تمخض الشعب فحقق حلمه و أخذ بثأره تلك هي الثورة المصرية التي أراها فعل الثأر لا أنثى الثور التي تستحق الذبح . هي حدث لا تضاهيه بروليتاريا الماركسيين و لا يساندها أحرار ناصر بآلة عسكرية . انه عمل الشعب نصف الكوب الممتليء الذي لم يبصره أبدا نزلاء المزرعة الآن عندما بثوا لنا في صباح السادس و العشرين أرصفة التحرير خاوية على عروشها من قلة مندسة مأجورة ليقولوا بملء الفم تمت السيطرة على الموقف . ففاضت عين كل حالم و عاشق لثرى الكنانة بدمعة تحرق الروح عند انكسار الحلم لكن ما لبث الزبانية أن استكانوا الا و التحرير يتلألأ في جمع الغضب و الصمود و الرحيل و تنهمر الدمعة الثانية من عيوننا عندما يعلن هامان أن فرعون تخلى عن حكم مصر و الأنهار و العسل المصفى . تأكدت ساعتها أننا نحن بناة الأهرام لا الذين هبطوا من الفضاء . أيقنت أننا نمنح التاريخ مواضيعه فيخلدنا ردا لجميلنا عليه لا منة منه . سعدت لأن الله اجتبانا لنحيا تلك اللحظات التي قلما أن يجود بها الزمان . تمنيت أن أكون في ميدان التحرير لأقبل يد كل من وطأت قدمه هذه البقعة فصرنا نرى مصر كما لم نشاهدها من قبل . مصر العائدة بكل قوة لتصب في روحنا القوة . مصر التي نملكها كما تملك قلوبنا . و بخيال الشعراء سرحت و خاطبت نزار قباني و قلت له أترك مدينتك التي اليها الحب لا يأتي اليها الله لا يأتي و تعالى هنا فالله عندنا يمنح العدل و السلام . تعالى كي تكتب قصيدة في التحرير يعلنون ميلاد العرب و مزق قصيدتك متى يعلنون و فاة العرب التي تفتت روح كل من يقرأها .
تلك هي الثورة التي جعلتني أنظر لابني أحمد ذو العامين و أقول له ماذا تريد أن تكون فيرد بتلعثم عمره مهندسا كما عودته ليحقق حلم قديم فشلت أن أحققه . فأقول له زد على رغبتك أريد أن أشرف برئاسة أم الدنيا فالحلم يا ولدي صار ممكنا .
هكذا رأيت الثورة التي قلبت كل الموازين . و معايير الواقع و الحلم . هي الحدث الذي أفرد له اعلام العالم بأسره تغطية غير مسبوقة ليس لغرابته بل ليقين راسخ عند الآخر بقيمة مصر و ثقل المصريين الذين اعتادوا أن يمنحوا الأحداث التبجيل . و يرصعوا التاريخ بالمعجزات .
لكن ما كدنا أن نفرح و نهنيء أنفسنا بالثوب الجديد الا و أشجار اللبلاب نراها تنمو متسارعة و تقفز فوق نافذة الضوء التي فجرها الشباب . الشباب الذي لم يخرج للبحث عن وظيفة ليجد بها طعام بل نادى باسقاط النظام و قد كان .
فبدأت أتساءل هل غياب لينين و ناصر سيجعل هذه الثورة فريسة سهلة للمتسلقين أم لقيط يتم وأدها بعد أن أزاحت عن وجهنا التراب .
هل نحن في حاجة ملحة الآن لديكتاتور محب لوطنه كي يحدد لنا جرعات عقار الحرية الذي بات متداولا بعد أن كان مدرجا بالجدول .
صراعات كثيرة للأفكار بداخل كل محب لهذا الوطن عندما نتعمق فيما حدث . فالانسان خلق الله و النفس البشرية لغز رهيب لكن الله أراد الثورة لتكشف لنا هذا اللغز فكيف لبطل من أبطال أكتوبر دافع عن ترابنا يوما صار بائعا لهذا التراب . . .
كم أنت عظيمة يا مصر و كم أنت عجيب أيها الشعب . و هذا ما يمنحني الأمل أن عظمة مصر ستتفوق خلال هذه الفترة على العجايب ليتفوق نصف الكوب الممتلئ دوما .و يعود الى الشارع الحب و السلام و الطمأنينة . . و تحيا مصر . . .
0 comments:
إرسال تعليق