غذاء مجاملة مع الحكومة/ يوسف فضل


يوم العيد اجتمع مجلس العائلة (بيتي) وخططوا وصوتوا وقرروا الذهاب إلى المطعم لتغير الجو والشعور بأننا نحيا أجواء العيد .خرج سهم التصويت بالذهاب إلى المطعم ....... في مدينة جرش ، وما على العبد الفقير إلا الانصياع لأغلبية أصوات العائلة ولعب دور السائق لها . اكتشفت عند الوصول للمطعم أنني في هذا اليوم لست الرجل الوحيد الذي تصوت فيه العائلة للذهاب لهذا المطعم .إذ كان مكتظ بالسيارات والرواد .
* : عيد مبارك . أريد طاولة عائلية ؟
الجرسون(الميتر) : أهلا وسهلا. كم عدد الكراسي ؟
* : ثمانية .

بعد فترة انتظار خمسة عشر دقيقة .

الجرسون : تفضل وجدت لكم طاولة .

جلست العائلة المكونة من سبعة أفراد . لاحظ الجرسون أن هناك كرسيا فارغا على رأس الطاولة.

الجرسون : انتم سبعة أشخاص وليس ثمانية .
* :نحن ثمانية أشخاص .
الجرسون : لكن هناك كرسي فارغ .
* : هذا كرسي الحكومة .

صدم الجرسون لجوابي وبانت ملامح التعجب على وجه .

الجرسون : لم افهم . ماذا تعني بكرسي الحكومة ؟
* : نعم حكومة القبيلة الواحدة. سيدي. المطعم سيقدم فاتورة الحساب بعد تناولنا وجبة الغداء . والفاتورة تضم بند ضريبة 16% .
الجرسون : نعم .
*: 16% تذهب للحكومة . وأنا من حرصي على إرضاء الحكومة ليس فقد بالدفع وأنا سعيد بذلك بل إنني بتونس بها . ولحبي لها فلا أريد أن تغيب عن بالي وأنا ادفع لها 16% . وهذه مناسبة فضيلة أن سمحت لنا الحكومة بان نساهم لها بمقدار ضئيل 16% من قيمة طعامنا .فاحتراما وتقديرا لها وجب أن أجلسها معي لتتناول الطعام على أهم كرسي في رأس الطاولة لأنها تقدم خدماتها وتسهيلاتها لزبائنها المواطنين أكثر مما تقدم حكومة السويد لمواطنيها . انفرجت شفتي الجرسون ما بين الضحك والابتسام .

الجرسون : هذه أول مرة يأتيني زبون مثلك صريح ربما لدية وقت فراغ كثير يود أن يمضيه في السجن .
* : لست في عجلة من أمري . لكن ألهذه الدرجة تسبب لنا الكرسي هذا المقدار من الألم ؟
الجرسون : كرسي عن كرسي يختلف.
* : صدقت . إذ أن " الكرسي" للكاتب التركي عزيز نيسين يشيع الدفء والراحة للمتقاعد البيك الذي خدم حكومته 38 عاما . لذا أفكر عند التقاعد ان اجلس على كرسي عزيز نيسين وان استمتع بقراءة كتاب على أنغام إحدى سينفونيات فرانز شوبيرت .
الجرسون : لقد ملئت يومي بالبهارات ورائحة دخان المشاوي .

اتبع تعليقه يقهقه سمعت بمحيط دائرة قطرها تقديرا 10متر . ولا ادري أكانت قهقهته هي قبوله سخريتي أم اعتبرني رجل أهبل . أم أدرك أن على المرء أن يكف عن البكاء ويعتاد استشعار ما يعيشه بالنقيضين .

تماشيا معي ، لم ينس الجرسون وهو يهز رأسه يمنى ويسرى من التعجب أن يضع سيرفيس الطاولة : المنديل والصحون والملعقة والشوكة والسكين وكوب العصير وكوب الماء أمام الكرسي الفارغ .فاتني أن اسأل الجرسون عن اسمه .

CONVERSATION

0 comments: