الطبخة والحل السياسي الذي سيحمله كيري في جولته القادمة للمنطقة،بوصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل،مرعب ولا يمكن لأي فلسطيني الموافقة عليه،ولا يوجد ما تتفاوض عليه الأطراف،فالطبخة تشترط الإعتراف بيهودية الدولة،فضلاً عن المفاوضات على الحدود تراعى حدود عام 1967،مع مراعاة الكتل الإستيطانية القائمة بأمر الواقع،وتواجد عسكري اسرائيلي وامريكي في الأغوار لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد،وواضح ان كيري استبق جولته الثالثة عشر للمنطقة،بسلسلة مكثفة من اللقاءات السياسية والأمنية بين الأطراف العربية والدولية والأمريكية والإسرائيلية والفلسطينية،تضمن فرض مثل هذه الطبخة السياسية،وخصوصاً ان القيادتين السياسيتين الأمريكية والإسرائيلية،باتتا على قناعة تامة،بان هذه الفترة تشكل فرصة ذهبية لإسرائيل وامريكا،لفرض مشروع يصفي القضية الفلسطينية بشكل كامل،وخصوصاً بان الأخطار العربية المحيطة بإسرائيل لم تعد قائمة والحديث يجري عن حل انتقالي واتفاق إطار،يجري الإتفاق على تفاصيله خلال عام،ونحن الذين اكتوينا بنار الإتفاقيات المؤقتة والإنتقالية،ندرك بأن الإحتلال والداعمين له،لا يلتزمون ولا يحترمون أية اتفاقيات،ويستغلونها فقط من اجل كسب الوقت وفرض وقائع وحقائق جديدة،فأوسلو الذي وقع في ايار 1993،كان مفروض ان ينتهي في أيار/1999،تنسحب اسرائيل خلاله من 90 % من أراضي الضفة الغربية،لنجد بعد عشرين عاماً بأن هذا الإتفاق قد كرس الإستيطان وضاعفه بأكثر من عشرة أضعاف والمزيد من مصادرة الأرض ونهبها والمزيد كذلك من الشهداء والأسرى والجرحى.
ما يجري الحديث حوله من اتفاق إطار في نهاية كانون ثاني من العام القادم/ 2014 والذي حجزت له الخارجية الأمريكية على حد قول الصحيفة الإسرائيلية "يديعوت أحرنوت "(50) غرفة في أفخم فنادق القدس الغربية،لكي تكون جاهزة من اجل إستقبال (130 ) من طاقم كيري الذي له علاقة بالمفاوضات،والذين سيخوضون لقاءات امنية وسياسية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي،وفي هذا السياق جرى لقاء امني فلسطيني - امريكي قبل ثلاثة ايام، قاده من الجانب الفلسطيني اللواء ماجد فرج مسؤول المخابرات الفلسطينية،حيث جرى نقاش بنود الإتفاق الأمني الذي صاغة الجنرال الأمريكي جون آلن،وكيري يستعد لجولته الثالثة عشر من اجل صياغة بنود الإتفاق في شقه السياسي،من اجل التوصل إلى اتفاق إطار،يجري التفاوض حول تطبيق تفاصيله خلال عام ،وسبق ذلك لقاء بين المبعوث الأمريكي للشرق الوسط وعملية السلام مارتن انديك والرئيس أبو مازن في المقاطعة،ولنفس الغاية والغرض التقى الرئيس أبو مازن مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة،فالعرب وبالتحديد مشيخات النفط والكاز الخليجية وعلى رأسهم بندر بن سلطان،والذي تسلم الملف الفلسطيني بعد فشل قطر في معالجة الملف السوري،سيمارسون ضغوطاً على السلطة ورئيسها عباس لقبول خطة او مشروع كيري،والذي سيضعنا أمام مشروع سياسي أخطر بكثير من مشروع اوسلو،وسنكون امام كارثة حقيقية على حقوقنا وثوابتنا ومشروعنا الوطني،وبالتحديد على قضايا اللاجئين والقدس،مرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني،فكيرى القادم للمنطقة،يريد هذا الإتفاق بأي شكل لكي يتجنب فشل المفاوضات،ويعبر نيسان القادم،نهاية الفترة المحددة للتفاوض(تسعة شهور)،وقد كسب المزيد من الوقت،وبمجرد توقيع الإتفاق تفرض حقائق ووقائع جديدة،يصبح على السلطة الفلسطينية التعاطي والتعامل معها،والمأساة والطامة الكبرى،ان وفد السلطة للمفاوضات المستقيل والمتبقي منهم في لقاءات ومحاضرات لهم صرحوا وقالوا بأن حكومة نتنياهو عادت للمفاوضات لأسباب تكتيكية وليس كإستراتيجية سلام،وما يثير السخرية والإستغراب،ما صرح به محمد اشتية ،عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والوزير في ثلاث حكومات سابقة ورئيس مؤسسة "بكدار،في معرض تبريره لإستقالته من الوفد المفاوض،بأن اسرائيل تنصلت من إلتزاماتها وتعهداتها التي على أساسها عاد الفلسطينيون للمفاوضات،وهو يدرك بان ذلك كذب وخداع وتضليل،فالسلطة الفلسطينية عادت للمفاوضات متعارضة مع أغلب مكونات المجتمع الفلسطيني ومركباته من احزاب وقوى ومؤسسات مجتمع مدني وجماهير ومتجاوزة قرارات المؤسسات الفلسطينية من لجنة تنفيذية ومجلس مركزي التي رفضت العودة للمفاوضات،بدون الوقف الشامل للإستيطان وإطلاق سراح الأسرى،بل وفي عودة السلطة للمفاوضات فرض نتنياهو شروط ومعادلات جديدة،حيث قسم أسرى ما قبل اوسلو(104) أسير إلى أربع دفعات،ومع إطلاق سراح كل دفعة او مجموعة منها،يتم الإعلان عن مشاريع ومناقصات إستيطانية لبناء المزيد من الآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،وبالتالي العودة لتلك المفاوضات،لم تاتي من اجل وقف الإستيطان وتحرير الأسرى وحماية القدس،فشتيه بعظمة لسانه يقول أن اسرائيل قسمت المدة الزمنية المحددة للتفاوض(9 ) شهور الى ثلاثة مراحل ثلاثة أشهر للعب وثلاثة اشهر للتواصل وثلاثة أشهر لعقد الإجتماعات،وكان يشعر بانه يتفاوض مع تسيفي ليفني واسحق مولخو،وليس مع الحكومة الإسرائيلية،التي كانت عندما تطلق دفعة من الأسرى الفلسطينيين عدد من وزرائها يتظاهرون أمام السجن الذي سيطلق سراح الأسرى الفلسطينيين منه،فضلاً عن انه خلال فترة الثلاثة أشهر من التفاوض استشهد 31 فلسطيني وهدم اكثر من 206 منازل فلسطينية،واعتقل حوالي (600) فلسطيني،وهذا يؤكد على ان هذه الحكومة المتطرفة،لا يوجد في برنامجها سوى المزيد من الإستيطان والقتل والتدمير وفرض الوقائع والحقائق،والتفاوض من اجل التفاوض،بدون تقديم أية استحقاقات او تنازلات جدية من اجل السلام.
أما صاحب كتاب ونظرية الحياة مفاوضات،كبير المفاوضين صائب عريقات،فقد قال في جولة له مع قناصل وسفراء اجانب،بانه عاد الى بيت لحم بعد شهر،ليجد بأن هناك شوارع للإسرائيليين واخرى للفسطينيين،وبأن المزيد من الأرض التهمت وصودرت،وانا بدوري أتساءل واقول صح النوم،فهل هو قادم من كوكب آخر وهو يقود المفاوضات ويعرف جيداً ماذا يحدث على الأرض؟،ولا يجوز استغفال واستهبال هذا الشعب العظيم والمضحي،والعمليات الإستعراضية للإستقالة والعودة عنها،فالشعب الفلسطيني،لن يخرج الى الشوارع ليطالب بعودته،بل ليطالب بمحاكمته.
جولة كيري هذه هي الأخطر والإدارتان الأمريكية والإسرائيلية مصممتان على فرض حل وتسوية على شعبنا الفلسطيني،يريدون التقاط هذه الفرصة التاريخية من اجل إنهاء القضية الفلسطينية وتصفية حقوق شعبنا الفلسطيني،مستفيدين من الحالة العربية الضعيفة والمنهارة،والواقع الفلسطيني المنقسم والضعيف،ولذلك الجميع يتحمل المسؤولية،السلطة الفلسطينية بالدرجة الأولى والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني،وعلينا أن نستفيد من المتغيرات والتوازنات الجديدة للفكاك من الرعاية الأمريكية المنفردة والمنحازة بشكل سافر لإسرائيل،من اجل المطالبة بعقد جنيف دولي للقضية الفلسطينية،جنيف دولي قد يمكننا من تحقيق الحد الأدنى من حقوقنا الوطنية والمشروعة،دولة فلسطينية على 22 % من مساحة فلسطين التاريخية،وإلا فإن طبخة كيري ستكون اسوء من اوسلو بعشرات المرات،وتحمل مخاطر التصفية والتبديد لحقوقنا الوطنية وقضيتنا الفلسطينية.
0 comments:
إرسال تعليق