التدخل الأجنبي ليس مطلبا شعبيا/ نقولا ناصر


(يكاد التدخل الأجنبي، وبخاصة الأميركي، يتحول، أو يريدون تحويله، إلى مطلب "شعبي" عربي بينما كان التحرر الوطني من الهيمنة الأجنبية هو المطلب الشعبي العربي الرئيسي طوال عقود عديدة من الزمن، وكان سببا في الهوة الواسعة بين المحكوم والحاكم)

لقد كان تمديد حلف شمال الأطلسي "ناتو" لمهمته في ليبيا لمدة ثلاثة أشهر أخرى في الأسبوع الماضي إعلانا صريحا بتغيير من جانب واحد لتفويض مجلس أمن الأمم المتحدة للحلف من "حماية المدنيين" إلى "تغيير النظام" بالقوة المسلحة الأجنبية، ، وهو ما توقعه كثير من المحللين العرب المقتنعين بأن الناتو والدول الرئيسية الأعضاء فيه غير معنيين لا بحماية المدنيين ولا بالحريات الديموقراطية التي أخرج فقدانها ملايين العرب إلى الشوارع، في تكرار للسابقة العراقية يختلف عنها فقط في عدم اللجوء إلى الغزو البري الذي لا يستطيع أحد أن يجزم بعد بأنه ليس على جدول الأعمال، مما يستوقف المراقب عند المحطة الأولى من محطات عديدة لا بد من التوقف عندها في مسلسل "الربيع العربي" الذي يكاد يحول مناخ العواصم العربية التي اجتاحها حتى الآن إلى خريف، بحيث يكاد المرء يتوجه إلى الله بالدعاء كي لا يصل هذا الربيع إلى العواصم التي لم يصلها بعد بالرغم من أنها ربما تكون بحاجة ماسة إلى نسمات الحرية الربيعية أكثر ممن استنشقها الآن حتى تكاد تقطع أنفاسه.

والمحطة الأولى هي أن الأجندات الأجنبية قد اختطفت "الربيع العربي"، أو تكاد تختطفه، وحولته من ربيع سلمي إلى ربيع حربي، وكأنما لتوصل الرسالة ذاتها التي حاول الغزو الأميركي للعراق ايصالها للعرب عام 2003 بأن خلاصهم الديموقراطي يجب أن يمر عبر بوابة الاستقواء بالتدخل العسكري الأجنبي وأن إرادة الشعوب عاجزة لوحدها عن تحقيق هذا الخلاص، خصوصا بعد أن أسقطت الإرادة الشعبية العربية هذه الرسالة وبالدليل القاطع في تونس ثم في مصر، لا بل إنها أثبتت بأن التدخل الأجنبي وهيمنته على القرار الوطني كان دافعا لهذه الإرادة كي تتحرك من أجل التخلص من هذه الهيمنة على وجه التحديد، مما يذكر الآن بأن وزير خارجية العربية السعودية الأمير سعود الفيصل كان على حق عندما حذر الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو. بوش من أن تغيير النظام في العراق بالغزو العسكري عام 2003 قد "يحل مشكلة واحدة لكنه يخلق خمسا غيرها" (الواشنطن بوست في 29/11/2006).



إن الأجندة الأميركية في ليبيا يحجبها ساتر الصراع الداخلي بين نظام متشبث بال"لانظام" الذي أبقاه في الحكم حتى الآن وبين شعب قرر بأن الوقت قد حان لإقامة دولة المؤسسات والقانون والنظام. لكن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في الخامس والعشرين من الشهر الماضي كشف في فيرجينيا أن "الإطاحة بحكم" القذافي أقدم من ذلك بكثير عندما تذكر "بأنني عندما كنت نائبا لمدير الاستخبارات الوطنية في ثمانينيات القرن العشرين عرض علي ملخص خطة لإطلاق بالونات في ليبيا" تسقط فوقها "منشورات" تحث الليبيين على الاطاحة بحكم القذافي، مضيفا أنه رفض الخطة خشية أن لا يكون الرئيس المصري السابق حسني مبارك مسرورا إذا ما حملت الريح بعض البالونات إلى داخل مصر.



