التدريب الإسرائيلي نقطة تحوّل رقم 6 واغتيال العميد الحسن/ سعيد نفاع


لماذا ليس مستبعدا أن تكون إسرائيل وراء اغتيال العميد وسام الحسن رئيس فرع المعلومات (المخابرات) اللبنانيّة؟!
ربّ قاريء ربيعيّ عربيّ ومن مجرّد رؤية هذا التساؤل سيعيد علينا أو على نفسه "السيمفونيّة السينيكانيّة" ساخرا منّا أو من سذاجتنا في أضعف الإيمان: هل إسرائيل مسؤولة إن لم تمطر الدنيا كذلك؟! 
الاغتيال في الخفاء والذي كان ضحيتَه وعلى مدى عقود، كثرٌ من القادة والشخصيّات العربيّة وبالذات الفلسطينيّة، والذي كان ضحيته في العقد الأخير كذلك قادة وشخصيّات لبنانيّة ومن الفريقين في لبنان، هو اغتيال من النوع الذي يصعب اكتشاف منفّذيه، وهذا ما كان في معظمها إن لم يكن كلها.     
المتهم في هذه الحالات في نظر العرب قادة ورعايا، كان جاهزا ولم تكن لنا حاجة بالبيّنات فأشرنا بأصبع الاتهام إلى إسرائيل، رغم أنه وإن لم تخّنّي الذاكرة، لم يثبت أحد هذا الاتهام يوما ماديّا، فاعتمدنا على المنطق المتحكمة به أسئلة مثل: من هو العدو ومن هو المستفيد وإلى ما هنالك، وهذا أوصلنا إلى إسرائيل وكفى المؤمنين شرّ القتال في انتظار الاغتيال القادم وهكذا دواليك.
ليس هذا من باب تبرئة إسرائيل فليس غريبا على إسرائيل ذلك، ببيّنة وبدونها، ولكن الأمر صار لدى أصدقائها المخفيّين "سينيكانيّة" من أولاء الما زالوا يضعون المسؤوليّة على  إسرائيل في هذه الاغتيالات بالمنطق، وليس قبل أن يضمن الأصدقاء خروج الحروف مؤكدة من حلوقهم وهم يصنفون إسرائيل غداة كل اغتيال بالعدو، عند قولهم : "لا تقولوا لنا أن العدو الإسرائيلي وراء هذا الاغتيال"، هذا بالضبط ما جعجع به بعض اللبنانيين على خلفيّة اغتيال العميد الحسن، فهل من أحد يصدّق أن الذي تدرّب على يد الجيش الإسرائيلي وفي المعسكرات الإسرائيليّة وأياديه ملطخّة حتى الأكتاف بدم اللبنانيين والفلسطينيين، فعلا عدوّ لإسرائيل؟!
قبل أن تجف دماء العميد الحسن أو ربّما قبل أن يُعرف ضحايا هذا العمل الإرهابيّ كان هؤلاء يشيرون بالبنان إلى بشّار الأسد شخصيّا وتماما بالسمفونيّة المعدّة ألحانها في تل أبيب "لا تقولوا لنا أن العدو الإسرائيلي وراء هذا الاغتيال فالأمر واضح بشّار الأسد وراء هذا الاغتيال"، ويأتيهم الدعم في خلاصاتهم هذه وأسرع من البرق من إسرائيل والتُرك والعُرب والغرب وبالألحان النشاز نفسها.
معروف المرحوم العميد وسام الحسن ومعروفة مدرسته لا بل أكثر من ذلك طفا اسمه مؤخرا في قضيّة اعتقال الوزير ميشيل سماحة وهو ينقل كما رشح أو أُشيع، المتفجرات المعدّة من سوريّة إلى لبنان والتي كثر اللغط حولها، طبيعيّ وعلى الأقل من هذا الباب أن يربط الانسان العاديّ الاغتيال بهذه القضيّة وظروفها وتداعياتها ويتهم سوريّة وأصدقاءها اللبنانيين بتنفيذها، ولكن هل فعلا أولاء الساسة اللبنانيين وأسيادهم خلف الصحراء وخلف البحار اتهموا سوريّة ورئيسها ومن نفس الباب مبرئين إسرائيل وذممهم؟!
إسرائيل ومنذ هزيمتها المدويّة في حرب تموز العدوانيّة في ال2006 أمام المقاومة اللبنانيّة، تعيد تأهيل جيشها وجبهتها الداخليّة بتدريبات على حرب محتملة من هلال يتشكّل شمال شرقها قلبه سوريّة وميمنته حزب الله وميسرته إيران وهي تقول ذلك على رؤوس الأشهاد، تحت مسمى "نقطة تحوّل" أجرت مرحلته السادسة "نقطة تحول 6" هذه الأيام وهذه المرة بمناورة مشتركة مع القوات الأميركيّة، ورغم إعلانها وكأن التدريب يجري استعدادا لهزّة أرضيّة مرتقبة إلا أن وزير جبهتها الداخليّة قالها وبصريح العبارة: هذا التدريب ينفع كذلك لحرب قادمة. رغم أننا نعرف أن التدريب هو استعداد لحرب قادمة ينفع كذلك استعداد لهزّة أرضيّة ولو لم يكن كذلك لما كان جاء في سلسلة مناورات "نقاط التحوّل".
الحقيقة الأخرى هي في سياق التهديد الإسرائيلي المتكرر بالاعتداء على إيران، ورغم أن نتانياهو ومنذ اعتلائه سدة الحكم في ال2009 لم يفتأ يكرر هذا التهديد إلا أن الرادع الأساس كان هذا الهلال. عندما احتدمت الأزمة السوريّة قدّر نتانياهو أنّ قلب الهلال سوريّة خرج من المعادلة وظهير حزب الله انقصم، فعلت وتيرة تهديداته التي رأى فيها الكثير من المراقبين بكاء على فرصة تضيع من بين يديه ويد وزير أمنه باراك، فهرب منها إلى الأمام بانتخابات مبكّرة لن تردعه عن المغامرة إن سنحت له فرصة حرب على الأقل على حزب الله، والتقليل من أهميّة طائرة الاستطلاع أو بلغتهم "خفض الصوت" عن الموضوع ربّما تكون أكثر من مؤشر، فمتى كانت إسرائيل تسكت على إطلاق قذيفة تائهة على أراضيها فكم بالحري إطلاق طائرة في أجوائها؟!
عطفا على ما جاء أعلاه فاغتيال العميد وسام الحسن وبعيد دوره مؤخرا في قضيّة الوزير السابق سماحة، هو فرصة لا بدّ من استغلالها، فالأصابع ستشير إلى سوريّة على خلفيّة ذلك وفعلا لم يتأخر حلفاء إسرائيل الموضوعيّون بذلك وغلت لبنان القاعدة أصلا على برميل بارود، وهذا الغليان قد  يؤدي أو يُتمنى أن يؤدي إلى تفجّر البرميل بضرب خصوم سوريّة اللبنانيين بأصدقائها وعلى رأسهم حزب الله، وربّما تكون في ذلك فرصة نتانياهو المنتظرة ولن يخسر في هذا شيئا حتى لو أن اللبنانيّون كانوا أكبر من هذا الاغتيال ومن الاقتتال، وسيكون ربحه مضاعفا إن انفجر البرميل خصوصا وأن صك براءته قد صدر من لبنان ومسبقا. 
أفبعد هذا... هل من المستبعد أن تكون إسرائيل وراء اغتيال العميد وسام الحسن؟!  
     
أواخر تشرين الأول 2012  
  Sa.naffaa@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: