في كتاب أعماق القول للناقد عبد المجيد عامر إطميزة، والذي يتضمّن قراءة تحليليّة في شِعْرِ آمال عوّاد رضوان، والصادر في نهاية عام 2013، فقد كتب في المقدمة:
عندما تَقرَأُ وتتصَفّحُ دواوينَ شاعِرتِنا المُبدِعةِ آمال عوّاد رضوان، تقفُ مذهولًا أمامَ نصوصِها، تتفحّصُها رويدًا رويدًا، وبعدَما تَفُكُّ رموزَها، بنشوةٍ تَعتريكَ، وبِلذّةٍ عقليّةٍ تُدغدغُ أفكارَكَ، حيثُ تُقابلُكَ حدائقُ فينانة، وما فيها مِن باقاتٍ نرجسيّةٍ جميلةٍ وفوّاحةٍ، مَبعثُها خلَجاتِ النّفسِ الحَرَّى، والرّوحِ العذبةِ، والذّاكرةِ النّقيّةِ، والوجدانِ الرّقراقِ، تَفوحُ شذًى وعطرًا يَشتَمُّها المُتَلقّي تُنثَرُ، وتَتفتّحُ أساريرُهُ بكُلِّ ما تَحمِلُهُ تجربتُها الإبداعيّةُ مِنْ صُوَرٍ شِعريّةٍ مُبتَكَرةٍ، ورُموزٍ، وتوظيفٍ للرّمزِ والأسْطورةِ، وعَفويّةٍ في الطّرحِ والأسلوبِ، ولغةٍ ماتعةٍ، فهذهِ الإبداعاتُ حاكَتْها ثورةُ النّفسِ التّواقةِ للحُبِّ، والوَثّابةِ في التَطلّعِ للتّحرُّرِ والانعتاقِ، وفيها الدّمعةُ الحزينةُ، كما فيها البسمةُ الصّادقةُ، قصائدُ كأنّها نجومٌ زاهرةٌ تُشِعُّ بالأمل، وروحِ الإنسانيّةِ، والحنينِ لكلِّ جماليّاتِ الأشياءِ، وقدْ نسَجَتْها روحٌ تُشْرِقُ عليها شمسُ الحُبِّ، والسّلامُ، والتّفاؤلُ، والتّوثُّبُ، والتّوحُّدُ معَ الوَطنِ.
عندما حاولتُ تحليلَ مقطوعاتٍ لشاعرتِنا، وقفتُ طويلًا مُفكِّرًا ومُتأنّيًا، فأنا أمامَ شاعرةٍ، لشِعرِها لونٌ خاصٌّ ونكهةٌ مميّزةٌ، ونهجٌ لغويٌّ، فكلُّ حرفٍ يَحتاجُ لفِكرٍ، وكلُّ كلمةٍ تحتاجُ لوقفةٍ، وكلُّ مَقطَعٍ يَحتاجُ لدراسةٍ، وقدْ قسّمتُ الدّراسةَ النّقديّةَ التّحليليّة، بما يَتناسبُ معَ دواوينِ الشّاعرةِ، فتناولتُ ثلاثَ قصائدَ مِن كلِّ ديوانٍ، وركّزتُ على عُنصرٍ مُعَيّنٍ في كلِّ مقطوعةٍ، فالكتابُ يُقَسَّمُ إلى مُقدّمةٍ، ومُحتوًى، وخاتمة.
فالمُقدّمةُ فيها نظرةٌ خاطفةٌ عمّا يتضمّنُهُ الكتابُ، ووقعَ اختياري على ثلاثِ مقطوعاتٍ مِن ديوانِها الأوّل "بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّجُ"، وهي في هذا الكتابِ باسم: (التّحليلُ الأدبيُّ في مَهبِّ رَصِيفِ عُـزلَـةٍ)، تتحدّثُ عن معاناةِ المرأةِ في صمْتِها، ما بينَ البوْحِ والكِتمانِ، وما بيْنَ المُمكنِ والمُستحيلِ، وما بينَ المَفروضِ والمَطلوبِ، والحاجةِ الشّخصيّةِ والحاجاتِ المُجتمَعيّةِ، بكلِّ الأحاسيسِ الّتي تُكابدُها الأنثى في عُزلتِها. فهي تريدُ أنْ تكونَ شريكَ الرَّجُلِ، لكنّها لا تجدُ ذاتَها ولا تَتلمّسُ كيانَها، في ظلِّ مُجتمعٍ لا يُراعي أمانيها أوْ نَبضَ أحاسيسِها، فتَظلُّ أسيرةَ الوحدةِ، وكانتْ نظرتي التّحليليّةُ لها، بطريقةٍ تُفيدُ طلّابَ المَرحلةِ الثّانويّةِ والجامعيّةِ بأسلوبٍ مُبَسّطٍ، وكلُّ مقطوعةٍ اتّسمَتْ بميزةٍ نقديّةٍ خاصّةٍ بها، لكنْ في مُعظمِها أخضعْتُها للتّحليلِ والتّفسيرِ.
والمقطوعةُ الثّانيةُ بعنوانِ: "قراءةٌ نقديّةٌ لمقَطوعةِ- أحِنُّ إلَى حَفِيفِ صَوتِكَ"، وشاعرتُنا مشتاقةٌ بأحاسيسِها العذبةِ إلى كلِّ شيءٍ في حبيبِها، حتّى أنّها توّاقةٌ لسَماعِ صوتِهِ، فلا غرابةَ في ذلكَ، فهي عايَشَتْ ظروفَ النّكبةِ، وترى وتُحِسُّ بآثارِها المُدمِّرةِ، في جوٍّ كئيبٍ حزينٍ تعجَزُ عن تغييرِهِ، تمامًا مثلما عَجِزَتْ كلُّ الدّولِ العربيّةِ، وأمامَ هذا الواقعِ العصيبِ، والأوضاعِ الاجتماعيّةِ المُكبِّلةِ ليَديْها، الآسرةِ لحركاتِها، وفي ظِلِّ واقعٍ اقتصاديٍّ يَعصِفُ بها وبأبناءِ جِلدتِها، نَراها تقفُ عاجزةً عن التّغييرِ، فتَلجأُ إلى التّعبيرِ عمّا في قلبِها، وما هوَ مُختَزَنٌ في أحاسيسِها، هربًا مِنْ واقعٍ مُرٍّ كئيبٍ مُحزِنٍ، فتلجأُ للكلمةِ المُعبِّرةِ، وإلى ما يَعشقُهُ قلبُها- تلجأُ لغزَلِ رقيقٍ تُلهي بهِ ذاتَها، وتعزفُ لحنًا عذبًا رخيمًا، تُخفِّفُ بهِ عمّا في داخلِها مِن ضُغوطاتٍ، تكادُ تَعصفُ بها عصْفًا، عساها أنْ تَجِدَ المُتَلقّي الّذي يُحلِّلُ ويَفهمُ نبْضَ حروفِها.
المطلعُ: (أَحِنُّ إِلى حَفيفِ صَوْتِكَ) وفيهِ تناصٌّ، وتعريفُهُ: يَرى ميخائيل باختن أنّ التّناصَ: تداخُلِ السِّياقاتِ ووجودُ علاقةٍ بينَ نصٍّ قديمٍ وآخرَ جديدٍ.
وتَرى جوليا كرستيفا أنّ التّناصَ: لوحةٌ فُسيْفسائيّةٌ مِنَ الاقتباساتِ، وكلُّ نصٍّ هو تَشرُّبٌ وتَحويلٌ لنُصوصٍ أخرى، وهذا المطلعُ يُذكِّرُنا بقوْلِ الشّاعر محمود درويش: (أحِنُّ إلى خُبْزِ أُمّي)، وهو تناصٌّ أدبيٌّ.
أَحِنُّ إِلى حَفيفِ صَوْتِكَ/ يَنْسابُ/ نَسِيمًا رَطِبًا في مَعابِرِ رُوحِي/ تَجمَعُني قُزَحاتهُ إضمَاماتٍ فوَّاحَةً/ تَزدانُ بِها مَنابرُ مَسامِعي/ نَبَراتُ حُروفِكَ تُلاغفُ جَوانِحي/ أَحَاسيسُكَ تُسوِّرُني/ كَيْفَ أهْرُبُ/ وَمسافاتُ الوَلهِ تَزدادُ نَقشًا/ في مَسالِكِ قلبيِ: وتبدأُ قصيدتَها بجُملةٍ خبَريّةٍ للتّعبيرِ عن ذاتِها وعن مَكنوناتِ مَشاعرِها، والمُلفِتِ للنّظرِ في حروفِ هذا المَقطعِ هو النّاحيةُ الجَماليّةُ، في انتقائِها وفي التّعابيرِ ومواءَمتِها لبَعضِها، فهذا المَقطعُ يَكثُرُ فيهِ حروفُ: السّين، والنّون، والواو، وهذه الحروفُ لا تَدخُلُ على كلمةٍ، إلّا وقدْ جَمَّلتْها وأكسَبَتْها روْنقًا وجَمالًا، كما يَرى الخليلُ بن أحمد الفراهيدي. لنقفَ عندَ كلمةِ "أَحِنُّ"، فالحَنينُ كما أوضحْنا، مُرتبطٌ بالصّوتِ غالبًا، كما بيَّنَتْهُ معاجمُ الّلغةِ، والنُّونُ مُشَدّدَةٌ، تنفُثُ بها الشّاعرةُ زفراتُها الحَرَّى، يَأتي بَعْدَها "صوتُ الحبيبِ"، أمّا الأصواتُ الصّائتةُ المُهيْمِنةُ في هذا المقطعِ، فتتمثّلُ بصوتِ الألِفِ، ففيهِ إطالةٌ وراحةٌ للنّفسِ في التّعبيرِ، ويَحتاجُ لِزمنٍ أطولَ، كيْ يتسنّى للحبيبِ سماعَ ندائِهِ لِمَنْ أحَبَّتْهُ واختارَتْهُ.
أمّا المقطوعةُ الثّالثةُ فبعنوان: "التّحليلُ الأدبيُّ لقصيدةِ- أيائِلُ مُشبَعةٌ برائحَةِ الهَلَعِ"، هذهِ القصيدةُ تتحدّثُ عنِ الإنسانِ الفِلسطينيِّ الّذي عاشَ النّكبةَ، وُلِدَ أطفالُهُ ولا زالوا يَضرسونَ الوَجعَ، والنّكبةَ، والهُوِيّةَ التّائهةَ، والعُمرَ المَهزوزَ المَهدورَ بطَلقةٍ طائشةٍ أو مُوجَّهةٍ، في ظِلِّ الاحتلالِ، وفيها نرى صورةَ الإنسانِ العربيِّ في الشّرقِ، وما يُكابدُهُ مِن حروبٍ تَتوالى، تُجرّدُهُ حقَّهُ في الحياةِ والأمنِ والأمانِ.
ومِن ديوانِها الثّاني "سلامي لك مطرا"، اخترتُ قصيدة: "سلامي لكَ مطرًا"، والمَعنى الّذي تومِئُ إليهِ الشّاعرةُ يَتمثّلُ في السَّلام والأَمانِ والصُّلْحُ بينَ بني البَشرِ، وليسَ في الحربِ والقتلِ والتّدميرِ، كما في شريعةِ الغابِ، واختزَلَتِ الشّاعرةُ فيما تريدُهُ في ثلاثِ كلماتٍ، راعَها القتلُ والتّدميرُ والتّخريبُ والتّنكيلُ فيما يَجري حولَها وفي العالَم، هالَها احتلالُ وطنٍ والتّنكيلُ بأهْلِهِ، راعَها القسوةُ بينَ بَني البَشرِ، وأفجَعَها تدميرُ بُلدانٍ كما العراق وإرجاعِهِ للعَصرِ الحَجَريّ...
والمُلفِتُ للنّظرِ في صُوَرِها الشّعريّةِ المُبتَكَرةِ، أنّها تبدَؤُها بصُوَرٍ جُزئيّةٍ مُتتابِعةٍ عُنقوديّةٍ، لتُشكِّلَ صورةً كلّيّةً: تَتَصاعَدُ التَّنَهُّداتُ مُشبَعةً لَهبًا/ حتَّى النُّخَاع: صورةُ التّنهيداتِ والتّوجُّعاتِ تَسري في مَفاصلِ روحِ الشّاعرةِ، وتَلسَعُ جسمَها الغضَّ، وتَمحو كلَّ ما هو جميلٌ، وتَخلقُ الفوضى والاضطرابُ.
أمّا القصيدةُ الثّانيةُ مِن ديوانها الثاني "سلامي لك مطرا" فجاءتْ بعنوان: "مَظاهِرُ الحداثةِ في شِعرِها، مِن خِلالِ دراسةِ قصيدةِ: "نَدًى مَغْموسٌ بِغَماماتِ سُهدٍ"، فهيَ تَرى أنّ عربَ الدّاخلِ قدْ أمَضَوْا فترةً طويلةً مَحرومين مِن زيارةِ القدسِ وبيتَ لحمَ ورامَ الله والضفّة عامّة، بسببِ ما يَفرضُهُ الاحتلالُ: تَتَناءى أَخاديدُ العَناوينِ/ تَتَهاوى سُدودُ الطّمَأْنينَةِ/ تَهُدُّها فَيَضاناتُ الغِيابِ
ومِن مَظاهِرِ شِعرِ الحداثةِ كما هو الحالُ في شِعرِ القصيدةِ النثريّةِ عندَ شاعرَتِنا آمال، حُرّيّةُ القافيةِ، والتّخلُّصُ مِنَ الرّتابةِ الّتي تُقيِّدُ الشّاعرَ، وتَحُدُّ مِنْ حرَكَتِهِ الإبداعيّةِ، لكنّها تُركِّزُ على عناصرَ مُهمّةٍ، لخَلْقِ إيقاعٍ يَسري في مفاصلِ القصيدةِ، ومِنِ اندماجِ الصّورةِ في الشّكلِ، وكلُّ سطرٍ في هذا المَقطعِ مَبدوءٌ بصوتِ "التّاء"، الّذي تَكرّرَ خمسَ مرّاتٍ في ثلاثِ كلماتٍ.
إنّ وعيَ الشّاعرةِ كانَ وراءَ هذا التّكرارِ، وكأنّها تتعمَّدُهُ مِن أجلِ أنْ تصِلَ إلى غرَضِها، فهيَ مِن خلالِ تِكرارِها للحَرْفِ، فإنّها تبتدِعُ إيقاعًا موسيقيًّا داخليًّا، وهذا الإيقاعُ الموسيقيُّ الدّاخليُّ يُدلّلُ- على الأقلّ- على النّغمةِ الانفعاليّةِ الّتي تقصِدُها الشّاعرةُ، (وهي بلا شكٍّ نغمةٌ حزينةٌ).... وعلى الرّغمِ مِن ذلك، فإنّ تكرارَ الصّوتِ يُسهمُ في تهيئةِ السّامعِ للدّخولِ في أعماقِ الكلمةِ الشِّعريّةِ (1).
و"التّاءُ" صوتٌ انفجاريٌّ مهموسٌ، وتكرارُ اﻷﺻﻮاتِ اﻻﻧﻔﺠﺎرﻳّﺔِ تدُلُّ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻛﺔِ اﻟﻐﻠﯿﺎنِ النفسيِّ واﻟﺘّﻮﺗّرِ اﻟﻤُﺴﺘﻤرِّ اﻟّﺬي تُعايشُهُ الشّاعرةُ، ﻣﻊَ وﺟﻮدِ ﺛﻮرةٍ داخليّةٍ نفسيّةٍ مُكتنزةٍ، فاﻟﻤُﺮﻛَّبُ النّفسيّ ﻟﻠﺸّاﻋﺮة في تلكَ الّلحظةِ الشّعوريّةِ قائمٌ ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻠﯿﺎنِ واﻟﺜّﻮرةِ اﻟﻨّﻔﺴﯿّﺔِ، فوجدَتِ الشّاعرةُ مُتنفَّسًا لها في هذهِ الأصواتِ الانفجاريّةِ، وھﺬا ﺟﺰءٌ ﻣِﻦ اﻟﺘّﻔﺎﻋﻞ الكيميائيِّ ﺑﯿﻦ اﻟﺼّﻮتِ والمُركَّبِ اﻟﻨّﻔﺴﻲّ ﻓﻲ المقطعِ.
والمقطوعةُ الثّالثةُ مِن ديوانِها الثّاني "سَلامي لكَ مطرًا" بعنوان: "الانزياحُ الدّلاليُّ في قصيدةِ "في مَلاجئِ البَراءَة"، وموضوعُ النّصِّ يتمثّلُ في مشوارِ الفلسطينيِّ الطّويلِ، المُكَلَّلِ بأكاليلِ الشّقاءِ والغُربةِ والضّياعِ، منذُ النّكبةِ إلى اليوم، وخاصّةً في المُخيّماتِ والمَطاراتِ، بلا أرضٍ ولا وطنٍ، والوطنُ يُشتاقُ إليهِ، لكنّه مُحرّمٌ عليهِ. ولقد نظمَتْها شاعرتُنا إثرَ حرب عام 2006م، فهي تقولُ: حُروفٌ مَجْروحَةٌ تتشَدَّقُ بالعَذابِ/ وَالوَقْتُ يَعْدو إلَينا عَدْوَ عَدُوٍّ/ يَرْمَحُ
(حُروفٌ مَجْروحَةٌ تتشَدَّقُ بالعَذابِ): كنايةً عنِ التّوجُّعِ، تَوجُّع الفلسطينيِّ مِن جرّاء ما يُكابدُهُ في غربتِهِ، والحروفُ مَجازٌ مرسل، فذكرَتِ الشّاعرةُ الحروفَ "الجزءَ"، وأرادتْ بها الكلماتِ "الكلّ"، مجاز مرسل علاقتُهُ الجزئيّة.. وتتوالى الانزياحاتُ لتُوَلِّدَ في ذهنِ المُتلقّي المفاجآتِ، والّتي تَحملُ في طيّاتِها الجَمالَ الفنّيَّ في خلْقِ صوَرٍ شِعريّةٍ ذاتِ طابَعٍ جَماليٍّ.
(وَالوَقْتُ يَعْدو إلَينا عَدْوَ عَدُوٍّ/ يَرْمَحُ): الوقتُ لا يعدو، بل شبّهَتْهُ الشّاعرةُ بإنسانٍ مُسرِعٍ، عدْوُهُ شبيهٌ بعدْوِ وركْضِ العدُوِّ في السّرعةِ، وتتلاعبُ الشّاعرةُ بالألفاظِ، لخَلْقِ الجِناسِ، وما يُحدِثُهُ مِنْ إيقاعٍ موسيقيٍّ، يَشُدُّ مِنْ أزْرِهِ تِكرارُ حرفِ الواو في هذا السّطرِ خمسَ مرّاتٍ، وتِكرارُ الحَرفِ انزياحٌ، فقدْ تَكرَّرَ أربعَ مرّاتٍ، فجاءَ صوْتًا صامتًا، ومرّةً واحدةً جاءَ صوْتًا صائتًا في كلمةِ "يعدو"، وفي هذا السّطرِ انزياحٌ تَركيبيٌّ أيضًا، فقدْ قدّمَتِ الشّاعرةُ شِبهَ الجُملةِ "إليْنا" على المفعولِ المُطلَقِ "عدْوَ"، وللمفعولِ المُطلَقِ وظيفةٌ تأكيديّةٌ. وشبّهَتِ الوقتَ بلاعبٍ يَمرحُ، وجاءَ الفِعلان "يَعدو" و"يَمرحُ" على نفسِ الوزنِ، لتوليدِ إيقاعٍ مُناسبٍ. وهناكَ تَرادُفٌ بينَ الفِعليْنِ.
ولقدْ تمَّ تحليلُ ثلاثِ مقطوعاتٍ مِنْ ديوانِها الثّالث؛ (رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقودٍ) وهيَ: الأُسطورةُ في قصيدةِ "مرِّغوا نهْدَيَّ بعِطرِهِ الأزرقِ": بِسُليْمانَ أَغيثوني/ بِأسْرابِ جِنِّهِ؛ تَحْفرُ قاعَ بَحْري أَفْلاجًا/ تُهْدينيها في ليْلةِ عيدي/ مَرِّغُوا نَهْدَيَّ بِعِطْرِهِ الأَزرقِ: هناكَ مدينةٌ هي مدينةُ السّلامِ، بغدادُ العِراق، مدينةُ أقدَمِ الحَضاراتِ، مدينةُ هارونَ الرّشيدِ الّتي تَنكَّرَ لها الأهلُ، والخِلّان، والجيرانُ، وذوو الأرْحامِ معَ مَن غزاها ممّنْ جاءَ مِن وراءِ البحارِ. هي المدينةُ الّتي أُرجِعتْ للعصرِ الحَجَريِّ، فلمْ تُرحَمْ، هي الّتي تستصرِخُ الدّفءَ والحنانَ والحضنَ والأمانَ مِنَ الأهلِ الخِلّانِ والّلثام. العراقُ اليومَ خُلوٌّ مِنْ كُلِّ حنانٍ، فما تَبَقّى مِن روحِ بغدادَ ظمآنٌ للجَسدِ الولهانِ، فالشّاعرةُ شبّهَتِ العِراقَ بعدَما دُمِّرَ، وفَقَدَ كلَّ المَلذّاتِ، بالمرأةِ الشّبقةِ الّتي تتوسّلُ الجسدَ، فهيَ تتقمّصُ العراقَ.
(بِسُلَيْمَانَ أَغِيثُونِي/ بِأسْرَابِ جِنِّهِ؛ تَحْفُرُ قَاعَ بَحْرِي أَفْلاَجًا): وهنا تُوظّفُ شاعرتُنا الأسطورةَ الّتي مفادُها؛ أنّ النّبيَّ سُليْمانَ بنَ داودَ- عليْه السّلامَ- أثناءَ تَحليقِهِ على بساطِ الرّيحِ، مرّ على مِنطقةِ الفلّوجةِ في العِراقِ، ونَزلَ عندَ أهلِها، فاشْتَكَوْا لهُ قلّةَ الماءِ عندَهُم، فأمَرَ سيّدُنا سُليمانُ الجِنَّ والعفاريتَ بالبحْثِ عن المياهِ في جوْفِ الأرضِ، فقامتِ الجِنُّ والعفاريتُ بحفْرِ الأفلاجِ، وأُخرِجَتِ الماءُ إلى سطحِ الأرضِ، ولهذا سُمّيَتْ بالأفلاجِ الدّاوديّة. هذا النّوعُ مِنَ الأفلاجِ ثابتٌ، ولا تَمحَلُ نِهائيًّا ولا ينقطعُ الماءُ منها، ولكنْ قدْ يَخِفُّ مُستوى الماءِ الخارجِ منها، ولكنّها لا تَجفُّ؛ لأنّ أُمَّهاتِها عيونٌ ثابتةٌ، وبَقيتْ هذهِ الأفلاجُ إلى يومِنا هذا، ويُطلقُ عليها اسمُ "الدّاوديّ"، نسبةً للنّبيّ سُليمانَ بنِ داودَ-عليهِ السّلام-، وهذا النّوعُ مِنَ الأفلاجِ مُنتشرٌ وبكثرةٍ في الإماراتِ وعُمان واليمن.
ولو وصَلَ أحدٌ إلى أسْفلِها في باطنِ الأرضِ، سيَعجَبُ كلَّ العَجبِ مِنَ القّدرةِ العَجيبةِ، الّتي شُقّتْ بها في الجبالِ، فلو كانَ البَشرُ الّذينَ حَفروها، فكيفَ استطاعوا قطْعَ الصّخورِ بكلِّ هذهِ الدّقّةِ؟ وكيفَ تحمّلوا البقاءَ تحتَ الأرضِ، وسطَ نُدرةِ الهواءِ، والحرارةِ الشّديدةِ، والضّغطِ العالي؟ ومِنْ هنا سنُصدِّقُ إذا قيلَ لنا، إنّ الّذي حَفَرَها هُمُ الجِنُّ، رغمَ أنّ مَن حَفرَها بَشرٌ، وهُم آباؤُنا وأجدادُنا الأقدمونَ، وأهلُ هذهِ البلادِ منذُ مئاتِ السّنينَ. لكنّ شاعرتَنا يَبلغُ التّوتُّرُ في نفسِها حدودَهُ القُصوى، وتَكادُ تَنفجرُ مِنَ المُفارقاتِ، فاستغاثَتِ الفلّوجةُ بالمَلكِ سليمانَ فأغاثَها، وتستغيثُ الفلّوجةُ بالأهلِ والخِلّانِ والصّحبِ والجيرانِ، عندما حوصِرَتْ وضُرِبتْ بالأسلحةِ المُحرَّمةِ والفوسفوريّةِ، لكن لا مجيب.
ومِنَ الانزياحاتِ في النّصّ: (بِسُلَيْمانَ أَغيثُوني)، حيثُ تقدّمَتْ شِبهُ الجُملةِ، وحَقُّها التّأخيرُ، "بسليْمانَ" على كلٍّ مِنَ الفِعلِ والفاعلِ، وحَقُّهُما التّقديمُ "أَغيثُوني".
"بِأسْرَابِ جِنِّهِ؛ تَحْفُرُ قَاعَ بَحْرِي أَفْلاَجًا": كنايةً عن طلَبِ الغوْثِ والخيْرِ والنّماءِ.
(مَرِّغُوا نَهْدَيَّ بِعِطْرِهِ الأَزْرَقِ): وقد أوضحْتُ ذلكَ في حديثي عنِ العنوان، فالعراق يتوسّلُ، وهو بحاجةٍ للحضنِ الدّافئِ والحنانِ والرّحمةِ، وعودةِ الرّوحِ الجَماليّةِ الفتّانةِ له، بعيدًا عن ضرْبِهِ واجْتثاثِهِ. وكرّرتِ الشّاعرةُ هذا السّطرَ لتأكيدِ المعنى، وتوليدِ إيقاعٍ موسيقيٍّ ينتشرُ في سطورِ القصيدةِ.
وأمّا مِنَ الدّيوانِ الثّالثِ، فقد حلّلتُ المقطوعةَ الثّانيةَ، والّتي بعنوان: "الّصورة والرّمزُ في مقطوعةِ- "فُسْتانُ زَفافِكِ اعْشَوْشَبَ كَفَنًا"، فهي تقولُ: وَفي قَوافِي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ تُزَمْجِرُ وَلا تَنْطَفِئُ؟ فالفلسطينيّونَ يَتسلّحونَ بسلاحِ الصّبرِ والأمَلِ والإيمانِ بعدالةِ قضيّتِهِم، فالحبيبةُ ستحظى بعُرسٍ يَليقُ بها، حتّى لو اعْشوشبَ فستانُ زفافِها، وعَلَتْهُ الطّحالبُ لطولِ انتظارِها لهذا العُرسِ.
وَفي قَوافِي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ تُزَمْجِرُ وَلا تَنْطَفِئُ: في هذا السّطرِ تتزاحمُ التّحويلاتُ والانزياحاتُ، أو ما سُمِّيَ بالتّوسُّعِ، وهو مِن أهمِّ الظّواهرِ الّتي تُميّزُ الّلغةَ الشِّعريّةَ عنِ السّرديّة، معَ منْحِها شرَفَ الشِّعرِ وخصوصيّتِهِ.
إنَّ هذا النَّوعَ مِنَ الانزياحِ يَتَّسِمُ ببعضِ السِّماتِ المُصاحِبةِ لهُ، كالابتكارِ، والجدّةِ، والنّضارةِ، والإثارةِ. فقدْ ذكَرَتْ شاعرتُنا في سطرِها السّابقِ القوافيَ، "الجزءَ"، وأرادتْ بهِ الكُلَّ "القصائدَ"؛ مجاز مرسل علاقتهُ الجزئيّة، ويَظهرُ الانزياحُ التّركيبيُّ، وهو مُخالفةُ التّراتبيّةِ المألوفةِ في النّظامِ الجُمْلِيِّ، (النّسب للمُفردِ وليسَ للجَمْع)، مِن خلالِ بعضِ الانزياحاتِ المسموحِ بها في الإطارِ الّلغويّ، كالتّقديمِ والتّأخيرِ في بعضِ بُنى النّصّ، كتَقديمِ الخبَرِ على مُبتدئِهِ، كما في نحو "وَفِي قَوافي هَوادِجي أَبْجَدِيَّةٌ"، وهنا مَكمَنُ الجَمالِ الأسلوبيّ، فلِلقوافي هوادجُ كما لِلعَروسِ، والهوْدجُ هو أجملُ ما في خيالِ العروسِ، هو تابعٌ لصورةِ العُرسِ، لا يَكتملُ إلّا بهِ، ولها أبجديّةٌ كما الّلغة، والهَوادجُ روحُ الشّاعرةِ، ومَطلَبٌ رئيسٌ لها، فهي تُزمْجرُ كما الأسد، ولا تتوقّفُ ولا تنطفئُ جذوَتُها، ما دامَ الاحتلالُ يتملّصُ مِن تعهُّداتِهِ ويُراوغُ، وهنا مَكمَنُ التّصويرِ والتّجسيمِ وبثِّ الحياةِ في الجَماداتِ، وهذا النّهجُ وظّفَتْهُ شاعرتُنا باقتدارٍ وبهاءٍ وفنٍّ وجَمالٍ، فهذهِ الصّورُ الرّائعةُ الخلّابةُ المُؤثِّرةُ، ما كانتْ لتكونَ، لو أنّ شاعرتَنا آمال التزمَتْ في التّعبيرِ القوْلَ على الحقيقةِ.
لغةُ الشّاعرةِ مُوحِيةٌ، والشّاعرةُ تُتقِنُ فنّ توظيفِ الاستعارةِ، فالاستعارةُ تُحلِّقُ بكَ في عالمِ الخَيالِ، وتَعرضُ عليكَ أشْكالًا مِنَ الصُّور البيانيّةِ الرّائعةِ، الّتي تَسبَحُ بكَ في بحرِ الألفاظِ، وتنتقلُ سريعًا مِنَ المعنى الحقيقيِّ للّفظِ المُستعارِ، إلى المعنى المَجازِ الّذي صارَ عليهِ ذلكَ الّلفظُ، وتُكسِبُ الّلفظَ حلاوةً وجمالًا ورونقًا.
وأمّا المقطوعةُ الثّالثةُ مِن ديوانِها الثّالث فهي: فضاء اللغة من خلال مقطوعتها "نَقْشٌ في عَتْمَةٍ حافِيَةٍ": وهي تُمثّلُ صورةَ الضّحيّةِ؛ "الفلسطينيّ" وقتْلِهِ، مِنَ نوعِ القتْلِ البطيءِ- كما يَجري في أفلامِ الكاوبوي– حيثُ يَتمُّ ربْطُ يدَيْ ورِجَلَي الضّحيّة، ووضْعِ جلْدةٍ رطْبةٍ على عُنقِهِ، وتَرْكِهِ في الصّحراءِ تحتَ أشعّةِ الشّمسِ المُلتهبةِ، إلى أنْ تبدأَ تَجفُّ الجلدةُ على عُنقِهِ وتَضيقُ؛ ليَموتَ اختناقًا وببطْءٍ، إلّا إذا مرَّ أحدُهُم بهِ وأنقذَهُ، وهكذا يَحصُلُ معَ مَن تُخاطبُهُ الشّاعرةُ، وهو الوطنُ الذّبيحُ.
فها هيَ تقولُ: (يَمَامَةَ قَزٍّ اسْتَكَنْتِ بَيْنَ أَحْضَانِ تُوتِي): وفي عبارةِ "يَمامَةَ قَزٍّ" انزياحٌ إضافيٌّ عذبٌ جميلٌ، وظّفَتْهُ شاعرتُنا بحِنكةٍ واقتدارٍ، ولتوضيحِ ذلكَ علينا توضيحَ الرّمزِ في طائرِ اليَمام، فهو يَرمزُ إلى الهدوءِ والسّكينةِ والأمْنِ والأمانِ، كما يَعشقُ الحرّيّةَ بكلّ ما تَعنيهِ الكلمةُ، فهو لا يَستأنسُ، ويَصعبُ للغايةِ تربيتُهُ في أقفاصٍ، مثلما يَصعُبُ ترويضُ الشّعبِ الفلسطينيِّ وسجْنِهِ في كانتونات، ولا يَفترِقُ زوْجُ اليَمامِ عن زوْجتِه، فهُما مُتلازِمانِ وفِيّانِ، فإذا أصيبَتِ الزّوْجةُ بعيارٍ ناريٍّ، فلا يُفارقُها الزّوْجُ، بينما إذا أصيبَ الزّوجُ، فتُسرعُ أنثاهُ قافلةً إلى فراخِها، لذلكَ نرى أنّ في العبارةِ انزياحٌ، لهُ وظائفُ معنويّةٌ كثيرةٌ، إلى جانبِ وظيفتِهِ الأسلوبيّةِ، فالانزياحُ الإضافيُّ يتمثّلُ في المفاجأةِ، الّتي يُنتجُها حُصولُ اللامُنتَظَر مِن خلالِ المُنتَظَرِ؛ أي أنْ يتوقّعَ المُتلقّي مُضافًا إليهِ يتلاءَمُ والمُضاف. كأنْ يتوقّعَ بعدَ كلمةِ "يمامة"، وجودَ مضافٍ إليهِ معقولٍ، مثلَ كلمةِ "سلامٍ" مثلًا، لكنّهُ يتفاجأ بوجودِ كلمةِ "قزٍّ"، فاستبدَلتْ شاعرتُنا القزَّ، وهو معنًى سامٍ بدودةٍ، وهي أقلُّ سُمُوًّا، وهنا واءَمَتِ الشّاعرةُ بينَ الألفاظِ، فالقَزُّ يَحتاجُ للتّوتِ، تمامًا مثلَ المُواءَمةِ بينَ الشّاعرةِ والقُدسِ، فلِلتّوتِ أحضانٌ كما للأُمّهاتِ، فالقُدسُ صوَّرَتْها شاعرتُنا بيمامةِ قزٍّ، بدَلَ دودةِ قزٍّ بهَديلِها الحزينِ.
وفي ضوءِ ذلكَ كُلِّهِ، يُمكنُ أن نَفهَمَ دعوةَ غيرِ واحدٍ مِن نُقّادِ الحداثةِ الشّعريّةِ، إلى لغةٍ شعريّةٍ مُتّزِنةٍ أصيلةٍ، مُخلِصةٍ للعربيّةِ بقدْرِ إخلاصِها للخِطابِ الشِّعريِّ في المشهدِ الثّقافيّ.
يَرى الدكتور وهب روميه: "أنّ على الشّاعرِ أنْ يَخلِقَ علاقاتٍ لغويّةً جديدةً، دونَ أنْ يَخِلَّ بقوانينِ الّلغةِ وأنظِمَتِها، وأنْ يُزلزلَ التّقاليدَ الأدبيّةَ، أو يُعدِّلَها وِفقَ الحاجةِ".
وفي هذا الصّددِ يقولُ الدكتور نعيم اليافي: "أنا مع التّطوُّرِ والتّجديدِ والحداثةِ الشّعريّةِ إلى آخرِ مَدى، شريطةَ أن يَتمَّ ذلكَ ضمنَ خصوصيّتي القوميّةِ، وتراثي الثّقافيّ، ولغتي العربيّة".
أمّا نازك الملائكة فتقولُ: "نحنُ نرفضُ بقوّةٍ وصراحةٍ، أنْ يُبيحَ الشّاعرُ لنفسِهِ أنْ يَلعَبَ بقواعدِ النّحوِ، فإنّ كلَّ خُروجٍ على القواعدِ المُعتبَرةِ يُنقِصُ تَعبيريّةَ الشِّعرِ". لقد حافظَتْ شاعرتُنا آمال على أصولِ الّلغةِ، ولكنّها تصرّفتْ في مدلولاتِها، لتَحتمِلَ فضاءً رحبًا مِنَ المَعاني الشِّعريّة.
ولقد اختتمتُ موضوعاتِ الكتابِ ببعضِ ما قالَهُ النُقّاد والكُتّابُ في شعرِ شاعرتِنا آمال؛ ولأؤكِّدَ على شاعريّتِها الّتي بَلغَتْ مُستوًى رفيعًا، يَشهَدُ لهُ هؤلاءِ النّقّادُ والكُتّابُ. وفي الختامِ، أدعو اللهَ بأنْ أكونَ قدْ وُفِّقُت، وأَعطيْتُ شاعرتَنا آمال عوّاد رضوان بعضًا مِن حقِّها، كشاعرةٍ حافظتْ على الّلغةِ، واستخدَمَتْها استخدامًا جديدًا، كما وظّفتْ في شِعرِها الرّمزَ والأسطورةَ، وصاغتْ صوَرًا شِعريّةً عذبةً مُبتكَرةً وجديدةً، ولقد تزاحمَتِ الانزياحاتُ العذبةُ في شِعرِها، لخَلْقِ الجَماليّةِ في نفسِ المُتلقّي.
الهوامش:
1. انظر: قراءةٌ أسلوبيّةٌ في الشِّعرِ الجاهليّ، د. موسى ربابعة، ص20- 23 دار جرير، عمان، 2010
2. الّلغة الشِّعريّةُ بينَ القُدماءِ والمُحدِثين الدكتور/ محمّد عبدو فلفل/ مجلّة الجسرة، الأعداد من 16 - 20
0 comments:
إرسال تعليق