الأشخاص زائلون ... والعلاقات المصرية الكويتية هي الباقية/ رأفت محمد السيد

مع عظيم إحترامى وتقديري لما نشر بجريدة المصري اليوم للإعلامي المصري الكبير الأستاذ / حمدي قنديل تحت عنوان"مشاركة المحامين الكويتيين في الدفاع عن مبارك «استفزاز» للشعب المصري فأنا كمواطن مصري يعرف الكثير عن الكويت وشعبها ، لاأصدق أن دولة عربية بحجم ومكانة الكويت تجامل شخص مهما كان منصبه ومهما كانت منزلته ومكانته الأدبية لديهم على حساب علاقات حميمية تجمع بين الشعبين هنا وهناك وبين الدولتين ، ولاأصدق أيضا ماقرأته من أن دولة الكويت تتصدر الدول الخليجية في العداء لمصر – فلماذا العداء لمصر؟ ومصر هي قلب الأمة العربية النابض ولها مواقفها وتاريخها التي يشهد بها التاريخ ولايمكن أن ينكرها إلا جاحد، هل لمجرد أن "الحكومة الكويتية" قد أظهرت الوفاء لمبارك قبل الثورة بسنة عندما ألقت القبض على نحو عشرين من أنصار الدكتور البر ادعى، تم اختطافهم من بيوتهم ورحلوا إلى القاهرة مكبلين بالقيود يعنى أن الشعب الكويتي أصبح عدوا لدودا للشعب المصري ؟ هل ما قامت به السلطات الكويتية عندما فصلت طفلاً مصرياً من مدرسته عندما سأل أحد زملاءه الكويتيين بسذاجة : لماذا لم تقم ثورة في بلادكم أيضاً يعنى أن الشعب الكويتي يكن الكراهية للمصريين ؟! الإجابة بالطبع بالنفى ، فتصرفات الحكومات من وجهة نظري المتواضعة لاتعكس رأى الشعوب ولاتعبر عن مشاعرها ، فأنا على يقين أن الشعب الكويتي العربي لديه من الثقافة والتحضر والرقى مايجعله يضع الأمور في نصابها كما اننى على ثقة من أن أغلب الأشقاء الكويتيين يعشقون مصر وشعبها وكذلك الحال بالنسبة للمصريين فهم يعشقون الكويت وشعبها، فالمشاعر الطيبة موجودة ومتبادلة منذ قديم الأزل بين الشعبين ، نعم الوفاء صفة جميلة ولايختلف عليها اثنان بل هو مطلوب في كل مكان وزمان،كما أن التعبير عن الحب لشخص مبارك لايعنى الخيانة لمصر وشعبها والدليل على ذلك أن كثير من المصريين يظهرون حبا لمبارك حتى هذه اللحظة رغم الكثير من سلبياته التي عانى منها أغلب الشعب المصري الذي زاد فقره ومرضه في عهده في الوقت الذي ظهرت فيه طوائف أصحاب المليارات بكثرة ، كما قيدت الحريات وزاد القهر والقمع في عهده هي أشياء لاينساها الشعب المصري، أما بالنسبة لحديث الأستاذ / حمدي قنديل عن بعض القنوات الفضائية الكويتية التي تظهر العداء لمصر وأخص بالذكر قناة «سكوب» التي تخصصت في سب الثورة وشبابها، وتحريض أهل الخليج على المواطنين المصريين والترويج للثورة المضادة في مصر من خلال عدد من البرامج يقدم معظمها مذيع اسمه سعود الورع والذي عادة ما ينفعل إلى درجة الانخراط في بكاء بالدموع وهو ينعى حظ مبارك ويتحسر على قلة أصل المصريين الغدارين الذين يهينون رمزهم و«يتسببون في تخريب الوطن العربي كله» فأنا أرى أن أغلب القنوات الفضائية على مستوى العالم العربي هي السبب الرئيسي فيما يحدث من خراب ودمار في معظم الدول العربية فضلا عما قد تسببه من إفساد للعلاقات بين دولتين ويحضرني في هذا المقام الإعلام المصري والجزائري إبان أحداث مباراة في كرة القدم بين دولتين عربيتين شقيقتين هما مصر والجزائر ، فقد أوشك الإعلام المرئي والمقروء والمسموع افتعال أزمة كبيرة بين شعبين شقيقين بسبب "لعبة " مباراة في كرة القدم ، فقد تعودنا للأسف من الإعلام الفضائي بصفة خاصة تصعيد الأحداث، علما بأن القنوات الفضائية لاتعبر بأي حال من الأحوال عن أراء الشعوب بل هي أداة ناجحة في استفزاز الشعوب وإفساد علاقاتها المتبادلة ، ولأنني لاأهوى التعميم لأن فيه ظلم بين فإن هناك من القنوات الفضائية ماهو معتدل ولا يهوى الإثارة والتصعيد، لذلك لابد من إصدار قوانين صارمة على مستوى الدول العربية تمنع أية تجاوزات تصدر من القنوات الفضائية حتى لو وصل الأمر إلى سحب رخصتها دون رجعة فتلك القنوات دائما ما تفسد أجواء المحبة بين الشعوب العربية بحجة حرية الصحافة والإعلام فالتعبير عن الرأي "حق مكفول للجميع " ولكن دون تجريح أو إساءة لدولة أو شعب لان الأفراد زائلون والعلاقات الدولية والمحبة بين الشعوب هي الباقية ، ومن العار أن يكون الإعلام هنا أو هناك هو السبب الرئيسي في إفساد العلاقات بين دولتين شقيقتين،أو تفاقم مشاعر العداء بين شعبين عربيين شقيقين ، ويأخذنا الحديث إلى ماقرأناه عن تطوع عشرة محامين كويتيين للدفاع عن مبارك ،وأقول مالضرر في ذلك ؟ فالأمرلايعدو من وجهة نظري المتواضعة إلا رغبة من هؤلاء المحاميين في الحصول على مجد شخصي لهم والحصول على مزيد من الشهرة على المستوى العربي ، ومن ثم ليس له علاقة بالشأن السياسي الداخلي لمصر ولايعبر عن موافقة شعب الكويت العظيم على تطوعهم للدفاع عن الرئيس المخلوع، فلو تطوع ألاف المحاميين على مستوى الدول العربية للدفاع عن مبارك فهذا حق أصيل لهم لايمكن الاعتراض عليه ، على الرغم من أن هذا الأمر قد يكون مستفزا لأسر الشهداء الذين سالت دمائهم على ارض مصر من أجل الحصول على حرياتهم وكرامتهم المسلوبة ، وكذلك الحال فإن الأمر قد يبدو مستفزا للمشاعر بالنسبة للمقهورين من حكم الرئيس المخلوع وما أكثرهم ولكن الأهم من هذا وذاك من وجهة نظري والذي يعد بالفعل أمرا غير مقبول بالمرة هو التصريحات المستفزة التي تصدر من هيئة الدفاع المتطوعة للدفاع عن الرئيس المخلوع والتي تثير مشاعر الشعب المصري بالفعل فعندما يقول "العتبى" وهو أحد المحاميين المتطوعين بأن الدفاع عن مبارك «ردا للجميل» فهذه مغالطة وخطأ جسيم وأقول له اتق الله في تصريحاتك يارجل - أي جميل هذا الذي تقصده ؟ هل تعنى قرار مبارك بمشاركة مصر في تحرير الكويت من الغزو العراقي ؟ أقول لك إن هذه المشاركة واجب حتمي وفرض بل هو أمر إلهي نزل من السماء في قوله تعالى : " بسم الله الرحمن الرحيم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9]. " والكويت لم تقاتل ولم تعتدي وإنما تم الاعتداء عليها – فهل الدماء العربية الحرة التي تجرى في عروقنا ترتضى هذا الوضع – بالطبع لا والدليل على ذلك أن أغلب المصريين يتمنون فتح باب الجهاد من اجل تحرير أرض فلسطين والمسجد الأقصى من أيدي اليهود الملاعين ، يتمنون أن يحملوا السلاح ليذودوا عن أراضيهم المسلوبة ، يتمنون تحقيق النصر على عدوهم أو الشهادة في سبيل الله ، هذه أمنية كل عربي حر شريف ،والمؤكد أن مبارك ليس له فضل في اتخاذ هذا القرار، فقد أملى عليه من الولايات المتحدة الأمريكية ظنا منه أن ذلك سيضمن له البقاء في مكانه فضلا عن ذلك فقد كانت لديه رغبة شخصية في إقصاء صدام حسين الذي كان يرى أنه المنافس الوحيد له على زعامة العالم العربي ، والسؤال لمن يردد عبارة "رد الجميل " هل وقف الرئيس المخلوع شاهرا سلاحه في وجه المعتدين ؟ أم أن رجال القوات المسلحة المصرية التي شاركت بنحو 34 ألفاً من رجالها في المعركة هم الذين ضحوا بدمائهم من أجل تحرير دولة الكويت من أيدي المعتدين ، فكيف يكون رد الجميل للرئيس المخلوع لو اعتبرنا أن الدفاع عن شرف وكيان دولة عربية شقيقة كالكويت جميل واجب رده ، هل رد الجميل " لو اعتبرنا أن هناك جميل بين الأشقاء " يكون لمبارك أم للشعب المصري الذي استضاف أشقائهم الكويتيين أثناء الغزو بكل الحب والترحاب والتعاطف رافضا احتلال صدام للكويت كنت أتمنى أن يكون هناك مجموعة أخرى من المحاميين الكويتيين تأتى متطوعة للدفاع عن أهالي الشهداء الذين قتلتهم قوات مبارك؟ ومجموعة أخرى تأتى متطوعة ليعينونا على استرداد الأموال التي نهبها وهربها مبارك وولديه ورجالة وأعوانه ؟ فساعتها فقط سوف يدرك الشعب المصري أن هذه المجموعات تعبر عن نبض الشارع الكويتي وشعبه الذي نحبه ونحترمه ، وساعتها لن يكون الوفاء لمبارك فقط وإنما لشعب مصر بأكمله الذي يكن كل الحب والتقدير لشعب الكويت فما أجمل الوفاء ياشعب الكويت حتى لو كان لمبارك .
raafat.1963@gmail.com

CONVERSATION

0 comments: