الجيش والشعب/ أنطوني ولسن

الجيش هو القوة الرادعة التي تواجه المعتدي على الوطن بكل حزم وقوة . لذا أرى أن نلقي نظرة سريعة على الجيش المصري منذ عصر البطالمة في مصر وحتى اللحظة التي أكتب فيها الأن مساء يوم الأربعاء 24 يوليو 2013 وبعد سماعي لخطاب الفريق عبد الفتاح السيسي الذي ألقاه وسط عائلات الخريجين الجدد من شباب الجيش ويشمل القوات المسلحة والطيران والبحرية . هذا الخطاب الذي إنتظره المصريون بفارغ الصبر سواء في مصر أو من هم خارج مصر .

الخطاب الذي أعاد لنا نحن كبار السن من عاصر منا بداية ثورة 23 يوليو عام 1952 وعاشها وعرف أهمية الجيش في تأمين السلام داخل الوطن مع القدرة على صد أي عدوان عليه من الخارج .

قبل دخول الأسكندر الأكبر المقدوني مصر مقدما نفسه على أنه إبنا للإلاه أمون رع ، كانت مصر تحت حكم فرعون صغير السن لا حول له ولا قوة ، وكانت السلطة والقوة في يد الكهنة . ومن الطبيعي لا جيش يحمي البلاد ويدافع عنها فسهل على الأسكندر الحرب والقتال وتسلم بالفعل من الكهنة مفتاح النيل رمزا لتوليه إدارة شئون البلاد .

ترك الأسكندر الأكبر قائده بطليموس الأول على رأس قوة وغادر مصر ليكمل رحلته لفتح بقية البلاد القريبة من مصر . لكنه أصيب بضربة شمس قوية قضت عليه وأصبحت السلطة في مصر بيد بطليموس الأو الذي سمي عهده في مصر بعصر البطالمة .

تغير وجه مصر وأندمج الفاتح مع أهل البلاد وبدأت مصر تعود إليها قوتها وعظمتها وخاصة الناحية الحربية .

إستمرت قوة الجيش المصري في التزايد والقوة والقدرة القتالية مما دفع بالملكة كليوباترا التفكير في أن تكون ملكة مصر وروما . بإختصار لم تحقق حلمها فانتحرت ظنا منها أن الجيش هُزم ومات حبيبها مارك أنطونيو الذي إنتحر هو أيضا حتى لا يواجه إكتافيوس شقيق زوجته الرومانية التي تركها وأحب كليوباترا .

دخل الرومان مصر وصارت دولة تابعة للأمبراطورية الرومانية ولم يجرؤ أحد أن يغير أسم مصر حتى بعد إنقسام الأمبراطورية الرومانية إلى الأمبراطورية الغربية وعاصمتها روما ، والأمبراطورية الشرقية التي عُرفت بأسم الأمبراطورية البيزنطية وكانت مصر ضمن أجزاء تلك الأمبراطورية .

نخلص هنا إلى أن قوة الجيش المصري قد تلاشت تماما وعاشت مصرعصرا سيئا للغاية في عهد الأمبراطورية الرومانية لدرجة أن المصريين تركوا الأرض ورفضوا زراعتها بالقمح الغذاء الرئيسي للرومان . أما في العصر البيزنطي وبعد دخول المسيحية مصر على يد الكروز مار مرقص الرسول فقد ذاق الشعب المصري الأمرين . شيء واحد بقي وهو الشعب المصري على الرغم من إستشهاد مئات الألاف منهم ، وأسم مصر الذي نطق به العرب للتعريف بالمصريين على أنهم " جبط أو أجباط " .

دخل العرب مصر ولم يكن لمصر جيشا بأسمها على الرغم من إندماج المصريين مع الفاتح الجديد ودخول البعض منهم مع جيوش العرب . لكن لم تكن لهم سلطة أو قيادات إلى أن جاء عصر محمد علي باشا فأحيا الجندية في المصري الذي إستطاع تحت قيادة إبراهيم باشا إبن محمد على أن يزحف حتى حدود فرنسا غازيا  ومستوليا على البلاد المجاورة وضمها إلى الحكم المصري . بل أنه فضل أن يرسل المصريون بقيادات مصرية إلى السودان لقدرتهم على العيش في تلك البقعة من أفريقيا التي تعتبر حارة جدا لا يتحملها الجنود الألبان الذين كانوا تحت قيادة محمد على عندما إستقل بحكم  مصر .

واجه الجيش المصري بعد هزيمة إبراهيم باشا على الحدود الفرنسية نوعا من التقهقر ولكنه إستمر كقوة حربية إستطاعت أن تقف في وجه الغزاة وإن لم تكن لهم نفس القوة . لكن بعد أن صارت مصر ملكية وعلى الرغم من وجود الأنجليز  كمحتلين لمصر إلا أن الجيش المصري إستطاع أن تعود له قدراته التنظيمية والحربية وأصبح قوة تستعين بها بريطانيا العظمى في ذلك الوقت في حروبها .

الحقيقة بدأ التكوين الحربي للجيش المصري إثبات وجوده وقدرته في حرب 1948 على الرغم من الخيانة الملكية بتزويده بأسلحة فاسدة . وظهر جمال عبد الناصر كضابط ساخط غاضب على الملك والحكومات التي كانت ألعوبة في يد الملك والإنجليز . فكون مع زملائه ما عرف بأسم " تنظيم الضباط الأحرار"  .

هذا التنظيم الذي تحول إلى إنقلاب والأطاحة بالملك ثم تسلم الجيش أمور البلاد وتحول من إنقلاب إلى ثورة إلى جمهورية .

هزيمة 5 يونيو 1967 تحمل عبد الناصر المسئولية كاملة ، وألقى بخطاب التنحي  في 9 يونيو 1967 مخاطبا الشعب المصري معلنا عن تخليه لمنصب رئيس الجمهورية ليعود جنديا محاربا لإستعادة كرامة الشعب المصري وجيشه العظيم .

على الرغم من الفادحة التي ألمت بالشعب المصري إلا أنه خرج عن بكرة أبيه مطالبا بعدم تنحية غافرة له أخطاءه .

ردخ عبد الناصر لإرادة الشعب وعاد إلى الرئاسة وتحمل المسئولية من جديد ، ولم تحتج أميركا والغرب على عودته لأنه لا يمكنهم الوقوف في وجه إرادة الشعب وليس كما يحدث الأن من محاولاتهم إنكار إرادة الشعب التي زادت على 33 مليون مصري خرجوا يوم الأحد 30 يونيو 2013 مطالبين برحيل مرسي .

جاء السادات وأكمل المشوار وكان يوم 6 من أكتوبر 1973 يوم النصر وإعادة مصر سيناء بقوة وعظمة الجيش المصري وأصبح إنتصاره إسطورة ودرسا يُدرس بالكليات الحربية الأمريكية والغربية . لكنه أخطأ عندما سمح بخروج تلك الجماعات الأسلامية المتشددة ليثبت للعالم الأسلامي أنه رجل مسلم يرأس دولة مسلمة . لكنه أخطأ في تقديره ودفع الشعب المصري ثمن خطأه .

صراحة الفريق عبد الفتاح السيسي في خطابه الذي ألقاه وإستمعنا ه وشاهدناه في يوم الأربعاء 24 يوليو 2013 ، جعل كل مصري يشعر بالفخر والأعتزاز بجيشه العظيم والشرطة التي وقفت جنبا إلى جنب الشعب والجيش للتصدي للجماعات المتأسلمة والمعادية لمصر والشعب المصري والجيش والشرطة .

أجمل ما في الخطاب إلى جانب الصراحة ، أن الفريق عبد الفتاح السيسي أكد أن الجيش يؤتمر من الشعب فقط . أي أن الشعب هو صاحب السلطات ، وهو " الشعب " الشرعية الوحيدة في البلاد .

ومن هنا جاء في ختام خطابه أن الجيش والشرطة في إنتظار أوامر الشعب  بتواجده على شكل تجمعات سلمية في جميع ميادين مصر الذي سيمنحهما الحق للتصدي لما تنوي أن تفعله فلول جماعة الأخوان الأرهابية في يوم الجمعة 26 يوليو 2013 فقد توعدوا بحرق القاهرة .

المصريون في الخارج ومنهم مصريو سدني وملبورن سيخرجون متضامنين مع    الفريق السيسي للتصدي للجماعات الأرهابية والدفاع عن مصر والشعب المصري

CONVERSATION

0 comments: