تكمن لعنة لبنان بطاقم سياسي عفن وانتهازي ومتلون أمتهن عن سابق تصور وتصميم عاهتي الذمية والتقية، وهو كالسرطان القاتل متفشي بين كل الشرائح والأحزاب اللبنانية وبشكل لافت وصادم في تجمعي 8 و14 آذار. إنه طاقم نرسيسي ووصولي و"مصلحجي" بامتياز أولوياته تتمحور في أطر مصالحه ومنافعه الذاتية التي على أساسها دون خجل أو وجل يُغيّر ويُبدّل بوصلة مواقفه وتحالفاته وخطابه بعيداً عن القيم والمبادئ والثوابت، ولنا في "تكويعات" وحربائية وبهلوانية كل من النائبين وليد جنبلاط وميشال عون خير مثال لا يجب مطلقاً الاحتذاء به تحت أي ظرف!!
في هذا السياق "الأكروباتي" المهين تندرج رزم تصريحات بعض قادة وسياسيي ونواب جماعة 14 آذار فيما يخص مواقفهم من القرار الإتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. فهؤلاء الجهابذة يتبجحون في كل مرة "يستفرغون" التصريحات بمناسبة وبدون مناسبة قائلين: "ليطمئن حزب الله فنحن سوف ننتظر صدور القرار الإتهمامي وعندها نحدد موقفنا منه، وبالتأكيد لن نقبله إن لم يكن موثقاً ومسنداً بإثباتات دامغة ولن نرضى أبداً أن يستهدف سلاح المقاومة".
كلام الجماعة هذا هو الكذب بعينه، كما أنه معيب وذمي بامتياز ويبين دون لبس كم هؤلاء السادة هم جبناء وقناصو فرص. للأسف هذا الكم من الهراء والخبط والتخبط والتلون هو خطاب ببغائي يردده بشكل يومي وممل بعض الضعفاء والمترددين في 14 آذار، وذلك على خلفية المثل اللبناني القائل: "إجر بالفلاحة وإجر بالبور". ففي حساباتهم السياسية المصلحية والشخصية وفي عقولهم المرّيضة هم يحاولون بخبث من خلال هذه المواقف المترجرجة إبقاء خطوط انتقالهم من قاطع إلى آخر مفتوحة.
فمن يكون هذا أو ذالك من ربع ضعفاء النفوس وقليلي الإيمان ليشترط على المحكمة الدولية التقيد بقرارها الإتهمامي بما يحافظ على مصالحه الخاصة؟ هذه المواقف الزئبقية تنضح بغباء أصحابها كما أنها تهين وتستغبي عقول وذكاء اللبنانيين.
هذه التردد في المواقف يستمد مفاهيمه من ثقافة تغيير الطرابيش والجاكتات واحتراف الكذب. إنها مواقف رمادية تجرد أصحابها من كل أشكال الثقة والمصداقية والجدية، وقد قال الإمام علي في أمثالهم: "الكذّاب والميت سواء، لأن فضيلة الميت الثقةُ به، فإذا لم يوثَقْ بكلامه فقد بطلتْ حياتُه."
حبذا لو يتم تثقيف بعض قادة 14 آذار ليتوقفوا عن هذا الكلام المعيب والسخيف والمقزز لأن المحكمة الدولية حيادية وصادقة وجديرة بالثقة وليس بمستطاع أي سياسي لبناني أو غير لبناني أن يقارنها أو يشبهها بالمحاكم العربية واللبنانية لا سمح الله. على هؤلاء السياسيين المترددين والخائفين والوصوليين أن يقولوا بالفم الملآن وعلناً بأنهم ملتزمون دون تحفظ بكل ما يصدر عن المحكمة وما على الذين تطاولهم الإتهامات أكانوا من حزب الله أو تابعين للنظام السوري إلا مقارعتها قضائياً والدفاع عن أنفسهم بالحجج والإثباتات تحت مظلة القانون.
ما يجب أن يعرفه جيداً كل شبيبة الطرابيش والجاكتات في 14 آذار ومعهم ربع هز الأصابع والعنتريات الفارغة والإرهابية في 8 آذار إن القضاء الدولي لا يشبه أبداً القضاء العضومي السيء الذكر الذي عانى اللبنانيون السياديون والشرفاء من ويلاته وتجنياته وكفره وفبركاته طوال حقبة الاحتلال السوري البغيض، كما أنه قضاء عادل بعيد كل البعد عن قضاء نزار خليل السائد في المحكمة العسكرية التي أفرجت عن عمر بكري بأسلوب مسرحي في أول جلسة لها وهو المحكوم غيابياً بعقوبة السجن المؤبد، في حين أنها محكمة لم تترك جنوبي واحد وشريف حر وأحد من أهلنا اللاجئين في إسرائيل والمهجرين قصراً إلى أصقاع الدنيا الأربعة إلا وتناولته بحكم غيابي ظالم ومفبرك.
يبقى أن كل "بهورات" وتهديدات وسيناريوهات حزب الله العسكرية بما يخص المحكمة الدولية هي مجرد قنابل دخانية وصوتية ليس بمقدوره أن ينفذ أي منها وغزوة 7 أيار الجاهلية لن تتكرر تحت أي ظرف، ونقطة على السطر.
0 comments:
إرسال تعليق