طوني أبوت عام في الحكم: القدرة والرغبة/ عباس علي مراد

بعد مضي عام على انتخاب حكومة الأحرار برئاسة طوني ابوت يستطيع رئيس الوزراء وفريقة ان يحتفل ببعض الإنجازات او ايفائه بالوعود الإنتخابية ،منها التخلص من الضريبة على الكربون، الحد من قدوم قوارب طالبي اللجوء، إلغاء ضريبة التعدين، ايجاد مئة وتسعة آلاف وظيفة جديدة، الوعد بتنفيذ مشاريع البنى التحتية من طرقات ومطار ثانٍ لسدني والوعد بمستقبل افضل ونسبة دين اقل واعادة الفائض الى الميزانية.
هذا من وجهة نظر الحكومة ،لكن ما هي الحقائق على الأرض وكيف يقيم المواطنون والاقتصاديون والسياسيون والإعلام انجازات الحكومة في عامها الأول نرى الفرق.
بالنسبة لإلغاء ضريبة الكربون تعتبر استراليا الدولة الاولى في العالم التي تلغي هكذا ضريبة على الرغم من ان لدى الحكومة خطة اخرى تعرف (بالفعل المباشر) للحد من انبعاث الكربون في الجو والتي تقضي بدفع اموال للشركات للحد من انبعاث الكربون والتي ستكلف دافعي الضرائب 2.55 مليار دولار في السنوات الأربع القادمة وعلى الرغم من وعد الحكومة بالمحافظة على وعدها بتخفيض الإنبعاث بنسبة 5% عام 2020 الا ان التقارير تشير الى ارتتفاع نسبة ضخ الكربون في الجو منذ الغاء الضريبة بالاضافة الى ان  قضية الطاقة المتجددة اصبح في مهب الريح بعد تراجع الحكومة عن دعم القطاع ماديا.
اما المسألة الثانية والتي تفاخر بها الحكومة وهي وضع حد لقدوم قوارب طالبي اللجوء، او ما اصبح يعرف ب (حماية الحدود) لا شك ان الحكومة نجحت بشكل لافت ولكن على حساب سمعة استراليا الدولية بسبب سوء معاملة طالبي اللجوء والذي قضى منهم اثنان في مراكز الإعتقال في جزيرة مانوس في غينيا الجديدة بالإضافة الى اصابة العشرات بجروح اثناء احداث الشجب التي وقعت في شباط الماضي.
أما إلغاء ضريبة التعدين بعد صفقة مع حزب بالمر المتحد فإن الحكومة لم تحصل على كل مطالبها خصوصاً انها سوف تعمل لتأمين مبلغ  يزيد عن 6 مليارات دولار حتى الإنتخابات القادمة لتمويل علاوة المدرسة ودفعات معاش الإدخار التقاعدي (سوبر) لأصحاب الدخل المنخفض (دون 100 ألف دولار) بالإضافة الى المكاسب التي حققها قطب التعدين كلايف بالمر رئيس حزب بالمر المتحد بالتخلص من بعض الضرائب التي كانت متوجبة عليه بموجب الضريبة.
أما مسألة التوظيف وايجاد مئة وتسعة آلاف وظيفة ، لكن الحكومة لم تستطع ان تؤمن وظائف كافية حيث ارتفعت نسبة العاطلين من العمل من 5.7% الى 6.4% لأول مرة منذ عام 2002.
أما الوعد بتنفيذ مشاريع البنى التحتية من طرقات في سدني وملبورن وبريزبن ومطار ثانٍ لسدني، هنا نسأل الحكومة متى سيبدأ العمل بهذه المشاريع؟
وعدت الحكومة بمستقبل افضل ونسبة دين اقل وإعادة الفائض الى الميزانية في الوقت الذي قدمت فيه ميزانيتها الأولى (13 أيار) والتي اعتبرت الأقل شعبية والتي تستهدف الفقراء، حيث نكثت بعدة وعود انتخابية منها ضريبة زيارة الطبيب (7 دولار)، تعديل قوانين التعليم الجامعي وادخال تعديلات على نظام (هكس) لأول مرة منذ انشائه قبل 25 عاماً والذي ما زال يلاقي معارضة 60% من الناخبين، الإقتطاع من ميزانية الإذاعة الوطنية (اي بي سي) و (اس بي اس)، ضريبة مؤقتة على اصحاب الدخل المرتفع حتى العام 2017، لا تغيير على دفعات المتقاعددين، تغيير نظام مساعدة الباحثين عن عمل.
زيادة الدين العام، حيث اقدمت الحكومة  على استدانة مبلغ 8.8 مليار دولار وقدمتها للبنك المركزي، وكانت الحكومة قد توصلت في 4 كانون اول الى اتفاق مع حزب الخضر للتخلص من سقف الدين حيث يسمح للحكومة بالإستدانة دون العودة للبرلمان.
ويرى الكاتب بيتر مارتن في صحيفة سدني مورنيغ هيرالد  ان الدين العام قد ارتفع من 13% الى 13.9% بالنسبة الى الدخل الوطني بالإضافة الى تراجع ثقة قطاع الأعمال بعد ان ارتفعت على اثر انتخاب حكومة أبوت، وهذا ما حصل ايضاً بالنسبة لثقة المستهلك (س.م.ه ما وراء الأخبار ص 3 عدد 6 _7ايلول).
هذا وتنوي الحكومة رفع سن التقاعد من 67 الى 70 عاماً سنة 2035 وهي نفس الحكومة التي تخلت عن صناعة السيارات في البلاد حيث اعلنت شركتي هولدن وتويوتا إقفال مصانعهما في استراليا في العام 2017. يبدو ان وزير الخزينة كان يدرك ان الفقراء لا يملكون سيارات ولا مشكلة عند الإغنياء في استيراد سياراتهم، علماً ان الحكومة سوف تسمح بأستيراد السيارات عبر الانترنت، هذه الخطوة قد تأتي على قطاع بيع السيارات في استراليا ايضاً. 
ولا ننسى الأزمة التي اثارتها الحكومة بعد تصريحات وزير الإدعاء الفيدرالي  جورج برندس عن الحق في ان تكون متزمتاً عند طرحة مسروع الغاء المادة 18س من قانون الذم العنصري قبل ان تتراجع عنه مؤخراُ عند طرح قوانين مكافحة الإرهاب.
وهنا يتبادر الى الذهن السؤال التالي، أين المعارضة الفيدرالية من كل ما يحصل؟ حيث تشير استطلاعات الرأي الى رئيس الوزراء طوني ابوت هو الأقل شعبية في الأربعين سنة الأخيرة وعلى الرغم من ذلك، يواصل رحلاته المكوكية الخارجية والتي تساوى بها مع سلفه كيفن راد الذي سماها يوما بكيفن 747. 
أبوت وككل زعيم لديه رغبات لتحقيقها  ولكن البداية لم تكن مشجعة خصوصا بالشق الداخلي بالأضافة  لان قدرته محكومة بمجلس شيوخ غير ودي، ولكن كما قالت (س.م.ه.) في افتتاحيتها تاريخ 6 -7/09/2014 ص 39، عليه ان يحكم نيابة عن كل الاستراليين وليس اساس ايديولوجي ولمصلحة المؤسسات التجارية. 

سدني
abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: