كم طرحت هذا السؤال على نفسي ، وكلما أمعنت في الإصرار على التساؤل أغرق في الحيرة والغموض.
هل قدمت إلى الحياة صدفة أم عن طريق الخطأ؟
هل عرفت من أين وإلى أين أسير؟ أم يبقى المستقبل مجهولا ً، وتبقى الأسئلة تقرع حنايا صدري بلا أجوبة شافية.
إنني إنسان تكتنفه الألغاز، ويلفه الغموض بردائه الخفي ، فأنا خالق ومخلوق، محب وكاره،عالم وجاهل ، لطيف وعنيف ، كل هذه المتناقضات وغيرها أجمعها في كياني بوقت واحد.
يسعدني علمي ويشقيني جهلي كما يسعدني جهلي ويشقيني علمي ، يسعدني مالي ويشقيني فقري كما يسعدني فقري ويشقيني مالي ، تسعدني طفولتي وتشقيني كهولتي كما تسعدني كهولتي وتشقيني طفولتي.
لا شيء أعلم ، وأعلم كل شيء ، إنني تائه في يباب هذا العالم ، أحث السير وراء سراب يسبقني ولا أدركه ، تخضر نفسي أحيانا ً ، وتجدب أحيانا ً أخرى ، أسعى لأكبر فأصغر ، أسير في النور فأفضي إلى العتمة ، أصعد إلى العلو فأنحدر نحو الأسفل ، أمد أشرعتي فأجد بحري بلا ماء ، أقف على الشاطئ أنتظر المد الذي لا يجيء ، أتمسك بالحاضر ، فإذا الحاضر يطويه الزمان.
في مجاهل نفسي تساؤلات كثيرة ، كثيرة جدا ً ، وكطفل أمد ذراعي َّ الصغيرتين العاريتين إلى الأشياء ، أريد أن أعرف حقيقتها ، فلا أدري كنهها ، فأبكي ! ، وأقف أرقب دوران عقارب الزمن التي لا تتوقف ، والتي تواظب السير في خطف اللحظات التي تفضي في النهاية إلى قطف العمر مني.
إنني غريب بين أهلي ورفاقي ، أحاول أن أفهم ذاتي ، وأن أدخل إلى أعماقها كلما شعرت بالغربة ، أحاول التماس الطريق الذي تلهث قدماي خلفه ، هل أجده ، أم يبقى سرا ً مدفونا ً في أعماق أعماقي؟! . أنا الإنسان الغامض. من أنا؟!
محردة
0 comments:
إرسال تعليق