أثار ما نشرته صحيفة معاريف الإسرائيليّة قبل أيام عن استعداد شباب دروز للدخول إلى سوريّة للدفاع عن دروزها في وجه جبهة النصرة، ضجيجا إعلاميّا لا يصحّ فيه إلا مثلنا الفلاحيّ الشمال فلسطيني "دُرْهَبّة والعَشَا شُلْباطَة". فقراءة "الخبر" بتمعّن تنبئنا أن خلفيّته مظاهرة سيّرها البعض بمحاذاة الشريط الفاصل للقوات في الجولان وتصريحات بعض المشاركين فيها.
وما أن تتعمّق وتقرأ الأسماء حتى تكتشف أن المتحدثَيْن باسم المظاهرة هم من حملة الجنسيّة الإسرائيليّة المقاطَعين اجتماعيّا وسياسيّا في هضبة الجولان ومن أشدّ المعادين للنظام السوريّ. فأحدهم هو الذي التقى في بلغاريا قبل مدّة مع معارضين سوريين مثيرا بذلك حينها حتّى حفيظة ليبرمان، وهو من مؤسسي "التنسيقيّة الإسرائيليّة لدعم المعارضة السوريّة" التي أُعلن عنها قبل مدّة في تل أبيب. أمّا الثاني فرئيس سابق لمجلس محلّي معيّن وكل الدنيا تعرف من هم المعيّنون رؤساء مجالس في قرى الجولان المحتل.
الأمر الغريب الأول في الخبر هو جرّ الشيخ موفق طريف التعقيب على الأمر والإدلاء بتصريحات نُسبت إليه، إذا صحّ ما نُسب وبغض النظر هو ليس مخوّلا بذلك، ويعرف تمام المعرفة عمّا أتحدث (!). والأمر الغريب الثاني هو نقل الخبر على يد وسائل إعلام عربيّة ومنها من يمتاز بالرصانة، وكأن مجندين دروز في الجيش الإسرائيلي أبدوا استعدادهم لدخول سوريّة والدفاع عن الدروز فيها، فهل يستطيع مجنّد في الجيش الإسرائيلي إطلاق مثل هكذا موقف؟! والمجنّد في الجيش الإسرائيلي وأي كان انتماؤه، هو جزء من المؤسسة وجزء من سياستها وليس مخوّلا بإطلاق مواقف وكم بالحري اتخاذ خطوات، وكل من يعرف القليل عن المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة يعرف هذه الحقيقة.
وبغضّ النظر عن هذا وعن ذلك، هذا الضجيج مصطنع ومفتعل ومغرض وللأسباب الآتية على الأقل:
أولا: إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من هذه الحرب القذرة على سوريّة وهي المستفيدة من إدامتها، وما دامت جبهة النصرة وحلفاؤها تقومون مقامها فلا بأس بذلك حتّى لو كان كلّ أبناء الشعب السوريّ فرائس لها وبضمنهم الدروز.
ثانيا: كيف صار هؤلاء، موضوع الخبر، وهم أصدق "أصدقاء" المؤسسة الإسرائيليّة، صديقة جبهة النصرة الصدوقة مداواة لجرحاها ومدّها بكل ما تحتاج وتأمينا لحمايتها في الشريط المنزوع من السلاح خلف خط وقف إطلاق النار في الجولان، كيف صاروا حماة دروز سوريّة في وجه جبهة النصرة ؟!
ألم نسمع وأكثر من مرّة كيف ساندت إسرائيل هؤلاء الإرهابيّين في قصف مواقع سوريّة بحجة أن قذائف الجيش السوري عبرت خط وقف إطلاق النار وسقطت في الجولان المحتل؟!
أولم نسمع عن عملها على إقامة شريط حدودي كما الشريط اللبناني الذي "نفق" حينها تحت أقدام المقاومة اللبنانيّة؟!
والأهم من ذلك أن المعلومات المتوافرة الموثوقة من قرية حضر، أنها فعلا تعرضت لهجوم على يد إرهابيّي جبهة النصرة وحلفائهم وسقط فيها ثلاثة ضحايا وبعض الجرحى، إلا أنها صدّتهم وبمؤازرة الجيش العربي السوري وخلال ساعات قليلة موقعا عديدهم قتلى، وتلقّفت إسرائيل فلولهم وجرحاهم رغم مساندتها إياهم وقصف أحدى المواقع السوريّة بالصواريخ المسماة تموز تغطية لهم في فرارهم.
"العرب الدروز" السوريّون بمصطلحنا أو "الموحدون المسلمون الدروز" السوريّون بالمصطلح السوريّ- اللبنانيّ هم مواطنون سوريّون قوميّون عروبيّون زكّوا انتماءهم القوميّ والوطنيّ بالدماء، وهم بحماية دولتهم وحُماة ديارها، الجيش العربيّ السوريّ، وليسوا بحاجة ل"فزعة" خصوصا من مثل هؤلاء موضوع الخبر.
ثالثا: الأمر الطبيعيّ أن تقلق الأوضاع في سوريّة كل وطني قوميّ فلسطينيّ شريف ومثل هؤلاء كثر ومن كلّ قطاعات وطوائف أبناء شعبنا، وهم مع الدولة السوريّة بتصديها للحرب القذرة التي تتعرض لها ومنضوون تحت لواء اللجنة الشعبيّة للتضامن مع سوريّة وقيادتها الوطنيّة . زد على ذلك أنه وبحكم التاريخ لا تخلو عائلة فلسطينيّة إنسانيّا من أقارب عصب لها في سوريّة، أولم تكن فلسطين جنوب سوريّة الكبرى قبل سايكس بيكو وأهلها أهلهم؟
رابعا والأهم: المؤسسة الإسرائيليّة هي مَن وقف وراء مثيري هذا الضجيج، وإن راح ضحيتهم بعض أصحاب النوايا الصادقة والطيّبة، وتعرف المؤسسة الإسرائيليّة وأزلامها حقّ المعرفة أنّ " الموحدين المسلمين الدروز" في سوريّة لهم موقف واضح ومحسوم وبأكثريتهم العظمى (%90 وأكثر) حسب المعلومات المتوفرة والموثوقة، حول الأوضاع في سوريّة، ولا يروق هذا الموقف للمؤسسة الإسرائيليّة وبالنسبة لها، حبذّا لو زُجّ بهم ضدّ الدولة ومع أعدائها.
يبدو هذا الاجتهاد للوهلة الأولى وعلى ضوء الحالة التي نحن بصددها، وكأنه يحمل في طيّاته نقيضه، فكيف يكون ذلك والحديث يدور عن حماية الدروز من جبهة النصرة؟!
المخابرات الإسرائيليّة ومن أطلق هذا التحرّك أرادوا توجيه رسالة بهذا التحرك للعرب الدروز السوريين مفادها أن الدولة السوريّة وبجيشها غير قادرة على حمايتهم وها جبهة النصرة "القوية" تستطيع أن تغزو قراهم والقضية قضيّة وقت ليس إلا لينهزم النظام، والأفضل لهم أن يغيّروا هذا الموقف وأن ينضموا ل"الثورة".
ليس هذا الاستنتاج والاجتهاد محض تخيّل، أولم نسمع قبل مدّة من جنبلاط تخويفه الدروز من بحر السنّة الذي سيجدون أنفسهم فيه بعد سقوط النظام؟!
ضف إلى ذلك الحديث الجدّي الذي يدور عن والعمل الميدانيّ المنفّذ بإقامة شريط حدوديّ على طول خطوط وقف إطلاق النار في الجولان بعمق عدة كيلومترات، وتتخيّل إسرائيل أن هذا الجيب الدرزيّ في حضر وجاراتها بمواقفها وبمواقعها هي عائق في وجه هذا الشريط وفي منطقة جغرافيّة حسّاسة منه، ولذا من المفضّل ترحيل سكانها ليخلو الشريط لأصدقاء إسرائيل الموضوعيين جبهة النصرة وحلفاؤها.
لا تمكن قراءة هذا الضجيج المفتعل وبالذات الآن إلا في هذا السياق ومن هذا الباب، ولكننا واثقون تمام الثقة أن هذا المخطط الصغير سيفشل تماما مثلما كنّا وما زلنا واثقين بانتصار سوريّة على المخطط الأكبر والأشمل.
أوائل نيسان 2013
سعيد نفاع – اللجنة الشعبيّة للتضامن مع سوريّة وقيادتها الوطنيّة
Sa.naffaa@gmail.com جوال 0507208450
وما أن تتعمّق وتقرأ الأسماء حتى تكتشف أن المتحدثَيْن باسم المظاهرة هم من حملة الجنسيّة الإسرائيليّة المقاطَعين اجتماعيّا وسياسيّا في هضبة الجولان ومن أشدّ المعادين للنظام السوريّ. فأحدهم هو الذي التقى في بلغاريا قبل مدّة مع معارضين سوريين مثيرا بذلك حينها حتّى حفيظة ليبرمان، وهو من مؤسسي "التنسيقيّة الإسرائيليّة لدعم المعارضة السوريّة" التي أُعلن عنها قبل مدّة في تل أبيب. أمّا الثاني فرئيس سابق لمجلس محلّي معيّن وكل الدنيا تعرف من هم المعيّنون رؤساء مجالس في قرى الجولان المحتل.
الأمر الغريب الأول في الخبر هو جرّ الشيخ موفق طريف التعقيب على الأمر والإدلاء بتصريحات نُسبت إليه، إذا صحّ ما نُسب وبغض النظر هو ليس مخوّلا بذلك، ويعرف تمام المعرفة عمّا أتحدث (!). والأمر الغريب الثاني هو نقل الخبر على يد وسائل إعلام عربيّة ومنها من يمتاز بالرصانة، وكأن مجندين دروز في الجيش الإسرائيلي أبدوا استعدادهم لدخول سوريّة والدفاع عن الدروز فيها، فهل يستطيع مجنّد في الجيش الإسرائيلي إطلاق مثل هكذا موقف؟! والمجنّد في الجيش الإسرائيلي وأي كان انتماؤه، هو جزء من المؤسسة وجزء من سياستها وليس مخوّلا بإطلاق مواقف وكم بالحري اتخاذ خطوات، وكل من يعرف القليل عن المؤسسة العسكريّة الإسرائيليّة يعرف هذه الحقيقة.
وبغضّ النظر عن هذا وعن ذلك، هذا الضجيج مصطنع ومفتعل ومغرض وللأسباب الآتية على الأقل:
أولا: إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من هذه الحرب القذرة على سوريّة وهي المستفيدة من إدامتها، وما دامت جبهة النصرة وحلفاؤها تقومون مقامها فلا بأس بذلك حتّى لو كان كلّ أبناء الشعب السوريّ فرائس لها وبضمنهم الدروز.
ثانيا: كيف صار هؤلاء، موضوع الخبر، وهم أصدق "أصدقاء" المؤسسة الإسرائيليّة، صديقة جبهة النصرة الصدوقة مداواة لجرحاها ومدّها بكل ما تحتاج وتأمينا لحمايتها في الشريط المنزوع من السلاح خلف خط وقف إطلاق النار في الجولان، كيف صاروا حماة دروز سوريّة في وجه جبهة النصرة ؟!
ألم نسمع وأكثر من مرّة كيف ساندت إسرائيل هؤلاء الإرهابيّين في قصف مواقع سوريّة بحجة أن قذائف الجيش السوري عبرت خط وقف إطلاق النار وسقطت في الجولان المحتل؟!
أولم نسمع عن عملها على إقامة شريط حدودي كما الشريط اللبناني الذي "نفق" حينها تحت أقدام المقاومة اللبنانيّة؟!
والأهم من ذلك أن المعلومات المتوافرة الموثوقة من قرية حضر، أنها فعلا تعرضت لهجوم على يد إرهابيّي جبهة النصرة وحلفائهم وسقط فيها ثلاثة ضحايا وبعض الجرحى، إلا أنها صدّتهم وبمؤازرة الجيش العربي السوري وخلال ساعات قليلة موقعا عديدهم قتلى، وتلقّفت إسرائيل فلولهم وجرحاهم رغم مساندتها إياهم وقصف أحدى المواقع السوريّة بالصواريخ المسماة تموز تغطية لهم في فرارهم.
"العرب الدروز" السوريّون بمصطلحنا أو "الموحدون المسلمون الدروز" السوريّون بالمصطلح السوريّ- اللبنانيّ هم مواطنون سوريّون قوميّون عروبيّون زكّوا انتماءهم القوميّ والوطنيّ بالدماء، وهم بحماية دولتهم وحُماة ديارها، الجيش العربيّ السوريّ، وليسوا بحاجة ل"فزعة" خصوصا من مثل هؤلاء موضوع الخبر.
ثالثا: الأمر الطبيعيّ أن تقلق الأوضاع في سوريّة كل وطني قوميّ فلسطينيّ شريف ومثل هؤلاء كثر ومن كلّ قطاعات وطوائف أبناء شعبنا، وهم مع الدولة السوريّة بتصديها للحرب القذرة التي تتعرض لها ومنضوون تحت لواء اللجنة الشعبيّة للتضامن مع سوريّة وقيادتها الوطنيّة . زد على ذلك أنه وبحكم التاريخ لا تخلو عائلة فلسطينيّة إنسانيّا من أقارب عصب لها في سوريّة، أولم تكن فلسطين جنوب سوريّة الكبرى قبل سايكس بيكو وأهلها أهلهم؟
رابعا والأهم: المؤسسة الإسرائيليّة هي مَن وقف وراء مثيري هذا الضجيج، وإن راح ضحيتهم بعض أصحاب النوايا الصادقة والطيّبة، وتعرف المؤسسة الإسرائيليّة وأزلامها حقّ المعرفة أنّ " الموحدين المسلمين الدروز" في سوريّة لهم موقف واضح ومحسوم وبأكثريتهم العظمى (%90 وأكثر) حسب المعلومات المتوفرة والموثوقة، حول الأوضاع في سوريّة، ولا يروق هذا الموقف للمؤسسة الإسرائيليّة وبالنسبة لها، حبذّا لو زُجّ بهم ضدّ الدولة ومع أعدائها.
يبدو هذا الاجتهاد للوهلة الأولى وعلى ضوء الحالة التي نحن بصددها، وكأنه يحمل في طيّاته نقيضه، فكيف يكون ذلك والحديث يدور عن حماية الدروز من جبهة النصرة؟!
المخابرات الإسرائيليّة ومن أطلق هذا التحرّك أرادوا توجيه رسالة بهذا التحرك للعرب الدروز السوريين مفادها أن الدولة السوريّة وبجيشها غير قادرة على حمايتهم وها جبهة النصرة "القوية" تستطيع أن تغزو قراهم والقضية قضيّة وقت ليس إلا لينهزم النظام، والأفضل لهم أن يغيّروا هذا الموقف وأن ينضموا ل"الثورة".
ليس هذا الاستنتاج والاجتهاد محض تخيّل، أولم نسمع قبل مدّة من جنبلاط تخويفه الدروز من بحر السنّة الذي سيجدون أنفسهم فيه بعد سقوط النظام؟!
ضف إلى ذلك الحديث الجدّي الذي يدور عن والعمل الميدانيّ المنفّذ بإقامة شريط حدوديّ على طول خطوط وقف إطلاق النار في الجولان بعمق عدة كيلومترات، وتتخيّل إسرائيل أن هذا الجيب الدرزيّ في حضر وجاراتها بمواقفها وبمواقعها هي عائق في وجه هذا الشريط وفي منطقة جغرافيّة حسّاسة منه، ولذا من المفضّل ترحيل سكانها ليخلو الشريط لأصدقاء إسرائيل الموضوعيين جبهة النصرة وحلفاؤها.
لا تمكن قراءة هذا الضجيج المفتعل وبالذات الآن إلا في هذا السياق ومن هذا الباب، ولكننا واثقون تمام الثقة أن هذا المخطط الصغير سيفشل تماما مثلما كنّا وما زلنا واثقين بانتصار سوريّة على المخطط الأكبر والأشمل.
أوائل نيسان 2013
سعيد نفاع – اللجنة الشعبيّة للتضامن مع سوريّة وقيادتها الوطنيّة
Sa.naffaa@gmail.com جوال 0507208450
0 comments:
إرسال تعليق