قائـدنا لا يقـتـنع بديمقـراطيته/ مايكـل سـيـﭘـي

مداخـلتي في المؤتمر القـومي الكـلـداني العام ـ مشـيـﮔان

قـرأتُ عـلى أحـد جـدران بناية حـكـومية في أثينا عـبارة ( الـديمقـراطية بـدأتْ عـنـدنا منـذ 2500 عام ! ) إلاّ أني سمعـتُ من أحـدهم لاحـقاً أن الديمقـراطية كانـت تمارس عـنـدنا قـبل ذلك الوقـت دون أن نسميها ، عِـلماً أنَّ الملوك والأمراء والأباطرة والرؤساء وجـميع القادة سياسيّـين أو دينيّـين يمثـلون شعـوبهم ترهـيـباً أو ترغـيـباً وليس إنـتخاباً مرغـوباً ، بل وخـدعة أيـضاً مما جـعـل تلك الشعـوب تخـضع لـنير عـبودية الفـرد الواحـد عـلناً أو مبطناً . إن أسالـيـب القـمع والإذلال التي مارسها أولـئك القادة ضد شعـوبهم حـفـزتْ أشخاصاً مفـكـرين كالفلاسفة والعـلماء والمصلحـين إلى رفـض الخـنوع فـنشروا الوعي في مجـتمعاتهم فـكان البعـض منهم ضحـية فـكـره ودعـوته وفي النهاية أثمرتْ جهـودُهم حـين نهـض الشعـب وأحـدث تغـيـيـرات جـذرية في دسـتـور بلاده فـلجـمتْ سـلطة الفـرد بمقـدار كـبـير فـكانت النهـضة الأورﭘـية خـير مثال عـلى ذلك . 
إن أولـئك الفلاسفة المصلحـين وعـلماء الـنـفـس القـديرين وضعـوا الأسس الفعالة لـتربـية شعـوبهم وتـدريـبهم عـملياً عـلى مبادىء عـصرية وأوصوا بأن يتم تعـليمها لأبنائهم منـذ نعـومة أظفارهم بطرق محـبَّـبة فـتـنـمو عـنـدهم مع كـبرهم لتـصبح نهجاً غـريـزياً في حـياتهم .
ومع هـذه المفاهـيم الضرورية لأبناء شعـبنا برزتْ بعـض من تـنـظيماتـنا الكـلـدانية حاملة الإسم الديمقـراطي أسـوة بكـثير من الأحـزاب في المعـمورة كـلها ، والبعـض الآخـر تـنهج ذات المبـدأ دون أن تسمي إسمها بالديمقـراطية ، وعـلى هـذا الأساس إنعـقـد المؤتمر القـومي الكـلـداني العام في مشيـﮔان / ديترويت 2013 ، وفي إحـدى جـلسات اليوم الثاني له تـطـرق أحـد المشاركـين في حـديثه إلى الديمقـراطية في حـياتـنا ، فـشئتُ أنْ أعـقـب عـلى حـديثه فـقـلتُ :
 إنَّ قائـدنا الشرقي ينادي بالديمقـراطية ولكـنه لا يقـبل بها والسبب يعـود إلى جـذور تربـيته المغـروزة فـي أعـماق نـفـسيته منـذ مرحـلة طفـولته والتي أنبتـتْ عـنـده التـزمُّـت والأنانية وحـب الـذات فـقـيَّـدتْ عـقـله وجـعـلته يعـتـقـد بأنه إذا ضمَّ أصابع كـفـه أصبح الهـواء الجـوي الـذي نـتـنـفـسه جـميعـنا ، مُـلكاً له ! بعـكس الإنسان الغـربي الـذي يتـقـبل كـلمة الـديمقـراطية بكـل رحابة صدر وسلاسة دون أن يشعـر بالغـبن أو الفـشل أو الإنـتـكاسة أو التراجع . 
فـفي المجـتـمعات الغـربـية نلاحـظ نماذج اللعـب المتـنوعة في رياض الأطفال متاحة لجـميعهم ولا يحـق لطفل أياً كان الإستحـواذ عـليها لـوحـده بل يتـناوب جـميع الأطفال عـليها ، فإذا تمتع طـفـل بإحـداها لـدقائق معـينة فإن المعـلمة أو المرشـدة تـوصيه بأن يتـركها لـيُـعـطي الـفـرصة لـطـفل آخـر كي يلعـب بها ، فـتصبح هـذه الممارسة عادة ثم عِـرفاً إجـتماعـياً ولهـذا فـقـد شاعـت بـين الأطفال عـبارة (  it is my turn = إنه دَوري ) أي أن فـترة إستحـقاق الطفل الأول من التمتع باللعـبة ينتهي فـيحـين الـدَّور للطفل الآخـر وهـكـذا ينمو هـذا الشعـور عـنـدهم مع نموّهم وحـتى الكـبر ، عـنـدئـذ يصبحـون مستعـدين لـتـقـبـُّـل فـكـرة تبادل الأدوار السياسية والإجـتـماعـية ومنح الفـرص ومشاركة الغـير وتكافـؤ الفـرص ونبـذ الأنانية وعـدم وضع اللاصق عـلى الكـرسي ، ولا الإستحـواذ عـليه ولا عـلى القِـدر المملوء بالبرغـل  ..... .
أما الطفل الشرقي فإن بـدايات التربـية التي يتلقاها من أبـيه أو أمه تخـتلف ، فالأم مثلاً تعـطي لعـبة لإبنها وتوصيه بأن يحافـظ عـليها ولا يعـرِّضها للكـسر أو الـتـشويه أو الفـقـدان وقـد توجِّهه فلا يسلمها بـيـد أحـد غـيره ، مما يجعـله حـريصاً عـليها ومحافـظاً لها من الكـسر أو الضياع فـيمسكها بـين يـديه ولا يشارك بها غـيره خـوفاً من فـقـدانها أو تحـطمها وبالتالي قـد لا يحـصل عـلى غـيرها وهـكـذا يصبح أنانياً رغـماً عـنه . إن هـذا الشعـور يكـبر عـنـده مع كـبره بمرور السنين فـيرفـض مشاركة الغـير بكل ما يملكه... ومن جانب آخـر فإن مفكـرينا الشرقـيّـين زادوا الطين بلة حـين أفـتـوا بحِكـَم تؤيـد نـتائج تلك الممارسات الخاطئة فـقالوا (( الإنسان حـريص عـلى ما مُـنح )) فـيستحـوذ عـليه ولن يفـرط به إلاّ بالموت .  
وعـليه فإن غـريـزة رفـض الديمقـراطية والحـداثة لـدى قائـدنا الشرقي تكـون قـد بـدأتْ منـذ أيام طفـولته دون أن يعـلم ، ويعـكـسها في كـبره بصور عـديـدة مثل : لا يسـلـِّم منـصبه لغـيره في كـل الظروف ومنها في حالة فـشله في إدارة تـنـظيمه أو خـسارته في الإنـتخابات ويرفـض مبـدأ ( التجـديـد بالـدماء الشابة ) بل وحـتى أن البعـض لا يتـنحَّى عـن منـصبه المتهرىء حـتى إذا كان يعـلم أنه غـير مرغـوب به فـيرتـدي قـميص الـدكـتاتـورية .  
ما هي الأساليـب التي يتـبعها الـدكـتاتـور للـتـشبُّـث بكـرسـيّه ؟
1 – يتخـلص من كـل كادر مثـقـف من أعـضاء جـمعـيته أو تـنـظيمه ، ومِمن يمتلك بعـض القـوة الجـماهـيرية خـوفاً من تزايـدها فـيصبح خـطراً عـلى كـرسيه . 
2- يتمسك بالأعـضاء أشباه المثـقـفـين أو الأميّـين الـذين لا يمكـنهم منافـسة السيد القائـد الأوحـد حـفـظه الله في أية عـملية إنـتخابـية حـتى لو طـُـلِـبَ منهم ذلك .
3- يتجـنب إصطحاب أي عـضو من حـزبه معه عـنـد زيارته المسؤولين في دوائـر الـدولة كي لا تـتوفـر فرصة التعـرّف عـليهم وبالتالي لن تـبنى علاقات بـينهم ، فـيـبقى هـو المعـروف عـلى الـنـطاق الرسمي . 
4- يتـظاهـر بأنه هـو الحـريص عـلى مبادىء حـزبه وخـدمة جـماهـيره ولا يوجـد أفـضل منه ، بل ويلقي اللوم عـلى غـيره .
5- يُـنسِـب كـل إنتـكاساته إلى غـيره كي يـبقى إسمه براقاً وأسماء غـيره مشوَّهة .   
6- يستغل ذوي النـفـوس الضعـيفة عـن طريق إلقاء ( عـظم أمامهم ) ليصبحـوا له عـيوناً وآذاناً في المجـتمع كي يتعرف عـلى كـل مَن يتـذمَّـر أو يشكـو من ممارساته الدكـتاتورية فـيعالجهم بصمت . 
7- يعـمل جاهـداً فـيُهيء إبنه لإستلام السلطة في الـدولة أو القـيادة في التـنـظيم كي تحـتـكـر داخـل عائلته ولا تـنـتـقـل إلى عائلة أخـرى .
والآن نـتـساءل : هـل عـنـدنا قادة دكـتاتوريون ؟ هـل عـنـدنا قادة إلتـصقـوا بكـراسيهم سنيناً طـويلة رغـم فـشلهم ؟ هـل عـنـدنا قادة أنانيون ؟ هـل عـنـدا تـنـظيمات فـيها كـوادر كـفـوءة بحـيث يمكـنهم أن يتبادلوا أدوار القـيادة مع بعـضهم ؟ الجـواب عـنـد القادة أنـفـسهم .
وأخـيراً وكـمثال نـذكـره ، فـقـد شهـدتْ أستراليا إنـتخابات فـدرالية في السابع من سبتمبر الحالي 2013 وكانت دعايات المنافـسة القانونية شـديدة بـين الحـزبـين الكـبـيرين والأحـزاب الأخـرى ، وحـين ظهرت النـتائج الأولية والحاسمة لصالح أحـد المرشحـين الرئيسيّـين ظهر المرشح الخاسر عـلى شاشة التلفـزيون مهـنـئاً بكل فرح المرشح الفائـز المنافـس له ، وأضاف قائلاً : أنـني سأترك قـيادة الحـزب كي يتـولى غـيري أمرَه فلا بـد من التجـديـد ....... . فـهـل عـنـدنا قائـد شرقي بهـذه الروحـية ، أم لا يوجـد مخـلص للشعـب سِـواه ؟؟؟؟؟؟

CONVERSATION

0 comments: