أنت ما تزال صغيراً ..
تتشكل تلكم الكلمات بهجومية قاسية ، وتنطق بلغة التهكم والسخرية ، تصطف ضدي كحشد من كائنات سيئة . أصرخ من بشاعتها .. وبغضب نبيل ، أطوّح معانيها الجارحة بعيداً ، وأتـأمل : طفولة الأشياء .. ، فإذا هي : الأجمل ، والأنقى ، والأمثل ... !
أنت ما تزال صغيراً ..
تتكرر.. أشبّ على أطراف أصابعي ، أرفع يدي إلي أبعد ضوء خافت ، كالكبار الذين يحاولون أن يطاولوا قامة النجوم .. وكالكبار .. تخور اصابعي . تتعب يدي . نتساوي فـي العياء ، والفشل !
أنت ما تزال صغيراً ..
لا يملّون التكرار .. ولا أملّ الصبر والإحتمال .. ألتجيء إلى مكتبتي الصغيرة ، أقرأ : "البحث عن الزمن المفقود" .. لمارسيل بروست . وكأنني برفقته ، وهو يحــاول في صبر ودأب : تثبيت الزمن حتى لا يكبر أبداً !
وأصغي إلى الشاعر : ديلان توماس ، وهو يرنم ترنيمته الموحى بها من الخلود : " إن الكرة التي قذفتها عندما كنت ألعب في الحديقة ، لم تعد بعد إلى الأرض !
فأهتف بإهتياج الفرح : أنا ما زلت صغيراً . وكالصغار .. سأظل شغوفاً بالحنان ، وبالعناق .. ولثم أمي قبلات الامتنان . ومبشّراً : بإله الأشياء الصغيرة : "القطيع الصغير" . و"الصغير في بيت أبيه" !...
0 comments:
إرسال تعليق