مع اقتراب موعد ضربة أمريكية لنظام الرئيس بشار الأسد ، و لحزب الله اللبناني المسلَّح ، نلاحظ خفوت مريب للإسلاميين الشيعة في العراق .
لا نرى زيارات مليونية ، ولا كفاحاً لبناء دولة الإمام المهدي ، ولا شعراً شعبياً همجياً يحرض على دولة البحرين ، ولا دعوة للقتال في السعودية لأجل مقابر البقيع التي هدمتها الوهابية ، ولا متطوعين لأجل حماية ضريح زينب ، ولا فدائيين في جيش القدس ، ولا استعراضات عسكرية في بغداد للملثمين من جيش المهدي ، ولا فرق الموت ترتدي أكفانها وتسير في الليل ، ولا دولة ولاية الفقيه والسيد علي خامنائي ، ولا دعوة علنية في الفضائيات العراقية إلى تشييع العراقيين السنة من خلال تبشيرهم بفساد أبو بكر و عمر و عائشة .
ماذا حدث؟ . وما سبب هذا الهدوء والتعقل ؟ .
على العكس تحولت القضية إلى مظاهرات شاملة كما حدث في ٣١/ أغسطس / ٢٠١٣ بتأييد من المرجعية الشيعية ، و مثقفي مدينة الصدر " مثقفي السلطة الصفوية الحالية " بشعارات وطنية في سبيل إلغاء تقاعد البرلمانيين ؟ وكأن هذه هي المشكلة ؟ .
إن طائفة تتحرك بهذه الكفاءة والمكر ، لا تستغرب أن ترى المرجعية في الشارع يوما ، وخلفها الملايين لإسقاط نوري المالكي الفاسد و العميل . وهكذا يصبح الجماعة هم مناضلين ضد صدام حسين ، و مناضلين ضد المالكي ، و مناضلين ضد الإحتلال .
لم يسمح الإسلاميون الشيعة للسنة العراقيين أن يكونوا شركاء في العهد الجديد بعد السقوط ، بل حاصروهم بالقاعدة والإرهاب و مقاومة الأمريكان . وتحت هذا الغطاء تم تأسيس فرق الموت و مغاوير الداخلية و تهجير السنة من العاصمة بغداد حتى يكاد وجودهم اليوم ينحصر في أحياء خاوية من بغداد ، بعد أن كانوا واجهة بغداد و يشكلون ستين بالمئة من السكان ، أصبحوا بالتهجير المنظم اليوم مجرد ١٥٪ فقط .
في وجه التغييرات القادمة يجب تنبيه السنة العراقيين إلى مكر الإسلاميين الشيعة ، هؤلاء حركة باطنية سرية أساسا ، عبر القرون والتاريخ . لا يؤمنون بالظاهر بل كل شيء يتبدل حسب الظروف في الظاهر فقط .
يجب أن لا تنسوا كيف حوصرتم بالإرهاب والعداء للأمريكان لأكثر من عقد ، اغتصبت فيه نساؤكم و امتلأت السدة و نهر دجلة بجثثكم ، لا تنسوا بساطيل الحرس الثوري الإيراني في أفواهكم ، لا تنسوا السيارات الغامضة " البطة " والإغتيالات واللواصق والكواتم .
لا تنسوا كيف تحولتم إلى صحوات ، و مرتزقة ، و كلاب حراسة .
لا تنسوا مشاركة فيلق بدر بضرب الفلوجة مع الأمريكان بالصواريخ و الفسفور الأبيض حتى ذابت جلود الأطفال المذعورين والتصقت بالجدران
العدو ليس نوري مالكي ، بل هو حوزة النجف . تلك المشيمة الشريرة التي تكسر العقد الوطني العراقي بالولاء الديني ، وتحول الشيعة من مجرد عراقيين و عرب أبرياء إلى حزب سياسي متحرك و باطني .
يجب العودة ، بأي ثمن ، إلى تقاليد الدولة العراقية القديمة ، بحصار الحوزة ، و مراقبة أموالها واتصالاتها ، و بتحديد علاقتها بإيران ، والتقليل دائماً من وزن المراجع و سلطانهم .
بدون هذا الوعي يبقى السنة العراقيون دوابا ، و يبقى الشيعة العرب ضحايا .
هناك خمسة بالمئة تبعية إيرانية يقودون كل هذه الملحمة الصفوية بالعراق ، لا تنسوا ذلك .
ولعله مشروع الأستاذ رشيد خيون في التفريق بين السياسي والديني في المسألة الشيعية مصيره الفشل . لأن التشيع قائم على الرفض ، والمعارضة السياسية ، والإستقلال المالي عن رواتب الدولة ، بأموال الخمس ، والمؤسسات الشيعية الريعية الإقتصادية .
مذهب ينهض على عبادة المرجع الحي ( آية الله وظله ، والقرآن الناطق ) الذي يمثل الإمام المعصوم الميت ، وفي نفس الوقت هو نائب الإمام الغائب ، صاحب الزمان ، الحجة والمهدي المنتظر .
يقول عالم الإجتماع الإيراني إحسان نراغي " التشيع مذهب سياسي مئة بالمئة " وليس مجرد دين ، بل هو سياسة .
هناك مثقفون شيعة ربما كانوا موضع ثقة أكثر بكثير من الأستاذ رشيد خيون ، الذي تربطه علاقات قوية بالخليج ، و ربما يحتفظ بعلاقات أقوى بالإسلاميين الشيعة . وقد ذكر مواطنه واصف شنون بأن أخاه الأكبر قد أُعدم مع الدعاة الأوائل و محمد باقر الصدر . ربما هو يعمل على تمرير رسائل غير دقيقو و مضللة للخليجيين في الشأن الشيعي بالذات .
مقالة رشيد خيون الأخيرة " خميني وخامائي رمزان سياسيان لأهل إيران " والتي تناولت العراك الذي حدث في البرلمان العراقي على قضية رفع صور الخميني والخامنائي في العاصمة المهزومة بغداد بتاريخ ٢٦/ أغسطس / ٢٠١٣ .
ركز الأستاذ خيون كلامه على الفصل بين الرمز الشيعي الديني " السيستاني " الفارسي الذي لا بأس برفع صوره في عاصمة العباسيين و حاضرة الرشيد ، بينما بدا الأستاذ خيون غير مؤيد لرفع صور الخميني لأنه كما وصفه " رمزا " سياسيا لأهل إيران فقط ، أو كما عبر عنها هو بلغة محتالة و ماكرة بأن الدين " السيستاني " عابر للقوميات والدول ، بينما الرمز السياسي " الخميني و الخامنائي " لا يجوز له أن يعبر حدود دولته .
بل يدخل الأستاذ خيون في خطابه الموجه إلى القاريء الخليجي في خطاب " تدويخي " فالخميني ليس فارسيا بل هو هندي ، والخامنائي أصله آذري وليس فارسيا ، والتأسيس الثقافي للصفويين جاء من شيعة عرب لبنانيين ، والملوك الصفويون أتراك .
لا أعرف كيف فات الأستاذ خيون أن كلا من السيستاني والخميني و الخامنائي يلبس عمامة سوداء ، مما يعني أن نسبهم يعود إلى أهل البيت ، و بني هاشم .
يتبع الأستاذ خيون نهج حسن العلوي مع القاريء الخليجي . وهو نهج قائم على التدويخ ، وخلط الأوراق في الشأن الشيعي بالذات .
من الكتاب الثقاة في هذا الشأن الأستاذ واصف شنون ، الذي يرى أن الحل بضرب المسألة الدينية ، و مراكز سلطاتها بشكل مباشر .
الأستاذ رشيد خيون مثابر ، و باحث ، و مؤلف لمصنفات كثيرة ، و مهمة أغنت المكتبة العربية . وصاحب فضل كبير على الثقافة العراقية . بل رشيد خيون صاحب فضل على الشاعر الكبير معروف الرصافي ، بتحقيقه لمخطوطاته المهمة والمشاكسة . من جهة أخرى الكاتب واصف شنون ، يضيع وقته كثيرا . وربما وجدنا صعوبة في إقناعه بأهمية أفكاره .
إن الحلول تأتي من فهم المشكلة ، و مناقشتها ، والإعتراف بالأخطاء وتصحيحها ، و تحديد الجهات المسؤولة وليس هناك حلول تأتي بفقدان الذاكرة ، وتجاهل وجود أي مشكلة .
لقد تعرض السنة العرب في العراق إلى تهجير شامل ، و حرب إبادة رمزية ، و جسدية ، و ثقافية . من المهم عدم السماح بالقفز على جوهر المشكلة " حوزة النجف " ، هذه مسؤولية أخلاقية . و أن لا يتم التقليل من خطورة الموقف التاريخي و من المشروع الصفوي في العراق .
0 comments:
إرسال تعليق