يوم العيد اجتمع مجلس العائلة (بيتي) وخططوا وصوتوا وقرروا الذهاب إلى المطعم لتغير الجو والشعور بأننا نحيا أجواء العيد .خرج سهم التصويت بالذهاب إلى المطعم ....... في مدينة جرش ، وما على العبد الفقير إلا الانصياع لأغلبية أصوات العائلة ولعب دور السائق لها . اكتشفت عند الوصول للمطعم أنني في هذا اليوم لست الرجل الوحيد الذي تصوت فيه العائلة للذهاب لهذا المطعم .إذ كان مكتظ بالسيارات والرواد .
* : عيد مبارك . أريد طاولة عائلية ؟
الجرسون(الميتر) : أهلا وسهلا. كم عدد الكراسي ؟
* : ثمانية .
بعد فترة انتظار خمسة عشر دقيقة .
الجرسون : تفضل وجدت لكم طاولة .
جلست العائلة المكونة من سبعة أفراد . لاحظ الجرسون أن هناك كرسيا فارغا على رأس الطاولة.
الجرسون : انتم سبعة أشخاص وليس ثمانية .
* :نحن ثمانية أشخاص .
الجرسون : لكن هناك كرسي فارغ .
* : هذا كرسي الحكومة .
صدم الجرسون لجوابي وبانت ملامح التعجب على وجه .
الجرسون : لم افهم . ماذا تعني بكرسي الحكومة ؟
* : نعم حكومة القبيلة الواحدة. سيدي. المطعم سيقدم فاتورة الحساب بعد تناولنا وجبة الغداء . والفاتورة تضم بند ضريبة 16% .
الجرسون : نعم .
*: 16% تذهب للحكومة . وأنا من حرصي على إرضاء الحكومة ليس فقد بالدفع وأنا سعيد بذلك بل إنني بتونس بها . ولحبي لها فلا أريد أن تغيب عن بالي وأنا ادفع لها 16% . وهذه مناسبة فضيلة أن سمحت لنا الحكومة بان نساهم لها بمقدار ضئيل 16% من قيمة طعامنا .فاحتراما وتقديرا لها وجب أن أجلسها معي لتتناول الطعام على أهم كرسي في رأس الطاولة لأنها تقدم خدماتها وتسهيلاتها لزبائنها المواطنين أكثر مما تقدم حكومة السويد لمواطنيها . انفرجت شفتي الجرسون ما بين الضحك والابتسام .
الجرسون : هذه أول مرة يأتيني زبون مثلك صريح ربما لدية وقت فراغ كثير يود أن يمضيه في السجن .
* : لست في عجلة من أمري . لكن ألهذه الدرجة تسبب لنا الكرسي هذا المقدار من الألم ؟
الجرسون : كرسي عن كرسي يختلف.
* : صدقت . إذ أن " الكرسي" للكاتب التركي عزيز نيسين يشيع الدفء والراحة للمتقاعد البيك الذي خدم حكومته 38 عاما . لذا أفكر عند التقاعد ان اجلس على كرسي عزيز نيسين وان استمتع بقراءة كتاب على أنغام إحدى سينفونيات فرانز شوبيرت .
الجرسون : لقد ملئت يومي بالبهارات ورائحة دخان المشاوي .
اتبع تعليقه يقهقه سمعت بمحيط دائرة قطرها تقديرا 10متر . ولا ادري أكانت قهقهته هي قبوله سخريتي أم اعتبرني رجل أهبل . أم أدرك أن على المرء أن يكف عن البكاء ويعتاد استشعار ما يعيشه بالنقيضين .
تماشيا معي ، لم ينس الجرسون وهو يهز رأسه يمنى ويسرى من التعجب أن يضع سيرفيس الطاولة : المنديل والصحون والملعقة والشوكة والسكين وكوب العصير وكوب الماء أمام الكرسي الفارغ .فاتني أن اسأل الجرسون عن اسمه .
0 comments:
إرسال تعليق