راد خارج المسلخ السياسي/ عباس علي مراد

" لقد حان الوقت لكي ارحل واسكت" 
كيفن راد رئيس الوزراء السابق
كيفن راد قصة سياسية عمرها البرلماني 15 عاما،ً اي منذ دخل البرلمان الفيدرالي عن مقعد كريفيث الفيدرالي في ولاية كوينزلاند عام 1998 وكان راد قد عمل في السلك البلوماسي من العام 1981 حتى 1988وخدم مع واين غوس رئيس وزراء ولاية كوينزلند الاسبق وكان صاحب نفوذ كبير  استمر في منصبه حتى عام 1992 وفي عام 1996 تم اختياره للمنافسة على مقعد كريفيث وخسر الانتخابات ليعود ويفوز بانتخابات عام 1998 عن نفس المقعد.
لم يكن راد يخفي طموحه السياسي والذي قاده بسرعة الى تولي زعامة حزب العمال في 4 كانون الاول عام 2006 عندما تحالف مع جوليا غيلارد واطاح بزعيم الحزب انذاك كيم بيزلي 49 صوتاً مقابل 39.
وبعد اقل من عام وفي انتخابات عام 2007 حقق حزب العمال بزعامة راد نصراً تاريخياً على حكومة التحالف برئاسة رئيس الوزراء الاسبق جان هاورد الذي خسر مقعده النيابي ايضاً. وحظي راد بشعبية هي الأعلى في تاريخ رؤوساء الوزراء الاستراليين.
وفي العام 2008 داهمت الأزمة المالية العالمية الاقتصاد العالمي منغـّصة على راد شهر العسل السياسي حيث اضطر الى تغيير اولوياته من اجل انقاذ الاقتصاد الاسترالي والحؤول دون دخوله في الركود، فأصدرت حكومة راد رزمة من الحوافز المالية (10.4 مليار دولار) والتي ادت الى تجاوز القطوع واستمرار النمو الاقتصادي في البلاد بحدود 3% سنوياً رغم بعض الثغرات التي برزت اثناء تنفيذ بعض البرامج التي شملتها خطة انعاش الاقتصاد وابرزها الهدر الذي رافق تنفيذ البنى التحتية للثورة التعليمية بالاضافة الى المشاكل  التي واجهت برنامج تركيب العوازل الحرارية للمنازل مما ادى الى وقف العمل بذلك البرنامج للحد من التداعيات السياسية التي رافقت سوء التطبيق والتي استثمرتها المعارضة بشكل كبير.
وكان راد بُعيد انتخابه ببضعة اشهر وفي 13 شباط 2008 قد اعتذر وبدون تحفظ للسكان الاصليين على المعاملة التي تلقوها في الماضي في ما عرف بيوم الاعتذار.
كل هذا وغيره من الانجازات التي حققتها حكومته في مجال التعليم والغاء قوانين اماكن العمل (خيارات العمل) التي كانت اقرتها حكومة هاورد لم تشفع لراد، فتمت الاطاحة به ليس من قبل الناخبين ، لكن من قبل زملائه الذين انقلبوا عليه في 24/10/2010 لتتولى نائبته جوليا غيلارد رئاسة الحكومة ليدخل كيفن راد التاريخ كأول رئيس وزراء يطيح به حزبه قبل اتمام الدورة البرلمانية وقبل العوده للناخبين بسبب خشية اصحاب مراكز النفوذ داخل الحزب من خسارة الانتخابات بسبب تراجع شعبية راد، وبعد ان شكلت غيلارد حكومة اقلية بالتحالف مع الخضر والنواب المستقلين لأن حزب العمال خسر الاكثرية في انتخابات عام 2010 تولى راد وزراة الخارجية في تلك الحكومة حتى 22 شباط 2012 حيث استقال من الوزارة ليقود محاولة فاشلة للإطاحة بغيلارد في 27 شباط 2012 والتي حصلت فيها غيلارد على 71 صوتاً مقابل 31 لراد.
عاد راد الكرة في 26/06/2013 ليفوز على غيلارد 57 صوتاً مقابل 45.
بعد عودته الى رئاسة الحكومة عدّل في عدد من السياسيات الحكومية والحزبية، اهمها تبني سياسة متشددة تجاه طالبي اللجوء واحياء العمل بالحل الباسيفيكي الذي كانت تتبناها حكومة هاورد، وتخلى عنه راد عند توليه رئاسة الوزارة اول مرة.
اما على المستوى الحزبي فقد ادخل راد تعديلات على كيفية اختيار زعيم الحزب واعطى نسبة 50% من الأصوات للقواعد الحزبية و50% لمجلس الحزب المعروف ب (الكوكس) والذي على اساسه اختير زعيم الحزب العمالي الحالي بيل شورتن.
خسر حزب العمال الانتخابات في ايلول الماضي واحتفظ الحزب ب 55 مقعداً من اصل 150، عدد مقاعد مجلس النواب. وكان راد على علم بصعوبة مهمته بالفوز، ولكا كما رأى العديد من المراقبين، استطاع الحفاظ على كتلة برلمانية وازنة لحزبه وهو احد الاسباب الذي دفع ببعض معارضي راد ليصوتو له ليس حبا به لكن من اجل الحفاظ على مقاعدهم النيابية لأن استطلاعات الراي كانت تفضل راد على غيلارد التي تراجعت شعبتها بشكل كبير كما اظهر اكثر من استطلاع للرأي.
الأربعاء، وفي العشرين من تشرين الثاني 2013 أعلن كيفن راد عن اعتزال العمل السياسي واغرورقت عيناه بالدمع اثناء تلاوة بيان استقالته والتي عزاها لأسباب عائلية.
اذاً، رحل راد او رُحّل هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة، لكن لا شك ان رحيل راد وقبله رحيل جوليا غيلارد قد يوقف الحرب الاهلية داخل حزب العمال كما سماها بعض المعلقين والتي شوّهت بشكل كبير سمعه الحزب كحزب رائد في التغيير وطبعاً فإن اول ضحايا تلك الحرب كان راد وغيلارد نفسيهما، وهذا ما كان قد حذر منه رئيس الوزراء العمالي الأسبق بوب هوك عندما نصح الحزبيين بوقف الصراع وعدم التضحية باثنين من ابرز قياديي حزب العمال.
والآن وبعد رحيل راد المفاجئ والمبكر والذي لم يعلم به الا القلائل من زملائه حتى انه لم يعلم زعيم الحزب بيل شورتن، يواجه الحزب مشكلة اختيار مرشح خلف لراد مع خشية من خسارة المقعد لصالح التحالف، وقد طرح اسم جاسيكا ابنة راد التي تعيش في الصين، لكنها وضعت حداً لكل التكهنات قائلة ان الفرع المحلي قادر على اختيار مرشح جيد لخوض الانتخابات الفرعية (سيدني مورنيغ هيرالد 15/11/2012 ص 10).
طبعاً ،برحيله لم ترحل كل التحديات التي حاول التصدي لها وابرزها مشكلة وضع حد للأنحباس الحراري والتي اعتبرها في احد اقواله المشهورة التحدي الأخلاقي الكبير في عصرنا من الناحية البيئية والاقتصادية، لكن الشيء الوحيد والمؤكد هو خروجه من المسلخ السياسي المعروف بكوكس حزب العمال والذي كانت زوجته تيريزا رين تحثـّه على الخروج منه حسب ما كتب محرر الشؤون السياسية في صحيفة سدني مورنغ هيرالد بيتر هارتشر في عدد السبت 16/11/2013.
ولقد تلقى راد بعض كلمات الاطراء من بعض زملائه من كلا الحزبين وكان الملفت للنظر، الهجوم الذي شنه مارك ليثم على راد واصفاً اياه بالسيء
اخيراً ما كتب قد كتب، ولكن مما لا شك فيه ان هناك من سيواظب على كشف المزيد من خفايا الأمور وقد نقرأ المزيد من المقالات والتحليلات والكتب التي ستتحدث عن "الرادية" السياسية، عن حسناتها، سيئاتها، نجاحاتها، اخفاقاتها ومن ثم حكم التاريخ عليها.

سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: