تَسَاءَلْتُ يَوْماًً/ محمد محمد علي جنيدي

تَسَاءَلْتُ يَوْماًًًً
لماذا أعِيشُ؟!
لماذا أمُوتُ؟!
أحَقّاً أعِيشُ غُرُوبَ الْحِكَاية
مَتَى مَرَّ عُمْرِي
مَتَى ضَاعَ مِنِّي
بأيِّ مَكَانٍ
بأيِّ زَمَانٍ تَكُونُ النِّهَايَة
أوَهْمٌ حَيَاتِي؟!
وَغَيْبٌ مَمَاتِي؟!
تَسَاءَلْتُ يَوْماً
إلَى أيْنَ يَمْضِي زَمَانِي الْقَصِيرُ
بأيِّ مَصِيرٍ برُوحِي أسِيرُ
فَنَاءٌ تَمَلََّكَ حُلْمِي ويَأْسِي
وقَدْ حَانَ لِلرُّوحِ تَوْدِيعُ نَفْسِي
فَرَسْمِي غَداً سَوْفَ يَهْرَبُ مِنِّي
وأحْلامُ عُمْرِي سَتَغْرُبُ عَنِّي
وجِسْمِي الَّذِي نَالَ نَبْضَ الْحَيَاةِ
غَداً يَحْتَوِيه سُكُونُ الرُّفاتِ
أنا عِشْتُ كُلَّ الْحَيَاةِ سَرَاباً
تَعَلَّقْتُ فِيه فَنِلْتُ الْعَذَابا
أنا كَمْ ظَمِئْتُ لِماءِ الْحَقِيقَة
فأيْن الْحَقِيقَة؟!
أرَى كُلَّ حُلْمٍ بعَيْنِي تَجَدَّد
وحُلْمُ الْحَقِيقَة
بعِلْمِي.. بجَهْلِي.. بغَيْرِي
تَبَدَّد!
أرَى فِي احْتِبَاسِ شَهِيقِي انْطِلاقي
وفِي تَرْكِ رُوحِي لِجِسْمِي اخْتِراقي
يَتُوه الطَّرِيقُ
ويَمْضِي الصَّدِيقُ
وعَقْلِي الَّذي كان يَوْماً دَلِيلا
سَيَغْدُو أمامَ الْغُيُوبِ قَتِيلا
حَيَاةٌ مَدِيدَة
وأرْضٌ جَدِيدَة
وشرٌّ أرَاه هُنَاكَ صَرِيعاً
وخَلْقٌ أراه رَقِيقاً وَدِيعاً
يُطَأطِىءُ رَأسَ الْغُرُورِ الْعَنِيدَة
فأين الْجُناةُ
وأين الطُّغاةُ
وأين حُمَاةُ الذِّئابِ الْعتِيدَة
وأين الْقِناعُ
وكيف الْخِداعُ
وأين افْتِراسُ الأيَادِي الشَّدِيدَة
مَلأنا الْكؤوسَ
بِبُغْضِ النُّفُوسِ
وفِي الأرضِ كَمْ مِنْ دِماءٍ شَهِيدَة
أضَعْنا الْلَيَالي
بِرَحْبِ الْخَيَالِ
وفِي نَسْجِ وَهْمِ الْلَيَالِي السَّعِيدَة
أرى عند سَدْلِ السِّتَارِ وجُوهاً
تُعَانِي الْحِصَارا
وتَرْجُو الْفِرَارا
ومُلْكاً تَهَاوَى
وخَلْقاً تَسَاوَى
ورُعْباً يَسَوقُ النُّفُوسَ الدَّنِيئَة
أرَى عِنْدَ سَدْلِ السِّتَارِ شَفِيعاً
ورُكْناً ظَلِيلاً
ورَوْضاً جَمِيلاً
ورَبّاً جَلِيلاً
رَوَى بالْأمَانِ الْقُلُوبَ الْبَرِيئَة
فَيَا مَنْ رَكِبْتَ دَوِيَّ الْمَدَافِعْ
وأمْطَرْتَ بِالرُّعْبِ أمْنَ الْبَشَرْ
ويا مَنْ نَثَرْتَ شَظَايا الْقَنَابِلْ
وأثْقَلْتَ بالدَّمْعِ عَيْنَ الْقَمَرْ
ويا مَنْ عَبَثْتَ بهَمِّ الْيَتِيمِ
وأنْطَقْتَ بِالظُّلْمِ قَلْبَ الحَجَرْ
تَدُورُ الدَّوائِرْ
وصَمْتُ السَّرَائِرْ
هُنَا الْيَوْمَ يَتْلو نَشِيدَ الْقَدَرْ
أمَازِلْتَ تَعْشَقُ قَطْفَ الرُّؤوسِ
وتَلْهُو!
وأنْتَ بِكَفِّ الْخَطَرْ
أمَازِلْتَ تَصْفُو لِغَرْسِ الْمَنَايَا
فيَوْماً سَيَأْتِي
ويُنْهِي السَّفَرْ
فيَا لَيْثَ دُنْيَا الْفَسَادِ رُوَيْداً
إذَا اللهُ شَاءَ
فَلَنْ يَنْتَظِرْ
أيَادِي الْقُبُورِ تَتُوقُ إلَيْكَ
وعُرْسُكَ أضْحَى حَدِيثَ الْحُفَرْ
فَعِشْ كَيْفَ شِئْتَ
وَنَلْ كَيْفَ شِئْتَ
حُصُونُكَ مَهْمَا عَلَتْ تَنْكَسِر
أرَى كُلَّ شَيْءٍ
تَبَاعَدَ عَنِّي
وأهْرَقْتُ عُمْرِي بِحُلْمِي الْوَبِيلِ !
وصَاحَ الْقَضَاءُ بِوَجْهِي
دَعَاكَ
إلَهُ الْوُجُودِ لِيَوْمِ الرَّحِيلِ
فَقُمْ قُلْ وَدَاعاً
لِهَذِي الْحَيَاةِ
وعُدْ بِالْفُؤادِ لِرَبٍّ جَلِيلِ
سَلامٌ إلَى حُضْنِ هَذِي الْلَيَالي
وشَدْوِي وصَمْتِي
وفَنِّي الْجَمِيلِ
كَذَا مَرَّ عُمْرِي ثَقِيلَ الثَّوَانِي
جَرِيحَ الْأمَانِي
أسِيرَ الْهُمُومِ
إلهي
إلَيْكَ نَثَرْتُ دُمُوعِي
وأيْقَظْتُ نَفْسِي لِأَمْرٍ عَظِيمِ
عَزَائِي
بِأنِّي بَغَضْتُ الظَّلامَ
ومَوْتَ الْقُلُوبِ
وظُلْمَ الْبَشَرْ
وأوْدَعْتُ عُمْرِي بقَلْبٍ سَلِيمِ
يَتُوقُ
إلَى الْخَالِقِ الْمُقْتَدِرْ
فَيَا مَنْ هَدَيْتَ الثَّرَى والنُّجُومَ
طَوَيْتُ إلَيْكَ الْمَسِيرَ الْعَسِرْ
ألُوذُ
إلَى رُكْنِ كُلِّ الْمَوَالِي
وأدْنُو
بِكُلِّ الْبُكَا.. أعْتَذِرْ
 - مصر

CONVERSATION

0 comments: