المجلس العسكرى "واخد" مصر على فين؟/ مجدى نجيب وهبة


** نعم إنه السؤال الذى يراود ملايين المواطنين من أبناء هذا الشعب العظيم ، فما يحدث فى مصر الأن يثير الخوف والقلق ونحن نرى جماعة الإخوان المسلمين وجماعة "طظ فى مصر" قد فرضوا تواجدهم فى الشارع وفى الإعلام المسموع والمرئى وفى الصحف بكافة توجهاتها وفى الندوات الفكرية والسياسية .. هذا بجانب ما نجده من تأييد مستمر من الدول الغربية والمحرضة على إشعال الفتن فى منطقة الشرق الأوسط ، وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية ... فقد بارك أوباما وصول الأخوان المسلمين إلى الحكم وقرأنا له عدة تصريحات بذلك ، كما شاركته هذه التصريحات هيلارى كلينتون وإنطلق العديد من زعماء العالم يؤيدون وصول الإخوان إلى الحكم فى مصر وكأنهم أوصياء على الشعب المصرى أو كأنهم هم الذين يحددون لنا المستقبل حتى لو كان مستقبل ملئ بالسواد والخراب والدمار فماذا يعنيهم ومع ذلك نحن نتساءل هل جماعة الإخوان المسلمين جماعة محظورة أم جماعة غير محظورة ، ونحن نعلم أنه حتى وقت قريب أنهم جماعة محظورة بحكم القانون والدستور منذ قيام ثورة 23 يوليو 1952 ، لكن دعونا نتوقف قليلا .. فقبل إنهيار النظام السابق وتخلى حسنى مبارك عن السلطة دعى النائب عمر سليمان الإخوان المسلمين وجميع الأحزاب السياسية لحوار للتفاوض حول مطالب الشعب وقبلت معظم الأحزاب الجلوس على مائدة الحوار ولكن الإخوان حينما شعروا بضعف النظام فكان لهم رأى أخر فقد رفضوا الحوار وقالوا لا تفاوض مع النظام قبل الرحيل .. أما عن رأى بعض الصحف فى الإخوان المسلمين أثناء التظاهرات والوقفات الإعتصامية بميدان التحرير فإليكم بعض النماذج :
• جريدة المصرى اليوم 3 فبراير .. كتبوا "قالت إحدى المتظاهرات أنها إنضمت إلى مظاهرة التحرير طوال الأيام الماضية وكانت مطالب المتظاهرين تطالب بإصلاحات سياسية واضحة وقد أقرها الرئيس مبارك إلا أنها لاحظت توافد مندسين من تيارات سياسية وإسلامية تحرض على الفوضى ولا تعبر عن نبض الشارع .. لذلك قررت الإنسحاب من الميدان" .
• عقب خطاب الرئيس 2 فبراير .. إنقسم المتظاهرين فى ميدان التحرير حول الخطاب .. بدأت أعداد غفيرة فى فض الإعتصام ومغادرة الميدان فى الوقت الذى واصل الإخوان إعتصامهم ورفضوا مغادرة الميدان ثم إستولوا على مسجد عمر مكرم وإنتشروا بين المتظاهرين لحثهم على الإستمرار ..
• جريدة الدستور 3 فبراير .. مؤامرة خارجية لإغتيال مصر أمنيا وسياسيا من خلال نشر سيناريو الفوضى فى البلاد وذلك بإستخدام عناصر خارجية للقيام بعمليات تخريبية بإستغلال حالة الفوضى الأمنية التى تمر بها البلاد فى بث الرعب والفزع والتمهيد لتدخل قوى خارجية وقال شهود عيان أن هناك أعداد كبيرة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين شوهدت وهى تحث المتظاهرين على عدم ترك ميدان التحرير قبل رحيل الرئيس مبارك .
• روزاليوسف 3 فبراير .. المعارضة تشيد بخطاب الرئيس وتتهم الإخوان بإستغلال مظاهرات الشباب ..
• الأخبار الجمعة 4 فبراير .. أكد الرئيس حسنى مبارك أنه مستاء جدا من الإشتباكات التى جرت فى ميدان التحرير وأنه لا يريد أن يرى المصريين يقاتلون بعضهم البعض ونفى مبارك مسئولية الحكومة عن أعمال العنف محملا جماعة الإخوان المسلمين المسئولية ..
• المصرى اليوم 4 فبراير .. الألاف يخرجون للمظاهرات ومسيرات بالمحافظات لتأييد مبارك تحت شعار "مصر فوق الجميع" وألاف المعارضين لمبارك يجددون مظاهراتهم فى 4 محافظات ويستعدون لجمعة الرحيل – مصرع 4 وإصابة 30 فى إشتباكات بين مؤيدى ومعارضى الرئيس بالشرقية – الإخوان يجددون رفضهم التفاوض ويؤكدون إستمرار مظاهرات التحرير حتى رحيل مبارك .
** هذه بعض العناوين البسيطة والتى إمتلأت بها الصحف قبل أن تصاب بحالة الأسلمة وتتحول إلى أبواق لجماعة الإخوان المسلمين ..
** فى جمعة 27 مايو دعت جميع المنظمات وجموع من الشعب والأحزاب الليبرالية الخروج فى مليونية لتصحيح مسار الثورة التى بدأت تنحرف عن مسارها وإقرار تعديلات دستورية لم يستفتى الشعب عليها والإحساس بشعور عام أن هناك توجيهات بالإسراع فى إتمام العمليات الإنتخابية البرلمانية دون أن تكون هذه الأحزاب مستعدة لخوض الإنتخابات البرلمانية وأن المعنى لإجراء هذه الإنتخابات بهذه السرعة سيكون فى صالح الإخوان وليس فصيل أخر وهو ما جعل الجميع يتساءلون هل الثورة التى إندلعت للتعبير عن أحلام المواطن المصرى للتطلع إلى أمال جديدة والقضاء على حفنة من الفساد والإرهاب هى ملك للشعب أم هى ملك لأخرين فإذا كانت ملك للشعب فهو الذى يقرر ما يريده وليس ما يريده المجلس العسكرى ..
** نعم لم يفرض علينا جماعة الإخوان المسلمين أو أى جماعة أخرى تحيط أفكارهم بالسواد والدموية فالدولة المدنية مسألة حياة أو موت ولا بديل عنها .. وطن واحد وعلم واحد ونشيد واحد وحاكم مصرى وليس سنغافورى أو ماليزى .. فلا مستقبل لهذا الوطن إلا بترسيخ دعائم الدولة المدنية وتحصينها بالقانون والدستور وسلطات الدولة وتجريم كل من ينادى بالدولة الدينية أو ينافق جماعة الإخوان المسلمين ويدلس لها ويبرر الدعاوى المسمومة التى تعود بالبلاد إلى عصور الردة والظلام .. نعم لا بديل للدولة المدنية التى ترسخ المواطنة والحقوق المتساوية بين أبناء الوطن مسلمين وأقباط .. دولة ترسخ فيهم حب الوطن والإستعداد للتضحية من أجله بالأرواح والدماء .. نعم لا بديل للدولة المدنية التى تحترم تاريخنا وحضارتنا ولا تفعل فيها مثلما فعلت طالبان فى الأثار القديمة .. دولة مدنية لا تثير الفتن حول هويتنا وهل هى فرعونية أم مسيحية أم إسلامية ؟ .. فمصر هى كل هؤلاء فيهم رائحتها وعرقها وإرتووا من نيلها العظيم ، أما الإخوان فهم يريدون العودة بنا إلى الوراء وإلى كهوف الظلام .. إلى دولة السيف والمقصلة والكرباج والسياف والجلاد .. دولة لا يحكمها دستور ولا قانون بل طاغية يرتدى عباءة الدين ويطلق لحيته وترتدى نسائه الشادور والنقاب ثم يحدثنا عن الثعبان الأقرع وعذاب القبر .. ينزل عليه الوحى من السماء فيشير بأصابعه ليطيح برأس هذا ويدفن ذاك .. وحتى لا ننسى جرائمهم منذ قيام ثورة 23 يوليو .. لقد تحالفوا مع الإنجليز ضد الثورة فبعد إلغاء معاهدة 1936 فى أكتوبر 1951 وإعلان الكفاح المسلح ضد الإنجليز فى القناة قال "الهضيبى" مصرحا للجرائد أن أعمال العنف لم تخرج الإنجليز من البلاد ثم خاطب فى شباب الإخوان قائلا "إذهبوا وإعتكفوا على تلاوة القرأن" .. وقامت ثورة يوليو 1952 وتأمر الهضيبى والإخوان على الثورة وبشكل خاص على جمال عبد الناصر وخططوا لإغتياله عام 1954 ، وقد لخص السادات موقف الإخوان مع الثورة فى البيان الذى ألقاه بخصوص حل الجماعة عام 1954 وقال "من يوم قيام الثورة ونحن فى معركة لم تنتهى بعد .. معركة ضد الإستعمار لا ضد المواطنين وهذه المعركة لا تحتمل المطامع والأهواء التى طالما نفذ الإخوان من خلالها ليحطموا وحدة الأمة فلا تقوى على تحديد أهدافها" .. وفى حوار المرشد مع جمال عبد الناصر طالبه بتطبيق أحكام القرأن فى الحال فرد عليه جمال عبد الناصر أن هذه الثورة قامت حربا على الظلم الإجتماعى والإستبداد السياسي والإستعمار البريطانى ثم عاد المرشد وطلب من عبد الناصر أن يعرض عليهم أى قرار قبل إقراره حتى يؤيد الثورة "لتنال الثورة بركة الإخوان!!!!!!!" .. فعاد عبد الناصر ورد عليه أن هذه الثورة قامت بدون وصاية أحد عليها وهى لم تقبل بأى حال أن توضع تحت وصاية أحد ... لم يتوقف دور الإخوان على ذلك بل لجأوا إلى بث نشاطهم داخل "قوات الجيش والبوليس" مما جعل عبد الناصر يتصل بحسن العشماوى بإعتباره ممثلا للمرشد وقال له لقد أمنا لكم ولكن هذه الحوادث تظهر أنك تدبرون أمرا سيجنى على مصر الخراب والبلاء ولم يستفيد منه إلا المستعمر وإننى أنذركم أننا لن نقف مكتوفى الأيدى أمام هذه التصرفات ولم يطل الأمر كثيرا فقد حلت جماعة الإخوان ... ولكنهم لم ييأسوا فهداهم تفكيرهم السريع فقد قاموا بالإتصال بالملك سعود ملك السعودية الذى توسط لهم عند مجلس قيادة الثورة حتى عاد نشاطهم وسط تيارين إحداهما يؤيد المرشد والأخر يرفض هذه السياسة ويطالب بالتعاون مع الثورة وكانت عودتهم للعمل بناء على الوساطة السعودية شروط بألا يعملوا بالسياسة ولكن الإخوان لم يلتزموا بهذه الشروط وقاموا بتقليب القوى الخارجية على البلاد مما إضطرت الثورة لمواجهتهم بأكبر حركة إعتقالات شهدتها مصر فى عهد الثورة ..
** هذا هو ماضيهم وهذه هى أعمالهم كلها كذب وخداع وتضليل ومراوغة .. حتى عندما تحالفوا مع حزب الوفد فى الثمانينات وأخذهم فؤاد سراج الدين تحت مظلتهم ولكنه إستيقظ مبكرا بعد أن شعر بغدرهم وتغذى بهم قبل أن يتعشوا به ويحتلوا الحزب ويطردوه وتمكن الباشا من توجيه ضربة قاضية لأنه كان داهية ومحنكا ومحترفا إلى أقصى الحدود وله معهم تجارب وقصص وحكايات . فؤاد سراج الدين قبل الثورة هو الذى إستدعى حسن البنا ووجه له سؤالا حاسما هل أنتم جماعة دينية أم سياسية .. إذا كنتم جماعة دينية أتركوا السياسة وإذا كنتم جماعة سياسية أتركوا الدعوة .. أما أن تجمعوا الإثنين فهذا يعدم المساواة بين المصريين وقال محتدا أجبنى ياشيخ حسن ولم يجبه الشيخ حسن ولم يجب أى إخوانى أخر عن سؤال الباشا رغم مرور أكثر من 60 عاما ... إنهم فئة مراوغة فى كل الإنتخابات يتحدثون عن الصفقات الإنتخابية مع الأحزاب السياسية وتجاربهم الكثيرة تؤكد أنهم لا يتحالفون إلا لمصالحهم ولا يعطون صوتا واحدا لغيرهم .
** ومنذ إندلاع ثورة 25 يناير أعلنوا إنهم لم يشاركوا فيها وبعد إندلاعها إستولوا عليها وقادوها وعندما شعر شباب الثورة والأحزاب السياسية أن بريق الثورة بدأ يخبو وأهدافهم بدأت تتقلص قررت جميع الأحزاب تنظيم مليونية الإفاقة من الغيبوبة يوم 27 مايو لتصحيح المسار للثورة وإعلان أهدافها .. لم يشعروا الإخوان إنهم فى حاجة للخروج من التحرير فقد حققوا معظم أهدافهم وهم يستعجلون عودة الجيش المصرى إلى ثكناته وتعيين مجلس رئاسى مؤقت حتى ينقضوا على الوطن ويلتهموه وهو ما رفضته جميع طوائف الشعب وجميع الأحزاب بعد أن إنكشفت ألاعيبهم وفضحت أهدافهم .. ونعود للسؤال الهام الذى أوجهه إلى فخامة المجلس العسكرى .. مصر إلى أين ..
** كلمة أخيرة إلى الذين يطالبون بعودة رجال الشرطة إلى الشارع المصرى .. أقول لهؤلاء لا يمكن أن تنجح الشرطة فى مهمتها وسيف الحبس مسلط على رقاب رجال الشرطة ، يهددهم ويفزعهم فكيف يتعامل رجال الشرطة مع المجرمين ومع الإرهابيين وفى المقابل لا يمكن أن تؤدى الداخلية وظيفتها فى ظل فوضى بلا ضوابط أو حدود فالحرية والمسئولية وجهان لعملة واحدة تعمل فى النور .. نعم قد تكون هناك تجاوزات لبعض رجال الشرطة ولكن هل يكون التعامل معها بتشويه الشرطة والمساس بهيبتها أم بتطبيق القانون ومحاسبة المخطئ .. ثم ماذا بعد الهجوم على أقسام الشرطة وحرقها وسحل وقتل العديد من ضباط الشرطة دون إقامة إحتفالات لتكريم هؤلاء الشهداء مما يؤدى إلى إصابة رجالها بحالة من الإحباط والامبالاة .. أقول لمصلحة من يتم تركيع الوطن ولمصلحة من يتم تهميش القانون .. هل تريدون تحويل مصر إلى فوضى .. من الذى يملأ الفراغ ويحمى أمن المواطنين ويدافع عن ممتلكاتهم وأرواحهم .. لقد لعبت بعض الفضائيات المغرضة والمأجورة والصحف الصفراء الداعمة للفوضى والخراب دورا كبيرا فى ضرب جهاز الأمن المصرى تارة بالترويج لكليبات التعذيب الكاذبة وتارة أخرى بإختلاق حكايات مبالغ فيها حول سوء المعاملة فى أقسام الشرطة .. نرجو أن نلتزم الحذر حتى يعبر الوطن من هذه المحنة .. فعلى الإعلام المصرى والشعب المصرى أن يقوم بتكريم كافة ضباط الشرطة الشهداء الذين حموا أقسامهم ضد الفوضى والبلطجة والإرهاب .. على الدولة أن تكرم كل هؤلاء مما تعرضوا من إهانات وأن تطلق العنان للقانون للضرب بيد من حديد على كل السفلة والإرهابيين والبلطجية .. حماك الله يا أرض مصر وحمى شعبك الطيب والصبور ..

CONVERSATION

0 comments: