العدل هو رمانة الميزان، وبه تقام الدول وتزول بزواله، وتسعد الشعوب وتشقى بانتهاك حرمته، وتعيش العائلات والقبائل في تواد وألفة ورحمة وأمان حال التمسك به، والإصرار على فرضه على الأمير والغفير والقوي والضعيف وسائر الناس.
والحق تبارك وتعالى صفته العدل ذاته، فمن أحبه فهو في رحاب الله وحصنه، ومن بغضه وكرهه لا أمان له ولا عليه، ولا مقام له عند مولاه، ويتجلى الحرص على إقامة العدل عندما نقيمه ولو على حساب أنفسنا والوالدين والأقربين.
يقول الحق تبارك وتعالى:
( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوي أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) صدق الله العظيم، سورة النساء (135).
كذلك يقول سبحانه:
( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ) صدق الله العظيم، سورة الحجرات (9)
ونحن مأمورون بالإحسان جوار أمر الله لنا بإقامة العدل الذي هو كالسيف الحاد في إحقاق الحق ونصرته، كما الإحسان بمثابة هبوب نسمة باردة في يوم حار، وبكلاهما يعيش الإنسان كطائر يحلق في سماء ربه في أمان ورضا لا يصيبه ملل أو كلل أو ضجر أبدا .
وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى:
( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) صدق الله العظيم سورة النحل (90)
ولننظر في قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لإلقاء مزيد من الضوء على تلك الفضيلة التي نفتقر لنسماتها الشافية وهو يقول ( ص ):
( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) صدق نبينا الكريم ( ص ).
ولقد جاء في شرح النووي على مسلم:
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) معناه : أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء أو حسبة أو نظر على يتيم أو صدقة أو وقف، وفيما يلزمه من حقوق أهله وعياله.
والوالي العادل هو الذي يتولى أمرا من أمور المسلمين الخاصة أو العامة حتى الرجل في أهل بيته يعتبر واليا عليهم.
هذه القيمة العظيمة من أعظم قيم الإسلام المفترى عليه من أعدائه وكذلك من أبنائه بكل أسف، ولعلنا إذا ما نظرنا لما وصل إليه حال المسلمين من ضعفٍ ومهانة في سائر بقاع الأرض إلا من رحم ربي، لأدركنا بوضوحٍ تام علة هذه الخيبة التي تحاصرنا من كل ناصية وذلك بتخلينا أولا عن هذه الفضيلة التي أدعو الله أن يردنا إليها ردا جميلا، إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه.
m_mohamed_genedy@yahoo.com
0 comments:
إرسال تعليق