خالد الحلّي: صحافي إعلامي شاعر وأديب/ د. عدنان الظاهر

عرفتُ الأستاذ خالد الحلي في أوائل خمسينيات القرن الماضي حين كان ما زال طفلاً يجلس أحياناً مع أبيه عمّنا المرحوم عبد الأئمة سعيد في محلهم التجاري في وسط مدينة الحلة لبيع الأجهزة الكهربائية والألكترونية . كان صموتاً لا يتكلم لكنه كان يلاحظ ويراقب ما حوله بعينين هادئتين متسائلتين فيلفت نظري هذا الطفل فأتساءل عن علّة سكوته وميله الدائم للصمت . مرّت الأعوام أعرف كيف مرَّ أغلبها ولا أعرف كيف مرَّ البعض الآخر منها حتى كنتُ ذات يوم من أيام أواسط سبعينيات القرن الماضي جالساً في مكتب الدكتور غانم حمدون في صحيفة طريق الشعب . دخل شاب وحيّانا فقال دكتور غانم هذا خالد الحلي . لم أتبينه ولم أحدس من هو هذا الخالد الحلي ؟ ما كنتُ أعرف إنساناً من الحلة يحمل هذا الإسم . لم يحمل قبله أحدٌ من شقيقيه الأكبر زميلي وصديقي الأستاذ مؤيد والأصغر نسيتُ اسمه ... لم يحملا لقب الحلي . لذا لم أولهِ الإهتمام المطلوب مني والمفترض أنْ أقوم به تجاه هذا الشاب الذي عرفته في بواكير طفولته صامتاً أبداً كأنه وُلِد بدون لسان. مرّت أعوامٌ وأعوام أخرى يتبعُ بعضها بعضاً حتى أخبرني صديق لي أنَّ شخصاً في أستراليا يعرفي ويرأس تحرير دورية ثقافية ولا بأس من مراسلته لنشر بعض ما كنتُ أكتب يومذاك من أشعار وغيرها . قال إنَّ اسمه خالد الحلي وهو من أهالي الحلة ! هذا إذاً السيد خالد الحلي الذي عرّفني غانم حمدون عليه في مقر جريدة طريق الشعب في بغداد . أرسلت له فنشر وأولى ما كنتُ أرسل له أكبر عناية ثم أرسل لي مشكوراً مجموعته الشعرية الأولى وقال إنه سبق وأنْ كتب تعريفاً بمجموعتي الشعرية الأولى التي حملت عنوان " إحساسي يُصيبُ الهدف " نشره في مجلة لبنانية في عام 1962 . إختفت فجأة أخبار الأستاذ خالد الحلي واختفت مطبوعته ولم أقرأ اسمه في المواقع إلاّ فيما ندر حتى كان يوم ! كنت أنشر في مجلة " كلمات " الأدبية التي تصدر في أستراليا بلغتين يحررها الدكتور رغيد النحاس وفوجئت أنَّ خالد الحلي قد غدا مسؤولاً في مجلة كلمات عن نقد موضوعات العدد السابق الشعرية . هذا إذاً خالد الصموت كأنْ لم يولدْ بلسان . ثم حصلت قطيعة أخرى بعد أنْ قرر الدكتور رغيد نحاس أنْ يوقف نشر القسم العربي من مجلة كلمات ويواصل نشر الجزء الثاني باللغة الإنكليزية . ضاع خالد الحلي منّي فمن يجده لي ؟ وُجدَ خالد لا ليغيب ولكن ليبقى الخالد الحلّي فقبل عدة شهور وصلني منه سلام من ملبورن في أستراليا من أحد ضيوفه الأعزّاء وكانا جالسين معاً في بيت خالد فمن هو هذا الضيف ؟ إنه الشاعر يحيى السماوي . ومرّت شهور فجاءتني من خالد رسالة بالبريد الألكتروني يسأل فيها عن عنوان بيتي أما زال هوهو القديم أم تغيّر ؟ قال إنه سيرسل لي كتاباً  جديداً له باللغة الإنكليزية ثم سأل : هل سبق وأنْ أرسل لي ديوانه الشعري " مُدن غائمة " ؟ قلتُ له أجلْ ، وصلني منك عام 1997 ديوان شعر صغير لكني لا أتذكر اسم عنوانه . أكتب هذا الكلام اليوم وأمامي كتابه الذي وعد باللغة الإنكليزية يحمل عنواناً جميلاً هو : إسمك ذاكرتي
Your Name My Memory
وصورة لوحة بلون ناري لإمرأة لا يبدو إلاّ القليل من رأسها ولكن بكامل رقبتها .... إذاً يخاطب خالد الحلي سيّدةً لا العراق مثلاً " إسمكِ " . اللوحة لفنان ليبي .
ملاحظات حول الكتاب
1 ـ كتب المترجم الدكتور رغيد نحّاس مقدمة قصيرة أشار فيها إلى أنَّ أغلب قصائد الديوان سبق وأنْ نُشر في ديوان " مدن غائمة " باللغة العربية .
2 ـ قال الدكتور رغيد إنَّ خالد الحلي ترك العراق عام 1979 لكنَّ خالداً كتب تحت صورته في آخر الكتاب أنه غادر العراق عام 1978 لأسباب سياسية . يغلبُ على ظنّي أنَّ عام 1978 هو الصحيح لأنَّ فيه كانت هجرة اليسار العراقي الجماعية الكبيرة إلى بلدان الشتات والتبعثر هرباً من القتل بالسم أو التعذيب في سجون نظام حكم البعث العراقي أو بحوادث القتل بالسيارات المشبوهة المجهولة الهوية .
3 ـ زيّنت صفحات الكتاب لوحات جميلة مُعبّرة لفنان هو الآخر من الحلة هو الأستاذ فؤاد عبد الأمير الطائي المقيم اليوم في السويد ولعلهما من جيل واحد في مدارس الحلة . لِكمْ تمنيتُ لو كانت اللوحات ملوّنة بدل الأسود والأبيض فمن المُقصّر إذا كان هناك ثمّةَ من تقصير ومُقصّر ؟
4 ـ كتبتُ كلمتي هذه قبل أنْ أقرأ محتويات الكتاب لأنني في عجلة من أمري إذْ أتأهب لسفر جديد وكما قال إبن زُريق البغدادي [[ ما آبَ من سفرٍ إلاّ وأزمعه / عزمٌ على سَفَرٍ بالرغمِ يُزمعهُ ]] .
5 ـ أعرف الدكتور رغيد نحّاس مترجماً بارعاً متمكناً من الإنكليزية رغم أنه متخصص في علوم البيئة والبحار من الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة هل البريطانية . نشر صورته مع شجرة برتقال وبرتقالتين وها هي سوريا والفاكهة وجهها الآخر لا ينفصلان .
6 ـ يحتوي هذا الديوان على ثلاثين قصيدة في 72 صفحة .
الناشر :
Papyrus Publishing
Staffordshire Reef
Australia

CONVERSATION

1 comments:

قصي البياتي يقول...

السلام عليكم
هل يمكن التواصل مع الاستاذ خالد الحلي لامر ضروري او الحصول على بريده الالكتروني
وهذا بريدي الالكتروني
Kam1965@gmail.com