حتى تحولنا بقضايانا ليس بالمطالبة بالحقوق بل بالدفاع عن الجرائم التى ترتكب ضد الأقباط والكنيسة وإنزوت بعض الأقلام للمسلمين المعتدلين الذين تعودنا معهم الدفاع عن قضايانا أن يتواروا خجلا وهم يتكلمون عن المواطنة ولا يجدون صدى لكلماتهم إلا فى البحث عن الندوات التى تعقد داخل الكنائس أو الإجتماعات المهمشة ، وليس فى الإعلام المقروء والمسموع أوالمرئى.. نعم إن هناك إستئصال لكل الأفكار التى دأبت على محاربة الفكر الظلامى والإرهاب .. تحولت بعض الوجوه لتجلد كل من تجرأ على محاكمة الإرهاب وتجريدهم من أفكارهم الدنيئة وكشف جرائمهم وفضح أيديهم الملطخة بالدماء منذ قيام ثورة 1952 وما قبلها وهم مازالوا يمارسون نفس الخساسة والكذب والتضليل فما هو الجديد على أقباط مصر منذ إندلاع ثورة 25 يناير وهذا السؤال أوجهه للواهمون والمزيفون الباحثون عن القصص الخيالية والأساطير الفكرية .. أدعوهم إلى النزول إلى الشارع المصرى والتحدث من خلال أرض الواقع .. كيف أصبحنا الأن وليس بالأمس .. كيف يتعامل الإعلام مع قضايا الأقباط .. كيف تتعامل الصحف مع قضايا الأقباط .. كيف تندلع الفتنة لتدمر ثلاث كنائس وتقتل 15 مواطن بسبب إحدى الداعرات التى أشهرت إسلامها لتبحث عن لذات جسدها وتترك ورائها أولادها وزوجها .. كيف تعامل الإعلام المصرى معها .. لماذا لم توقف الدولة هذه المظاهرات التى نظمها السلفيين وتعرضهم للكنيسة والأقباط بألفاظ بذيئة وإصرارهم على المطالبة بكاميليا شحاتة .. وأتساءل من هى كاميليا شحاتة وهم يدعون أنها أختهم .. أين هى الدولة للقبض على السفلة ولماذا لم يحاسب سليم العوا حتى الأن وهو الذى أطلق إشاعة أن فى الأديرة والكنائس أسلحة وفتيات مختطفات ، ثم عاد وإعتذر وتلون كالحرباء وعاد وأكد هذه االأكاذيب ثم يعود ويدعى البراءة وصارت فتواه قانونا شرعيا يمارسه بعض المتخلفين للمطالبة بإقتحام الكنائس والأديرة .. من زعم أن هؤلاء هم على حق فيما يفعلون .. لماذا لم يتم القبض عليهم ، هل يجوز أحد الأقباط أن يطالب بالتفتيش على منازل مشايخ الأزهر وحرمات مخادعهم ومساجدهم .. أعرف جيدا أن المساجد لا توجد بها سوى منبر للصلاة وربما غرفة أوغرفتين ودورة مياه ، فهم بالتأكيد لا يمانعوا ولكن الكنائس لها قدسيتها كما لمنازل الأقباط وكهنتهم قدسيتها ، وإذا فكر أحد من هؤلاء المتخلفين أن يقتحم كنيسة أو دير بغرض التفتيش فهذه تكون نهاية هذه الدولة الإرهابية .. هذه هى قضايانا يا أقباط مصر .. نحن لا يعنينا محاكمة النظام أو العفو عنه ولكن يعنينا أن تحل مشاكلنا التى نصرخ بها منذ أربعون عاما ، ولم يتغير شئ حتى الأن وقد كررت هذه الجملة أكثر من مرة .. ويبدو أنكم مصرون لا تفهمون وأن تقودون إلى الدمار والتخريب .. فماذا تنتظرون .. هذا عار عليكم وعار على كل الذين يطالبون بالتظاهر دون وضع حد لهذه الفوضى التى نعيش فبها ..
** نرجو أن ننتبه لتصرفاتنا وكلماتنا التى لن يستفيد منها سوى الإرهابيين والمرضى نفسيا والوصوليين وأنصاف المتعلمين والجهلاء .. لا تجعلوا من ثورتكم مادة للتنكيت بها فى الصحف فنحن لدينا مشاكل عديدة لم تحل مشكلة واحدة منها .. حددوا مطالبكم وقفوا صفا واحدا وإلتحموا جميعا فى هذه الأيام الرديئة وتلك الظروف التى سقطت فيها جميع الأقنعة عن الوجوه وأصبح الإضطهاد علنا ومحاربة الكنيسة ظاهرة علنية يمارسها جميع المسئولين ووسائل الإعلام وجميع الصحف دون إستحياء وقد قرأنا بالوفد منذ أيام قليلة ماذا كتب عن فتاة معتوهة إدعت كذبا أنها خطفت وأجبرت على تلاوة بعض كلمات الكتاب المقدس وأجبرت على وشمها بالصليب ... كان يكفى أن تكون هذه دعوة من جميع الأقباط ضد الجريدة .. ماذا فعلتم .. هل هناك دعوة قدمت للنائب العام .. هل هناك دعوة لغلق هذه الجريدة .. هل خرج الأقباط للتظاهر من أجل غلق هذه الجريدة الإرهابية كما حدث فى جريدة النبأ سابقا .. ماذا جرى لكم .. السياط تلهب ظهورنا واللعنات تصيب أولادنا وخطف الفتيات أصبح ظاهرة علنية .. وللأسف الشديد الجميع صامتون مغيبون وكل الذى يشغلنا هو الخروج للإعتصامات والتظاهر ومن يكون القائد لهذه الوقفات الإحتجاجية ؟ ..
** إن تظاهر جمعة 27 مايو لم يسفر عن فضح دور الإخوان ولكن الحقيقة أن الإخوان كسبوا فى هذه الوقفة فقد بدوا أنهم أكثر حرصا على مصلحة الوطن ومراعاة للظروف التى يمر بها الإقتصاد المصرى ووقع الجميع فى الفخ ، والفخ الأكبر هو إعلان المجلس العسكرى عن عدم التواجد حتى يتجنب الإحتكاكات التى ربما تنشأ عن الإنفلات الأمنى بينه وبين بعض المواطنون وهو ما يؤكد أن المجلس العسكرى سمع للإخوان ولم يسمع للذين تظاهروا يوم 27 مايو .. دعونا من هذا وذاك وإجعلوا أولوية المطالبة بحقوق الأقباط هى طريقنا الوحيد لحياة كريمة لنا ولأبنائنا .. وفق الله الجميع .

CONVERSATION

0 comments: