كان لديه كل شيء: جمال مدهش، مرتبة عالية، احترام أقرانه، مجد رئيسه، القدرة على عمل أعظم وأفضل الأشياء.. فلو كان هناك أحد في التاريخ حراً وسعيداً ومتميّزاً بالحقيقة، فإنه يكون لوسيفورس.
لكن حدث شيء.. أعلن لوسيفورس أنه لم يكن الأعظم في المرتبة.. لقد كانت لخالقه سلطة أعلى منه.. وبدأ يشعر بغيرة من الله معتبراً الخضوع لسيادته عبودية أكثر من كونها حرية.. والنتيجة: لقد أعلن استقلاله عن الله.. لكن بدلاً من تحرره عن الله، قيدته تجاديفه في سلاسل أبدية!
قصة حدثت مرة واحدة في السماء، ولكنها تحدث كثيراً على الأرض بشكل أو بآخر.
قصة قرأناها مراراً وتكراراً في كتبنا المقدسة، ولكن كمن يطالعها في كتاب، في حلم، لم نعد نتذكره؛ ففقدنا، بذلك، أهم وأعظم عبرة وموعظة تلامس حياتنا!
لقد تحطم القفص الوطني، وانطلقت الناس إلى سماء الحرية، كل يفرد ذراعية إلى أبعد مدى؛ ليلملم شتات حريته!
في خضم هذا البريق الساحر، فقد الكثير منا، المفهوم الثمين للحرية، التي ليست حرية من القوانين الأخلاقية غير المتغيرة، ولكنها حرية من تحكمات البشر المتغيرة.
فرأينا السائقون، والباعة، وغيرهم ممن تحرروا من رقابة الأجهزة المعنية؛ فوجدوا في هذه الحرية، رخصة لعمل أي شيء يستهويهم، فيرفعون أسعارهم على هواهم!
ورأينا البلطجية، الذين فلتوا من شباك الشرطة المختفية، يمارسون حريتهم في إباحية التعرّض القاسي للمواطنين؛ لسلبهم مقتنياتهم، وشرفهم، وحتى حياتهم!
ورأينا الكثير من الجماعات، التي تحطمت قيودها، وأغلالها، وهي تمارس ما يمكن تسميته: "حرية الأكثرية"..، فيحشدون آلاف من أنصارهم، وأتباعهم، ويطلقون صيحات الرفض لكل شيء وبغير سبب معلوم، أو فيه حق.. وياليت الأمر يتعلق بالرفض من أجل الرفض، ولكن المصيبة، أن رفضهم هو تحرك دؤوب للإنطلاق من حلم لجسدهم إلى جسد لحلمهم، ومتى تمكنوا من ذلك، وأمسكوا بمقاليد الحكم، أطلقوا حريتهم الخاصة، التي تستعبد وتعرقل، وتطغى على حرية الآخرين، فيصبح دستورنا في ذلك اليوم: "ما من أمنيات لنا غير أمنياتهم، وما من تطلعات لنا غير تطلعاتهم"!
،...،...،...
ان الحرية نور ونار في يد كل إنسان حر، ولن يكون الإنسان حراً لو ملك الحرية، وانما يكون حراً ان هي ملكته!...
0 comments:
إرسال تعليق