تأتي زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى بيروت إثر الأحداث الدامية التي شهدتها عاصمة الجنوب اللبناني صيدا، وهي أحداثٌ خطيرة ودامية كادت شرارتها أن تعم أرجاء لبنان، وتعصف بكل مناطقه، وتحرق أنسجته الاجتماعية والطائفية، وتجره إلى حربٍ أهلية من جديد، وتأخذ معها فلسطينيي لبنان، وسكان المخيمات، الذين كانوا يستشعرون الخطر أكثر من اللبنانيين، ويخافون اتساع دائرة المعارك لتشملهم بنارها، وتحرقهم بلهيبها.
لكن عناية الله كانت مع لبنان، فجنبته حرباً جديدة، وحريقاً لا يشبه الربيع في شئ، ووضعت نهاية سريعة للأحداث وإن كانت دامية، حيث تركت آثاراً موجعة، قتلاً وتدميراً وتخريباً، وتمزيقاً للنسيج الاجتماعي، والسكون النفسي الذي كان يلف مدينة صيدا، ويميزها عن غيرها، ما يجعلها به تتيه وتفخر.
لكن الأحداث التي سكنت، والجراح التي فتحت ولم تبلسم بعد، والمعارك التي لم تكد تخفت أصوات مدافعها وبنادقها، أخافت الفلسطينيين في لبنان وأرعبتهم، وأشعرتهم بكثيرٍ من القلق على أوضاعهم وأحوالهم في لبنان، ما استدعى أن يأتي مسؤولٌ فلسطينيٌ كبير، برغبةٍ منه، أو بدعوةٍ من الرئيس اللبناني، ليستمع إلى أهله، وينصت إلى شعبه، ويتحدث إلى المسؤولين اللبنانيين ويتفاهم معهم، ويناقش معهم الهموم الفلسطينية، وحاجات المخيمات ومشاكل سكانها، ويلمس معهم مخاوف الفلسطينيين وقلقهم، ويتعرف على حقيقة مواقفهم من كل ما يجري في لبنان.
ينبغي على الرئيس الفلسطيني الذي سيستقبله في مطار رفيق الحريري الدولي، مندوبون عن كل القوى والفصائل الفلسطينية، إلى جانب السفير وأركان السفارة الفلسطينية في لبنان، في دلالةٍ واضحة وصريحة إلى استشعار الجميع بالخطر، أن يدرك أن شعبه في لبنان قلقٌ وخائف، وأنه مضطربٌ وغير مستقر، وأنه يخشى أن يكون كبش محرقة الفرقاء، لهذا فإن فلسطينيي لبنان يتوقعون من الرئيس الفلسطيني الكثير ليجنبهم دفع فواتير الحروب، وأداء حسابات المعارك، وتحميله ما لا يحتمل.
كما أن عليه أن يعلن للبنانيين جميعاً أن الفلسطينيين يرفضون أن يكونوا بندقيةً في يد أحد، وأنهم لا يحاربون لصالح فريق، ولا يقاتلون في خندق فئة، وأنهم ينظرون إلى الشعب اللبناني بعينٍ واحدة، فلا يتحالفون مع فريقٍ ضد آخر، ولا ينصرون طرفاً على طرف، ولا يساندون بقصفٍ، ولا يغطون بنيرانٍ، ولا يشاغلون أحداً قتالاً لصالح آخر، وأنهم يرفضون هذا التفكير السلبي تجاههم، ويحملون أطرافاً لبنانية مسؤولية تأجيج الإعلام ضدهم، وتصويرهم بأنهم مصدر خطرٍ على أمن واستقرار لبنان.
فالسلاح الفلسطيني في لبنان إنما هو سلاحٌ للمقاومة، فلا استخدام مشروع له سوى ضد العدو الإسرائيلي، ولا ينبغي أن يظهر أو أن يشهر في أي معركةٍ لبنانية داخلية، بل يجب أن يبقى نقياً مطهراً، فلا يدنس في غير قتال الإحتلال الإسرائيلي.
على الرئيس الفلسطيني أن يقول بصراحةٍ ووضوحٍ لكل من سيلتقيهم من المسؤولين اللبنانيين، أن الفلسطينيين في لبنان إنما هم ضيوفٌ على أرضه، ولاجئون بين أهله، لا يتطلعون إلى توطين، ولا يزاحمون اللبنانيين في حقوقهم، ولا يطمعون في أعمالهم أو ممتلكاتهم، ولا ينازعون أحداً في ملكه أو ماله، ولكنهم يأملون في حقوقٍ إنسانيةٍ كريمة، فلا يضيق عليهم العيش، ولا يحرمون من الاستمتاع بحياتهم، ولا يمنعون من العمل، ولا يجبرون على الهجرة والرحيل، ولا يحجر عليهم في المخيمات، فلا تطوق بأسلاكٍ شائكة، وتلالٍ وأكياسٍ رملية، وسواتر ترابية واسمنتية، مما يزيد في معاناتهم، ويعمق في مأساتهم.
على الرئيس عباس أن يستغل زيارته للبنان، حيث أهله من صفورية وعكا وصفد وطبرية وحيفا وغيرها، ليؤكد على حق العودة الفلسطيني، فهو حقٌ مقدس لا ينبغي التنازل عنه، ولا التفريط فيه، بل إنه الحل الحقيقي لكل مشاكل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وغيره، وبدون تحقيقه فإن المشاكل ستزداد وستتفاقم، ومهما مضى الزمن فلن ينسى الفلسطينيون حقهم في العودة، ولن يتنازلوا عنه، فهذا السلاح الذي بأيدينا ينبغي عدم التفريط فيه، إذ فيه إنهاء دولة إسرائيل، وعودة مستوطنيهم من حيث أتوا، وهو أمرٌ يقلق الإسرائيليين أكثر من السلاح، ويخيف اليهود أكثر من المقاومة، فهل يجوز التفريط في سلاحٍ تخشاه إسرائيل والغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل الرئيس الفلسطيني يطالب من بيروت مؤسسة الأنروا بالعودة إلى تقديم خدماتها إلى الفلسطينيين، وحث رئاستها على عدم تقليص مساعدتها، فما زال الفلسطينيون في مخيمات لبنان وفي غيرها، يعانون شظف العيش، ويقاسون من مرارة الحرمان من العمل، فضلاً عن حاجة مخيماتهم إلى خدمات الصرف والصحة ومياه الشرب والمدارس، ورعاية المرأة والأمومة والأطفال، وغيرها من الخدمات الضرورية التي اعتادت على تقديمها لللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم.
الفلسطينيون في لبنان لا ينفصلون عن شعبهم، فهم ليسوا معزولين عن أماني وطموحات شعبهم في الوطن والشتات، بل هم جزءٌ من الشعب والوطن، وإن كان شتاتاً ولجوءاً، لهذا فإنهم يتطلعون إلى اليوم الذي تتآلف قواهم، وتتحد فصائلهم، وتتفق إرادتهم على كلمةٍ واحدة، فقد ساءهم كغيرهم حال الإنقسام الفلسطيني، وتشتت كلمتهم، وتأخر وحدتهم، الأمر الذي يجعل رسالتهم إلى الرئيس الفلسطيني في بيروت، وقادة الفصائل الفلسطينية في الوطن، بضرورة الوحدة والاتفاق وإنهاء الإنقسام، فهذا الواقع يضر بالشعب الفلسطيني كله، ويعرض وحدة قضيته للخطر، ويلحق الإساءة بالشعب وسمعته في كل مكان.
هل يثبت الرئيس الفلسطيني في زيارته إلى لبنان أنه رئيسٌ للشعب الفلسطيني كله، وأنه يتابع همومهم ومشاكلهم، وأنه لا يتخلى عنهم، ولا يتنازل عن حقوقهم، وأنه قويٌ بهذا الشعب، عزيزٌ بالانتماء إليه، وأنه لا يرضى لهم المذلة ولا الإهانة، ولا يسكت على ضيمهم، ولا على الظلم الذي قد يلحق بهم، وأنه لا يقبل أن يتحمل شعبه تبعة أخطاء الآخرين، وضريبة حروبهم ومعاركهم، ولعل حياد مخيماته، ووعي أهله، وحكمة شعبه، يساعده في التأكيد على الثوابت الوطنية الفلسطينية.
لكن عناية الله كانت مع لبنان، فجنبته حرباً جديدة، وحريقاً لا يشبه الربيع في شئ، ووضعت نهاية سريعة للأحداث وإن كانت دامية، حيث تركت آثاراً موجعة، قتلاً وتدميراً وتخريباً، وتمزيقاً للنسيج الاجتماعي، والسكون النفسي الذي كان يلف مدينة صيدا، ويميزها عن غيرها، ما يجعلها به تتيه وتفخر.
لكن الأحداث التي سكنت، والجراح التي فتحت ولم تبلسم بعد، والمعارك التي لم تكد تخفت أصوات مدافعها وبنادقها، أخافت الفلسطينيين في لبنان وأرعبتهم، وأشعرتهم بكثيرٍ من القلق على أوضاعهم وأحوالهم في لبنان، ما استدعى أن يأتي مسؤولٌ فلسطينيٌ كبير، برغبةٍ منه، أو بدعوةٍ من الرئيس اللبناني، ليستمع إلى أهله، وينصت إلى شعبه، ويتحدث إلى المسؤولين اللبنانيين ويتفاهم معهم، ويناقش معهم الهموم الفلسطينية، وحاجات المخيمات ومشاكل سكانها، ويلمس معهم مخاوف الفلسطينيين وقلقهم، ويتعرف على حقيقة مواقفهم من كل ما يجري في لبنان.
ينبغي على الرئيس الفلسطيني الذي سيستقبله في مطار رفيق الحريري الدولي، مندوبون عن كل القوى والفصائل الفلسطينية، إلى جانب السفير وأركان السفارة الفلسطينية في لبنان، في دلالةٍ واضحة وصريحة إلى استشعار الجميع بالخطر، أن يدرك أن شعبه في لبنان قلقٌ وخائف، وأنه مضطربٌ وغير مستقر، وأنه يخشى أن يكون كبش محرقة الفرقاء، لهذا فإن فلسطينيي لبنان يتوقعون من الرئيس الفلسطيني الكثير ليجنبهم دفع فواتير الحروب، وأداء حسابات المعارك، وتحميله ما لا يحتمل.
كما أن عليه أن يعلن للبنانيين جميعاً أن الفلسطينيين يرفضون أن يكونوا بندقيةً في يد أحد، وأنهم لا يحاربون لصالح فريق، ولا يقاتلون في خندق فئة، وأنهم ينظرون إلى الشعب اللبناني بعينٍ واحدة، فلا يتحالفون مع فريقٍ ضد آخر، ولا ينصرون طرفاً على طرف، ولا يساندون بقصفٍ، ولا يغطون بنيرانٍ، ولا يشاغلون أحداً قتالاً لصالح آخر، وأنهم يرفضون هذا التفكير السلبي تجاههم، ويحملون أطرافاً لبنانية مسؤولية تأجيج الإعلام ضدهم، وتصويرهم بأنهم مصدر خطرٍ على أمن واستقرار لبنان.
فالسلاح الفلسطيني في لبنان إنما هو سلاحٌ للمقاومة، فلا استخدام مشروع له سوى ضد العدو الإسرائيلي، ولا ينبغي أن يظهر أو أن يشهر في أي معركةٍ لبنانية داخلية، بل يجب أن يبقى نقياً مطهراً، فلا يدنس في غير قتال الإحتلال الإسرائيلي.
على الرئيس الفلسطيني أن يقول بصراحةٍ ووضوحٍ لكل من سيلتقيهم من المسؤولين اللبنانيين، أن الفلسطينيين في لبنان إنما هم ضيوفٌ على أرضه، ولاجئون بين أهله، لا يتطلعون إلى توطين، ولا يزاحمون اللبنانيين في حقوقهم، ولا يطمعون في أعمالهم أو ممتلكاتهم، ولا ينازعون أحداً في ملكه أو ماله، ولكنهم يأملون في حقوقٍ إنسانيةٍ كريمة، فلا يضيق عليهم العيش، ولا يحرمون من الاستمتاع بحياتهم، ولا يمنعون من العمل، ولا يجبرون على الهجرة والرحيل، ولا يحجر عليهم في المخيمات، فلا تطوق بأسلاكٍ شائكة، وتلالٍ وأكياسٍ رملية، وسواتر ترابية واسمنتية، مما يزيد في معاناتهم، ويعمق في مأساتهم.
على الرئيس عباس أن يستغل زيارته للبنان، حيث أهله من صفورية وعكا وصفد وطبرية وحيفا وغيرها، ليؤكد على حق العودة الفلسطيني، فهو حقٌ مقدس لا ينبغي التنازل عنه، ولا التفريط فيه، بل إنه الحل الحقيقي لكل مشاكل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وغيره، وبدون تحقيقه فإن المشاكل ستزداد وستتفاقم، ومهما مضى الزمن فلن ينسى الفلسطينيون حقهم في العودة، ولن يتنازلوا عنه، فهذا السلاح الذي بأيدينا ينبغي عدم التفريط فيه، إذ فيه إنهاء دولة إسرائيل، وعودة مستوطنيهم من حيث أتوا، وهو أمرٌ يقلق الإسرائيليين أكثر من السلاح، ويخيف اليهود أكثر من المقاومة، فهل يجوز التفريط في سلاحٍ تخشاه إسرائيل والغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل الرئيس الفلسطيني يطالب من بيروت مؤسسة الأنروا بالعودة إلى تقديم خدماتها إلى الفلسطينيين، وحث رئاستها على عدم تقليص مساعدتها، فما زال الفلسطينيون في مخيمات لبنان وفي غيرها، يعانون شظف العيش، ويقاسون من مرارة الحرمان من العمل، فضلاً عن حاجة مخيماتهم إلى خدمات الصرف والصحة ومياه الشرب والمدارس، ورعاية المرأة والأمومة والأطفال، وغيرها من الخدمات الضرورية التي اعتادت على تقديمها لللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم.
الفلسطينيون في لبنان لا ينفصلون عن شعبهم، فهم ليسوا معزولين عن أماني وطموحات شعبهم في الوطن والشتات، بل هم جزءٌ من الشعب والوطن، وإن كان شتاتاً ولجوءاً، لهذا فإنهم يتطلعون إلى اليوم الذي تتآلف قواهم، وتتحد فصائلهم، وتتفق إرادتهم على كلمةٍ واحدة، فقد ساءهم كغيرهم حال الإنقسام الفلسطيني، وتشتت كلمتهم، وتأخر وحدتهم، الأمر الذي يجعل رسالتهم إلى الرئيس الفلسطيني في بيروت، وقادة الفصائل الفلسطينية في الوطن، بضرورة الوحدة والاتفاق وإنهاء الإنقسام، فهذا الواقع يضر بالشعب الفلسطيني كله، ويعرض وحدة قضيته للخطر، ويلحق الإساءة بالشعب وسمعته في كل مكان.
هل يثبت الرئيس الفلسطيني في زيارته إلى لبنان أنه رئيسٌ للشعب الفلسطيني كله، وأنه يتابع همومهم ومشاكلهم، وأنه لا يتخلى عنهم، ولا يتنازل عن حقوقهم، وأنه قويٌ بهذا الشعب، عزيزٌ بالانتماء إليه، وأنه لا يرضى لهم المذلة ولا الإهانة، ولا يسكت على ضيمهم، ولا على الظلم الذي قد يلحق بهم، وأنه لا يقبل أن يتحمل شعبه تبعة أخطاء الآخرين، وضريبة حروبهم ومعاركهم، ولعل حياد مخيماته، ووعي أهله، وحكمة شعبه، يساعده في التأكيد على الثوابت الوطنية الفلسطينية.
0 comments:
إرسال تعليق