** خرجت علينا أول أمس .. تصريحات غاضبة من ممثلى الكنيسة بلجنة الخمسين .. عقب قراءة مواد الدستور بعد التصويت عليها ، حيث أكدوا أنهم إكتشفوا تغيير جملة "حكمها مدنى" بجملة "حكومتها مدنية" .. وحذف جملة "تنوع مصادر الشريعة" من تفسير المبادئ ، وإعتبر ممثلى الكنائس ذلك مخالفة صريحة لما تم الإتفاق عليه داخل اللجنة .. لذا ستتقدم الكنائس بمذكرة لرئيس الجمهورية لرفض ذلك الخطأ .. وقال الدكتور "صفوت البياضى" ممثل الكنيسة الإنجيلية بلجنة الخمسين ، إنه سوف يتقدم بمذكرة يوم الخميس للمستشار عدلى منصور ، رئيس الجمهورية ، يستنكر فيها التحريفات التى وردت بدباجة الدستور .. موضحا أن المذكرة ستتضمن توقيعات الكنائس ، وكذلك عدد من أعضاء اللجنة المتوافقين على ضرورة إدراج "مدنية الدولة" بشكل واضح فى الدستور .. وكذلك رفض سقوط عبارة "تعدد مصادر التشريع" .. هذا ما حدث أول أمس ..
** وفجأة إنقلب الغضب إلى هدوء وسكينة ومدح .. بل أن محمد سلماوى الذى بدأ يهدد المعارضين .. صرح بأن الدباجة لن يتم تغييرها ، وسيتم التصويت على الدستور ، ولا يملك حتى رئيس الدولة تصحيح أو إضافة بعض العبارات التى تم التصويت عليها .. وكأن السلماوى يتحدث عن نصوص قرآنية أو أيات من الكتاب المقدس ، لا يجوز المساس بها من قريب أو بعيد ..
** ليس هذا فحسب .. بل خرج علينا مقدم برنامج فى النور على قناة "سى تى فى" المسيحية ، وهو يؤكد أنه لا خلاف على أى مواد ، ولا تحريف فى الدباجة ، وأننا سوف نصوت على الدستور بنعم ، وأشاد بحزب النور الذى قرر تصويته بنعم على الدستور ..
** وبالطبع كان لا بد من أن يكون هناك مداخلة هاتفية من الأنبا بولا ، عضو اللجنة .. الذى أكد بالفعل للقناة أنه تم تغيير الدباجة وتم حذف عبارة "تعدد مصادر التشريع" ، ولكن الدستور فى مجمله هو دستور عظيم جدا ، وسوف نصوت عليه بنعم ، مما فتح أسارير وجه مقدم البرنامج .. وبدا وكأنه أحد الخبراء الفنيين فى وضع القوانين والدساتير .. ولم يعد المشاهد يفهم هل الحوار التليفونى حول دستور مصر أم أنه على ثمن كيلو باذنجان أو خيار .. ويبدو أن المشاهد تأكد أننا ربما غدا أو بعد غد سوف نجلس جلسة مصاطب مما تعودنا عليه مع السيد كمبورة وسوستة والحاج ميدو ، لتعديل ما سقط سهوا فى الدستور ، أو بالأدق ما كتب خلسة وبالتزوير عكس ما تم التصويت عليه ..
** ولم يختلف الشجيع د."صفوت البياضى" كثيرا عن نيافة الأنبا بولا .. فقد خرج علينا بأحد القنوات الفضائية وهو يقلل من فكرة تغيير الدباجة ، وأنه لا فرق بين دولة مدنية وحكومة مدنية ، فكلها مسائل لا ترتقى لمستوى حتى الحوار أو الحديث عنها ، وسوف نصوت للدستور بنعم ، والأمر لا يعدو أن نقدم شكوى للبرلمان القادم بالتصحيح ..
** وهكذا .. حول ممثلى الكنائس ما حدث من تزوير فى الدباجة التى إعترفوا بها إلى جلسة خواطر ، ووصلة مدح فى السيد عمرو موسى ، وكيف بذل هذا الرجل مجهود خرافى ، وأن هذا الدستور هو فى بنوده يعترف بحرية العبادة ، وحرية بناء الكنائس ، وأسقط الخط الهمايونى وشروط العزبى وكل القوانين فى هذا الشأن ..
** هذا هو المشهد الذى عشناة بالأمس مع ممثلى الكنائس ، الذين فقدوا كل حياء وأسقطوا عن وجوههم حمرة الخجل ، وخرجوا علينا يلقون أشعارا فى الدستور .. فهل يمكن أن يكون هؤلاء ممثلين للكنيسة ، وممثلين للأقباط فى مصر بالداخل والخارج .. ومن هو المسئول عن عودة الأنبا بولا ليمثل الأقباط الأرثوذكس داخل اللجنة ، ومن الذى يسأل عن ترشيح د."صفوت البياضى" لتمثيل الأقباط من الطائفة الإنجيلية داخل اللجنة .. ولنا مع الإثنين تجارب سابقة مع دستور الغريانى .. فلماذا نعود ونكرر نفس المشهد ونفس الكارثة .. هل لم يعد فى الكنائس مستشارين وقانونيين كان يمكن أن يكونوا فى لجنة الخمسين لتمثيل الكنائس ؟ ...
** أما الأخ الذى أخجل من ذكر إسمه ، مقدم برنامج فى النور على قناة "سى تى فى" .. فلا أدرى إلى أى فصيل سياسى ينتمى .. فقد كان لى تجربة مع هذا الشخص ، عندما كنت فى حوار فى هذا البرنامج ، وكانت الحلقة عن أحداث الخصوص والهجوم على الكاتدرائية ، وضربها بالمولوتوف فى حضور الشرطة .. وقبل نهاية الحوار ناشدت الجيش المصرى بالتدخل لإنقاذ مصر ، ولم يستغرق هذا النداء بضعة ثوانى ، لأننى كنت أتوقع هذه المشاهد التى حدثت .. ففوجئت بغضب شديد من السيد مقدم البرنامج ، وقال ليه بالنص "ليه كده يا أستاذ مجدى .. إحنا مش عاوزين الجيش يتدخل فى مشاكل الوطن" .. فقلت له "بكرة نتحايل على المؤسسة العسكرية أنها تتدخل لإنقاذ مصر" .. وقد حدث ما توقعته .. ومن يومها قرر البرنامج مقاطعتى وعدم الرد على تليفوناتى ..
** هذا ما أردت أن أذكر به مقدم البرنامج .. فيجب على من يقدم أى برنامج سياسى أن يتحمل مسئولية الكلمة فى مثل هذه الظروف السيئة التى تمر بها مصر الأن منذ نكسة 25 يناير ، والتى مازال البعض يطلقون عليها ثورة ..
** على الجانب القانونى .. كان رأى الأستاذ القانونى "د.رأفت فودة" بأن هناك فرق كبير بين كلمة حكم مدنى ، وحكومة مدنية .. وأن ما حدث يعتبر تزوير ، ويجب أن يتحرك النائب العام فورا لفتح تحقيق رسمى فى هذا التزوير .. كما أكد د.رأفت فودة أن من قام بهذا التزوير هو شخص يدرك تماما ما يفعله ، ولم تسقط منه سهوا أو تكتب خطأ فى الطباعة .. وأكد ذلك أيضا "محمد حامد الجمل" رئيس مجلس الدولة سابقا ، والذى أدار حوارا على نفس قناة "سى تى فى " أول أمس ، مع المذيعة "عايدة يوسف" .. وإعترف بما إعترف به رأفت فودة ..
** لقد إضطررت إلى كتابة هذا المقال ، بعد أن رأيت وسمعت ما لا يصدقه عقل ، بتصريحات كل من الأنبا بولا ، والقس صفوت البياضى ، وكأنهم يتحدثون عن مشكلة عائلية ، ويهللون لبعض المواد التى وضعت فى الدستور للأقباط ، التى تؤكد حرية العبادة وبناء الكنائس .. وتناسوا أن هذه القوانين هى موجودة بالفعل ، ولكنها لا تفعل إطلاقا ، لأن المناخ الذى تعيشه مصر منذ السبعينات هو مناخ طائفى .
** أما الكارثة الكبرى أنهم يوجهون رسائلهم إلى الأقباط فى الداخل والخارج بإعتبارهم أوصياء وممثلين عن كل الأقباط .. وهناك الملاحظات الكثيرة جدا على الدستور ، والتى حتما ستحقق أحلام الإخوان وستساعد على عودتهم مرة أخرى لسدة الحكم .. فلا فرق بين حزب النور أو حزب الحرية والعدالة ، فكلها أقنعة مختلفة لوجوه قبيحة واحدة .. ويكفى أن يصرح حزب النور أنه لا يمكن المساس بدباجة الدستور الحالى ، وأن هذا الدستور حقق للإسلاميين ما كانوا يحلمون به .. فكيف يكون هذا هو موقف ممثلى الكنائس ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!......
** ولأن الشئ بالشئ يذكر .. فالسؤال الذى يراود الكثير من الشعب المصرى .. هل هناك ضغوط مورست على ممثلى الكنائس ، وعلى الدكتور صفوت البياضى والأنبا بولا .. فبعد أن صرح كل منهم أنه سيقدم شكوى للسيد المستشار عدلى منصور ، عادوا وأنكروا كل ما أدلوا به ، وقال د.صفوت البياضى أنه يعتقد بأن تعديل حكمها مدنى إلى حكومتها مدنية تم قبل إلقاء د.عمرو موسى نص الدباجة أمام لجنة الخمسين بنصف ساعة ، وربما هذا يفسر سبب تلعثمه أثناء قراءته والذى أعتقد أنه لم يكن يعلم به .. ونحن لم نتقدم بطلب للرئيس عدلى منصور بتعديل الدباجة .. فهى ليست من إختصاصه وإنما من إختصاصات مجلس النواب القادم .. وهذا تبرير ساذج وأبله ، فكان يجب على رجل يمثل طائفة كبيرة للطائفة الإنجيلة فى مصر ألا يصرح بذلك .. ومثله نيافة الأنبا بولا ، فهو أساء لرسالته وأساء للكنيسة ولكل أقباط مصر فى الداخل والخارج .. ويجب على الكنيسة أن يحاكمه فورا على تقاعسه فى حماية الدستور من العبث به ، وتبريراته الهوجاء ، لمن زور فى الدباجة ومن أقصى بعض فقرات من الدستور ..
** هل تناسى ممثلى الكنائس أن الشعب المصرى خرج أكثر من 45 مليون مواطن ليقوم بثورة لم يكن لها مثيل فى العالم لطرد الهكسوس من جماعة الإخوان الإرهابيين ومحاكمة مرسى وعشيرته ، وعصابته الإجرامية .. وليس للطبطبة ، وليس لتزوير إرادة الشعب وليس للمجاملات والتغاضى عن شكل الدولة المدنية .. فقد ضحى الكثير من الشعب المصرى بأرواحهم ودماءهم من أجل مدنية الدولة .. خرجوا جميعا يهتفون ضد المرشد وعصابته "مدنية .. مدنية .. مدنية" ، ولم يخرجوا لينتظروا هذا المشهد الهزيل من رئيس لجنة الخمسين ، أو من ممثلى الكنائس ، أو من المتحدث الإعلامى بإسم اللجنة ..
** نعم .. خرج الشعب المصرى لإسقاط دولة الإخوان وإسقاط دستور 2012 .. وليس تعديله .. وهى الكلمة التى حذرنا منها .. وللأسف مازالت كلمة تعديل يتحدثون بها حتى الأن ..
** وحتى يعلم القارئ أن هذا الدستور به ألغام ضد الشعب المصرى .. فأعيدوا قراءة مادة الدستور التى تخص الإنتخابات البرلمانية القادمة ، ومحاولة اللجنة والحكومة عمل الإنتخابات البرلمانية بأسرع ما يمكن مبررين ذلك بتجنب الفوضى فى البلاد .. أقول لكل هؤلاء المهللين للدستور أنه لو أجريت فى مصر إنتخابات برلمانية يتمتع فيها البرلمان بنفوذ كاملة وسلطات واسعة فى إختيار رئيس الحكومة .. وتقليص سلطات رئيس الدولة فى إقالة رئيس الحكومة ، وعليه الرجوع إلى مجلس الشعب للإستفتاء على تعيين رئيس الحكومة أو إقالته .. فهذه كارثة كبرى .. لأن معروف أن الوصول لبرلمان مجلس الشعب ليس بالكفاءات ولا بالخبرة السياسية ، وإنما الوصول إلى البرلمان فى مصر فى دولة يعانى فيها الشعب المصرى بنسبة أمية وفقر كبيرة جدا .. فلا يحتاج أى مرشح للإنتخابات البرلمانية إلا إما الضحك على جزء كبير من الشعب بشعار الإسلام هو الحل ، والذى ربما يتعدل بشعار "رابعة هى الحل" .. هذا الشعار سوف يستخدمه رجال الأعمال من الإخوان المسلمين بجانب طرح كمية كبيرة من الزيت والسكر والمواد التموينية التى يحتاج لها شريحة كبيرة من الشعب المصرى التى يقع تحت خط الفقر ..
** هذا هو البرلمان القادم ، الذى يعطيه الدستور كل الصلاحيات لإرهاب الحكومة ، وإرهاب الرئيس .. وهذا واضح جدا من الذين كتبوا دستور مصر ، وعن الأسلوب الملتوى الذى تم به تزوير فى الدباجة ، فالذى لا يؤتمن على القليل ، لا يؤتمن على الكثير .. وهذا ما تعلمه ممثلى الكنائس .. ولا أقول إلا عيب .. عيب .. ويجب أن يعلم أٌقباط مصر وأقباط العالم ان هذا الدستور ملئ برائحة التطرف .. فأننى أشعر بأننا نعود لنفس مشهد 25 يناير ، عندما حذرنا الجميع ، وصرخنا لننبه بأن مصر تنطلق إلى سيناريو فوضى وخراب ودمار ..
** أعود وأكرر .. لم يدرك أحد للأسف ذلك ، بل هلل الجميع للثورة المزعومة .. وعندما تحقق ما تخوفنا منه ووصل الإخوان للحكم .. قالوا فلنجربهم ، وهاهى النتيجة الأن ، سيخرج علينا أخرين يقولون لنا "فلنصوت على الدستور بنعم" ..
** الكارثة قادمة لا محالة .. وهذا ما لدى ّ !!!..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين
0 comments:
إرسال تعليق