العراق في ظل التحولات السياسية ..الى اين؟!/ محمد الياسين

بقراءة واقعية لتحولات الاحداث الجارية في الساحة العراقية وخاصة بعد انسحاب قوات الاحتلال يتضح بأن الإستفراد بالسلطة من قبل رئيس الوزراء والحلقة الضيقة المحيطة به من حزبه واعوانه اصبحت اكبر بكثير من ذي قبل ، استناداً لحجم ونوعية الاجراءات التي اتخذها الرئيس المالكي في حربه ضد الخصوم السياسيين واستخدامه لأدوات السلطة التي يتمتع بها، الشرعية منها وغير الشرعية بهدف اقصاء وتهميش كل من في نفسه هدف الوصول للسلطة ومزاحمته في صناعة القرار او حتى المشاركة فيه وفق الاستحقاق الانتخابي ،بالرغم من ان هذه الاجراءات وفق الميزان السياسي و القانوني تعتبر قفز على الدستور ومصادرة لحقوق الناخب العراقي وتعطيل ان لم نقل الغاء لمبدأ الاستحقاق الانتخابي وما يترتب عليه قانونا وفق الدستور الذي ساهم السيد المالكي بنفسه في صياغة عدد من بنوده وتمريره داخل البرلمان.

في هذه المرحلة من مراحل الصراع من اجل البقاء والهيمنة على مقاليد الحكم يتضح للعراقيين والعالم بأن الدكتاتورية ممارسة وسلوك داخل السلطة اصبحت امرا واقعا لا محالة في النظام السياسي الجديد.

( هل شارف الرجل الهرم على نهايته الحتميه؟!)،من معطيات ما يجري ان العملية السياسية قد وصلت مرحلة اللاعودة ليس من حيث الخلافات والتجاذبات بين اقطابها الرئيسية هذا الحال قائم منذ بداياتها بين كافة الاطراف ،تتأزم العلاقات وتعود لطبيعتها في كل مرة على مدى سنوات وذلك لطبيعة وقواعد اللعبة السياسية التي اوجدها الاحتلال المركب الامريكي الايراني ومواصفات اطراف واركان العملية السياسية ، اذ وصف البعض ان ديمومة هذه العملية والاستمرارية فيها لا يتحقق الا من خلال خلق الازمات وتعقيدها لاستمرار سيطرة حالة الضعف والانقسام في الخارطة السياسية وانعكاساتها على المجتمع، لتغييب دور الدولة العراقية من ميزان المعادلة الاستراتيجية للمنطقة .

وصلت العملية السياسية مرحلة اللاعودة بإتجاه اقامة سلطة دكتاتورية غير عادلة تقودها قلة فاسدة ،تحتكم في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية لمصالح اجنبيه وشخصية ضيقة .

اتضحت المعالم الكبرى للسلطة الدكتاتورية بعد انسحاب قوات الاحتلال وقيام المالكي بحملة تصفيات سياسية للعديد من الساسة كنائب الرئيس طارق الهاشمي و المطلك وعددا اخرا من قيادات القائمة العراقية ،ولن تقف عند هذا الحد وانما ستطال شخصيات اخرى من داخل العراقية و خارجها ،بأساليب و وسائل متعددة سياسياً و قضائياً واعلامياً ،وحملات اخرى تقوم بها المجاميع الخاصة المدعومة ايرانياً من داخل المؤسسة الحكومية وخارجها بالتصفيات الجسدية لعدد اخر من الشخصيات السياسية ، العشائرية ، الاكادمية ..الخ .

اصرار المالكي على استلامه المهام والمسؤوليات الامنية والعسكرية قبل الانسحاب الامريكي لم يكن صدفه او حرصاً منه على التوافقات السياسية ، ويفسر الامر بأن هناك خطة درست بإحكام ودخلت حيز التنفيذ الفعلي بعد انسحاب القوات الامريكية.



اخذت الشخصية المتسلطة للمالكي اطر اوسع من السابق وقد ينجح بإزاحة الكثيرين من خصومه وتحجيمهم سياسيا واستقطاب البعض الاخر لجانبه وارضاخ الاخرين لسلطته ،و تدوم تلك الحالة لمستوى تحدده طبيعة الظروف المتغيره والتغيرات على الصعيد المحلي والاقليمي . متطلبات ارادة اللاعبين الرئيسيين الامريكي والايراني في الوقت الراهن تعتبر في الغالبية منها عوامل وظروف مُساعدة وخادمة لظاهرة المالكي في السلطة ، ومن المؤكد ان هذه الظاهرة ستاخذ حجماً ومجالاً واسع في الهيمنة وفرض الامر الواقع بالقوة.

ومؤكد ايضا وفق الحسابات الاستراتيجية فأن الظروف والعوامل التي ساعدت في ايجاد ظاهرة المالكي بالسلطة لن تكون دائمة او تبقى طويلا ( وفق الحسابات الاستراتيجية ) فهي عوامل وظروف مرحلية متغيرة . محددة بعوامل منها ماهو ظاهر لدى الساسة والمراقبين للشأن السياسي العراقي والاقليمي ومنها ماهو خفي وغير ظاهر في الوقت الراهن .


CONVERSATION

0 comments: