الصكوك الإسلامية فى الميزان/ رأفت محمد السيد

 نشأت فكرة الصكوك الإسلامية عندما بدأ البحث عن بدائل ووسائل اقتصادية جديدة، مع الانهيار الكبير الذي شهدته الرأسمالية، تزامنا مع أزمة الرهونات العقارية التي تسببت في أكبر ركود عالمي منذ الكساد الأعظم ، ووصول التضخم إلى أعلى مستوياته، وانهيار الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى، إلى جانب المؤسسات المالية العملاقة التي أغلفت أبوابها معلنة إفلاسها، كما بدأ تزايد الاعتماد على الصكوك الإسلامية في السنوات الأخيرة حتى أصبحت الأسرع نموا في سوق التمويل الإسلامي .
وتعد الصكوك الإسلامية من أبرز منتجات الصناعة المالية الإسلامية ، حيث أصبحت واقعًا فرضَ نفسه على الساحة المالية العالمية  لدرجة أن العديد من المؤسسات الإسلامية وغير الإسلامية وجهت وجهها إليها لقدرتها على توفير الموارد التمويلية اللازمة للاستثمارات  فضلا عن أنها ستقوم بالمواءمة بين المعضلات الثلاث: الربحية ، والسيولة ، والأمان من المخاطر.
فالصكوك ماهى إلا محاولة لتقليل الاعتماد على الاستدانة من الجهات المتعددة ، ورغبة في زيادة مشاركة المصريين في بناء الاقتصاد القومي وأيضًا رغبة في وضع يد المصريين على مشاكل الاقتصاد ودخولهم كمساهمين في الحلول وبناء المشروعات القومية الكبرى .
وقد يتساءل الكثير من ابناء الشعب المصرى عن أهمية الصكوك الإسلامية التى اصبحت هى الموضوع الأهم والبارز على الساحة خلال هذه الفترة ، وترجع أهمية الصكوك الإسلامية إلى أنها أحد اهم الأدوات الاستثمارية التى تساهم في نمو الاقتصاد بصفة عامة والإقتصاد المصرى بصفة خاصة ، فمنها تمول المشروعات القومية وتسد عجز الموازنة العامة للدولة، وذلك فى ظل انخفاض معدلات الإدخار في مصر التي بلغت 12% ومعدلات استثمار وصلت إلى 17% وهى نسب منخفضة جدا، وقد لايعرف البعض أن الصكوك موجودة في القانون 95 لكنها لم تكن مفعلة لأسباب سياسية في ظل النظام السابق، فهى كما ذكرنا أداة استثمارية هامة جدا
أما عن سبب فى إضافة الصبغة الإسلامية عليها فلم يكن ذلك من قبيل الصدفة ولكن لأن إجمالي حجم التمويل الاسلامي في العالم بلغ 1.6 تريليون دولار، ونسبة مصر من هذا التمويل منخفضة جداً، فهى غير موجودة على خريطة التمويل الإسلامي مقارنة بالدول الأخرى، فماليزيا بلغت نسبتها 15%، والإمارات 9%، والبحرين 2.3%، في حين أن حصة مصر بلغت 1.3% فقط.
فضلا عن أن التجربة الماليزية الفريدة في الصكوك الاسلامية تعتبر مثلا يحتذى به ، فقد اعتمد عليها رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد بشكل رئيسي في الخطة طويلة الأجل 2020 التي وضعها لماليزيا.
 وتعتبر تلك الصكوك ذات منافع كثيرة منها على سبيل المثال أنها تعد من أفضل الصيغ لتمويل المشاريع الكبيرة التي لا تتحملها جهة واحدة ،
أنها تفتح مجالاً كبيرًا للمستثمرين الذين يريدون استثمار فائض أموالهم ، ويرغبون في الوقت نفسه أن يستردوا أموالهم بسهولة عندما يحتاجون إليها ، كما تعتبر هي البديل الإسلامي للسندات في النظام الرأسمالي ، أنها تتيح الفرصة أمام البنوك المركزية لاستخدامها ضمن أطر السياسة النقدية وفقا للمنظور الإسلامي بما يساهم في امتصاص السيولة ، ومن ثم خفض معدلات التضخم، وإتاحة الفرصة أمام المؤسسات المالية الإسلامية لإدارة السيولة الفائضة لديها فضلا عن ذلك فهى تلبي احتياجات الدولة في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنموية بدلاً من الاعتماد على سندات الخزينة والدين العام ، إضافة إلى ذلك فهى تساعد في تحسين ربحية المؤسسات المالية والشركات ومراكزها المالية، وذلك لأن عمليات إصدار الصكوك الإسلامية تعتبر عمليات خارج الميزانية ولا تحتاج لتكلفة كبيرة في تمويلها وإدارتها ، كما أنها تعتبر أداة تساعد على الشفافية وتحسين بنية المعلومات في السوق ، تسهم في الحصول على السيولة اللازمة لتوسيع قاعدة المشاريع وتطويرها ، كما  تعمل الصكوك على تحسين القدرة الائتمانية والهيكل التمويلي للمؤسسات المصدرة للصكوك من حيث أنها تتطلب التصنيف الائتماني للمحفظة بصورة مستقلة عن المؤسسة ذاتها ومن ثم يكون تصنيفها الائتماني مرتفعًا.
ومن المعلوم أن سوق الصكوك الإسلامية مازال بكرا لذلك لابد من ضبط السوق بالعديد من التشريعات لمنع التلاعب ، فضلا عن ضرورة عقد ندوات تعريفية لمجتمع الأعمال بالصكوك الإسلامية مع ضرورة  تحديد متطلبات البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية.

CONVERSATION

0 comments: