*الدولة الفلسطينية لن تقوم وتستقر في إطار النزاع المؤلم الذي سبب خسائر فلسطينية، لم يستفد منها إلا المحتل
*يجب الامتناع عن الرد على استفزازات عسكرية، أو غيرها، متوقعة من الجانب الإسرائيلي
*لم يكن مفاجئا موقف إسرائيل من اتفاق إنهاء النزاع الفلسطيني ( بين فتح وحماس) فهو يندمج في نفس النهج الذي يبحث عن كل حجة لإبقاء الوضع القائم ثابتا.
ما هذا الخوف الإسرائيلي من حل النزاع بين فصيلين فلسطينيين؟
الدولة الفلسطينية لن تقوم وتستقر في إطار النزاع المؤلم الذي سبب خسائر فلسطينية، لم يستفد منها إلا المحتل، وسياسته في التهرب من الحلول المطروحة والتي لا تحتاج إلى عقل عبقري ليعرف اتجاه مهب الريح في الحل.
الآن صار نتنياهو يريد دولة فلسطينية ولكن ابتعدوا عن حماس؟ رئيس الدولة شمعون بيرس، مع الأسف انضم للجوقة، خذوا دولة فلسطينية بدون حماس.
أين ؟.. في المريخ ؟ كانوا بدون حماس فلماذا أفشلتم المفاوضات؟
الكرم نزل مرة واحدة.
من الواضح لكل عاقل، أن دولة فلسطينية لن تقوم وتستقر وتتطور إلا بحل النزاع المؤلم بين الفصيلين المركزيين في الساحة السياسية الفلسطينية.
إن الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس يضع نهاية لفصل تاريخي مؤلم، ويساهم في دفع حماس نحو التحول إلى حزب سياسي يلتزم بالقرار المركزي، بعد تجربتها العبثية في السيطرة على السلطة والكوارث التي جرتها على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة. وحماس باتت ترى أن الاعتماد على قوى منطقية، مثل إيران، هو اعتماد على حائط مائل وآيل للسقوط. وهي ترى أن النظام السوري الذي كان مطمئنا لمكانته، وللدعم الإيراني، وقوة حزب الله، هو اليوم في مرحلة التلاشي والمسألة أصبحت مسالة وقت بعد أن كسر الشعب السوري حاجز الخوف.لذا ليس بالصدفة أن قيادة حماس تبحث اليوم عن نقل مكاتبها من دمشق إلى دولة أخرى. وهذه إشارة واضحة إلى عودة بعض الرؤية السليمة لهذا الفصيل الفلسطيني .
إن استمرار النزاع لم يعد يلعب لصالح حماس كقوة سياسية فلسطينية، ولا لصالح الخروج من واقع الحصار والاحتلال، وان كل ما عاشت حماس على وهمه، مثل فتح جبهة بين إسرائيل وحزب الله، إذا اشتعلت الحرب بينها وبين إسرائيل، كان وهما. إيران وحزب الله يريدون حماس والشعب الفلسطيني وقودا في برامجهم الشرق أوسطية.. ولن يتحركوا للدفاع عن غزة المحاصرة التي ستفقدهم موقعهم المميز في لبنان وسوريا. سوريا ستتغير.. آجلا أم عاجلا.. وبهذا التغير ستتغير كل اللعبة السياسية الشرق أوسطية. بما في ذلك في لبنان، وهذا ما تحاول إسرائيل، بحكومتها اليمينية المتطرفة، أن تفشله.من هنا بتنا نشعر بأن رياح الخوف تهز هذه الحكومة، فيخير رئيسها الرئيس الفلسطيني بين حماس وإسرائيل بادعائه أن إسرائيل ستعطي الفلسطينيين دولة. أين كان نتنياهو في الفترة الماضية؟ لماذا أفشل كل إمكانيات الوصول إلى اتفاق؟ لماذا لم يقدم حتى اليوم رؤية إسرائيلية لموضوع الحدود على الأقل؟ كيف يمكن الثقة بحكومة وزير خارجيتها يعلن من كل منبر دولي ممكن أن الحل غير ممكن في العقد الحالي؟
هل سيكون ممكنا عندما تصبح كل أراضي الضفة الغربية مستوطنات وسوائب مستوطنين؟ وشعب بلا أرض في الضفة الغربية أيضا؟
لا بد من الربط بين اقتراب موعد إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وروح الرعب التي تسود أوساط حكومة نتنياهو.الاتفاق على حل بين الفلسطينيين يعزز الاتجاه لإعلان الدولة الفلسطينية في الموعد المقرر.. والاتفاق يخلق أجواء أكثر ايجابية لتفهم العالم للمطالب الفلسطينية ، ويعزل إمكانية اللعب على الخلاف حول توقيت إعلان الدولة. قبول حماس التحول إلى حزب سياسي، ودمج قوتها العسكرية في الإطار الفلسطيني الرسمي المنضبط بأوامر السلطة والحكومة الفلسطينية، هو ما يرعب الرافضين لدولة فلسطينية.وأولى البشائر بعد الاتفاق، جاءت من مصر،على لسان وزير خارجيتها نبيل العربي، بان الحصار سيجري فكه عن قطاع غزة، من البوابة المصرية. وهذا لا يتناقض مع روح الاتفاقات الفلسطينية الإسرائيلية، كما تدعي إسرائيل، لأن السلطة الفلسطينية الشرعية ستصبح المشرف على نقطة الحدود مع مصر.. كما هو في الإتفاق حول المعابر!!
هذا الجو الجديد يعزز سياسة الرئيس الفلسطيني ابومازن، ورئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض بأنجازهما خطوات هامة في المجالين السياسي الدولي والإقتصادي الداخلي، نحو إعداد محكم وسليم للقاعدة المادية والسياسية الضرورية لإعلان الدولة، وهذا تراه حماس أيضا، وقد يكون ضمن إعادة التفكير العقلاني والسليم ، بأن استمرار النزاع والتمسك بسلطة حماس في غزة، هو كارثة على حماس نفسها أولا، وعلى الشعب الفلسطيني كله ، وليس في قطاع غزة فقط. فاتخذ القرار الصائب. وهذا ما يرعب الاحتلال وسوائب المستوطنين الذين تمثلهم حكومة ليبرمان وتابعيه نتنياهو وايهود باراك.
من السذاجة السياسية، وربما مهزلة سياسية، هي التصريحات الإسرائيلية المرعوبة من الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس.المنطق أن يقود هذا الاتفاق إلى اطمئنان إسرائيلي أن التطورات تجري باتجاه ضبط الوضع عسكريا، والانتقال إلى النشاط السياسي في مواجهة إسرائيل، أم إنها بذلك ، ستخسر ما صرفته على تطوير ما يسمى القبة المضادة للصواريخ ، والألعاب النارية التي تضر بالشعب الفلسطيني مائة مرة أكثر مما تضر بالمواطنين الإسرائيليين؟
هل حقا يريدون استمرار الفصائل الفلسطينية في غزة بلعبة الصواريخ الفاشلة التي ألحقت الدمار بالشعب الفلسطيني في غزة؟ هذا ما يريدونه حتى بثمن وقوع ضحايا إسرائيليين؟
أمر السياسة في إسرائيل غريب ومستهجن ولكنه ، بسبب النهج العقلاني للسلطة الفلسطينية، أضحى مفضوحا وكاريكاتوريا.
موقف إسرائيل غير المعلن بصوت واضح، معلن عمليا برعبها من الاتفاق: ويعني أن استتاب الأمن في الحدود مع غزة، يتناقض مع أهداف السياسة الإسرائيلية.
إن حكومة عقلانية يهمها حقن دماء أبناء الشعب اليهودي، كانت ستبارك هذا الاتفاق.. بوضعها الفلسطينيين أمام الامتحان الدولي: هل سينجحون بالحفاظ على انضباط أمني ؟
بدل ذلك ذهبت للتهديد والوعيد. وربما نشاهد عمليات تصفية واعتداءات عسكريةأو غيرها، متوقعة، لجر الفلسطينيين إلى الرد. وهذا ما يجب الانتباه له، فضحه وإفشاله.
nabiloudeh@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق