عن إضراب الأسرى.. والتصفيات/ راسم عبيدات

...... الحركة الأسيرة الفلسطينية تتعرض لحرب شاملة،حرب تستهدف كسر إرادتها،ومن ثم تحطيم معنوياتها وتركيعها وإذلالها،وإيصالها الى مرحلة تتمنى فيها الموت على الحياة،حيث الوحدات الخاصة والمسماة بوحدات قمع السجون"النحشون والمتسادا وغيرها" بالتعاون مع مخابرات وإدارات السجون الإسرائيلية تقوم بشكل يومي بعمليات مداهمة واقتحام لغرف الأسرى وزنازينهم ليل نهار وعلى مدار الساعة،تحت حجج وذريعة البحث عن أجهزة اتصال مهربة،وهي تحت هذه الذريعة تمارس كل أشكال القمع والتنكيل بالأسرى مادية ومعنوية وجسدية،فهي لا تكتفي بقلب غرف المعتقلين رأساً على عقب وتحطيم محتويات الغرف والعبث والتخريب والإتلاف للأغراض والمقتنيات الخاصة بالأسرى،بل تصاحب تلك العمليات الكثير من الاستفزازات والأعمال الاذلالية بغرض إيجاد مبرر للتنكيل بالأسرى وقمعهم وعزلهم،حيث يطلب من العديد من الأسرى أن يجري تفتيشهم بشكل عاري أمام الأسرى الآخرين،وهم يدركون أن الأسرى لن يقبلوا بذلك وبالتالي تبدأ تلك الوحدات بممارسة ساديتها وبلطجتها على الأسرى بالضرب واستخدام الغاز المدمع وحتى الرصاص المطاطي،وفي أحيان كثيرة قامت تلك الوحدات بخلع أرضية غرف الأسرى وهدم جدرانها تحت ذريعة البحث عن أجهزة هاتف نقال مهربة،والمسألة ليست قصراً على المداهمات والاقتحامات،بل تمتد لتطال كل الشأن الحياتي الخاص بالأسرى،حيث تريد إدارات السجون وأجهزة مخابراتها أن تحيل حياة الأسرى الى جحيم،وان تصادر كل منجزاتهم ومكتسباتهم وحقوقهم،فهناك مسلسل متواصل من العقوبات غير منتهي حرمان من الزيارات لعدد كبير من الأسرى،منع إدخال الكتب والملابس حجب القنوات الفضائية وإدخال الصحف،منع الأسرى من التقدم لامتحان الثانوية العامة واستكمال التعليم في الجامعة المفتوحة،منع وإلغاء الزيارات بين الأقسام المختلفة في السجن تقيد الزيارات بين الغرف،وإجبار الأسرى على ارتداء ملابس السجن أثناء خروجهم لزيارات الأهل او مقابلة المحامين،ومن ثم تقيد أيدي وأرجل المعتقلين أثناء الخروج للزيارة،ناهيك عن سوء التغذية والنقص الحاد في الأكل كماً ونوعاً،والاكتظاظ الشديد في الغرف المفتقرة لكل شروط الحياة الإنسانية،ورغم كل ذلك يتحدث قادة الاحتلال عن أن أسرى شعبنا يعيشون في "فنادق" خمسة نجوم،ويواصلون التحريض عليهم ليل نهار من قمة هرمهم السياسي والأمني وحتى أصغر حارس في السجن؟.



ويبدو أن إدارات السجون وأجهزة مخابراتها لم تكتفي بذلك،بل عمدت مؤخراً الى توسيع سياسة العزل بحق قادة وكادرات الحركة الأسيرة،حيث يقبع الآن في أقسام وزنازين العزل واحد وعشرين أسيراً مضى على البعض منهم في العزل اكثر من خمس سنوات متواصلة،وهناك عدد من القادة وعلى رأسهم الأسرى القادة احمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجمال ابو الهيجا وحسن سلامة ويحي السنوار وعاهد ابو غلمة واحمد المغربي ومعتز حجازي وعبد الله البرغوثي ومحمود عيسى وغيرهم.



هؤلاء الأسرى المعزولين مشاريع شهادة أكثر من غيرهم من الأسرى فالاحتلال يعزلهم كلياً عن العالم الخارجي،والاحتلال يريد كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم ودفعهم للجنون او الانتحار او الموت أحياءاً في الأكياس والعلب الحجرية.



ومن هنا كان العنوان الذي اختطته الحركة الأسيرة وعلى رأسها أسرى الجبهة الشعبية الذين بادروا إلى هذا الإضراب المفتوح عن الطعام في السابع والعشرين من هذا الشهر،ما عمد بالدم لن ينتزع الا بالدم،وأخرجوا أسرى العزل وعلى رأسهم القادة سعدات وأبو الهيجا،هذا الإضراب الذي نأمل أن تكون فيه الحركة الأسيرة بكل ألوان طيفها السياسي متوحدة حول هذا الشعار،وخصوصاً أن ما يرد من أخبار لا تطمئن،حيث أنه لم تلتحق بهذا الإضراب كل السجون والمعتقلات،وبالتالي من الخطر جداً السماح لإدارات السجون أن تنفرد بهذا الفصيل أو ذاك،وهذا مؤشر خطر جداً على مستقبل وحدة الحركة الأسيرة وقدراتها على الدفاع عن حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها،وحذار أن تفشل الحركة الأسيرة في إضرابها كما حصل في إضراب 15/8/2004،حيث ترتب على ذلك الفشل الكثير من التداعيات والخسارة للمنجزات والمكتسبات التي عمدتها الحركة الأسيرة بالدم والتضحيات،ولذلك هذا الإضراب يجب أن يكون معركة الدفاع عن وجود الحركة الأسيرة ومستقبلها وحقوقها ومنجزاتها،معركة شطب ملف العزل وإنهاءه.



أن الحرب الشاملة على الأسرى تتطلب أوسع حركة تضامن شعبي ورسمي،ففي الوقت الذي جرى فيه تحشيد الجماهير لمعركة استحقاق أيلول،فإنه من الهام جداً التعبئة والتحشيد والقيام بكل أشكال وأنواع الدعم والإسناد الشعبي والجماهيري لهؤلاء الأسرى المتقدمين في خنادق النضال،حاملين الراية والمشاعل وحماة القضية والحقوق الوطنية.



والتنكيل بأسرانا في سجون الاحتلال ومعتقلاته وزنازينه لم يقف عند هذا الحد،بل وصل حد إجراء تجارب طبية على الأسرى دون علمهم،وكذلك فحكومة الاحتلال التي تدعي الأخلاقية وطهارة السلاح،كشفت العديد من التقارير والصحف حتى الإسرائيلية منها و أجهزة المخابرات الإسرائيلية نفسها،عن عمليات إعدام لأسرى تمت بعد اعتقالهم أحياء،كما حصل مع خلية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعروفة بخلية "باص 300 "،التي قامت باختطاف أحد الباصات الصهيونية واحتجاز من فيه كرهائن من أجل مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال في 12/4/1984،ولكن حكومة الاحتلال وجيشه ومخابراته عمدوا إلى اقتحام الباص،حيث جرى إعدام كل من الأسيرين مجدي وصبحي أبو جامع بعد اعتقالهم أحياء على يد مسؤول المخابرات نفسه وبقرار من رئيس الجهاز نفسه،قبل أن يتعرضوا الى تحقيق وتعذيب عنيفين،وهذا يدلل على مدى الانحدار الأخلاقي والحقد والعنصرية عند جيش الاحتلال وأجهزة مخابراته،وهي ليست بالجريمة الأولى التي ترتكب بحق أسرى عزل،بل كانت تصفيات الأسرى المصريين الذين جرى أسرهم أحياء،وهذا يثبت أن هذا ليس بالعمل الشاذ،بل هناك جهات في المستويات العليا السياسية والأمنية الإسرائيلية تصدر الأوامر والتعليمات للقيام بهذه التصفيات،ولذلك يجب على السلطة الفلسطينية التوجه الى المحاكم الدولية من أجل جلب من قاموا بإعطاء الأوامر وتنفيذ عمليات الإعدام من قادة ورجال مخابرات الاحتلال ومحاكمتهم كمجرمي حرب،فما قاموا به هو جريمة حرب بامتياز،قتل وتصفية عن سابق إصرار وبشهادة من مخابرات الاحتلال أنفسهم.



نعم هناك حرب شاملة معلنة على أسرانا في سجون الاحتلال،حرب تريد إعادة أوضاع الحركة الأسيرة الى ما قبل سنوات السبعينات،حرب تستهدف القضاء على مقولة أن المعتقلات هي مدارس وجامعات ثورية،تخرج القادة في مختلف المجالات والميادين،حرب يراد لها تطويع الحركة الأسيرة الفلسطينية وكسر إرادتها وتركيعها وتفريغها من محتواها الوطني والنضالي.



وذلك واجب علينا كسلطة وأحزاب ومؤسسات حقوقية وإنسانية ومجتمع مدني وجماهير،أن نشكل حاضنة ودرع أمان لأسرانا،وأن نقدم لهم كل أشكال الدعم والإسناد في معركتهم،معركة ما انتزع بالدم لن يأخذ الا بالدم وملف أسرى العزل يجب أن يطوى للأبد.


CONVERSATION

0 comments: