قال لي مصدر مسئول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في مخيم الدهيشة أن لا علاقة للجندي الإسرائيلي اندريه بشنيتسكون مع الجبهة الشعبية كما روجت وسائل الإعلام، لكنة شدد على أن موقف الجبهة والتاريخ الفلسطيني شهد حالات مشابهة عبرت عن تضامنها ووقوفها لجانب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
بداية القصة التي بدأ بعض شبان المخيم بتداولها أن الجندي اندريه جاء إلى المخيم وأعلن أنة تخلى عن صهيونيته وجنسيته الإسرائيلية ويريد الحصول على الجنسية الفلسطيني، كان ذلك قبل حوالي أربعة أشهر، حيث استأجر غرفة تعود لأحد أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية وبدأ يتفاعل مع شبان المخيم وبشكل محدود.
يقول بعض الشبان أن اندريه شارك في المسيرات التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين خلال إضرابهم الأخير عن الطعام، كما انخرط في فعاليات الجدار الولجة وبتير، وهناك من أكد لي أن اندريه شارك في الأحداث التي وقعت في محيط مسجد بلال ابن رباح.
اندريه لم يكن معروفاً إلا في بعض الأوساط الشبابية، وقال لي بعض أنة كان متحمساً ومنحازاً للقضية الفلسطينية، وأشار لي احد الشبان الذي الثقاة أنة كان منحازاً لقضية الأسرى، وكان يتحرك بشكل طبيعي ودون خوف.
المخيم لم يعرف بوجود جندي إسرائيلي في داخلة، اندريه أعلن للشبان الذين تعامل معهم أنة خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة أربعة سنوات وأشياء أخرى تناقلتها وسائل الإعلام وعلى رأسها وكالة معاً التي نقلت كغيرها الخبر عن صحيفة هآرتس ولم تكلف نفسها وهي التي لا تبعد عن مخيم الدهيشة أكثر من 2 كم عناء البحث وتحري الدقة والخروج على قرائها بتقرير من صناعة صحفيها لكن ثقافة النقل عن الموقع الإسرائيلية أصبحت ظاهرة لدى الوكالات وبالتحديد وكالة معا وقصة اندريه واحدة من عشرات القصص المنقولة دون تدقيق.
أعود لمخيم الدهيشة: هذا المخيم الذي أصبح ملاذاً ومزاراً لكل الألوان خاصة أن المخيم مثقل بالمؤسسات التي تدعي أنها مؤسسات مجتمع مدني وجدت لخدمة أبناء المخيم، وإذا عرفنا أن السلطة الفلسطينية منحت أكثر من 45 ترخيص لمؤسسة اجتماعية ورياضية وثقافية في المخيم غير أن كثير من القائمين على هذه المؤسسات لا يعيرون أي اهتمام يذكر لأبناء المخيم سوى النذر اليسير، بل أن بعضها يحاول أن ينأى بنفسةعن "المشاكل" لان الدعم وأصحاب الدعم لهم شروطهم المكتوبة والغير مكتوبة.
الطامة الكبرى أن هؤلاء المانحين فرضوا علينا من خلال جماعتهم ثقافة عرجاء يتناطح فيها الشعار مع الممارسة، ومن إحدى القصص المضحكة التي عاشتها واحدة من مؤسسات المخيم وهي مؤسسة إبداع أنة بعد انتخابات واختلافات عاشتها المؤسسة التي وجدت للأطفال ولا اعرف أين هي من الأطفال ألان، المهم كانت خلافات يفترض أن تكون ديمقراطية لكن بعضنا يعمل بأجندة واضحة تتكشف مع الوقت، الطرف الزعلان راسل الداعمين وبالتحديد التي تسمى باربرا والمعروفة لدى البعض في المخيم وابلغها أن " الإرهابيين" سيطروا على المؤسسة فما كان من الست باربرا أن قادت اعتصاماً شارك فيه بعضهم احتجاجا على وجود" الإرهابيين فيها، ورفعت الست باربرا لافتة احتجاج على خروج إبداع عن النص، باربرا والحمد للة تركت إبداع وانطلقت للتفتيش عن ضحايا جديدة.
وقد تكون قصة اندريه فتحت جروح لم تندمل يوماً، لأنني وبعض المتابعين في المخيم يدركون أن باربرا ومن على شاكلتها كما الشيطان تشتري أرواح من يتعاملوا معها مقابل القيام بالدور على أكمل وجه لنصحوا بعد عقد أو عقدين من الزمان على جيل فاقد لروحة، جيل لا يفرق ما بين يافا وشيكاغو،لا يل يتعامل مع حق العودة كتعويض، جيل يبنى على أن حق العودة حق فردي لا علاقة للجماعة به.
أعود إلى اندريه هذا الشاب اليهودي الروسي الذي خدم في جيش الاحتلال وجاء إلى المخيم كملاذ له، قد يكون اندريه صادقاً، وقد يريد الحصول على الجنسية الفلسطينية، وبالطبع هناك العديد من الاحتمالات، إلا أن الحقيقة الوحيدة أن اندريه عاش في المخيم ومشى في شوارعه لمدة ثلاثة أشهر دون أن يتعرض له احد وهذا يؤكد حقيقة أن الصراع مع الكيان الصهيوني له إبعاد وطنية حقوقية واندريه خارج هذه الدائرة تماماً.
قد يكون اندريه ضحية مثلنا، وقد شاهد الجندي اندريه الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا، والأكيد أن الجندي اندريه شاهد بأم عينية ما يقوم به جنود الاحتلال في المخيم بشكل شبة ليلي من عنف واعتقالات وإطلاق قنابل الصوت والرصاص، لكنني اعتقد أن مكان اندريه ليس بيننا في المخيم، وهذا ليس لأننا لا نرحب باندريه أو غيرة من المتضامنين مع حقوق الشعب الفلسطيني والذين يعيشون صحوة الضمير بل لان لنا وضعية خاصة في المخيم وأسباب كثيرة أخرى، وقد آثار وجود الجندي اندريه بيننا العديد من التساؤلات.
أولا- المخابرات الإسرائيلية مطلة على الوضع في الأراضي الخاضعة للسلطة، وهي تعرف تفاصيل التفاصيل، وبالتالي فهي تعرف بوجود اندريه في المخيم، ومن غير المعقول أن تصمت على وجود بعض جنودها في مخيم كمخيم الدهيشة حتى لو انقلب عليكم، لماذا صمتت المخابرات الإسرائيلية.
ثانياً- اندريه استأجر غرفة عند احد الأفراد العاملين في أجهزة الأمن الفلسطينية، والطبيعي أن أجهزة الأمن تعرف أن اندريه موجود في المخيم، لماذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية المخيم؟؟؟؟
ثالثاً- أثيرت قضية وجود اندريه في المخيم خلال اجتماع ضم أكثر من 50 فعالية والقوى الوطنية في المخيم حيث ناقش الاجتماع مظاهر الفساد في المخيم وشكات خلاله لجنة محاربة الفساد المجتمعي، في صبيحة اليوم الثاني تم اعتقال اندريه وأبعاده.
رابعاً- تدحرجت الكرة بعد إخضاع اندريه للمحاكمة واتهم أنة استقطب من عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في المخيم، وهذا أضفى على قضية اندريه لمعانا مختلفاً، جندي إسرائيلي ينتمي لمنظمة فلسطينية؟؟؟؟ لكن المصادر الخاصة بالجبهة نفت لي ذلك.
سادساً- لماذا لم تعمل وكالة معاً الموقرة على طرح هذه القضية وانتظرت لتنقلها عن صحيفة هآرتس وهي الوكالة التي تقول أنها لا تفلت منها لا شاردة ولا واردة في الشأن الإسرائيلي.
في المحصلة جاءنا اندريه وعاش بيننا، مشى في شوارعنا وتنفس هوائنا، عرف من نحن والظلم الذي نعيش، نام في غرفة الوكالة، وقد يكون من الايجابي أن ينتهي الفصل الأول من قضية اندريه بهذا الشكل، وخاصة أنني اعتقد أن وراء الأكمة ما وراءها، وان حتى اللحظة أفكر وابحث عن الطعم، هل اندريه طعماً للمخيم أم المخيم طعماً لاندريه.
لكن: من المهم توضيح بعض القضايا، لسنا ضد اندريه الذي تخلا عن صهيونيته، ولسنا ضد اليهود الذي عاشوا مع أجدادنا كما عاش اندريه بيننا، لكننا نريد اندريه مناصراً لقضيتنا، يحكي روايتنا مع زائر الليل الثقيل، نريد اندريه إنسانا يفضح ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي تجاهنا، وقد كان للشعب الفلسطيني تجارب مع إسرائيليين ناصروا القضية الفلسطينية، وفي أوساطنا اسر فلسطينية الأب فيها فلسطيني وألام يهودية وتعيش باستقرار.
أهلا بك اندريه في مخيم الدهيشة وفلسطين، هي رسالة واضحة تؤكد أن الشعب الفلسطيني يعرف أسباب الصراع، وان الشعب الفلسطيني تواق للسلام القائم على الحقوق الثابتة وعلى رأسها حق العودة الذي لا زال مقدسا.
0 comments:
إرسال تعليق