بتوفيقً من الله وإرشاده وسعيا للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، كما نصلى على نبى السلام والإسلام محمد ابن عبد الله ، ايضا نصلى على سائر أنبياء الله ورسله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ أما بعد
فالقصد الشرعى من حد الحرابة هو قتل القاتل ، بعد أن تثبت فى حقه الجريمة ، وهو ماتقوم به الشرطة والمحاكم فى هذا العصر ، لكن أن يقوم أفراد بفعل هذا من تلقاء أنفسهم ،فهذا أمر غاية فى الخطورة ،ويهدم بنية المجتمع ويشيع الفوضى ، ويُسقط دولة القانون المتحضرة الحديثة المحترمة، ونعود لعالم الغاب فيكون البقاء للأقوى ، والأكثر إجراماً ، وعلى الحاكم العاقل الرشيد الضرب على أيدى هؤلاء بشدة ، لأن الإجرام بأسم الدين هو أشد أنواع الإجرام ------------------------------------------------------- أما بخصوص الظاهرة الجديدة لجماعات الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف بمصر ، وأنا قصدت تغير الإسم لما يقومون به تحت غطاء الدين بصورة كاذبة
، فنقول أن قاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، الأصل فى معناها هو دعوة الناس ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والأسلوب الهادىء بالمحبة وفعل الخيرات ، وإتباع كلام ووصايا الله ،وقد نادت بها كل الآديان والحضارات ،بداية من الفراعنة ----، وبخصوص الإسلام فهناك عدة آيات قرآنية تدلل على مبدأ الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، منها الآية 104 من سورة آل عمران قوله تعالى ( ولتكن مِنكُم اُمة يَدعُوِنَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعَروُفِ وَينَهَونَ عَنِ الُمنكَرِ وَأولائكَ هُمُ المُفلِحوُنَ ) ص ق ، وايضا قول الرسول (ع) ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ) ،
وأما من له الحق فى تطبيق هذه القاعدة :- نقول أنها واجبة على الدعاة فى وسائل الإعلام بشرط ألا يتعدى فعلهم الكلام اللفظى الهادىء ، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ولا يحق لفرد أو أفراد أن يتوجهوا مباشرة لشخص أو أفراد معينين بحجة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ---- لكن كيف تطبق هذه القاعدة –( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر )، فهذا هو الأمر الأهم ، حيث تم تحريف، مفهوم هذه القاعدة ،من فقهاء السلطان والمتطرفين ، لتحقيق أهداف سياسية نفعية ، كما هو الحال فى مصر وماحدث فى جريمة السويس وقتل طالب الهندسة المتفوق على يد مجموعة من الإجراميين تحت إسم جماعة الأمر بالمعروف ليس ببعيد ، وايضا فى نموذج هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بالسعودية ، التى أنشأها الملك خالد ،عام 1940 ، وبلغ عدد أعضائها حتى عام 2011 أكثر من خمسة ألاف فرد ، ويقال عنها الشرطة الدينية ، وقد رأينا كيف إنتهكت هذه الهيئة حقوق الإنسان ، تحت ستار الدين ، فقد تسببت فى زيادة عدد الوفيات ، فى حادثة حريق مدرسة البنات ، فى مكة عام 2002 ، عندما قاموا بطرد أولياء الأمور ، والحريق مشتعل فى المدرسة ، ثم أغلقوا الباب على البنات أثناء الحريق ، وذلك بحجة أن يكون بعضهم منزوع الحجاب ، وأيضا قام أفراد الهيئة ، بمنع رجال الإطفاء والإسعاف ، من الدخول إلى المدرسة ، لأنه لايجوز للفتيات أن ينكشفن أمام غرباء، كونهم ليسوا من المحارم ، وكانت النتيجة زيادة عدد الوفيات والضحايا ، فى حين تقام الحفلات الماجنة المختلطة الساخنة ، فى قصور الأمراء ، وتُقَدم فيها الخمور وكل المحرمات والممنوعات ، ولا يتكلم أيا ً من أفراد الهيئة ، ولا يجرؤ أحدهم على التلميح بما يحدث ---- فهل هذه شريعة الله ؟؟؟--- حاشا وكلا --،وإيضا فى عام 2004 قامت هذه الهيئة ، بمداهمة مكتبة التراثية ، بالعاصمة السعودية الرياض ، ومصادرة عدد كبير من الكتب الشيعية والآدبية ، ثم قاموا بإعتقال صاحب المكتبة ، وشابين يعملان عنده ، وقد قاموا بذلك ضمن سلسلة من المداهمات والمصادرة ، التى تشنها هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ضد المكتبات التى توفر كتب شيعية وكذا الكتب الأدبية ، والغريب أن هذه الهيئة السعودية ، تحوى بين أفرادها غالبية من خريجى السجون وأصحاب السوابق ، كما أن هذه الهيئة لاتتكلم أبداً عن الحريات ، وحقوق الإنسان الغائبة عن المجتمع السعودى .
مما يعنى أن هذا هو نموذج سيىء لإستغلال الدين من خلال قاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،وإتباعا للفكر الوهابى السلفى ،لأن الرسول(ع) لم ينشىء هيئة للأمر بالمعروف ، وكذا لم يفعل الصحابة .
لكن الأمر هنا أمر سياسى وهو إستخدام الدين فى قهر الناس، وكسر كرامتهم ، ليستطيع الحاكم فعل كل مايريد ، ويبقى فى الحكم مدى الحياة هو ونسله ، ولأن الآمر لاصلة له بالدين ، فقد رأيناهم يحكمون بالجلد على سيدة ، لإنها قامت بقيادة سيارة ، وهو حكم ليس له سند من الشريعة الإسلامية ، لذا نتسائل ؟ أى شريعة يتبعون --- ونحن نعتقد أنهم يتبعون شريعة الشيطان ، وإلا لماذا لاتلتزم السعودية بحكم الشريعة ، وتطبق الخلافة الإسلامية ، لأن الإسلام لا يعرف النظام الملكى ، ولكن هم يطبقون شريعتهم الوهابية المتطرفة ، على العامة من الناس فقط ، مستخدمين الدين بصورة فاجرة ، ديكتاتورية منفرة ، فمتى يفيق العرب ، ويدركون أن هؤلاء كذبة ، ايضا قد شاهدنا أخيراً أحد الأشخاص بمصر ، وهو ترزى ومع كل الإحترام لهذه المهنة وقد علمنا أنه غير سوى وكان يعالج نفسياً، وهو يقيم ويولى من نفسه أامراً بالمعروف وناهيا ً عن المنكر ، ويقول بأنه سيقف أمام الكنائس ليدعو المسيحيين للدخول فى الإسلام ، فما دخل هذا الرجل بالدعوة والإفتاء فى الدين وليس من حقه ، ولا حتى رجال الدين ليس من حقهم التوجه إلى طائفة معينة من الناس لدعواهم بالدخول فى الإسلام فالدعوة تكون عامة يقبلها من يقبلها ويرفضها من يرفضها فأذا كان الله يقول لرسوله فى سورة يونس آية 98 ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) أى أنه ليس من حق النبى أن يُكره أحد على الدخول فى الإسلام ، فيأتى هذا الرجل ليُكرة الناس على الخول فى الإسلام فهذا دليلأً كاف على أن هذا الرجل يجهل من الإسلام أكثر مما يعلم ، وأين هو من قوله تعالى فى سورة الكهف ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )
كما أنه لو أعطيت نفسى الحق فى دعوة المسيحيين للإسلام ، فيكون من حق المسيحيين ايضا هذا الحق بتبشير المسلمين للدخول فى المسيحية، وهكذا لكل باقى الأديان ، لآن الدستور يساوى بين المواطنين فى الحقوق والمساواة حق سماوى ، وهذا يبين لنا أن دعوة هذا الشخص غير مسئولة ، وتحمل نوايا خبيثة تعرض أمن ووحدة الوطن للخطر، لذا يجب أن يحاكم هذا الشخص على تهديدة لوحدة الوطن وأمنه ، فما يحدث هذا يذكرنى ببوادر تقسيم السودان لذا فترك مثل هذا الشخص دون محاكمة هى جريمة فى حق الوطن ، وعلى الشعب المصرى ، ألا يسقط فى هذا المنزلق الخطير ، حتى لاتسقط مصر فى أيدى هؤلاء تجار الدين ، فهذه الجماعات المتطرفة المتأسلمة التى تسعى لفرض سيطرتها على مصر ، خطر كبير سوف يدمر مصر ، فليس من المعقول أن يقود مصر المرضى عقليا ، فنحن نشفق على مصر أن تخوض تجربة مريرة ، والشعب يموت فقراً ، وعلى العسكر أن يعودوا إلى رشدهم ويكون لهم وقفة ، ويعلموا أن تواطئهم وتخاذلهم مع وأمام المتطرفين سوف يدمر الكل ، وأولهم العسكر لأن هؤلاء المتأسلمين يرون أن كل من هو خارج عن جماعتهم هو كافر ، لأنهم مشوشى الفكر ولهم أفق ضيق ، متعطشون للعنف والدم ، لذا نحن نأمل أن يكن من الجيش رجلً عاقلً راشد ، يحمى مستقبل مصر، ومستقبل أولادنا ، من هذا الدمار القادم ، الذى ينتظر مصر على أيدى هؤلاء المتطرفين المتأسلمين ، حمى الله مصر منهم .
وعلى الله قصد السبيل والله المستعان .
الشيخ د مصطفى راشد أستاذ الشريعة الإسلامية
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى
ورئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان
0 comments:
إرسال تعليق