إن الطلبات المتكررة من المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا كي يكثف حلف الناتو غاراته، والإحراج الذي سببه للمجلس مهندس الاعتراف الفرنسي بالمجلس، اليهودي الفرنسي برنارد – هنري ليفي وزياراته المتكررة لبنغازي ومصراته المحاصرة، وتصريحاته في القدس المحتلة عن استعداد المجلس للاعتراف بدولة الاحتلال الإسرائيلي بعد حسم الصراع مع نظام العقيد معمر القذافي والتي سارع المجلس إلى نفيها نفيا قاطعا بلسان العديد من الناطقين باسمه، أو تأييد نائب الرئيس السوري السابق المنشق على النظام عبد الحليم خدام ل"توجيه ضربات عسكرية دولية" (مقابلة مع الشرق الأوسط اللندنية في 16/5/2011) لبلاده للتخلص من نظام كان هو نفسه عنوانا رئيسيا له طوال أكثر من ثلاثين عاما بينما يلاحقة هذا النظام قبل الاحتجاجات الشعبية السورية بفترة طويلة قضائيا بتهم المسؤولية عن الكثير من سلبياته ومفاسده، أو ما ذكره عضو الكنيست الإسرائيلي ونائب وزير تطوير النقب والجليل في حكومة دولة الاحتلال، أيوب قرة، في بئر السبع في الثامن والعشرين من الشهر الماضي بأن ناشطين في الاحتجاجات السورية قد اتصلوا به شخصيا طالبين مساعدته لدى الحكومة الإسرائيلية كي تطلب من "الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي" العمل ضد الرئيس بشار الأسد (اسرائيل اليوم في 29/5/2011)، أو الطلبات المماثلة التي تبثها أهم الفضائيات الناطقة بالعربية بلسان قيادات شبابية وتشمل أيضا تدخل محكمة الجنايات الدولية التي أصبح رئيسان عربيان على قائمة المطلوبين لها والحبل على الجرار كما يبدو، ...



إن هذه الطلبات تقتدي كما يبدو بورقة توت أو تين جامعة الدول العربية التي ستر بها التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا عورته، بحيث يكاد التدخل الأجنبي، وبخاصة الأميركي، يتحول، أو يريدون تحويله، إلى مطلب "شعبي" عربي، وهو لم يكن أبدا مطلبا شعبيا، بل كان دائما مطلبا للأنظمة العربية التي تستقوي به على شعوبها، بينما كان التحرر الوطني من الهيمنة الأجنبية هو المطلب الشعبي العربي الرئيسي طوال عقود عديدة من الزمن، وكان سببا في الهوة الواسعة بين المحكوم والحاكم الذي ضخم أجهزة الأمن الداخلي لاحتواء هذا المطلب بحيث وضعت الجيوش الوطنية على هامش الأمن الوطني، وبينما الاحتلال الأجنبي في فلسطين والعراق والهيمنة الأجنبية في غيرهما هما حماة الوضع العربي الراهن الذي تثور شعوب الأمة من أجل تغييره، أو إصلاحه كأضعف الايمان!



والمحطة الثانية التي لا بد من التوقف عندها سلط الأضواء عليها قرار قمة الدول الثمانية الكبار التي انعقدت في دوفيل بفرنسا مؤخرا، في بيان منفصل عن البيان الرئيسي للقمة، بالتعهد بتمويل الدول "الديموقراطية حديثا" في "شمال إفريقيا والشرق الأوسط" بعشرين مليار دولار أميركي، تمول جماعيا عن طريق مؤسسات دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، إضافة إلى عشرة مليارات دولار تتعهد الدول الثمانية بها "ثنائيا" ومثلها عرضت التعهد به ثلاث دول عربية خليجية كما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.



ولا بد من التوقف عند هذه المحطة لأنها تنطوي على تناقضين رئيسيين، أولهما أن الوفاء بهذه التعهدات مشروط سياسيا بتطبيق ذات الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي كان صندوق النقد والبنك الدوليين يشترطها طوال العقود الماضية والتي قاد تطبيقها إلى الهوة السياسية بين الحاكم وبين المحكوم العربي، وإلى الهوة المتسعة بين الغنى الفاحش والفقر المدقع الذي يهدد تناميها بانهيار الطبقات الاجتماعية الوسطى عماد البيروقراطية الحكومية، وإلى الفساد المستشري، وجميعها وغيرها من العوامل الرئيسية لانفجار الاحتجاجات الشعبية العربية المستمرة.



أما التناقض الثاني فيكمن في أن هذه المساهمة العربية في هذه التعهدات لا علاقة لها بحكم الأمر الواقع بأي حراك شعبي يستهدف التغيير والاصلاح الديموقراطي، وهذا تناقض يثير أسئلة عن أسباب تصريف مثل هذه المساهمة عبر قنوات دولية ترعى التدخل الأجنبي وتمارسه في الدول العربية وأسئلة عن الأسباب التي حالت دون مساهمات عربية كهذه قبل اندلاع الاحتجاجات وعن الأسباب التي تجعل تقديم مثل هذه المساهمات إلى الدول العربية المعنية مباشرة وثنائيا أمرا مستحيلا أو صعبا، ناهيك عن حقيقة أن التعهدات المالية الموعودة تمثل مبلغا زهيدا لا يسمن ولا يغني عن جوع في ضوء التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي عشية انعقاد قمة قادة الدول الثمانية الكبار من أن "شمال إفريقيا والشرق الأوسط" بحاجة إلى ما لايقل عن (160) مليار دولار أميركي خلال السنوات الثلاث المقبلة، مما يثير أسئلة مشروعة عما إذا كان جزءا في الأقل من التعهدات الزهيدة الموعودة سوف يجد طريقه إلى جيوب "المعارضات" التي تنفخ في رماد الاحتجاجات الراهنة كلما تكاد نارها أن تنطفئ، في ضوء الأموال المماثلة التي وجدت طريقها إلى جيوب "المعارضة العراقية" التي مهدت للغزو ثم عززت الاحتلال الأميركي.



وفي افتتاحية لها في السابع والعشرين من الشهر الماضي شككت "لوموند" الفرنسية في صدقية الدول الثمانية الكبار في دعم التحول الديموقراطي في الوطن العربي عندما قالت إن "المساعدات التي طلبتها تونس (من قمة الثمانية) ثمثل شهرين فقط من قيمة ما ينفقه الأميركيون حاليا في بغداد". كما تساءل محللون أجانب عما إذا كان نقص الأموال هو العائق الوحيد أو الرئيسي أمام التحول الديموقراطي في الوطن العربي، ليقتبسوا من إدارة معلومات الطاقة بوزارة الطاقة الأميركية توقعها بأن يبلغ دخل منظمة "أوبيك"، وعمادها الدول العربية طبعا، حوالي (833) مليار دولار أميركي خلال عام 2011 الجاري، بزيادة (200) مليار دولار على العام السابق.



إن العجز الذي تشعر به الإرادة الشعبية العربية أمام جبروت قوى الأمن الداخلي المتضخمة التي مولتها ودربتها دول التدخل الأجنبي في الدول العربية يتخذه الكثيرون اليوم حجة للاستقواء بهذه الدول الأجنبية ذاتها، وتضخم هذه القوى هو الذي اضفى على كثير من الدول العربية التي تشهد احتجاجات شعبية الآن صفة "الدولة البوليسية". وهذه محطة ثالثة لا يمكن عدم التوقف عندها في "الربيع العربي". على سبيل المثال، في السابع من نيسان / أبريل الماضي نشرت مؤسسة جيمس تاون الأميركية تقريرا حذرت فيه من "اضطرابات أكبر" إذا حاولت السلطات المصرية الجديدة تقليص الحجم المتضخم لوزارة الداخلية في عهد الرئيس حسني مبارك و"المقدر الآن أنها توظف ما يزيد على 1.7 مليون موظف مما يجعل عديدها أكبر من القوات المسلحة يأكثر من ثلاثة أضعاف". وتحدث التقرير عن مباحث أمن الدولة كأحد أجهزة الوزارة الذي تطور منذ فرض حالة الطوارئ عام 1981 لتتحول "حماية النظام" إلى التفويض غير الرسمي له، وفي وصف التقرير لنشاطاته جاء أن مباحث أمن الدولة كانت تتدخل في الأحزاب السياسية وجماعات حقوق الانسان والنقابات وتوافق عل تعيين رؤساء تحرير الصحف وحتى تعيين أئمة المساجد، وكانت "تتمتع بعلاقات وثيقة مع مكتب التحقيقات الفدرالي ... ووكالة المخابرات المركزية" الأميركيين. وقد حلت مباحث أمن الدولة المصرية في منتصف آذار / مارس الماضي وحل "الأمن الوطني" محلها.



ووزارة الداخلية المصرية وأجهزتها مستنسخة بهذا القدر أو ذاك، وبهذا الحجم أو ذاك، وبهذا الاسم أو ذاك، في غير مصر من الدول العربية. وإذا كانت القواسم مشتركة في آليات الأمن الداخلي بين الدول العربية، وبخاصة في عدم الفصل بين "الأمن الوطني" وبين "أمن النظام"، بغض النظر عن نظام الحكم وعلاقاته الخارجية، فإن هناك فارقا لا يمكن إغفاله في الوقوف عند محطة الأمن الداخلي ودوره في "الربيع العربي"، وهو أن الدول العربية منقسمة إلى فئتين الأولى تعتمد على ضمانات خارجية لأمن النظام والأمن الوطني باعتبارهما شيئا واحدا والثانية تعتمد على ذاتها في ضمان الأمنين وبالتالي فإنها أكثر تركيزا على الأمن الداخلي مما يستتبع أن تكون أجهزة أمنها أكثر تغولا على المجتمع المدني من ناحية ويستتبع أيضا من ناحية أخرى أن يكون التدخل الخارجي أشرس عداء في محاولة ضمها إلى الفئة الأولى، ومن هنا التداخل بين العاملين الخارجي والداخلي الذي يشوش الحراك الشعبي وأهدافه في سوريا على سبيل المثال.



والمفارقة اللافتة للنظر في هذه المحطة تكمن في الفشل الذريع لأجهزة الأمن الداخلي المتضخمة والمتغولة في توقع أو في كشف الاحتجاجات الشعبية قبل اندلاعها، وإلا على سبيل المثال كيف يمكن تفسير العصابات المسلحة بهذا الحجم الذي اضطر الحكومة السورية إلى التدخل بالجيش للتصدي لها بثمن فادح من شهداء القوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية والمدنيين الأبرياء الذي استشهدوا في هذه المواجهة الجارية حاليا على حساب خطة الإصلاح التي بدأها النظام فعلا وعلى حساب الإصلاح الأكثر طموحا الذي يطالب به الحراك الشعبي السلمي في الشوارع.



والمحطة الرابعة تتعلق بآلية التغيير والإصلاح. فالدول الغربية التي تعترف بأنها كانت طوال العقود الماضية من الزمن تتحالف مع الاستبداد كآلية للاستقرار على حساب التحول الديموقراطي للحفاظ على مصالحها "الحيوية" في الوطن العربي والعالم الإسلامي، والتي لجأت زعيمتها الأميركية مع بداية القرن الحادي والعشرين إلى الغزو العسكري والاحتلال المباشر للحفاظ على هذه المصالح، كان من المتوقع استنادا إلى تاريخها هذا أن تتخلى عن رطانتها الديموقراطية في الدعوة إلى الشرعية الدستورية ودولة القانون كآلية لتداول السلطة عبر الانتخابات لصالح الانحياز إلى "الثورة الشعبية" كآلية للتغيير والإصلاح وتدوال السلطة كما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما وكما أعلنت قمة الثمانية في دوفيل الفرسنية مؤخرا باعتبار "الفوضى الخلاقة" الناجمة عن هذه الآلية الجديدة هي الطريق الأفضل للتدخل المباشر بغطاء شعبي، أو لفرض الأجندة الأميركية – الإسرائيلية الإقليمية، وربما، مثلا، لا تجادل إلا قلة في أن "العصابات المسلحة" سوف تختفي بسرعة كما ظهرت فجأة إذا ما تخلى النظام السوري عن تحالفه مع إيران وأوقف دعمه لحركات المقاومة العربية لهذه الأجندة، ولتذهب كل طموحات "الربيع العربي" الديموقراطية إلى الجحيم بعد ذلك كما هو الحال في غير سوريا.



لقد وعد الرئيس السوري بشار الأسد عندما تولى السلطة بتداول السلطة، وقال إن الاحتلال الأميركي للعراق في الشرق ثم اغتيال رئيس وزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في الغرب قد فرضا عليه أولويات خارجية تهدد أمن بلاده الوطني دفعت أولوية الاصلاح في الداخل إلى مرتبة أدنى. واليوم يتذرع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ب"الشرعية الدستورية" كآلية لتداول السلطة كي يظل فيها. وقد دعا صالح إلى انتخابات مبكرة، بينما مشروع قانون جديد للانتخابات العامة ينشر في كل وسيلة نشر سورية قبل إقراره. وفي أقصى الغرب العربي اقترح الملك محمد السادس نسخة جديدة معدلة من الدستور سوف تعرض على استفتاء شعبي ثم تجري انتخابات سابقة لأوانها على أساسه. وفي تونس يستعدون لانتخابات في تموز / يوليو المقبل ربما تتأجل ثلاثة اشهر لكنها ستجري. وهكذا من اليمن في الجنوب وسوريا في الشمال إلى المغرب في الغرب يتجهون نحو الآليات ذاتها المسخدمة في الدول الغربية لتداول السلطة، فلماذا تختار هذه الدول الغربية الآن دعم آلية "الثورة الشعبية" بدلا منها للتغيير والإصلاح؟ وربما يكون الجواب في أن هذه الآلية قد أثبتت بأنها مجرد ديكور ديموقراطي لامتصاص النقمة الشعبية في الداخل والنقد في الخارج ومجرد ظاهر حق يراد به باطل بقاء النخب الحاكمة في مواقعها.



في الثاني من شباط الماضي كتب وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر في الواشنطن بوست يقول إن العالم العربي يعاني من نخب سياسية متحصنة بقوة في مواقعها، وإن نخبة كهذه أجهضت خطة إصلاح سياسي تمتد لعشر سنوات كان أعدها عندما كان نائبا لرئيس الوزراء، ليخلص إلى القول إن الوضع العربي الراهن لا يمكن ان يدوم. وربما من الفضول أن يحاول المراقب معرفة رأيه الان وهو يرى الدول الغربية تستبدل الآلية الغربية التي تبنى هو نفسه آلياتها للاصلاح السياسي ب"الثورة الشعبية" كآلية للاصلاح والتغيير، بصورة انتقائية طبعا حسب موقع كل دولة عربية في الخريطة السياسية الأميركية – الغربية للمنطقة.



* كاتب عربي من فلسطين

* nassernicola@ymail.com


CONVERSATION

1 comments:

غير معرف يقول...

* عدم تحديد المفهوم يؤدي إلى خطل في الفكر، لكن البعض يتقصدون ذلك لتمرير مناخات غوغائية تستهدف الفوضى، وهم على علم أو دون علم يتشاركون في عمليات التطبيع وترضيخ الانسان العربي إلى معطيات الغرب للدخول في فخ مشاريعه، ليس هذا فقط، بل يعمدون إلى سوقه بعصاته، فهذا التوجه إن كان متعمدا من قبل صاحبه يستوجب الإدانة والقصاص، وإن كان الأمر على الهوبلينة كما يقول المثل فيستوجب إقامة وصي على مثل هؤلاء، لإسكاتهم؟
يطلعون علينا أحيانا بقضايا عن الثورات العربية؟! أي ثورات؟!!!، وأحيانا بقضايا الفساد ومطالب الحرية والديمقراطية، وأحيانا يخلطون بين القمع والمقاومة والإرهاب، وينادون باجتثاث القمع ودول القمع، نحن لم نعد نعلم على أي خط يسير هؤلاء؟ لكن ما يظهر جليا في تحركاتهم وسلوكهم، أنهم في خط مضاد تماما لمسار الإنسان العربي والتاريخ..؟ لأن الوضع العربي يتطلب ببساطة رد العنف باتجاه مصدره، بما يعني هذا وحدة شعب الوطن باتجاه مقاوم ضد الغرب وإسرائيل..
لكن ماذا نقول لهم..؟،
أنقول: إما القمع وإما المقاومة أو أنهما متلازمان؟، إجابة غير صحيحة لفرضية لا خيار فيها، لكنها من ضمن المحاولات لاستجرار الشعب إلى الأفخاخ، فإن من يكتب عن بعد يكتب بحرفية هادئة لكن دون معرفة، أو مغرضة، أو عن الهوى، وفي حسبانه التعاطف مع مناخ عام مصنع، هذا إن لم يكن هو ذاته مأخوذ به، لذا قد تجد كلماته المسطحة بعض الصدى في أوساط من لا يعرفون واقع الأحداث ولا المعضلات، لكنها فاضحة العيوب على من هم في عين الحدث، ولا نعتقد أن الحقيقة في هذه الحالة تعني هذا الذي يكتب؟، نحن نعلم بأن للشعوب مطالب، وتسعى هذه إلى احتجاجات فردية أو جماعية إن لم تلبى مطالبها، إذن فما علاقة الثورات العربية بالعنف؟،
هل هذه ثورات ضد مغتصب للأرض والوطن ويمارس العنف على أبناء الوطن، عنف الثورة الوطنية عنف مضاد لعنف مقابل وليس مجاني(كما الوضع الإسرائيلي العربي)، إذن ما علاقة شعب الوطن بالعنف في مطالبه من الوطن، المتمثل بحكومة الوطن، وما علاقة الشعب بالعنف؟ وهل نفهم من هذا بأن العنف هو الثورة؟ وهل ما يحدث من تعانف في الشوارع العربية هو ثورات حتى يتقول البعض بخباثة ويكتب بخطل عن انحرافها؟،
ألا يعرف هؤلاء بأن للثورات شروط غير متوفرة في أحداث الشارع العربي، وإن كانت مطالب شعوب العرب محقة، وهي حق لكل إنسان منها، وهل يتفق تحقيق المَطالب مع إلغاء المُطالب، أي مع إلغاء الشعب لذاته وهو في هذه الحالة الدولة وحكومتها، مطلب الثورات لا يتفق إذن مع الفوضى، مع إلغاء الآخر وإلغاء الدولة، ما يستهدفه العنف المفرط في بلادنا هو الفوضى وإلغاء الشعب، وهذا مخالف لطبيعة الثورات، العنف إذن مستدخل ومقصود، آت من مكان آخر؟ ولا علاقة له بالشعب ولا بمطالبه المشروعة، وإنما يرتبط بمن له مصلحة في تقويض دول المنطقة، وهذا أمر مع الأسف مسكوت عنه، (بل يجري تزييفه وخلطه وتحويره) والبعض من كتابنا قد انزلقوا إلى حالة تواطؤ..؟