( 2 )
لامي الصابرة على عذابات الدهر تنحني الحروف وتفتح الصفحات أسطرها لمداد ثائر يأبى إلا أن يكون ثائراً رغم أنها لم تتلمذ في مدرسة الثورة، سنوات طويلة وأنا أحاول أن أتابعها بسلوكها اليومي فيذهلني تدبيرها وروعتها في تحليلها وفهمها للأشياء، يذهلني أيضاً أدارتها للبيت وتفانيها في أن تبدوا بهيئة بسيطة تدل على رونق خاص بها.
كان برنامجها الصباحي وما زالَ تدبير أمور البيت والاعتناء بالصبية الذين أصبحوا أشجاراً شامخة ومازالت تراهم في عيونها أطفالاً، أضحكُ عندما تدخل في نقاش معهم لتحليل مضمون الحال..!! لم تكن فقط هذه أولوياتها الوحيدة في الحياة فهناك الجد والجدة الذين كانوا على رأس جدول أعمالها اليومي، رحمهم الله ..!! والى جانبهم كانت الارض التي ربتنا على أن نعبدها عبادة..!! فكان يطالنا من غضبها جانباً عندما نحاول التكاسل نحوها، وكأنها تحاول أن تعلمنا أن الارض سر الوجود فحافظوا عليها .
هي الفلسطينية بامتياز كالفلسطينات اللواتي وجدن على هذه الارض، ولدن من رحم الارض الطاهر وبعثن الى ربهم وغبارها موجوداً على جبهاههن، لم أرَ أمي تختلف عنهن كثيراً لا في السلوك ولا في الكلام ولا في ألمنطق..
يعملن لغيرهن..
يجعن كي نشبع ..
ويبكينَ كي نفرح، يفرحن كي نكبر ..!!
ونواجه العاصفة
لفرح أمي حكايه .. له نكهته الخاصة فيها " أنطولوجيا " فريدة من نوعها عندما تفرح تضحك وتبكي معاً، كأن بكائها أمل وفي دمعتها حنين .. هي كما هي تختصرُ أحلامها فينا أن نكبر .. ولا يصيبنا مكروه ..!!
0 comments:
إرسال تعليق