"ماشي الحال بينت...لو كان هناك شعب يحاسب لما بقي زعماء مثلي ومثل الرئيس الحريري وغيرنا "
من اقوال الاستاذ وليد جنبلاط رداً على الرئيس سعد الحريري في السجال الأخير بينهما.
بداية، احب ان انوه الى انني لست من المعجبين بمعظم قيادات الطبقة السياسية اللبنانية ، وذلك لأسباب ليست خافية على احد، وأهمها فشل تلك القيادات في تثبيت اسس الدولة اللبنانية ،على اقله منذ عهد الاستقلال في اربعينات القرن الماضي لا بل ان معظمها عملت بكل ما اوتيت من قوة وبذّلت كل ما لديها من طاقة و جهد من اجل تقويض بعض الأسس التي كان يمكن البناء عليها. وقد دفع اللبنانيون بطوائفهم ومذاهبهم وعشائرهم ببطونها وافخاذها كما يحلو لقياداتهم ايهامهم ان هذه هي تركيبتهم الطبيعية الغالي والنفيس، فقد دُمّر ما دُمّر من مدن وقرى وحضائر وقُتل من قُتل واصيب بالإعاقة من اصيب وهُجّر من هُجّر وهاجر من هاجر وصودرت املاك عامة لحساب افراد وقيادات نتيجة التقاتل العبثي في سلسلة من الأ زمات كانت قمّتها في بداية العام 1975 ،ومنذ انتهاء تلك الحرب بقي الاشتباك السياسي على أشدّه فلا اتفاق الطائف الذي جرى بموجبه تعديل الدستور استطاع ان يؤمن الحد الأدنى من الوحدة الوطنية لشعور البعض بالاحباط وشعور البعض الآخر بالغبن ،ودخل لبنان في عهد الوصاية السورية بتفويض عربي والذي استمر الى ان خرج السوريوين من لبنان عام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عندما انقلبت بعض القيادات على السوريين، علما ان اصوات هذه القيادات بُحت وهي تنادي بوحدة المسار والمصير مع السوريين وغيرها من الشعارات التي رفعت في تللك الحقبة، عندما كانت مستفيدة ومسيطرة على السلطة ومقدرات البلاد بفضل الغطاء السوري .
حالياً وكما هو معلوم فإن الاشتباك السياسي على أشده حول اية قانون انتخاب يجب اعتماده قانون النسبية او الأكثري او ما يجمع القانونين وكل فريق يريد ان يفحص الحمض النووي (دي ان اي) لكل مشروع حتى يتأكد من تطابقه مع مصلحته الفئوية على حساب مصلحة المواطن والشعب الذي يئن تحت عبء معيشي اقتصادي وحتى امني نتيجة الأزمة في سوريا وتأثيراتها على الدول المحيطة، وطبعاً لبنان الأكثر عرضة لعدم مركزية الدولة رغم ما سمي بسياسة النأي بالنفس التي اتبعتها الحكومة اللبنانية وطبعاً هذه السياسة تشبه النعامة التي تضع رأسها في الرمال لأن هناك في لبنان من يجاهر علناً بالتدخل في الداخل السوري.
ومؤخراً ادى اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس فرع المعلومات الى اظهار الصورة الحقيقية للوضع في لبنان وهشاشته لو لم يسارع سفراء الدول الكبرى والأقليمية الفاعلة الى تطويق الامر ،وقد رأى اللبنانيون كيف تصرّف من كان يطالب بالعبور الى الدولة من اجل الوصول الى السلطة عبر التعرض لرمزية مركز مؤسسة مجلس الوزراء (السراي الحكومي) متجاوزاً حرمة المكان والمناسبة حيث ان جثمان اللواء الحسن لم يكن قد ووري الثرى بعد!
كل هذا يعود بنا الى ما قاله جنبلاط وبصراحة فهل هناك من شعب يحاسب؟! ونزيد على كلامه وهل من شعب يعتبر؟! وهل اقتنع اللبنانيون ان لهذه الطبقة السياسية مع بعض الاستثناءات مشروعها الذي يأتي اولاً واخيارً على حساب مصلحة الوطن والمواطن، وعدم بناء الدولة والعمل دوماً على وضع العوائق والحواجز بين اللبنانيين عبر تقسيمهم الى طوائف ومذاهب وعشائر وقبائل؟
وللمغتربين حصتهم ،فاليوم وبحجة اعطاء المغتربين حقهم بالانتخاب هناك من يريد ان يزيد الطائفة رقم 19(طائفة المغتربين) الى الطوائف المتواجدة في لبنان ،فهل يتعظ ويعتبر المغتربون من كلام جنبلاط بأنه لا يوجد هناك شعب يحاسب فلا ينجرون الى الاعيب تللك الطبقة السياسية، خصوصاً اننا في بلاد الاغتراب كنا قد "هُشِّلنا "من لبنان بفضل الطبقة السياسية اياها!!!
وعليه الحق يقال فإن الاستاذ وليد جنبلاط سمى الأشياء بأسمائها وله الشكر على ذلك، لعله تخف حدة التكاذب المشترك وندخل الى الدولة الدولة والوطن الوطن حيث لا خوف ولا احباط الا لأعداء لبنان واللبنانيين والذين لا يخفون اطماعهم بأرضنا ومياهنا ومواردنا.
0 comments:
إرسال تعليق