الذكاء اللبناني؟ فضحونا ، فضحهم الله!/ جورج هاشم

معدل الذكاء المعروف ب اي كيو ( IQ )  امتحان علمي يجريه متخصصون لمعرفة درجة ذكاء  أي شخص. يُعتبر ذكياً من يحصل على مئة درجة. وكلما ارتفعت النسبة اتجه الشخص صوب العبقرية. فدرجة ذكاء آنشتاين مثلاً وصلت الى مئتين (200). 
في دراسة حديثة اجرتها منظمة عالمية حول متوسط ذكاء الشعوب، تصدر العراقي اللائحة العربية بدرجة 87 وحل عالمياً في المرتبة ال 21. ثم  الكويتي بمعدل 86 واليمني 85 وحلَّ السعودي والاماراتي والمغربي والاردني في المرتبة نفسها وهي الرابعة عربياً بعد ان حصل على 84 درجة. ثم الجزائري والبحريني والليبي والعماني والسوري والتونسي ب 83 درجة لكل منهم. وحصل القطري على 78 درجة بينما حلّ السوداني في المرتبة الاخيرة عربياً وحصل على 71 درجة. لم يُذكر الفلسطيني أبداً في الدراسة وهذا دليل آخر على تحيز المنظمات العالمية او ربما حسبوه مع الاسرايلي الذي حصل على درجة 95 وحلّ في المرتبة ال 12 عالمياً.
 المحيِّر في الدراسة هو ما حصل عليه اللبناني (82) والمصري (81). فمصر، ام الدنيا والرائدة عربياً في اكثر من مجال، اترك تفسير سبب تدني نسبة الذكاء فيها لاهلها . ولن اكتفي بتفسير احد ظرفائها الذي قال " سنة حكم اخوانية واحدة اوصلتنا الى هذه النتيجة. ولو أكمل مرسي مدته لكان تنافس مع الاخواني الآخر البشير على المرتبة الاخيرة"...
تصدرت القائمة سنغافوره بمعدل 108 درجات، كوريا الجنوبية 106، اليابان 105، ايطاليا 102، ثم ايسلندا- منغوليا، سويسرا، النمسا في المرتبة السادسة و مئة درجة لكل منها. حلّت استراليا في المرتبة التاسعة (98) بينما اتى في ذيل القائمة الكاميرون والغابون والموزمبيق ب 64 درجة لكل منها واتت غينيا الاستوائية في المركز الاخير (59). اما نتائج الدول العظمى فكانت كالتالي: الصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا 100 درجة لكل منها. ثم الولايات المتحدة 98 وروسيا 97. 
لم تعجبني الدراسة أبداً. انها اهانة للذكاء اللبناني الذي تربينا على تمجيده. ألم يسمعوا ب " لو كان للقمر طريق لكان في مقدمة الواصلين اليه لبنانيان: الاول يحمل كشة والثاني قلماً ودواة...؟" وأصبح للقمر طريق... ولا زلنا نحمل كشة عصرية ندور بها على ابواب العالم بعد ان كسرنا القلم الذي طقَّ بلعومه ونشَّفّ من حبر الرجولة والشرف... ألم يسمعوا بمدرسة الحقوق التي علّمت العالم الشرائع والقوانين ثم قفزنا فوق كل شرع و كل قانون... ألم يسمعوا ب " هالكم ارزه العاجقين الكون...؟ " وكاد الارز ينقرض و الازعاج يزداد... ألم يسمعوا بقدموس معلم معلمي العالم؟ ونحن نسينا كل ابجديات العالم المتمدن...ألم يسمعوا بجبران نبي المحبة؟ وانبياء الحقد والكراهية يقطعون كل طريق ويحتلون كل اوردة الوطن وشرايينه... ألم يسمعوا بحسن كامل الصباح  الذي أضاف متراً الى قامة الحضارة العالمية؟ ونحن ندمر كل قامات الوطن ومن كل القياسات... ألم يسمعوا بمايكل دبغي وفيليب سالم والوف عباقرة الطب والهندسة والعلوم والاقتصاد والفنون المشرورين في كل اصقاع الارض ...و الذين لا خبز لهم في وطنهم... ألم يسمعوا ببلد الاشعاع والنور والذي أصبح ينام على العتم...
 ولما تكدست الوف امثلة الذكاء اللبناني في رأسي وغلى الدم في عروقي. طلبت رئيس اللجنة المسؤول عن هذه الدراسة – الكارثة تلفونياً، وفوراً صببت على رأسه كل ما يليق به من تهم العنصرية والوقاحة والاستهانة بالنبوغ اللبناني. وسجّلت احتجاجاً مرتفع اللهجة والحرارة. ورفضت نتائج دراسته شكلاً ومضموناً. وسألته سؤالاً أفحمه: هل معقول ان يسبقنا في الذكاء المنغولي والباكستاني والافغاني؟... قضى المسكين أكثر من ساعة يطيب خاطري ويقدم التفسيرات التي لم اقتنع بها ابداً. ولم أهدأ الا بعد ان أرسل لي الكترونياً التقرير المفصل الذي اعدَّته اللجنة بعد ان وعدته ان اتصل به مجدداً بعد قراءته. ولان التقرير من اكثر من الف صفحة موثقة بالصور والاسماء والاماكن والمواقف اكتفي بملخص سريع لمضمونه...
تنقلت اللجنة من النهر الكبير شمالاً الى أقصى الجنوب، ومن الساحل الى الجبل والبقاع فلم تجد من يقبل المشاركة على أساس انه لبناني. فهذا محسوب على سوريا وذاك على أفغانستان، واخرى على " فغنسا"، ورابع على اميركا، وخامس تابع لامير مؤمني امارة داعش، وسادس استبعدته اللجنة لان زيه اولحيته  او ايمانه يدل على انه باكستاني او افغاني، وسابع ادعى انه من ولاية الفقيه وهو يقيم مؤقتاً في الدولة اللبنانية، في الوقت الذي يجهز شقته الخاصة يه، وتاسع لاجىء بدوام كامل في لبنان او لاجىء بدوام جزئي ولكنه يسعى للحصول على اقامة دائمة، وعاشر همس في اذن مقرر اللجنة انه محسوب على اسرائيل... وخامس عشر محسوب على السعودية. وواحد بعد المئة ميليشياوي مناطقي عشائري حتى النخاع... وكلهم طائفيون مذهبيون سيحررون لبنان من كل الخونة والمأجورين...
ولما عجزت اللجنة عن ايجاد من يتكلم باسم لبنان، وبعد شهر كامل من البحث والتدقيق والتنقل في كافة المناطق اللبنانية، وقبل أن تغادر بساعة واحدة، وصل الى مقرها خمسة او ستة اشخاص في حالة يرثى لها من التعب والارهاق. يبدو الفزع على وجوههم بعد ان تخطوا جميع الحواجز الطائفية المنصوبة بين كل زاروب وحي . اوضاعهم الصحية مزرية. منبوذون من كل القوى المسيطِرة، ومهدَدون بعيالهم وارزاقهم... وبدا التحدي والتصميم واضحين في اعينهم واصروا على التحدث باسم كل لبنان... صرّحوا للجنة أن امثالهم كثر ولكن بسبب الاوضاع لم يتمكنوا من الحضور...
لم تُجرِ لهم اللجنة اختباراً بل اعطتهم درجة تقديرية على شجاعتهم على أمل ان تجد، في زيارتها القادمة اكثرية واضحة، وغير خائفة، تتكلم باسم لبنان وتتمتع بكل ما يرفع الرأس عالياً ويعيد للبناني كرامته وذكاءه...
بعد أن انهيت قراءة التقرير لم أتصل برئيس اللجنة كما وعدته. بل ارسلت له رسالة الكترونية موجزة تقول: أرجو المعذرة منك يا سيدي. لقد فضحونا ، فضحهم الله...

CONVERSATION

0 comments: