الأعيادُ مآتمُ/ د. عدنان الظاهر


1ـ الهكسوس الكوباني / الطفلُ إيلانُ  
اليومَ كئيبُ
اليومَ كئيبٌ وغريبٌ جدّا
الموجُ يشيلُ المِحنةَ أعلاماً حُمْرا
تركتني ثم توارتْ في ماءِ البحرِ البيزَنطيِّ العاتي  
غَرِقتْ أُمّي في بحرِ حِدادٍ مشقوقِ الصدرِ
تتقلّبُ فيهِ جُثّةُ طفلٍ غافٍ غافٍ من فَرْطِ النزفِ 
" إيلانُ " مليكُ سماواتِ الماءِ الزُرْقِ
يطفو جسداً تتقاذفهُ أنواءُ القاراتِ الخمْسِ  
الموجُ أراجيحُ الريحِ الهوجاءِ الغضبى
الريحُ تُلاحقُ " إيلانَ " الريحُ تنوحُ  
أرسى لمّا أعيا
سألَ الساحلَ هلْ جاءتْ أُمّي قبلي 
هل سألتْ عنّي أُمّي ؟
أغفى فوق مِهادٍ من رملِ الدمعِ.
2ـ عيدُ الدم
تنورٌ من نارِ
وشُعاعٌ من نورٍ مكسورِ
النورُ النارُ وللنارِ دُوارُ
أَطْفئها 
أوقفْ عَجَلاتِ الدورانِ
الهدفُ الأقصى مشغولٌ مقفولُ
لا بابٌ مفتوحٌ لا حارسُ لا بوّابُ
جسدٌ يتلوّى أوجاعا
عينٌ تتسربُ في عينٍ جوفاءِ
عيدٌ أفطرَ فيهِ ناسٌ أشلاءَ
فيهمْ مَنْ أدمنَ جوعاً إفطارا
ضحّى ... نطحتهُ الدُنيا فتردّى
النُصفةُ مكيالٌ مكسورُ الميزانِ
الدربُ طريقٌ تعوي فيهِ الذؤبانُ 
منقوعٌ بالنارِ وأملاحِ الموتِ البحري
السكّةُ لانتْ وتلوّتْ فتهاوتْ قاطرةُ الركبِ الماشي 
تحملُ أجناساً لمصائرَ شتّى
وشعوباً لا تُحصى عدّا
ماذا لو أخّرتِ الإقلاعَ لساعاتٍ أخرى
سيّانِ، الهدفُ النائي بئرٌ مسمومٌ يسقطُ فيهِ " إيلانُ " 
يا ذا القُدرةِ قلِّبها سِفْراً سِفْراً أطوارا
الأُفُقُ النائي ينأى للأُفُقِ الأنأى 
لا تفرشْ دربَ الرجعةِ أورادا
سِرنا بَرّاً مشيا 
ورَكِبنا الفُلْكَ فخانَ البحرُ وفارَ وأرغى 
نَسِيتْ " إيلانا " كوبانُ
فاحمرَّ السُندُسُ في تابوتِ خدودِ الموتِ 
....
الظُلمةُ أعلى من سقفِ مياهِ النوءِ البحري
طلَلٌ يدمى
جسرٌ يتهاوى
بَشرٌ يتساقطُ برّاً ـ بحرا 
ورؤوسٌ تتدلّى أعناقا
في تكريتَ وفي زلزالِ خزائنِ ماءِ الثرثارِ
سدٌّ للموتِ وسدٌّ آخرُ من أجسادِ
رأسٌ مقطوعٌ وأيادٍ بتراءُ
لا دولابُ هواءٍ لا أُرجوحةُ حبلٍ تتعالى جوّا
لا زَمْزمُ بئرٍ لاعَرَفاتٌ لا إحرامُ
( فبأيّةٍ حالٍ عادَ العيدُ ) ؟

CONVERSATION

0 comments: