لك المجد يا تونس ولشعبك الحياة/ سري القدوة


يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي صادرت السلطات البلدية عربة الشاب محمد بوعزيزي ، اليدوية التي يبيع عليها الخضراوات والفواكه، تسمى في بعض دول المشرق العربي "كارو" فذهب لإدارة البلدية ليشكو ويحاول استردادها لأنها كل رأس ماله التي يقتات منه هو وأسرته، فصفعته إحدى الموظفات على وجهه.

خرج بوعزيزي من مبنى البلدية وأضرم النار في جسده

وتوفي بعد أسبوعين، عقب أن زاره الرئيس المخلوع بن علي في المستشفى

بوعزيزي – 26 عاما – خريج جامعة، ظل عاطلا عن العمل لسنوات. ولم يجد سوى العمل بائعا متجولا على عربة تدفع باليد، لكن السلطات البلدية صادرتها منه لأنه لم يحصل على ترخيص لها.

مات البائع المتجول الشاب محمد بوعزيزي متأثرا باشعاله النار في جسده، احتجاجا على مصادرة عربته التي يبيع عليها الخضار، دون أن يدري أن ما فعله أشعل انتفاضة الشعب التونسي وأسقط حكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وتصاعدت الانتفاضة التونسية لتغير الواقع السياسي في تونس مخلفة 78 قتيلاً مدنياً و94 جريحاً إضافة الى "وفيات عديدة" في صفوف الأمن في الأحداث الأخيرة التي شهدتها تونس , وخسائر الاقتصاد تقدر بـ 1,6 مليار يورو

وسقط معظم الضحايا خلال فترة القمع البوليسي للانتفاضة الشعبية التي بدأت منتصف كانون الاول في سيدي بوزيد بالوسط الغربي الفقير من البلاد.

ان الانتفاضة الشعبية التي أدت الى إسقاط نظام زين العابدين بن علي وما تلاها من إعمال عنف تسببت في خسائر بقيمة ثلاثة مليارات دينار (1,6 مليار يورو، ملياران و150 مليون دولار) للاقتصاد التونسي مازالت تشكل نهاية لدورة تاريخية وبداية لمسار جديد، سيكون بالضرورة مختلفا عن المرحلة السابقة. واكتسحت الحركة الاحتجاجية ، جميع المحافظات تقريبا , والعنصر الجديد الذي جعل خميرة التمرد تصل إلى كل المناطق يكمن في الأعداد المتزايدة من خريجي التعليم، وخاصة الجامعات، الذين أنهوا دراستهم ووجدوا أنفسهم فريسة للبطالة والخصاصة، إن في منابتهم الأصلية أم في مستقر الهجرة المؤقت في ضواحي العاصمة أو بعض المدن الكبرى الساحلية. هذا الجيل، الذي كان قطب الرحى في الانتفاضة الاجتماعية، هو بالتحديد أولئك الشبان الذين لم يعرفوا في حياتهم سوى نظام زين العابدين بن علي، والذين فتحوا عيونهم على شعاراته وإعلامه وبرامجه التنموية، إلا أنهم عاشوا واقعا أبعد ما يكون عن تلك الصورة الافتراضية التي لا ينفك يصنعها الإعلام المُوجه ويُروجها في الداخل والخارج.

أن الانتفاضة كانت غير متوقعة من حيث التوقيت والمضمون والأشكال وكان الحكم يعتقد أنه أفلح في استخدام الأساليب الوقائية التي فككت مصادر المعارضة السياسية والنقابية وسدت جميع منافذ التمرد وأقفلت المجال الإعلامي ومساحات الحركة التي كانت متاحة للمجتمع المدني. غير أن تلك العسكرة لم تؤد سوى لمزيد من العنف لدى فيضان الكأس بنزول قطرة انتحار الشاب بوعزيزي على سطحها.

بهذا المعنى غيرت الانتفاضة وجه تونس لأنها فتحت الأفق أمام تغييرات سياسية ومؤسسية إذا ما اقتنصت المعارضة الفرصة التاريخية المتاحة بعد هذا الزلزال الاجتماعي غير المسبوق..

اننا نتمنى الخير لتونس العزيزة على قلوبنا ونتقدم بتعازينا ومواساتنا لذوي الضحايا وللشعب التونسي الشقيق ونؤكد اننا سنحافظ على أفضل العلاقات مع تونس الشقيقة

تونس ستبقي الحضن الدافئ للشعب الفلسطيني وإنها تتعرض الي اكبر مؤامرة بالتاريخ من أعداء العروبة والعرب وتونس التي احتضنت الثورة الفلسطينية عندما خرجت من بيروت حتي العودة الي ارض الوطن لن ننساها فهيا تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا لن ننسي مواقف الرجال طالما حيينا فتحية الي تونس البطولة والوفاء وعهدا ان تبقي تونس عربية حرة تحية الي تونس صوت الأحرار والشرفاء ولتسلم تونس وشعبها من مؤامرات المرتزقة ومن مؤامرات التخريب

تونس تاريخ وحضارة وثورة وتنمية واستقرار وما شهدته تونس من اقتصاد يعتمد علي السياحة في السنوات الأخيرة كان نشاطا ملموس وأيضا في المجالات التنموية والسياسية المختلفة .

كل العالم العربي يعيش في حالة أزمة ديمقراطية وحالة من قمع إرادة الشعوب وما يشهده العالم العربي اليوم من محاولات جادة للخروج من حالة القمع هو في محل تقدير وخطوات نقيمها وننظر إليها بأنها ايجابية ولكن بات الخوف يدب قلوبنا بان تصادر الثورة الشعبية في تونس وان يتاجر تجار الشنطة السياسية بدماء الشهداء الأحرار والشرفاء الذين روا الأرض الخضراء بدمائهم وكانوا نورا لمن اهتدي ونارا غاضبة تحرق كل من حاول المساس بمقدرات الشعب والثورة فتحية الي جماهير الغضب التونسية التي هتفت بصوت واحد يوم الرابع عشر من يناير

حماة الحمى يا حماة الحمى

هلموا هلموا لمجد الزمــن

لقد صرخت في عروقنا الدما

نموت نموت ويحيا الوطن

إذا الشعب يوما أراد الحياة

فلا بدّ أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي

ولا بد للقيد أن ينكســر

حماة الحمى يا حماة الحمى

هلموا هلموا لمجد الزمــن

لقد صرخت في عروقنا الدما

نموت نموت ويحيا الوطن

ان الانتفاضة الشعبية العفوية للشعب التونسي ضد مظاهر الفساد وكبت الحريات والقمع تؤكد من جديد الطاقة الخلاقة للشعوب في تقرير مصيرها، واختيار وجهتها الديموقراطية والتنموية

لك المجد يا تونس ولشعبك الحياة .. هذا ما يتمناه كل إنسان عربي مخلص وشريف يتابع إحداث تونس لان في تونس شفاء لكل العرب , وان التجربة التونسية الجديدة في الثورة ستكون نموذجا للثورة العربية ضد مصاصي الدماء والقتلة وأصحاب أقبية التحقيق والسجون السرية والقمع لإرادة الانسان العربي في مختلف البلدان العربية .. فإننا نتطلع بكل ثقة .. ونتوق الي الحرية .. نتوق الي تونس الحب والخير .. تونس الدولة القادمة.. بعيدا عن المرتزقة ومن يتاجرون بالشعوب لان أسوء ما في الثورة ان يتاجر بها وان يقطف ثمارها الجبناء .. فالثورة يصنعها الشهداء ويتحكم في مسارها المستثمرين وما أكثرهم علي ساحة العمل السياسي التونسي ابتدأ من اليساريين وانتهاء من أقصي اليمين والمتطرفين .. اننا نتطلع الي غد مشرق قوي مليء بالأمل ونتطلع الي إنسان عربي يعيش بحرية وعدالة ومساواة وان يأخذ الكل حقه في الحصول علي الأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي للمواطن العربي وان يتمتع الجميع في حرية نقل المعلومات وتداولها بكل الطرق بغض النظر عن الحدود الجغرافية الوهمية التي نعيش فيها في نطاق إقليمي فئوي ضيق بات لا يخدم المستقبل العربي في ظل تطور أنظمة المعلومات وانتشار تكنولوجيا الاتصال الرقمي .

ان الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وهي تنظر بإعجاب وافتخار للشعب التونسي الشقيق وبسالته في الذود عن مستقبله ومستقبل أبنائه وان ابناء امتنا العربية وهيا تنحاز الي تونس وإرادة الشعب التونسي لتؤكد احترامها الكبير لخياراته السياسية واختيار قياداته و ترسيخ الديمقراطية وعودة الاستقرار إلى تونس على أسس سليمة وصحية بحيث تستعيد مكانتها ودورها في الساحة العربية والدولية .
رئيس تحرير جريدة الصباح

CONVERSATION

0 comments: