نسأل لماذا يُهين ويُحقر ويُذل المجلس العسكري المصري بأعضائه الـ25 الرئيس حسني مبارك, ولماذا يُنكل معنوياً ونفسياً بزوجته وولديه؟ هل أصيب أعضاء المجلس هذا بفقدان الذاكرة والجحود, وحب السلطة فقست قلوبهم؟ أين العرفان بالجميل, وكيف بالله تسمح لهم ضمائرهم وكراماتهم بارتكاب هكذا ممارسات خارجة عن إطار الاعتراف بحق الرئيس الذي اختارهم وعينهم وكانوا يخطبون وده ويتمنون رضاه حتى أشهر قليلة مضت وهو في موقع الرئاسة, فماذا تغير؟
والسؤال نفسه يُطرح على كل المسؤولين المصريين الحاليين الذين يدينون لمبارك بالمواقع التي يتبؤونها, وفي مقدمهم عمرو موسى المرشح للرئاسة, وغيره الكثير من الذين غيروا جلدهم ولبسوا ثياب الثورة والوطنية والعفة متنكرين لماضيهم ولكل ممارساتهم.
إذا كان لا بد من محاكمة الرجل فليحاكم طبقاً للقوانين والأعراف المرعية الشأن, ولكن من دون اهانات وتشويه سمعة وإذلال، ومن دون التعرض تحديداً لزوجته. على أن يُحاكم معه كل المسؤولين والرسميين الذين عملوا تحت سلطته طوال سنين حكمه.
فعيب والله وألف عيب أن يعامل رجل بسن وخلفية وتاريخ ووزن الرئيس مبارك بهذا الشكل، وهو الذي رفض بإباء وعزة نفس الخروج من مصر مفضلاً الموت على أرضها التي أحب وقدم لها حياته.
من المهم جداً أن نرى واقع الحكم والحكام في الدول العربية ومصر هي أكبرها ونتعامل مع هذا الواقع بتعقل دون أوهام وظلم، لأنه مهما كانت أخطاء وخطايا الرئيس مبارك فهي ليست غريبة ولا بعيدة ولا شاذة عن ثقافة وعقلية وممارسات غالبية الحكام والمسؤولين والسياسيين في الدول العربية. علماً أن حُكام مصر العسكريين الجدد لن يحيدوا قيد أنملة عن هذه المفاهيم المهترئة, وها هي ممارساتهم تُظهر جلياً أنها لا تختلف بشيء عن ممارسات حقبة الرئيس مبارك.
الشهادة للحق تلزمنا أن نعترف من دون مكابرة أو خجل بأن مبارك في أسلوب حكمه لم يكن من الشواذ في دول الشرق الأوسط وبلدان العالم الثالث, بل كان نموذجاً صارخاً للقاعدة العامة المتبعة، وإذا كانت الثورة المصرية فعلاً وحقاً ثورة جادة، فلتترك الرجل بحاله بعد أن صادرت أملاكه وأمواله، وتلتفت لأمور مصر المأساوية على كل الصعد التي بظل مجلسها العسكري عمتها الفوضى العارمة وانتشرت فيها أعمال العنف المذهبية وراحت بسبب تراخي هذا المجلس تطل بقرونها على الشعب المصري جماعات السلفيين والتعصب.
نسأل" أين هي القيم الدينية والأخلاقية التي تدعو للمسامحة والغفران؟ أليس واجباً على أعضاء المجلس العسكري أن يلتزموا بالقول الشريف: "ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ". ؟
نقول لأعضاء المجلس ولكل المسؤولين المصريين: اتركوا هذا الرجل الذي تخطى الثمانين من عمره يعيش أيامه الأخيرة بكرامته لأن كرامته هي من كرامتكم, ودعوه يموت على ارض مصر التي رفض مغادرتها, ولا تقولوا للعالم إن مصر تهين أبطال حروبها وكبارها.
يا حكام مصر الجدد، صحيح أن الأحرار يبكون شهداءهم، والعبيد يبكون جلاديهم، ولكن مبارك رغم كل مساوئ حكمه، وانتم جميعاً كنتم شركاء كاملين ومتكافلين في كل هذه المساوئ، لم يكن جلاداً,، ولا قاتلاً، ولا ارهابياً، كما أنه لم يكن مختلفاً بشيء عن سلفيه جمال عبد الناصر وأنور السادات، فارحموه حتى يرحمكم من سيأتي بعدكم عملاً بقول الإمام علي: "الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك. فإن كان لك، فلا تبطر، وإن كان عليك، فلا تكفر".
0 comments:
إرسال تعليق