واضح أن هناك اتفاق روسي- أمريكي يشمل كل ملفات العالم والمنطقة بدءاً من الملف النووي الكوري وانتهاء بالقضية الفلسطينية،وهذا الإتفاق ما كان له ان يكون،لو ان امريكا كانت قادرة على ان تستمر في قيادة هذا العالم منفردة،حيث ان ازمتها الإقتصادية المتعمقة،وما استنزفته الحروب العدوانية الخارجية التي شنتها تحت يافطة وذريعة محاربة الإرهاب(افغانستان والعراق)من ميزانيات كبيرة،هي من العوامل الهامة في هذا الإتفاق،وبرزت بوضوح عناصر هذا الإتفاق بعد ما يسمى بقضية كيماوي الغوطة السوري،حيث جرى الإتفاق على تفادي حرب قد تكون عالمية مدمرة مقابل قبول سوريا بإخضاع سلاحها الكيماوي للإشراف الدولي وتدميره،ومن بعد ذلك تحركت الأمور نحو تسوية الملف النووي الإيراني،فقد لمسنا بعد الدورة السادسة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة بوادر تقارب ايراني- امريكي،ادى الى محادثات بين ايران ومجموعة الخمسة الكبار،هذه المحادثات يبدو ان هناك تقدماً كبيراً قد حدث فيها،دفع بوزير الخارجية الأمريكي للذهاب وحضورها،وما يتوفر من معلومات عن تلك المحادثات،يشير الى موافقة ايرانية على وقف تخصيب اليورانيوم 20% لمدة ثلاث سنوات،مقابل رفع امريكي واوروبي غربي للعقوبات المفروضة عليها بشكل جزئي،وبالذات رفع الحظر عن البنك المركزي الإيراني وصادرات النفط والتكنولوجيا المدنية،والسماح بإستخدام الودائع الإيرانية في عمليات الشراء وقطع غيار للطائرات المدنية وغيرها،وأيضاً سيكون هناك اعتراف بدور ونفوذ ايران الإقليمي في المنطقة.
وقناعتي أن الإتفاق الأمريكي- الإيراني الذي يجري انضاجه،وما سيتمخض عنه من رفع للعقوبات الدولية عن ايران،فهذا معناه أن قطار تلك التسويات والتفاهمات الروسية - الأمريكية،سيصل الى المنطقة،وخصوصاً ملف القضية الفلسطينية،واسرائيل لديها شعور قوي بأن هذا الإتفاق وهذه التسويات،قد تكون مكلفة لها اكثر من الحرب،وقد تضطرها الى الإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران/1967 صاغرة ومن موقع المهزوم لا المنتصر،ولذلك نسمع كل يوم صراخها وعويلها ضد الإتفاق والتقارب الأمريكي- الإيراني،وتهديداتها بضرب ايران،وبأن أي اتفاق دولي غير ملزم لها،وهي لن تساوم على امنها،وكذلك نتنياهو قال بأن اي اتفاق مع الجانب الفلسطيني غير ملزم،بدون مراعاة احتياجات اسرائيل الأمنية، وهذا يجعلني مقتنعاً بأن اسرائيل تريد تحقيق واحد من إحتمالين،أن تحقق ما تريده من خلال دفع الأمور لحافة الهاوية والتهديد بالحرب،والإحتمال الأكثر ترجيحاً بأنها ستقوم بإفتعال حرب مع حزب الله مخططة ومنسقة مع امريكا، من اجل ان تقلل من الثمن الذي قد تدفعه نتيجة تلك التسويات،وما يرجح هذا الخيار والإحتمال،هو قيامها بنصب أبراج مراقبة في شمال فلسطين المحتلة من اجل التجسس على كل شبكة الاتصالات اللبنانية،وتحديداً الخاصة بحزب الله،تمكنها من جمع معلومات استخباراتية على الدائرة المغلقة المحيطة بسماحة الشيخ حسن نصر الله... وعن قدرات حزب الله في مجال السلاح الإستراتيجي وغيرها من الهداف الإستخبارية الأخرى.
واسرائيل تعتقد انه بشنها لحرب على لبنان وحزب الله ستقوم بخلط الأوراق في المنطقة،وامريكا لن تسمح بأن تطول تلك الحرب وستهب لنجدتها وفرض وقف لإطلاق النار،ومن بعده تجري التفاهمات من اجل عقد تسويات في المنطقة،قد يكون من نتائجها محاولة إبعاد تهديد أسلحة حزب الله الإستراتيجية عن قلب دولتها،وبالمقابل هذه الحرب من شأنها أن تغير في إتجاهات المجتمع الإسرائيلي،نحو الحاجة الى تسوية للقضية الفلسطينية،وتقبل ثمن هذه التسوية،بعد تذوقهم لنار الحرب.
ثمة تغيرات ذات استراتيجي في المنطقة ،ورياح التغير هذه ستطال منطقتنا وقضيتنا بشكل اساسي،فهي جوهر الصراع في هذه المنطقة،التفاهمات الروسية- الأمريكية تتقدم من الاتفاق على عقد مؤتمر جنيف(2 ) بشأن القضية السورية،والذي يبدو أنه لم يعد بعيدا،بعد أن تم إستعباد الجماعات الإرهابية والتكفيرية منه،وكذلك التفاهم على الملف النووي الإيراني في مراحله الأخيرة،هذا الملف الذي لو تم العبث به لكانت هناك حرب مدمرة،تطال تاثيراتها العالم بأسره،ومصر يبدو ان اوضاعها تعود الى الإستقرار،بعد ان أصبحت شعارات عودة مرسي والشورى والدستور من خلف ظهر الشعب المصري والعالم وحتى اقرب حلفاء الإخوان.
الشهر القادمة القليلة ستكشف كل التطورات والتغيرات في المنطقة،وسنرى اذا ما كانت اسرائيل ستقدم على مغامرة عسكرية وتشن عدواناً جديداً على لبنان وحزب الله،ام انها ستدفع ثمن تلك التغيرات والتطورات الإستراتيجية سلماً،ولكن قناعتي بمدى غرور وعنجهية قادة دولة الإحتلال،ستدفع بهم نحو المغامرة العسكرية،التي ستخضعها لدفع ثمن التسوية بعد ان يذوق سكانها ثمن ويلات الحرب.
0 comments:
إرسال تعليق